مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء : الخامس ، الصفحة : 298
مذكرة المشروع التمهيدي :
إذا أتفق ذوو الشأن جميعاً على إنهاء الحراسة ، أو لم يتفقوا على ذلك ، وحكم به القضاء ، انتهت الحراسة وانتهت مأمورية الحارس .
ولكن ليس هناك ما يمنع من أن يتفق ذوو الشأن على إستمرار الحراسة ، وإنهاء مأمورية الحارس بأن يعينوا حارساً جديداً بدلاً منه ، ولا مايمنع القاضي من أن يأمر بإستمرار الحراسة وعزل الحارس الأول وإبدال غيره به ، سواء كان ذلك بناءً على إتفاق الخصوم ، أو بناءً على طلب بعضهم وبعد سماع البعض الآخر.
ومتى انتهت مأمورية الحارس بهذا الشكل أو بذاك وجب عليه رد الشيء المعهود إليه حراسته وفقاً للفقرة الثانية من المادة 1024.
ومتى انتهت مأمورية الحارس ، سواء بإقالته منها أو بإنتهاء الحراسة ذاتها ، وجب عليه أن يبادر برد الشيء المعهود إليه حراسته مع حساب آخر سواء إلى من يخلفه في الحراسة ، أو إلى من يثبت حقه في ذلك الشيء ، أو إلى من يختاره ذوو الشأن أو من يعينه القاضي لذلك ( المادة 1024 فقرة 2) .
1- مفاد نص المادة 738 من القانون المدنى أن الحراسة تنتهى باتفاق ذوى الشأن جميعا أو بحكم القضاء واتفاق ذوى الشأن على إنهاء الحراسة قد يكون صريحاً وقد يكون ضمنيا يستخلص من ظروف الدعوى وملابساتها.
(الطعن رقم 3740 لسنة 59 جلسة 1994/04/07 س 45 ع 1 ص 651 ق 125)
2- يترتب على القضاء بفرض الحراسة غل يد الخاضع للحراسة عن إدارة أمواله المفروض عليها الحراسة أو التصرف فيها ويقع باطلا كل تصرف يجرية الخاضع بشأن المال المفروض عليه الحراسة خلال مدة المنع أو التصرف عملاً بالمادة 21 من القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب ، وأن الإقرار عمل قانونى بصدر بارادة المقر . لما كان ذلك وكان البين أن الحكم المطعون فيه قد اعتمد فى قضائه على المستندات المقدمة من المطعون ضدة والإقرار الصادر بتاريخ 1985/12/31والمصدق على ما يحمله من توقيعات رغم تمسك الطاعن أمامها بأن المقر خاضع للحراسة بموجب الحكم الصادر فى الدعوى رقم 39 لسنة 14 حراسات بجلسة 85/3/30 مما يبطل إقراره ، وإذ لم تعن محكمة الاستئناف ببحث هذا الدفاع وأثر الإقرار الصادر من الخاضع واللاحق على حكم الحراسة مع ما قد يقضيه ذلك إن صح من تغير وجه الرأى فى الدعوى ، فإن حكمها يكون معيباً بالقصور فى التسبيب.
(الطعن رقم 2725 لسنة 61 جلسة 1993/06/30 س 44 ع 2 ص 795 ق 269)
3- نظم المشرع فرض الحراسة بالقانون رقم 34 لسنة 1971 فمنع فرضها على أموال الأشخاص الطبعيين إلا بحكم قضائى يصدر فى محكمة الحراسة المنصوص عليها بالمادة العاشرة منه ، وناط بالمدعى العام الإشتراكى الإدعاء أمام المحكمة المذكورة وأجاز له بالفقرتين الأولى والثانية من المادة السابعة من ذات القانون أن يأمر بمنع التصرف فى الأموال أو إدارتها متى تجمعت لديه دلائل قوية بالنسبة لأحد الأشخاص على أنه أتى فعلاً من الأفعال المنصوص عليها فى المادتين الثانية والثالثة ، وأن يعين بالأمر الصادر بالمنع من الإدارة وكيلاً لإدارة الأموال .
(الطعن رقم 246 لسنة 49 جلسة 1981/03/24 س 32 ع 1 ص 939 ق 174)
4- إذ كانت المحكمة العليا قد أصدرت قراراً بتفسير نص المادة العاشرة للقانون رقم 34 لسنة 1971 نشر فى الجريدة الرسمية بالعدد الصادر بتاريخ 1978/4/17 ، مقتضاه أن المادة العاشرة التى إنصب عليها التفسير تقضى بإختصاص المحكمة المنصوص عليها فى تلك المادة دون غيرها بنظر المنازعات فى الأوامر الصادرة من المدعى العام الإشتراكى بمنع التصرف فى الأموال أو إدارتها ، فلا يجوز التعلل بما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة السابعة من القانون رقم 34 لسنة 1971 من أن أمر المدعى الإشتراكى بالمنع من التصرف فى الأموال أو إدارتها يعتبر كأن لم يكن بفوات ستين يوماً على صدوره دون تقديم الدعوى لمحكمة الحراسة ، للقول بإنعدام الأمر بفوات هذا الميعاد ، ومن ثم يسوغ للقضاء العادى الفصل فى منازعة متعلقة بهذا الأمر ، لأن هذه المحكمة بما لها من ولاية مقررة قانوناً هى صاحبة الولاية دون غيرها فى القضاء بإعتبار هذا الأمر كأن لم يكن .
(الطعن رقم 246 لسنة 49 جلسة 1981/03/24 س 32 ع 1 ص 939 ق 174)
5- إلتزام الحارس القضائي بحفظ المال المعهود إليه حراسته وإدارته ورده لصاحب الشأن عند إنتهاء الحراسة و بتقديم حساب عن إدارته له ، هذه الإلتزامات جميعا مصدرها القانون فلا تتقادم إلا بمضى خمس عشرة سنة طبقا للأصل العام المنصوص عليه فى المادة 208 من القانون المدنى القديم ولا تخضع للتقادم الثلاثى المنصوص عليه فى المادة 172 من القانون المدنى القائم . وإذا كانت الدعوى بطلب إلزام الحارس القضائي بتقديم حساب عن مدة الحراسة و بإلزامه بدفع فائض ريع العين التى كانت تحت الحراسة فإن إلتزامه بذلك لا يتقادم إلا بإنقضاء خمس عشرة سنة .
(الطعن رقم 264 لسنة 34 جلسة 1968/10/24 س 19 ع 3 ص 1267 ق 191)
تنص الفقرة الثانية من المادة 738 من التقنين المدني على ما يأتي :
( وعلى الحارس حينئذ ( أي عند انتهاء الحراسة ) أن يبادر إلى رد الشيء المعهود إليه حراسته إلى من يختاره ذوو الشأن أو من يعينه القاضي ).
تطبيق أحكام التزام المودع عنده برد الشيء المودع : يلتزم الحارس برد المال الموضوع تحت حراسته كما يلتزم المودع عنده برد الشيء المودع، وتسري أحكام التزام المودع عنده بالرد على التزام الحارس بالرد.
وقد صرح بذلك تقنين الموجبات والعقود اللبناني (م 724 ) وهو مفهوم من طبيعة مهمة الحارس، فهو وكيل أو نائب فيما يتعلق بإدارة المال وبتقديم حساب عنه، ومودع عنده فيما يتعلق بتسلم المال وبحفظه وبرده .
وعلى ذلك تسري هنا الأحكام التي بسطناها تفصيلاً فيما يتعلق بالتزام المودع عنده برد الشيء المودع في رد المال الموضوع تحت الحراسة عيناً أو بمقابل، وفي رد الثمار، وفي مكان الرد ومصروفات، وفي جزاء الإخلال بإلتزام الرد .
ولكن الحارس يختلف عن المودع عنده في الأمرين الآتيين : متى يكون الرد، ولمن يكون .
متى يكون الرد ولمن يكون : يكون الرد عند انتهاء الحراسة، وسنرى فيما يلي متى تنتهي، وقد تنتهي مهمة الحراسة قبل إنتهاء الحراسة في ذاتها، ويكون ذلك بتنحي الحارس عن الحراسة أو بعزله عنها أو بموته أو بالحجر عليه، وفي جميع هذه الأحوال يحل حارس آخر مكانه، فيكون الرد إذن إما عند انتهاء الحراسة، وإما عند انتهاء مهمة الحارس.
ويكون الرد، في حالة إنتهاء الحراسة في ذاتها، إلى من يختاره ذوو الشأن في الحراسة الإتفاقية، أو إلى من يثبت له الحق في الشيء أو من يعنيه القاضي في الحراسة القضائية، أما في حالة انتهاء مهمة الحارس قبل انتهاء الحراسة في ذاتها، فيكون الرد للحارس الجديد الذي يختلف الحارس الأول في مهمته .
تنص الفقرة الأولى من المادة 738 من التقنين المدني على ما يأتي :
( تنتهي الحراسة باتفاق ذوي الشأن جميعاً أو بحكم القضاء ) .
انتهاء مأمورية الحارس دون انتهاء الحراسة : قد تنتهي مأمورية الحارس دون أن تنتهي الحراسة ذاتها، ويكون ذلك يتنحى الحارس عن الحراسة لعذر مقبول، أو بعزله عن الحراسة لسبب يستوجب ذلك، أو بموته، أو بالحجر عليه، وعند ذلك تزول صفة الحارس ولكن الحراسة تبقى، فيعين حارس جديد يحل محل الحارس الأول، ويستوي في هذا كله الحراسة القضائية والحراسة الاتفاقية .
وقد تنتهي الحراسة ذاتها، فتنتهي بانتهائها مأمورية الحارس، وترفع الحراسة عن المال، ويحسن هنا أن تميز بين الحراسة الاتفاقية والحراسة القضائية .
انتهاء الحراسة الاتفاقية : الأصل في الحراسة الاتفاقية أنها تنتهي بثبوت الحق لأحد طرفي الخصومة، وهذا مستفاد من تعريف هذه الحراسة، فهي ( عقد يعهد الطرفان بمقتضاه إلى شخص آخر بمنقول أو عقار أو مجموع من المال يقوم في شأنه نزاع أو يكون الحق فيه غير ثابت، فيتكفل هذا الشخص بحفظه وبإدارته وبرده مع غلته المقبوضة إلى من يثبت له الحق فيه ) ( م 729 مدني ) ويخلص من هذا النص أن الحراسة الاتفاقية تدوم بموجب الإتفاق عليها ما دام الحق غير ثابت لأحد طرفي الخصومة، فإذا ما ثبت هذا الحق لأحد الطرفين، انتهت الحراسة من تلقاء نفسها، ووجب على الحارس أن يسلم المال إلى من ثبت له الحق فيه .
ولكن يجوز للطرفين، قبل ثبوت الحق لأحدهما، أن يتفقا على إنهاء الحراسة، فهما قد أقامها باتفاقهما، ويستطيعان بداهة أن ينهيها باتفاقهما كذلك، وغنى عن البيان أنهما عندما يتفقان على إنهاء الحراسة، يتفقان في الوقت ذاته على الشخص الذي يسلم له الحارس المال بعد أن انتهت الحراسة، ويكون هذا الشخص عادة هو أحدهما، لأنه لو كان أجنبياً، ولا يزال الحق غير ثابت فسر ذلك بأن الحراسة الاتفاقية لا تزال مستمرة ولم يتغير إلا شخص الحارس .
إنتهاء الحراسة القضائية : أما الحراسة القضائية فتنتهي بأحد أمور ثلاثة :
أولاً - بإتفاق ذوي الشأن جميعاً على انتهائها، فإن الحراسة القضائية، وإن فرضت بحكم القضاء، قد فرضت مراعاة لمصلحة الخصوم، فإذا اتفق الخصوم جميعاً على انتهائها انتهت، ووجب على الحارس تسليم المال إلى من يتفق الخصوم على تسليمه إياه، دون حاجة إلى حكم بذلك .
ثانياً - بحسم النزاع الموضوعي وثبوت الحق لأحد الطرفين، فإذا كان هناك مثلاً نزاع على ملكية مال وترتب على هذا النزاع أن وضع المال تحت الحراسة، فإن صدور حكم نهائي في موضوع النزاع يبت في أي من الطرفين هو المالك ينهي الحراسة لنفاد غرضها، ويتعين على الحارس في هذه الحالة أن يسلم المال لمن حكم له بالملكية،، دون حاجة إلى حكم بذلك، فإن الحراسة قد انتهت من تلقاء نفسها، كذلك إذا وقع نزاع على إدارة المال الشائع فوضع تحت الحراسة حتى تعين المحكمة مديراً دائماً له طبقاً لأحكام المادة 828/1 مدني، بقيت الحراسة إلى أن تعين المحكمة هذا المدير، فإذا ما عينته انتهت الحراسة من تلقاء نفسها، ووجب على الحارس أن يسلم المال للمدير الذي عين، وإذا وضع مال شائع تحت الحراسة حتى تتم قسمته وتمت القسمة، انتهت الحراسة تلقائية ووجب على الحارس أن يسلم إلى كل شريك حصته المفرزة دون حاجة إلى حكم .
ثالثاً - بحكم القضاء ولو قبل حسم النزاع الموضوعي ويكون ذلك إذا تغيرت الظروف التي استدعت فرض الحراسة، بحيث لا يعود لها مقتض مثل ذلك أن يعين حارس قضائي على تركة أو على شركة ن ثم يعين مصف لهذه التركة أو الشركة، فتدخل مهمة الحارس في مهمة المصفى، ولا يعود هناك مقتض لبقاء الحراسة . ومثل ذلك أيضاً أن يعين حارس على مال شائع لإختلاف الشركاء في حصصهم، ثم يقسم المال قسمة مهايأة بالتراضي، فتنتهي الحراسة إذا لم يبق لها مبرر بعد أن أمكن أن يضع كل شريك يده على حصة مفرزة مؤقتاً حتى يبت في النزاع الموضوعي ومثل ذلك أن توضع أعيان الوقف تحت الحراسة، ثم يعين ناظر مؤقت لها، فتنتهي الحراسة ويسلم الحارس الأعيان الموقوفة إلى الحارس المؤقت . ومثل ذلك أن توضع أموال المدين تحت الحراسة محافظة على حقوق الدائنين، ثم يقدم المدين ضماناً يكفل هذه الحقوق، فلا يعود هناك مبرر لبقاء الحراسة، ومن ثم تنتهي ويسلم الحارس المال للمدين وفي هذه الأحوال وأمثالها، لا تنتهي الحراسة تلقائياً إذا لم يتفق ذوو الشأن جميعاً على انتهائها، ولا بد من حكم لإنهائها . فإذا كان الحارس معيناً من قاضي الأمور المستعجلة، جاز لكل ذي مصلحة أن يرفع أمامه دعوى برفع الحراسة أو بإنهائها، ويقتصر قاضي الأمور المستعجلة للبت في المسألة على فحص ظاهر المستندات، دون أن يجاوز ذلك إلى فحص موضوعي يقتضي تحقيقاً أو خبرة أو توجيه يمين أو نحو ذلك وإذا كان الحارس معيناً من محكمة الموضوع، جاز رفع الدعوى بإنهاء الحراسة أمامها، وجاز أيضاً رفع الدعوى أمام القضاء المستعجل إذا توافر شرط الإستعجال، وفي كل من الفرضين تقتصر المحكمة على فحص ظاهر المستندات على الوجه الذي سبق بيانه. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : السابع، المجلد : الأول، الصفحة : 1208)
تنتهي الحراسة الإتفاقية بمجرد ثبوت الحق لأحد الخصوم سواء كان بحكم موضوعي أو بصلح، ويجوز، قبل ثبوت الحق، أن يتفق الخصوم على أنهاء الحراسة ويحددون من يتسلم المال من الحارس وغالباً ما يكون أحد الخصوم.
أما الحراسة القضائية فتنتهي أيضاً باتفاق الخصوم جميعاً أو بصدور حكم نهائي في موضوع النزاع، ويفقد الحارس صفته بمجرد صدور الحكم دون حاجة لإعلانه لان فقدان الصفة وزوال النيابة لا يقتضي تنفيذاً جبرياً مع مراعاة أحكام المادة 107 مدنی ويتعين على الحارس تسليم المال لمن يثبت له الحق فيه، وإذا عين حارس على المال الشائع حتى يعين مدير الادارة هذا المال وفقاً للمادة 828 مدني أو اختلف المشتاعون على القسمة وعين حارس حتى تمامها فان مهمة الحارس تنتهي بمجرد تعيين المدير أو قسمة المال وعلى الحارس في الحالة الأولى تسليم المال المدير وفي الحالة الثانية يسلم كل شريك حصته، كما تنتهى الحراسة إذا نفذ حكم مرسي المزاد، كما تنتهي باستيفاء الدائنين المقيدين لحقوقهم متى كانت الحراسة قد فرضت على عقار نزعت ملكيته لإلحاق ثماره به ولا تبقى ضماناً لحقوق الدائنين العاديين، وفي جميع هذه الحالات تنتهي الحراسة بحكم القانون دون حاجة لصدور حكم. كما تنتهي بحكم يصدر من المحكمة التي فرضت الحراسة أو محكمة الأمور المستعجلة في حالة الاستعجال إذا كانت الحراسة فرضت من محكمة الموضوع ولا تتناول المحكمة فحصاً موضوعية الأسباب الإنهاء وإنما فحصاً ظاهرياً للمستندات للوقوف على تغيير الأسباب التي فرضت الحراسة من أجلها كما لو كانت قد فرضت على أموال المدين للمحافظة على حقوق الدائنين ثم قدم المدين ضماناً يكفل الوفاء بهذه الحقوق وبذلك تكون الأسباب قد تغيرت فيقضي بإنهاء الحراسة، أو ينتهي النزاع على الملكية أو وضع اليد، وقد يختص قاضي التنفيذ بنظر دعوى إنهاء الحراسة كان تفرض الحراسة، بطريق الغش، على مال شخص لم يمثل في دعوى الحراسة فيستشكل في حكم الحراسة أمام قاضي التنفيذ طالباً إلغاءه ومثلها كذلك أن يرفع الغير دعوى بعدم الإعتداد بإجراءات تسلم الحارس أعيان الحراسة واعتبارها كأن لم تكن لأنه المالك وفرضت الحراسة في غفلة منه فيختص قاضي التنفيذ بالفصل في هذا الطلب، ويرفع الأشكال عند البدء في تنفيذ حكم الحراسة بينما ترفع دعوى عدم الإعتداد بمجرد علم الغير بالحكم أو عند إعلانه به. وترفع الحراسة متى زال السبب الذي أدى إلى فرضها ولو وجد سبب جديد يستدعي إعادة فرضها إذ يجب رفع دعوى حراسة جديدة لهذا السبب الجديد.
وقد تنتهي مهمة الحارس قبل انتهاء الحراسة بالتنحى أو بالعزل أو يموت الحارس أو بالحجر عليه فيحل محله حارس جديد، ويلتزم هنا الحارس السابق برد المال للحارس الجديد كما يلتزم بالرد في حالة انتهاء الحراسة الى من يثبت له الحق في المال أو لمن يختاره أصحاب الشأن ويسرى على التزام الحارس بالرد كافة الأحكام التي تسري على التزام المودع عنده بالرد.
تستند الحراسة الادارية إلى قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958، فقد أجاز لرئيس الجمهورية إتخاذ تدابير وقائية من بينها إصدار الأمر بفرض الحراسة على أموال الأشخاص الذين يرى اتخاذ تلك التدابير بالنسبة لهم، على النحو الذي قرره الأمر العسکری رقم 4 لسنة 1956، ويترتب على فرض الحراسة غل يد هؤلاء الأشخاص عن إدارة أموالهم أو التصرف فيها ولا يكون لهم تبعاً لذلك حق التقاضي بشأنها، إذ تكون الصفة في ذلك للحارس المعين طبقاً للقانون، وليس، من شأن هذا المنع المساس بأهلية هؤلاء الأشخاص وإنما هو بمثابة حجز على أموالهم يقيد من سلطتهم عليها، فإن كانت توجد دعاوى منظورة قبل فرض الحراسة، تعين أن يحل فيها الحارس محل الخاضع للحراسة، وإلا كان الحكم الذي قد يصدر فيها غير نافذ في حق الحارس.
وبموجب المادة الثانية من القانون رقم 150 لسنة 1964 والفقرة الرابعة من المادة الأولى من القرار الجمهوري رقم 1876 لسنة 1964 أصبحت الأموال والممتلكات التي فرضت عليها الحراسة بموجب قانون الطوارئ ملكاً للدولة بقوة القانون دون حاجة إلى تسجيلها باسمها على نحو ما أوضحناه بالمادة 934، وبالتالي فإن ملكيتها تنتقل إليها بقوة هذا القانون، فلم تتلقاها من أصحابها بموجب تصرف قانوني وهو ما ينفى عنها صفة الخلف الخاص أو العام بالنسبة لهؤلاء، وبالتالي لا حاج بما كانوا يحاجون به، ونظم القانون حقوقهم والتزاماتهم، بعد أن نص على أيلولة تلك الأموال والممتلكات الى الدولة بعد رفع الحراسة عنها مقابل تعويض، مما مفادة أن رفع الحراسة لا يترتب عليه إعادة الأموال والممتلكات الى أصحابها وإنما تؤول إلى الدولة، فتصبح لها عليها كافة سلطات المالك من بيع واستغلال وانتفاع، وقد أدى ذلك إلى توزيع بعض هذه الممتلكات على ذوي النفوذ مقابل أجرة رمزية أو تملكها مقابل ثمن بخس وكان من العدل، وقد رفعت الحراسة، إعادتها لأصحابها، إلا أن القانون الذي تضمن ذلك، قدر التعويض بما لا يجاوز ثلاثين الف جنيه، ومنع الدائنين من التنفيذ على تلك الأموال ولو كانت في الضمان الخاص، وألزمهم بالرجوع في شأنها الى المدير العام لادارة الأموال التي آلت إلى الدولة، فإن لم يلتزم الدائن بذلك ورفع دعواه مباشرة الى القضاء، وجب الحكم بعدم سماعها، ورتب القانون على رفع الحراسة زوال صفة الحارس العام وعودة حق التقاضي لأصحاب الأموال التي آلت ملكيتها إلى الدولة.
وبصدور القانون رقم 95 لسنة 1980 في شأن حماية القيم من العيب، عقد المحكمة القيم الاختصاص بغرض الحراسة، وذلك في الدعاوى التي يقيمها المدعى العام الإشتراکی طبقاً للمادة 16 من هذا القانون.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : العاشر، الصفحة : 329)
ونعرض لسببی انتهاء الحراسة فيما يلى.
أولاً : انتهاء الحراسة اتفاقاً :
إذا اتفق ذو الشأن جميعاً أي الخصوم في الحراسة جميعاً على إنهاء الحراسة سواء أكان هذا الإتفاق صريحاً أو ضمنياً، فإن هذا الإتفاق يترتب عليه انتهاء الحراسة سواء كان هذا الإتفاق صريحاً أو ضمنياً، دون حاجة إلى الحصول على حكم بذلك، لأن الحراسة القضائية وإن فرضت بحكم القضاء، فقد فرضت لمصلحة الخصوم، فإذا اتفق الخصوم على انتهائها انتهت.
وإذا نازع أحد الأطراف في صحة عقد إنهاء الحراسة، كأن ادعى بطلانه العيب شاب إرادته كالغش أو الغلط أو الإكراه أو التدليس أو لنقص أهليته أو فقدها أو ادعى عدم حصول الاتفاق وأن توقيعه على السند المثبت له مزور عليه ووجه للحارس إنذاراً بذلك، ففي هذه الحالة يجوز للحارس أن يمتنع عن تنفيذ الاتفاق حتى يقضى في شأنه ما أثير حوله من قضاءً الموضوع.
غير أنه يجوز لباقي الخصوم أو أحدهم أن يلجأ إلى القضاء المستعجل الإلزام الحارس ومن نازع في عقد إنهاء الحراسة بتسليم أموال الحراسة إلى من اتفق عليه في عقد إنهائها.
ويختص القضاء المستعجل في هذه الحالة بنظر الدعوى وفقاً للقاعدة العامة المنصوص عليها في المادة 45 مرافعات متى استبان له توافر ركن الاستعجال و جدية المنازعة في صحة العقد، فإذا استبان من ظاهر الأوراق أن هناك خطراً على مال الحراسة من بقائه تحت يد الحارس وأن المطاعن على عقد إنهاء الحراسة لا تقوم على سند من الجد تعين عليه أن يقضي بالتسليم، أما إذا بدا له أن المنازعة في صحة العقد تتسم بالجدية أو أن ركن الإستعجال غير متوافر قضی بعدم اختصاصه، وكذلك إذا لم يستطع ترجيح إحدى وجهتي النظر على الأخرى من ظاهر الأوراق وأن الأمر يستدعي إجراء تحقيق أو ندب خبير.
وقد يكون انتهاء الحراسة بحكم القضاء بعد حسم النزاع الموضوعي وثبوت الحق فيه لأحد الطرفين، وقد يكون انتهاء الحراسة قبل ذلك أيضاً، ونعرض لهاتين الصورتين فيما يلي.
(أ)- انتهاء الحراسة بعد حسم النزاع الموضوعي وثبوت الحق فيه لأحد الطرفين:
ويجب أن يكون الحكم قد حسم النزاع، فلا يكفي أن تقرر المحكمة شطب الدعوى الموضوعية أو تقضي بإعتبارها كأن لم تكن، أو بعدم اختصاص المحكمة أو ببطلان صحيفة الدعوى.
وفي هذه الصورة تنتهي الحراسة من تلقاء نفسها دون حاجة إلى حكم بذلك.
فإذا كان هناك نزاع على ملكية مال وترتب على هذا النزاع أن وضع المال تحت الحراسة، فإن صدور حكم نهائي في موضوع النزاع بثبوت ملكية أي من الطرفين لهذا المال ينهي الحراسة النفاذ غرضها.
وإذا كانت الحراسة قد فرضت بسبب النزاع بين الشركاء المشتاعين حول الإدارة، ثم تم فرز وتجنيب حصة كل شريك قضاء، فإن الحراسة تنتهي.
(ب) انتهاء الحراسة قبل حسم النزاع الموضوعي :
الحراسة القضائية - كما رأينا سلفاً - إجراءً مؤقتاً تدعو إليه ضرورة ملجئة يتأقت بها ويستمد منها سبب وجوده وبقائه، وإذا كانت هذه الضرورة هي سبب الاستعجال في وضع الحراسة أصلاً، فإن بزوالها تصبح الحراسة إجراء غير مشروع يفقد سبب کيانه ووجوده.
وعلى ذلك يتعين القضاء بإنهاء الحراسة إذا تغيرت الظروف التي استدعت فرضها، بحيث لا يعود لها مقتض.
ومثل ذلك أن يعين حارس قضائي على تركة أو على شركة ثم يعين مصف لهذه التركة أو الشركة، فتدخل مهمة الحارس في مهمة المصفى، ولا يعود هناك مقتض لبقاء الحراسة.
ومثل ذلك أيضاً أن يعين حارس على مال شائع لإختلاف الشركاء في حصصهم، ثم يقسم المال قسمة مهيأة بالتراضي، فتنتهي الحراسة إذ لم يبق لها مبرر بعد أن أمكن أن يضع كل شريك يده على حصة مفرزة مؤقتاً حتى يبت في النزاع الموضوعي.
وفي هذه الصورة لا تنتهي الحراسة من تلقاء نفسها ما لم يتفق ذوو الشأن جميعاً على إنهائها، أو الحصول على حكم بإنهاء الحراسة ولا يستثنى من ذلك إلا حالة الحراسة على العقار المنزوع ملكيته، فإنه يترتب على حكم مرسى المزاد إنقضاء الحراسة بقوة القانون.
وتقضي المحكمة في دعوى إنهاء الحراسة من ظاهر المستندات دون المساس بأصل الحق.
آثار انتهاء الحراسة :
يترتب على انتهاء الحراسة انتهاء مهمة الحارس القضائي، ويلتزم الحارس القضائي بتسليم أموال الحراسة لمن اتفق عليه الخصوم أو لمن ثبت له الحق في المال بحكم نهائي بعد إعلانه بهذه الحكم، كما يلتزم بتقديم كشف حساب.
وإذا رفعت دعوى إنهاء الحراسة أمام القضاء جاز للقاضى إلزام الحارس بتسليم أموال الحراسة.
غير أنه إذا تمسك الحارس بأحقيته في حبس الأموال الموضوعة تحت الحراسة استيفاء لأتعابه ومصروفاته، تعين على القاضي المستعجل أن يقضي بعدم اختصاصه بالنسبة لطلب التسليم متى تبين له من ظاهر الأوراق أن حق الحارس في الأتعاب أو المصروفات غير متنازع عليه جدياً بين الطرفين.
ولا يختص قاضي الأمور المستعجلة عند الحكم بإنهاء الحراسة أن يكلف الحارس بتقديم حساب عن إدارته لأن ذلك يعتبر طلباً موضوعياً بحتاً مما لا ولاية للقضاء المستعجل في الحكم به.
يختص بنظر دعوى إنهاء الحراسة القاضي المستعجل إذا كان هو الذي قضى بالحراسة، وإذا كانت الحراسة مفروضة من محكمة الموضوع جاز رفع دعوى إنهاء الحراسة أمامها أو أمام القاضي المستعجل، إذا توافر شرط الإستعجال.
ويختص القاضى المستعجل بنظر دعوى إنهاء الحراسة لأن القضاء بإنهاء الحراسة لا يؤثر على حقوق الطرفين ولا يفصل فيها كلها أو بعضها إذ هو يقضى فقط بعدم الاستمرار في الإجراء التحفظي القائم وبرجوع إدارة المال إلى ذوي الشأن فيه .
وسواء رفعت الحراسة إلى القاضى المستعجل أو إلى قاضى الموضوع فإن سلطة المحكمة تقتصر على فحص ظاهر المستندات دون المساس بأصل الحق.
وليس للمحكمة أن تبحث من جديد في أوجه النزاع التي بنيت عليها الحراسة وما إذا كانت موجبة لها أم لا، وإنما يدور بحثها حول أمر واحد فقط وهو ما إذا كانت الحراسة قد زالت أم لا والدليل على ذلك وإذا كانت قائمة فهل حصل تغير مادي أو قانوني في مركز طرفي الخصومة بعد الحكم الصادر بالحراسة يمكن معه العدول عن هذا الحكم.
أما إذا جد سبب جديد لم يكن قائما عند الحكم بالحراسة، فلا يجوز للقاضي أن يقرر بإستمرار الحراسة لهذا السبب، بل يتعين على صاحب الشأن أن يرفع دعوى مبتدأة بتقرير الحراسة لهذا السبب الجديد.
دعوى إنهاء الحراسة التي ترفع من الغير :
قد ترفع دعوى إنهاء الحراسة من الغير الذي يمسه الحكم الصادر بفرض الحراسة، ويؤثر على حقه رغم أنه لم يختصم في دعوى الحراسة ولم يكن له علم بها، كأن تفرض الحراسة خطأ على بعض أعيان يتضح أنها مملوكة لغير الخصوم في دعوى الحراسة، أو كأن تفرض الحراسة بطريق التواطؤ بين طرفي الخصومة على أموال مملوكة للغير. وفي هذه الحالة يجوز للغير أن يلجأ إلى المحكمة التي قضت بالحراسة أو إلى القاضى المستعجل ولو لم يكن هو الذي قضى بالحراسة طالباً إنهاء الحراسة أو رفعها بالنسبة للأموال التي تخصه والتي صدر في شأنها حكم الحراسة.
ويتوافر الإستعجال الذي يبرر اللجوء إلى القضاء المستعجل في هذه الحالة بسبب الضرر الذي يلحق بحقوق الغير من سلب وضع يده على الأموال المملوكة له وحرمانه من استغلالها والانتفاع بها ووضعها في يد الحارس القضائي.
الاستشكال في تنفيذ حكم الحراسة :
يجوز للغير إذا شاء بدلاً من رفع الدعوى بإنهاء الحراسة في الأحوال الموضحة بالبند السابق أن يستشكل في تنفيذ حكم الحراسة، ويفصل في الإشكال قاضي التنفيذ، وعلى قاضي التنفيذ أن يبحث مبلغ الجد في المستندات المقدمة من المستشكل، فإن استبان له من ظاهر الأوراق ما يرجح كفة المستشكل، فإنه يقضي بوقف التنفيذ، وإن استبان له عدم جدية الإشكال فإنه يقضي بالاستمرار في التنفيذ.
متى يجب رد الأشياء المعهودة إلى الحارس حراستها؟
يجب رد أموال الحراسة إذا انتهت مهمة الحارس القضائي، إما لزوال دواعيها، ويكون ذلك بإتفاق ذوى الشأن جميعاً أو بحكم القضاء، أو لعزل الحارس أو بقبول تنحيه أو بموته أو بالحجر عليه غير أن الحارس لا يستطيع أن ينسحب من العين الموضوعة تحت حراسته من تلقاء نفسه بمجرد إلغاء الحكم الصادر بإقامته وإلا عرض نفسه للمسئولية، فإلتزامه بالتسليم لا ينشأ إلا بالمطالبة الصحيحة بتنفيذ الحكم القاضي بإلغاء الحراسة أو انهائها.
وإذن فمتى كان المؤجر معيناً حارساً على العين المؤجرة و حازها فإن بقاءه فيها برغم إلغاء الحراسة لا يمكن اعتباره تعرضاً للمستأجر ما لم يثبت امتناعه عن التخلي عنها بعد مطالبته بذلك عن طريق تنفيذ حكم الحراسة .
يكون الرد في حالة إنتهاء الحراسة إلى من يثبت له الحق في المال أو إلى من يختاره ذوو الشأن أو من يعينه القاضي لذلك.
أما في حالة إنتهاء مهمة الحارس قبل إنتهاء الحراسة ذاتها، فيكون الرد للحارس الجديد الذي يخلف الحارس الأول.
يحكم إلتزام الحارس برد الأموال المعهودة إليه حراستها ما يحكم المودع عنده في رد الشيء المودع، وهذا مفهوم من طبيعة مهمة الحارس، فهو وكيل أو نائب فيما يتعلق بإدارة المال وبتقديم حساب عنه، ومودع عنده فيما يتعلق بتسليم المال وحفظه ورده، كما يستأنس أيضاً في هذا الإلتزام بأحكام التزام الوكيل برد ما في يده للموكل.
وبالترتيب على ذلك، فالأصل هو رد الحارس المال المعهودة إليه حراسته عيناً، فهو يلتزم برد الشيء الذي عهد إليه حراسته بالحالة التي يكون عليها وقت الرد، فإذا كان الشيء محل الحراسة أسهما أو سندات ولو كانت لحاملها، التزم الحارس بردها عيناً بذواتها وبنفس أرقامها، ولا يجوز رد أسهم أو سندات أخرى مماثلة تماماً.
كما يلتزم برد الثمار التي ينتجها الشيء محل الحراسة إذا كان مما ينتج ثماراً أو ريعاً.
ويلتزم الحارس أيضاً بتسليم جميع الأوراق والمستندات والأحكام المتعلقة بالحراسة كعقود الإيجار التي حررها مع المستأجرين والأحكام التي استصدرها ضدهم أثناء الحراسة وأوراق التنفيذ الخاصة بها، وأن يكون التسليم مشفوعاً بحساب مؤيداً بالمستندات يتضمن الإيراد والمنصرف والباقي طوال مدة الحراسة ويرفق به مستندات الصرف والفواتير التي تؤكد ذلك، وذلك مثل التزام الوكيل بالرد.
وإذا تعذر على الحارس رد الشيء عيناً، فقد يحل محل الشيء مقابل له، فیلتزم برد المقابل الذي حل محله، كأن يكون المال سندات واستهلكت وتقاضی الحارس قيمتها، أو يكون الشيء قد احترق فتقاضى مبلغ التأمين، أو تكون الإدارة قد استولت عليه للمصلحة العامة مقابل تعويض.
أما إذا هلك الشيء أو تلف أو تعيب، فإن الحارس لا يتخلص من المسئولية عن ذلك إلا إذا أثبت أنه قد بذل العناية المطلوبة منه، أو أثبت أن الهلاك أو التلف أو التعييب كان بسبب أجنبي، أما إذا ضاع الشيء محل الحراسة، فلأن الإلتزام بالزد التزام بتحقيق غاية لا إلتزام ببذل عناية بخلاف الإلتزام بالحفظ فإن الحارس يكون مسئولاً عن الضياع إلا إذا أثبت السبب الأجنبي، ولا يكفي أن يثبت أنه بذل العناية المطلوبة.
وإذا بدد الحارس المنقول المعهود إليه حراسته إضراراً بذوى الشأن عوقب بعقوبة خيانة الأمانة المنصوص عليها بالمادة 341 عقوبات.
تقادم التزامات الحارس بمضى خمس عشرة سنة :
التزامات الحارس القضائي سالفة الذكر مصدرها جميعاً القانون ومن ثم فإنها تتقادم بمضي خمس عشرة سنة طبقاً للأصل العام المنصوص عليها في المادة 374 مدنی، ولا تخضع للتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 مدنى.
الحراسة القضائية نيابة قانونية وقضائية، نيابة قانونية لأن القانون هو الذي يفرضها ويعين مدى السلطة فيها، ونيابة قضائية لأن القضاء هو الذي يضفي على النائب صفة النيابة وحدودها.
فالحارس القضائي نائب عن صاحب الحق في المال محل الحراسة، إن كان معروفاً منذ البداية، كما لو وضعت الحراسة على أموال المدين، كان هذا المدين هو الأصيل، وكان الحارس القضائي نائباً عنه، وإن لم يكن معروفاً منذ البداية، كما لو وضعت الحراسة على مال يتنازع شخصان ملكيته، كان الحارس القضائي نائباً عن أي من الشخصين، يظهر بعد حسم النزاع أنه هو المالك للمال، فيكون نائباً عن شخص غير معين ولكنه قابل للتعيين.
وتحكم علاقة الحارس القضائي بصاحب المال أحكام الوكالة، والمقرر- في شأن الوكالة - أن التصرف القانوني الذي يجريه النائب يقوم على إرادة النائب وحدها، لا إرادة الأصيل فينصرف أثر التصرف الذي يجريه النائب إلى شخص الأصيل، طالما كان التصرف في حدود نيابته، أما إذا خرج الحارس عن حدود نيابته، كأن تصرف بالبيع في المال الموضوع تحت الحراسة أو أجره بالممارسة، فإن البيع أو التأجير لا ينتج أثره قبل الأصيل لأن الحارس القضائي في هذه الحالة يكون فقد صفة النيابة التي أسبغها عليه القضاء فيما جاوز من أعمال حدود نيابته بل ويعتبر باطلاً.
ويكون الحكم كذلك حتى لو كان الغير الذي تعامل معه الحارس حسن النية بمعنى أنه لا يعلم بمجاوزة الحارس حدود سلطته لأنه كان يستطيع التثبت من حدود سلطة الحارس قبل التعاقد معه وذلك بالإطلاع على حكم الحراسة .
غير أنه إذا كان البيع قد حصل في منقولات مادية فإن الغير يكون في غالب الأحيان محمياً بقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية.
إذا أقر القضاء أو ذوو الشأن الأعمال التي جاوز فيها الحارس القضائي حدود سلطته فإنها تصبح كأنها تمت في حدود تلك السلطة.
على أنه إذا أقر القضاء أو ذوو الشأن تصرف الحارس القضائي، فإن هذا الإقرار الإجارة لا يعتبر عقداً جديداً بين أصحاب الشأن وبين الغير، بل هو تصديق على العقد الأصلي ترجع آثاره إلى ذوى الشأن منذ إبرامه لا من وقت صدور الإقرار.
والإقرار يكون صريحاً أو ضمنياً، ويستخلص الإقرار الضمني من أي عمل يدل عليه كتنفيذ ذوى الشأن العقد الذي أبرمه الحارس أو تعهدهم بتنفيذه، أو عقدهم قرضاً للاستعانة به على تنفيذه. أما إذا لم يقر القضاء أو ذوو الشأن تصرف الحارس القضائي، فإنه يكون للغير الرجوع على الحارس بتعويض الضرر الناشئ عن عدم نفاذ التصرف، ما لم يثبت أن الغير كان يعلم بتجاوز الحارس لسلطاته أو كان ينبغي أن يكون عالماً بذلك، وهذا الرجوع يستند إلى أنه كان من الواجب على الحارس أن يخبر الطرف الآخر بحدود نيابته. ولكن ليس للغير أن يرجع على الأصيل في هذه الحالة.
على أن عدم إقرار القضاء أو ذوى الشأن للأعمال المذكورة لا يمنع من سريان أثرها بالنسبة إليهم إذا كانوا قد أفادوا منها.
الحارس القضائي - كما ذكرنا سلفاً - ليس ملزماً بقبول الحراسة جبراً عنه إلا عند إسنادها إليه إذ يجوز له أن يتنحى عنها أى يطلب إعفاءه منها إلا أنه إذا قبلها تعين عليه الاستمرار فيها إلى حين صدور حكم بقبول تنحيه أو إعفائه من الحراسة غير أنه يجوز له أن يطلب إعفاءه من الحراسة وتعيين حارس آخر بدلاً منه، إذا عرضت له عوارض تعجزه عن القيام بمهام الحراسة كما لو اضطر إلى السفر أو أصابه مرض يعجزه عن أداء مأموريته، أو كان قد غير محل إقامته فأصبح يقيم في دائرة بعيدة عن الدائرة الموجودة بها الأموال الموضوعة تحت الحراسة، أو أن مهام أعماله قد أصبحت لا تسمح له بالتفرغ الأعمال الحراسة، أو أنه لا يمكنه التغلب على الصعوبات والعراقيل التي يضعها أمامه أصحاب المال في سبيل تنفيذ حكم الحراسة على الوجه الصحيح.
وللمحكمة سلطة تقدير الأسباب التي يرتكن عليها الحارس في طلب إعفائه من الحراسة، فلها أن تجيبه إلى طلبه إذا تبين لها وجاهة هذه الأسباب، أما إذا استبان للقاضي عدم جدية الأسباب التي يرتكن عليها الحارس في طلب اعفائه من الحراسة، فإن له أن يرفض هذا الطلب وتكليفه بالسير فيها إلى أن تنتهي الأسباب التي قامت عليها.
ونؤيد ما يذهب إليه بعض الفقهاء من أن الحارس في الغالب لا يجبر على أداء مأمورية الحراسة رغماً عنه طالما أبدى رغبته في التنحي واستبانت المحكمة أن قبول هذا التنحي لا يعود بالأضرار على الخصوم فيكون عليها أن تجيبه إلى طلبه ولأن في إجباره على الاستمرار برفض طلب تنحيه ما قد يعود بالأضرار على الحراسة وذوى الشأن.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : التاسع، الصفحة : 884)

