مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء : السادس، الصفحة :76
مذكرة المشروع التمهيدي :
1- عرض المشروع للشرط المانع من التصرف في نصين (المادتين 1191 و 1192 من المشروع لا نظير لها في التقنين الحالي، وقد قنن المشروع أحكام القضاء المصري في هذا الموضوع فالشرط المانع قد يرد في وصية أو في عقد ويكون العقد في الغالب هبة أو هبة مستترة في بيع ويصح هذا الشرط إذا كان الغرض منه حماية مصلحة مشروعة للمتصرف كما إذا اشترط الإنتفاع بالعين طول حياته فيكون الشرط المانع من التصرف مؤكداً لذلك أو حماية مصلحة مشروعة للغير كما إذا كان الإنتفاع بالعين مشروطاً لمصلحة هذا الغير أو حماية مصلحة مشروعة للمتصرف إليه كما إذا كان سيء التدبير وأراد المتصرف أن يحميه من طيشه بالشرط المانع من التصرف ويجب أيضاً لصحة الشرط المانع أن يكون لمدة معقولة قد تكون مدى حياة المتصرف أو المتصرف إليه أو الغير ولكن لا يصح تأييد هذا الشرط ولا جعله لمدة طويلة تجاوز الحاجة التي دعت إليه.
2- فإذا لم يتوافر هذان الشرطان كان الشرط المانع من التصرف باطلاً ويكون التصرف الذي إشتمل على هذا الشرط باطلاً أيضاً إذا كان الشرط المانع هو الدافع إلى هذا التصرف أما إذا كان التصرف تبرعاً ولم يكن الشرط المانع هو الدافع صح التبرع ولغا الشرط .
3- وإذا توافر الشرطان اللذان تقدم ذكرهما فالشرط المانع من التصرف صحيح فإن خلف كان التصرف المخالف باطلاً بطلاناً مطلقاً لعدم قابلية المال للتصرف وقد حسم المشروع بهذا الحكم خلافاً قام حول هذه المسألة إذ كان القضاء متردداً بين بطلان التصرف المخالف أو فسخ التصرف الأصلي والذي يطلب بطلان التصرف المخالف هو المتصرف إذ له دائماً مصلحة في ذلك ويطلبه كذلك المتصرف له أو الغير إذا كان الشرط المانع أريد به أن يحمي مصلحة مشروعة لأحد مهما وهذه هي القاعدة التي سبق تقريرها في الاشتراط لمصلحة الغير والمال الذي منع التصرف فيه قابل مع ذلك أن يتم تملكه بالتقادم.
1 ـ إذ قضت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 3/1/1998 فى القضية رقم 29 لسنة 18ق دستورية بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة 82 من القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر وذلك فيما تضمنته من افتراض علم مؤجر المكان أو جزء منه بالعقد السابق الصادر من نائبه أو من أحد شركائه أو نائبهم ، والنص فى المادة 823 من القانون المدنى على أن " إذا تضمن العقد أو الوصية شرطاً يقضى بمنع التصرف فى مال فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبنياً على باعث مشروع ومقصوراً على مده معقولة ويكون الباعث مشروعاً متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو الغير" مفاده - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – أن شرط المنع من التصرف يصح إذا بنى على باعث مشروع واقتصر على مدة معقولة ويكون الباعث مشروعاً متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو الغير .
(الطعن رقم 3398 لسنة 72 جلسة 2015/05/11)
2 ـ من المقرر قضاء محكمة النقض إذ كان النص فى المادة 823 من القانون المدنىعلى أن " إذا تضمن العقد أو الوصية شرطاً يقضى شرطاً يقضى بمنع التصرف فى حال فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبيناً على باعث مشروع ، ومقصوراً على مدة معقولة ويكون الباعث مشروعاً متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعه للمتصرف أو المتصرف إليه أو الغير ، والمدة المعقولة يجوز أن تستغرق مدى حياة المتصرف أو المتصرف إليه أو الغير أن شرط المنع من التصرف يصخ إذا بنى على باعث مشروع وأنتصر على مدة معقولة ويكون الباعث مشروعاً متى كام المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو للغير ، وتقرير مشروعية المصلحة المراد بالشرط حماية ومدى معقولية المدة المحددة لسريانه مما يدخل فى سلطة قاضى الموضوع ولا رقابة عليه متى بنى رأيه على أسباب سائغة .
(الطعن رقم 6027 لسنة 74 جلسة 2014/07/01)
3 ـ المقرر ــــــــ فى قضاء محكمة النقض ــــــــ أنه ولئن كان مفاد نص المادة 802 من القانون المدنى أن لمالك الشئ حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه إلا أنه لما كان مؤدى نص المادتين 806 , 823 من القانون المدنى ــــــ وعلى ما أفصحت عنه الأعمال التحضيرية للقانون المدنى ــــــ أن الملكية ليست حقاً مطلقاً لا حد له بل لها وظيفة اجتماعية يطلب من المالك القيام بها ويحميه القانون مادام يعمل فى الحدود المرسومة لمباشرة هذه الوظيفة أما إذا خرج على هذه الحدود فلا يعتبره القانون مستحقاً لحمايته ويترتب على ذلك أنه حيث يتعارض حق الملكية مع مصلحة عامة فإن المصلحة العامة هى التى تُقدم .
(الطعن رقم 71 لسنة 73 جلسة 2013/06/23)
4 ـ إن المقرر - فى قضاء هذه المحكمة – أن شرط المنع من التصرف يصح إذا بنى على باعث مشروع و اقتصر على مدة معقولة و يكون الباعث مشروعاً متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو الغير ، وتكون المدة معقولة إذا كانت ، وفقاً لواقع كل تصرف وملابساته ، مؤقتة وليس من شأنها تأبيد المنع بما يسلب حق الملكية أخص صفاته ويجوز أن تستغرق المدة المعقولة وفقاً لنص الفقرة الأخيرة من المادة 823 من القانون المدنى مدى حياة المتصرف أو المتصرف إليه أو الغير ويبطل التصرف المخالف لذلك ، وكان تقديرمشروعية المصلحة المراد بالشرط حمايتها ومدى معقولية المدة المحددة لسريانه مما يدخل فى سلطة قاضى الموضوع ولا رقابة عليه فى ذلك من محكمة النقض متى بنى رأيه على أسباب سائغة .
(الطعن رقم 3077 لسنة 66 جلسة 2008/12/28 س 59 ص 898 ق 158)
5 ـ النص فى المادة 823 من القانون المدنى على أن " إذا تضمن العقد أو الوصية شرطاً يقضى بمنع التصرف فى مال فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبنياً على باعث مشروع و مقصوراً على مدة معقولة و يكون الباعث مشروعاً متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو الغير ، و المدة المعقولة يجوز أن تستغرق فى مدى حياة المتصرف أو المتصرف إليه أو الغير " مفاده - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن شرط المنع من التصرف يصح إذ بنى على باعث مشروع و إقتصر على مدة معقولة و يكون الباعث مشروعاً متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو الغير ، و تقدير مشروعية المصلحة المراد بالشرط حمايتها و مدى معقولية المدة المحددة لسريانه مما يدخل فى سلطة قاضى الموضوع و لا رقابة عليه فى ذلك من محكمة النقض متى بنى رأيه على أسباب سائغة.
(الطعن رقم 794 لسنة 52 جلسة 1985/03/31 س 36 ع 1 ص 536 ق 112)
6 ـ لئن كان مفاد المادة 802 من القانون المدنى أن لمالك الشىء حق إستعماله و إستغلاله و التصرف فيه ، إلا أنه لما كان مؤدى الماتين 806 ، 823 من القانون المدنى - و على ما أفصح عنه المشرع فى الأعمال التحضيرية للقانون المدنى - أن الملكية ليست حقاً مطلقاً لا حد له . بل هى وظيفة إجتماعية يطلب إلى المالك القيام بها و يحميه القانون ما دام يعمل فى الحدود المرسومة لمباشرة هذه الوظيفة ، أما إذا خرج على هذه الحدود فلا يعتبره القانون مستحقاً لحمايته ، و يترتب على ذلك أنه حيث يتعارض حق الملكية مع مصلحة عامة فالمصلحة العامة هى التى تقدم .
(الطعن رقم 1932 لسنة 50 جلسة 1981/06/13 س 32 ع 2 ص 1795 ق 322)
(الطعن رقم 2336 لسنة 56 جلسة 1994/01/26 س 45 ع 1 ص 248 ق 53)
7 ـ المادة 823 من القانون المدنى لا تبيح إشتراط حظر التصرف إلا لمدة مؤقتة وبناء على باعث مشروع ، وهى الحدود التى أباح المشرع فى نطاقها الخروج على مبدأ حرية تداول الأموال ، وقد إستخلص الحكم - المطعون فيه - من عبارات الوصية وفى إستدلال سائغ أن الباعث على حظر التصرف الموقوت بحياة الموصى إليها هو حمايتها وتحقيق مصلحتها بما لا خروج فيه على قواعد النظام العام ، ومن ثم فإن الذى إنتهى إليه الحكم لا ينطوى على خطأ فى تطبيق القانون
(الطعن رقم 7 لسنة 42 جلسة 1977/01/19 س 28 ع 1 ص 276 ق 58)
فتكون المصلحة مشروعة بالنسبة للمتصرف إذا وهب شخص عقاراً واشترط في الهبة أن ينتفع بالعقار مدى حياته أو يبيع شخص عقاراً بثمن مقسط ويشترط على المشتري عدم التصرف في العقار إلا بعد سداد القسط الأخير وتكون المصلحة غير مشروعة فلا يصح الشرط إذا اشترط الدائن المرتهن على الراهن ألا يتصرف في العين المرهونة إلا بعد إنتهاء الزمن إذ أن استبقاء حرية الراهن في التصرف في العقار المرهون بالرغم من ورهنه ترجع مصلحة الدائن المرتهن في أن يتجنب إجراءات التطهير - ويقول عرفه بصحة الشرط في هذا الفرض الأخير - ويعتبر البيع المقترن بشرط المنع من التصرف بها جدياً لا وصية إذ أن الكشف عن نية المتعاقدين في هذا الشأن مسألة موضوعية يستقل بها قاضي الموضوع وتكون المصلحة مشروعة بالنسبة التصرف فيه حتى يصل سناً معيناً يكتمل فيه نضوجه أو يهب شخص عقاراً لقاصر ويخشى من وليه فيشترط عدم التصرف حتى يبلغ القاصر رشده وقد لا يشترط المنع من التصرف إنما يشترط الإستبدال ومن ثم فإذا باع العين وجب شراء بدلاً منها بالثمن الذي قبضه ويتصرف شرط المنع للعين الجديدة وتكون الأصلحة مشروعة بالنسبة للغير أن يشترط الواهب أو الموصى أن يدفع الموهوب له أو الموصى له مرتباً على حياة شخصي معين ولا تصرف في العين إلا بعد وفاة هذا الشخص وقد يكون الشرط غير مانع من التصرف إنما مقيداً لحرية التصرف له كأن يتضمن أن يكون التصرف لشخص معين .
ومتى كان الشرط المانع صحيحاً فإن أي تصرف يرد على العين - عقاراً أو منقولاً يقع باطلاً ما لم يقتصر الشرط على نقل الملكية فإن جاء مطلقاً شمل البيع والمقايضة والهبة وتقديم العين حصة في شركة وتقرير حق انتفاع أو ارتفاق أو رهنها وأن تقرر عليها حق امتياز أو اختصاص فلا يجوز للدائن الحجز عليها طوال مدة المنع لأن العين غير القابلة للتصرف تكون غير قابلة للحجز عليها وإلا وقع الحجر باطلاً ولكن يجوز الإيصاء بها ما لم يتعارض ذلك مع الغرض من الشرط كرغبة المتصرف من إنتقال العين إلى ورثة المتصرف إليه من بعده لا لسواه كما يجوز تأجير العين ما لم يمنع الشرط ذلك ويجب تسجيل الشرط المانع بالنسبة للعقار ويطل عملاً تسجيل التصرف ذاته ويتطمن الشرط فيحتج به على الغير ولكن يجوز تملك العين بالتقادم الطويل أو الميراث نهائي واقعتين ماديتين والمحظور هو التصرفات فلا تكتسب بالتقادم الحمى أن كانت عقاراً فذلك يتطلب السبب الصحيح وهو التصرف الناقل للملكية ولا تكتسب بالحيازة أن كانت منقولاً فذلك أيضاً يتطلب السبب الصحيح وهو لتصرف الناقل للملكية ومثل هذا التصرف يكون باطلاً مع قيام الشرط المانع.
والعبرة بالشرط كقاعدة عامة أن يرد بالعقد النهائي بحيث أن جاء هذا العقد خلواً من الشرط سقط دون أن يمكن الإحتجاج بالعقد الابتدائي ما لم يكن هناك غش لإسقاط الشرط عند تحرير العقد النهائي .
استخلاص الشرط المانع من التصرف :
يجب على المحكمة أن تنزل بشرط العقد وصفه الصحيح الذي يتفق مع الإرادة الحقيقية للمتعاقدين وهي بصدد إستخلاص طبيعة الشرط قلبي كل شرط يتضمن منعاً من التصرف يعتبر شرطاً مانعاً من التصرف فقد لا يقصد التعاقدان بالشرط المنع وإنما لتحقيق غرض آخر فيكون هذا الغرض هو الغاية من المنع بحيث إذا تمت مخالفة المنع دون أن يتحقق الغرض منه فإن التصرف المخالف يكون صحيحاً ويخضع العقد الذي تضمن الحظر للقواعد العامة في الفسخ والتعويض فقد يتفق الشريكان على منع أحدهما من التصرف إلا بعد عرض حصته على شريكه وحينئذ نكون بصدد وعد بالتفضيل وليس بصدد شرط مانع من التصرف.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : الحادي عشر ، الصفحة : 320)
شرط المنع من التصرف
وشرط يرد في عقد أو وصية فيمنع المالك من التصرف في مال معين من أمواله كأن يشترط الواهب في عقد الهبة على الموهوب له ألا يتصرف في المال الموهوب طول حياته أو حتى يبلغ سناً معيناً أو يشترط الموصي في الوصية على الموصى له مثل هذا الشرط.
نطاق تطبيق الشرط المانع من التصرف :
يبين من نص الفقرة الأولى من المادة أن شرط المنع من التصرف يجب أن يرد في عقد أو وصية فلا يجوز للمالك أن يعلن بعمل من جانبه أن شيئاً من الأشياء المملوكة له أصبح غير قابل التصرف فيه لأن المنع من التصرف يقتضى المنع من الحجز ولا يمكن أن يستساغ أن مديناً يستطيع بمجرد إعلان من جانبه أن يخرج بعض أمواله عن الضمان العام المقرر للدائنين والغالب أن يكون الشرط المانع من التصرف مدرجاً في عمل من أعمال التبرع سواء أكان هبة أم وصية فبمقتضى هذا الشرط يحبس الواهب أو الموصى المال الموهوب أو الموصى به بين يدي الموهوب له أو الموصى إليه لأن مركز المتبرع فيهما يسمح له بإملائه ولكن ليس هناك ما يمنع من ورود هذا الشرط في عقود المعاوضة إذ الواقع العملي قد يقدم صوراً لعقود معاوضة يكون فيها على المتصرف له أن يذعن لهذا الشرط كما لو كان البيع بسعر أقل من المعتاد أو كان ثمة تسهيلات في الدفع أو كان المبيع فرصة لا تتاح لكل الناس.
وقد يوحي استعمال الشارع الإصطلاحي "المتصرف " والمتصرف إليه "في الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 823 مدني بأن الشرط لايرد إلا في تصرف ناقل الحق عینی ولئن كان هذا هو الغالب إلا أنه لا يتحتم أن يكون الشرط مصحوباً بنقل حق عيني ففي عقد الوعد بالبيع قد يشترط الموعود له على الواعد ألا يتصرف في الشيء الموعود ببيعه أثناء المدة المتفق عليها لكي يظهر الموعود له خلالها رغبته في الشراء إذ أن للموعود له مصلحة جدية في هذا وذلك لأنه إذا كان الشيء الموعود به شيئاً معيناً بالذات وتصرف فيه الواعد قبل فوات هذه المدة إخلالاً منه بوعده فلا يبقى أمام الموعود له في هذه الحالة سوى الرجوع على الواعد بالتعويض.
كما يجوز أن يرد المنع من التصرف في إيراد مرتب مدى الحياة لأنه يراعى في ترتيب الإيراد إعتبارات شخصية أي أن عقد ترتيب الإيراد مبنی على الإعتبار الشخصي فتكون إباحة عدم التصرف فيه أولى منها بالنسبة إلى الأموال الأخرى لأن مثل هذه الإيرادات غير معدة للتداول.
وفي عقد الرهن الرسمي قد يشترط الدائن المرتهن على مدينة مالك العقار المرهون ألا يتصرف في العقار طول مدة الرهن وذلك لكي يتجنب الإجراءات اللازمة لتتبع العقار إذا تصرف فيه المدين و يتلافى المخاطر التي تنجم عن التطهير.
غير أنه يلاحظ أن جواز هذا الشرط في عقد الرهن محل نظر ولا يرجع ذلك إلى مخالفة لقواعد الشرط التي نحن بصددها وإنما يرجع إلى الخشية من أن يضار نظام الائتمان إذا ما درج الدائنون على إيراد هذا الشرط في عقود الرهن، فنظام الرهن يقوم على التوفيق بين حرية المدين في التصرف في ماله وضمان حق الدائن ولاشك في أن في اشتراط عدم التصرف يحول دون تحقيق هذا الغرض.
وقد يرد هذا الشرط بالنسبة للمنقول كما يرد بالنسبة للعقار إذ نص المادة 823 مدنی عام في هذا الصدد لأنه يستعمل كلمة (مال) والمال يشمل العقار والمنقول ويذهب البعض إلى أن هذا الشرط إذا أدرج في تصرف في منقول فإنه في الغالب سيكون معدوم القيمة لأن المتصرف إليه يستطيع نقله إلى مكتسب حسن النية يجهل هذا الشرط ويستطيع التمسك بقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية.
ويرد على هذا الرأي بأن تطبيق هذه القاعدة لا يحول دون سريان أثر الشرط المانع، لما هو معلوم من أنه يشترط للإحتجاج بها توافر السند الصحيح لدى الحائز ولا يعتبر السند الباطل بطلاناً مطلقاً سنداً صحيحاً. وسنرى أن جزاء مخالفة الشرط المانع هو بطلان التصرف المخالف بطلاناً مطلقاً وبذلك يمتنع على الحائز الإحتجاج بالقاعدة المتقدمة.
ولا يلزم أن يرد شرط المنع من التصرف في السند الذي تلقى به المالك ملكية الشئ وإن كان ذلك هو الغالب عملاً شرطان لصحة شرط المنع من التصرف :
الشرط الأول : أن يكون الشرط مبنياً على باعث مشروع :
تنص الفقرة الأولى من المادة 823 على أن شرط المنع من التصرف لا يصح ما لم يكن مبنياً على باعث مشروع.
فلئن كان تصحيح شرط المنع من التصرف خروجاً على الأصل فمن الطبيعي إذن أن يكون لمثل هذا الشرط باعث مشروع.
ويراد بالباعث المشروع أن تكون ثمة مصلحة جدية تبرر إحترام رغبة مشترط المنع وحرمان المالك من قدرته على التصرف فيما يملك.
وجدية المصلحة أمر يتوقف على ظروف كل حال ويرجع تقديرها عند الخلاف فيها إلى القضاء الذي يفصل فيه على ضوء الظروف.
ومن أمثلة المصلحة المشروعة للمتصرف :
(أ) - أن يكون المتصرف واهباً واشترط لنفسه على الموهوب له إيراداً مرتباً في مقابل الهبة فيرغب في بقاء المال لدى الموهوب له ضماناً لحصوله على الإيراد أو يشترط على الموهوب له عدم التصرف احتياطاً لممارسة حقه في الرجوع في الهبة واسترداد المال الموهوب إذا تحقق عذر من الأعذار المقبولة للرجوع في الهبة كجحود الموهوب له أو إعسار الواهب.
(ب) أن يكون المتصرف بائعاً واشترط لنفسه الإنتفاع بالعين المبيعة أو بحق الاستعمال الشخصي أو السكني فيلتزم المشتري بعدم التصرف حتى لا يضطر إلى التعامل مع مالك رقبة لايعرفه إذ قد يضايقه في الإنتفاع بحقه.
ومن أمثلة الباعث المشروع للمتصرف إليه :
أن يهب شخص أو يوصي لآخر بعقار ولما يعرفه من أن الموهوب أو الموصى له سئ التدبير طائشاً يخشى أن يضيع سفهاً العقار الموهوب أو الموصى به يعمد إلى حمايته بوضع شرط عدم التصرف في العقار أو يشترط عدم التصرف في العقار حتى يصل إلى سن معينة يكون عند بلوغها قد أنضجته التجارب وحصل على الخبرة الكافية.
ومن أمثلة حماية مصلحة للغير :
(أ) أن يهب شخص لآخر عقاراً أو يوصی به له ويشترط عليه أن يؤدي مرتباً دورياً لشخص ثالث ويمنعه من التصرف في هذا المال حتى يستطيع من اشترط له المرتب أن يجد مالاً ينفذ عليه بحقه عند إخلال الموهوب له أو الموصى بإلتزامه.
(ب) أن يكون لأجنبي حق سكني في الدار الموهوبة فيمنع الواهب الموهوب له من التصرف طيلة حياة هذا الأجنبي تحقيقاً لمصلحته حتى لا يواجه بشخص لا يريحه.
تقدير جدية المصلحة المشروعة :
جدية المصلحة المشروعة أمر يتوقف على ظروف كل حال ويرجع تقديره عند الخلاف فيه إلى قاضى الموضوع الذي يفصل فيه على ضوء هذه الظروف ولا رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض متى بنى رأيه على أسباب سائغة.
إذا لم توجد مصلحة في الشرط المانع أو وجدت وكانت تافهة أو لم تكن مشروعة فإن شرط المنع من التصرف يقع باطلاً.
ومثال ذلك أن يهب شخص آخر عقاراً ويشترط عليه عدم التصرف فيه ليمنعه بذلك من القيام بمشروع علمي أو عمل من أعمال الخير يعلم الواهب أن الموهوب له يحرص على تحقيقه وقد يبيع العقار الموهوب له في سبيل ذلك فهو لا يحقق مصلحة مشروعة له أو للموهوب له أو للغير.
والمفروض أن للشرط المانع باعثاً مشروعاً إلى أن يثبت المتصرف له أن الباعث غير مشروع.
ويكون التصرف الذي إشتمل على الشرط الباطل باطلاً أيضاً إذا كان الشرط المانع هو الدافع إلى هذا التصرف أما إذا كان هذا الشرط ليس هو الباعث على التصرف فإن الشرط يبطل ويظل التصرف قائماً وذلك تطبيقاً المادة 143 مدنى التي تقضي بأنه إذا كان العقد في شق منه باطلاً أو قابلاً للإبطال فهذا الشق وحده هو الذي يبطل إلا إذا تبين أن العقد ما كان ليتم بغير هذا الشق الذى وقع باطلاً أو قابلاً للإبطال فيبطل العقد كله.
ذلك أنه في ضوء هذا النص يمكن القول أن الشرط المانع من التصرف والعقد المقترن به يعدان في الأصل قابلين للتجزئة بمعنى أن الخلل الذي يعتور الشرط المانع من التصرف يؤدى إلى بطلان الشرط وحده أما التصرف المقترن به فيبقى صحيحاً بيد أنه إذا كان الشرط متصلاً بجملة التصرف بمعنى أن المشترط ما كان ليبرم التصرف دون هذا الشرط فعندئذ يقع التصرف باطلاً أيضاً وفي ضوء ما تقدم إذا كان الباعث على شرط المنع من التصرف لا يكفي لتسويغه وقع الشرط باطلاً أما التصرف فيبقى صحيحاً ما لم يتبين أن المشترط ما كان ليرضى بالتصرف دون هذا الشرط فعندئذ يبطل الشرط والتصرف معاً.
الشرط الثاني : أن يكون المنع لمدة معقولة :
اشترطت الفقرة الأولى من المادة لصحة شرط المنع من التصرف أن يكون المنع مقصوراً على مدة معقولة فالنص يحرم الشرط المانع من التصرف إذا كان مؤبداً إذ يخرج العين بهذا المنع من دائرة التعامل بتاتاً وهو أمر مخالف للنظام العام ولا يجوز إلا بنص في القانون كما هو الحال في الوقف كما لا يجوز أن يكون الشرط لمدة طويلة تجاوز الحاجة التي دعت إليه لأنه لا يبقى للمتصرف له مصلحة ولذلك اشترط النص أن يكون الشرط مقصور على مدة معقولة.
ولما كان من الصعب تحديد متى تكون المدة معقولة ومتى لا تكون كذلك فإنه لا مناص من أن يترك لقاضي الموضوع تقدير المدة المعقولة وهو يفصل في ذلك حسب ظروف كل حالة وبصفة خاصة حسب الحاجة التي دعت إليه فما يعتبر معقولاً في حالة قد يكون غير معقول في حالة أخرى فإذا زالت هذه الحاجة زال الأساس الذي يستند إليه الشرط.
وهكذا لو أن هدف الشرط المانع من التصرف هو استمرار المال في ذمة المتصرف إليه حتى أيلولته إلى ورثته كما لو كان المال موهوباً من والد لولده مع علمه بسفاهته فيضع في الهبة الشرط المانع من التصرف حتى يستمر المال في ملكية الأسرة إلى أن يصل إلى أحفاد الواهب ففي هذا الفرض يعتبر المنع المدى حياة الموهوب له مدة معقولة أما لو كان المنع لصغر سن الموهوب له فإن المدة تكون غير معقولة إذا تجاوزت بلوغه سن الرشد أو سن النضوج كثلاثين عاماً ولا شك أن المنع يكون مؤقتاً في الصور المتقدمة لأن حياة الإنسان مهما کان طالت فهي على كل حال مؤقتة بميقات لا يعلمه إلا الله.
غير أن المدة الواردة في النص جوازية لا وجوبية وعلى ذلك يجوز القاضي أن يعد مدة المنع من التصرف مدى حياة أي من هؤلاء معقولة، أو غير معقولة حسب كل حالة بالتفصيل التي ذكرناه سلفا.
ويراعى أنه في الأمثلة السابقة (الواردة ببند 217) إذا كان المتصرف قد اشترط لنفسه إيراداً مدى الحياة أو حق إنتفاع أو حق سكني مدى الحياة أو الاستيثاق من أن يقتصر الجوار على شخص المتصرف إليه فمن الطبيعي في هذه الفروض أن يجعل الشرط المانع قائماً لمدة تستغرق حياته وتكون المدة في هذه الحالة مدة معقولة.
لكن هناك فروض كبيع عقار بثمن مقسط أو بيع عقار يرتهنه البائع فإنه لا يكون فيها مبرر لأن تستغرق مدة المنع حياة المتصرف ويكفي في حالة بيع عقار بثمن مقسط أن تكون مدة المنع هي المدة التي يوفي فيها المشتري بالاقساط جميعها وفي حالة بيع عقار يرتهنه البائع أن تكون مدة المنع هي المدة التي يوفي فيها المشترى بالدين المكفول بالرهن حتى يأمن البائع شر التطهير فيما إذا باع المشتري العقار قبل وفاء الدين.
وإذا حدد للشرط مدة تستغرق حياة المتصرف له إذا كان الأخير معروفاً بسوء التدبير فيحرم عليه المتصرف أن يتصرف في العين الموهوبة طول مدة حياته حتى إذا مات انتقلت العين إلى ورثته غير مثقلة بالشرط المانع فإن المدة تكون معقولة.
أما إذا كان المتصرف إليه قليل الخبرة والتجربة نظراً لصغر سنه أو يكون قاصراً فإنه لا يكون هناك مقتض لأن تستغرق المدة حياة المتصرف له إذ يكفي تحديد مدة معقولة يستوفي أثنائها الخبرة اللازمة أو يبلغ سن الرشد عند انقضائها.
وإذا حددت المدة بمدى حياة الغير كما إذا اشترط الواهب على الموهوب له إيراداً يرتبه للغير مدى حياته فإن المدة المعقولة للمنع من التصرف قد تستغرق في هذه الحالة حياة الغير.
وإذا مات المتصرف له قبل موت الغير أي قبل إنتهاء المدة المعقولة انتقلت العين إلى ورثة المتصرف له مثقلة بالشرط المانع فلا يجوز لهؤلاء التصرف فيها إذا كانت مدة الشرط المانع غير معقولة - بالتفصيل الصادق - فإن الشرط المانع يقع باطلاً لتخلف أحد شرطي صحته.
(راجع في التفضيل بنده 22) .
الآثار التي تترتب على الشرط المانع :
إذا توافر في الشرط المانع من التصرف الشرطان السابقان وهو أن يكون الباعث على الشرط مشروعاً وأن يكون المنع لمدة معقولة كان الشرط صحيحاً وترتبت عليه آثاره فإذا ورد الشرط المانع عاماً أي لم يحدد نوعاً من التصرفات هي التي تمنع فإن المنع يشمل كافة التصرفات القانونية الناقلة الملكية فلا يجوز له أن يبرم تصرفاً ينقل به حقه إلى شخص آخر كأن يبيع الشيء أو يهبه أو يقدمه حصة في شركة.
ولا يجوز له أن يرتب للغير على الشيء حقاً عينياً آخر كحق انتفاع أو إرتفاق فهذه كلها تصرفات من شأنها أن تؤدي إلى زوال حق المالك كله أو بعضه ولذلك لا يجوز للمالك أن يبرم أي تصرف منها لأن الغرض من الشرط هو أن تبقى الملكية كاملة للمالك كما يمتنع عليه إجراء التصرفات التي وإن لم تكن ناقلة للملكية فهي تؤدي إلى ذلك وتعتبر لذلك من أعمال التصرف كالرهن .
ولا يحول الشرط المانع بين المالك والقيام بأعمال التصرف المادي ولو ترتب عليها تغيير جوهرى للعين ما لم ينص الشرط على ذلك صراحة لأن المقصود بالمنع أعمال التصرف القانونية.
ومن ثم لا يمنع المالك من هدم البناء أو التغيير المادي في الشئ إلا إذا اشترط المتصرف ذلك صراحة فيكون هناك التزام في ذمة المتصرف له بالامتناع عن عمل ولا يكون هذا حق ارتفاق لأن حق الارتفاق إنما يكون المنفعة عقار لا لمنفعة شخص فضلاً عن القول بغير ذلك لا يتفق مع الجزاء الذي فرضه القانون على مخالفة الشرط.
ومع ذلك إذا ورد شرط المنع من التصرف مطلقاً أي لم يذكر فيه شيء عن الاستبدال وإقتضت الضرورة أو المصلحة التصرف في الشيء كأن كان مبنی وأصبح مهدداً بالسقوط فيجوز للمالك إذا لم يتمكن من الحصول على موافقة من تقرر الشرط لمصلحته على التصرف أن يطلب الإذن بالتصرف من القضاء وللمحكمة أن تأذن بالتصرف إذا وجد ما يقتضيه على أن يكون الإذن مصحوباً بما يكفل استمرار تحقيق الغرض من شرط المنع فتأذن بالتصرف مع الاستبدال أما التصرفات التي لا تكون ناقلة للملكية أو منشئة الحق عيني آخر فيجوز للمالك أن يباشرها لأنها ليس من شأنها أن تؤدي إلى زوال حقه كله أو بعضه كما هي الحال بالنسبة للتصرفات التي تعتبر من أعمال الإدارة كالإيجار وكذلك التصرفات المقررة كالقسمة والصلح.
كما أن الشرط لا يحول دون أن تنتقل ملكية الشيء إلى غير المالك بسبب آخر غير التصرف القانوني أي لسبب غير إرادي كالميراث أو التقادم أو نزع الملكية للمنفعة العامة.
ولا يمتنع على المالك أن يوصى بالعين فالوصية ولو أنها تصرف قانوني إلا أنها تصرف مضاف إلى ما بعد الموت والمقصود من المنع هو التصرف حال الحياة إلا إذا تبين أن الغرض المراد تحقيقه من شرط المنع يقتضي منع الوصية كذلك كما إذا كان قصد المتصرف من الشرط المانع هو أن تؤول العين بعد موت المتصرف له إلى ورثة الأخير.
شرط الإستبدال :
قد يتخذ شرط المنع من التصرف صورة خاصة تعرف بشرط (الإستبدال).
وبمقتضى هذا الشرط يلزم المتصرف إليه بعدم التصرف في الشيء إلا إذا إستبدل به شيئاً آخر يقوم ويحل محله فيما هو حق له ومثل هذا الشرط يكون صحيحاً متى قصد به تحقيق مصلحة مشروعة لأنه ليس أخطر من شرط عدم التصرف المطلق بل هو على العكس أقل منه مدى وشدة فيجب إذن اعتباره صحيحاً من باب أولى ومن يملك الأكثر يملك الأقل .
اشتراط عرض العين على شخص معين :
قد يتفق في العقد على أنه لا يجوز التصرف في الشيء إلا بعد عرضه على شخص معين تكون له الأفضلية في التصرف على غيره فلا يعد هذا شرطاً مانعاً وإنما ينطوي على إلتزام من الطرف الآخر قبل حصول التصرف بعرض الشيء على من اتفق عليه فهو وعد بالتفضيل ومن ثم فإن هذا الشرط ينشئ إلتزاماً شخصياً بأن يعرض على الشخص المتفق عليه رغبته في التصرف بحيث لا يكون له التصرف في الشيء إلا إذا لم يشأ الأخير استعمال حق الأفضلية له فإذا تصرف فيه للغير قبل عرض الأمر عليه نفذ تصرفه ولا يكون له إلا أن يرجع عليه بالتعويض.
لكي يكون الشرط المانع الوارد على عقار نافذاً في حق الغير أي في حق من سيتصرف إليه المالك الممنوع من التصرف فإنه يجب أن يسجل الشرط المانع ويتم تسجيله عادة مع تسجيل التصرف الأصلي إذا كان وارداً في العقد الذي ينقل الملكية فإذا ورد الشرط في تصرف لاحق على التصرف الناقل للملكية وجب تسجيل هذا الشرط حتى يمكن الإحتجاج به على الغير لأن المادة التاسعة من قانون الشهر العقارى لا تقتصر على التصرفات التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو نقله أو زواله بل هي تشمل أيضاً تلك التي يترتب عليها (تغيير) حق من الحقوق .
إذا أجيز لدائني المالك أن ينفذوا بحقوقهم على الشيء الذي منع من التصرف فيه فإن ذلك كفيل في معظم الأحوال بأن يفقد الشرط المانع كل قيمته إذ يكفي أن يمتنع المالك عن الوفاء بديونه فيباع الشيء جبراً ليستوفی الدائن حقه من ثمنه وبذلك يصل المالك بطريق غير مباشر إلى التصرف في الشيء رغم الشرط المانع لذلك استقر الفقه والقضاء على أن إشتراط المنع من التصرف يستتبع عدم القابلية للتنفيذ.
ولكن يجب أن نلاحظ أن عدم القابلية للتنفيذ لا ترمي إلى تحقيق غرض مستقل عن الغرض المقصود من اشتراط المنع من التصرف، بل هي تقوم على أساس هذا الغرض ذاته وتقتصر وظيفتها على المساهمة في تحقيقه .
وتترتب على هذه الملاحظة الأساسية عدة نتائج :
1- أن المنع من التصرف لا يستتبع حتماً وفي كل الأحوال عدم القابلية التنفيذ فقد تعرض أحوال لا يتعارض فيها الغرض المقصود من المنع من التصرف مع إجازة التنفيذ مثال ذلك ما إذا كان الشرط المانع قد اشترط في عقد بيع تأكيداً لامتياز البائع على العقار المبيع لحين وفاء المشتري بالثمن فإن الغرض من الشرط المانع في هذه الحالة هو أن يتجنب البائع الإجراءات التي يستوجبها مباشرة حق التتبع في مواجهة الغير وتحقيق هذا الغرض لا يقتضي حرمان دائني المشتري من التنفيذ على العقار ذلك أنه يترتب على تسجيل حكم مرسى المزاد طبقاً للمادة 450 مرافعات تطهير العقار من كافة الحقوق العينية التبعية بما في ذلك إمتياز البائع ويكون له أن يستوفي حقه بالأولوية من الثمن الذي رسا به المزاد فهو إذن لن يضطر إلى مباشرة إجراءات التتبع.
2- إن عدم القابلية للتنفيذ التابعة للشرط المانع من التصرف تختلف عن عدم القابلية للتنفيذ التي تشترط بشرط مستقل في الهبة أو الوصية طبقاً للمادة 308 مرافعات فاشتراط عدم جواز التنفيذ في هذه الحالة الأخيرة يقصد به إبعاد الشيء الموهوب أو الموصى به عن مثال الدائنين السابقين على الهبة أو الوصية.
ولذلك فللدائنين الذين نشأت حقوقهم بعد الهبة أو الوصية الحق في التنفيذ.
أما حظر التنفيذ التابع لاشتراط المنع من التصرف فالمقصود به سد السبيل أمام المالك بحيث لا يستطيع التصرف في الشيء ولو عن طريق غير مباشر عن طريق الإمتناع عن الوفاء بديونه وذلك متحقق أياً كان تاريخ نشوء الدين الذي يمتنع المالك عن الوفاء به ولذلك فإن حظر التنفيذ يسري على الدائنين جميعاً بصرف النظر عن تاريخ نشوء حقوقهم.
إن مدى عدم القابلية للتنفيذ تختلف بإختلاف الغرض المقصود من الشرط المانع فإذا اشترط المنع من التصرف في هبة أو وصية حماية للمالك من رعونته وتبذيره إلى أن يبلغ سناً معيناً فإن القضاء الفرنسي قد أستقر على أنه لا يجوز للدائنين الذين نشأت حقوقهم أثناء مدة المنع من التصرف التنفيذ على الشيء حتى بعد إنقضاء هذه المدة ذلك أن الغاية التي يرمي إليها المشترط هي جعل الشيء الموهوب أو الموصى به في مأمن من عواقب إسراف المالك إلى أن يستكمل نضجه ولن يتحقق هذا الغرض إلا إذا أخرج الشيء الموهوب أو الموصى به نهائياً من ضمان الدائنين الذين تنشأ حقوقهم أثناء مدة المنع أما إذا كان المقصود من المنع من التصرف حماية مصلحة المشترط (المتصرف) أو الغير فإنه بإنتهاء مدة المنع من التصرف يكون للدائنين جميعاً بغير تفرقة الحق في التنفيذ.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : الحادي عشر ، الصفحة : 399)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السادس عشر ، الصفحة / 222
أَثَرُ الْجِوَارِ فِي تَقْيِيدِ التَّصَرُّفِ فِي الْمِلْكِ :
6 - مِنْ أَحْكَامِ الْمِلْكِ التَّامِّ أَنَّهُ يُعْطِي الْمَالِكَ وِلاَيَةَ التَّصَرُّفِ فِي الْمَمْلُوكِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَخْتَارُ، كَمَا يَمْنَعُ غَيْرَهُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ إِذْنِهِ وَرِضَاهُ، وَهَذَا لاَ يَكُونُ إِلاَّ عِنْدَمَا يَخْلُو الْمِلْكُ مِنْ أَيِّ حَقٍّ عَلَيْهِ لِلآْخَرِينَ. وَلَكِنَّ هَذَا الْحُكْمَ قَدْ يُقَيَّدُ بِسَبَبِ الْجِوَارِ لِتَجَنُّبِ الإْضْرَارِ بِالْجَارِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَقْيِيدِ الْمِلْكِ لِتَجَنُّبِ الإْضْرَارِ بِالْجَارِ.
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالْحَنَفِيَّةُ فِيمَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى عِنْدَهُمْ إِلَى أَنَّ الْمَالِكَ لاَ يُمْنَعُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ إِلاَّ إِذَا نَتَجَ عَنْهُ إِضْرَارٌ بِالْجَارِ، فَإِنَّهُ يُمْنَعُ عِنْدَئِذٍ مَعَ الضَّمَانِ؛ لِمَا قَدْ يَنْتُجُ مِنَ الضَّرَرِ.
وَقَيَّدَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ الضَّرَرَ بِأَنْ يَكُونَ بَيِّنًا، وَحَدُّ هَذَا الضَّرَرِ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ: كُلُّ مَا يَمْنَعُ الْحَوَائِجَ الأْصْلِيَّةَ يَعْنِي الْمَنْفَعَةَ الأْصْلِيَّةَ الْمَقْصُودَةَ مِنَ الْبِنَاءِ كَالسُّكْنَى، أَوْ يَضُرُّ بِالْبِنَاءِ أَيْ يَجْلِبُ لَهُ وَهْنًا وَيَكُونُ سَبَبَ انْهِدَامِهِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُلاَّكِ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ عَلَى الْعَادَةِ فِي التَّصَرُّفِ، وَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ جَارُهُ أَوْ أَدَّى إِلَى إِتْلاَفِ مَالِهِ، كَمَنْ حَفَرَ بِئْرَ مَاءٍ أَوْ حُشٍّ فَاخْتَلَّ بِهِ جِدَارُ جَارِهِ أَوْ تَغَيَّرَ بِمَا فِي الْحُشِّ مَاءُ بِئْرِهِ؛ لأِنَّ فِي مَنْعِ الْمَالِكِ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ مِمَّا يَضُرُّ جَارَهُ ضَرَرًا لاَ جَابِرَ لَهُ، فَإِنْ تَعَدَّى بِأَنْ جَاوَزَ الْعَادَةَ فِي التَّصَرُّفِ ضَمِنَ مَا تَعَدَّى فِيهِ لاِفْتِيَاتِهِ.
وَالأْصَحُّ: أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَتَّخِذَ دَارَهُ الْمَحْفُوفَةَ بِمَسَاكِنَ حَمَّامًا وَطَاحُونَةً وَمَدْبَغَةً وَإِصْطَبْلاً وَفُرْنًا، وَحَانُوتَهُ فِي الْبَزَّازِينَ حَانُوتَ حَدَّادٍ وَقَصَّارٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ، كَأَنْ يَجْعَلَهُ مَدْبَغَةً، إِذَا احْتَاطَ وَأَحْكَمَ الْجُدْرَانَ إِحْكَامًا يَلِيقُ بِمَا يَقْصِدُهُ؛ لأِنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ وَفِي مَنْعِهِ إِضْرَارٌ بِهِ. وَالثَّانِي: الْمَنْعُ لِلإِْضْرَارِ بِهِ. وَلِمَزِيدٍ مِنَ التَّفْصِيلِ يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (تَعَلِّي) (وَحَائِطٌ).
______________________________________________
مجلة الأحكام العدلية
مادة (801) موت المستودع
إذا مات المستودع ووجدت الوديعة عيناً في تركته تكون أمانة في يد وارثه فيردها لصاحبها وأما إذا لم توجد عينا في تركته فإن أثبت الوارث إن المستودع قد بيّن حال الوديعة في حياته كأن قال: رَدَدت الوديعة لصاحبها أو قال ضاعت بلا تعد فلا يلزم الضمان وكذا لو قال الوارث نحن نعرف الوديعة وفسرها ببيان أوصافها ثم قال إنها هلكت أو ضاعت بعد وفاة المستودع صدَّق بيمينه ولا ضمان حينئذ وإذا مات المستودع بدون أن يبين حال الوديعة يكون مجهلاً فتؤخذ الوديعة من تركته كسائر ديونه وكذا لو قال الوارث نحن نعرف الوديعة بدون أن يفسره ويصفها لا يعتبر قوله أنها ضاعت وبهذه الصورة إذا لم يثبت أنها ضاعت يلزم الضمان من التركة.