مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السادس ، الصفحة : 152
مذكرة المشروع التمهيدي :
1- تعرض ( المواد 1223 - 1226) الملكية الأسرة، وهي ملكية استحدثها المشروع عن التقنين السويسري والمشروع الإيطالي على أن ملكية الأسرة في مصر قائمة بالفعل ، فإن كثيراً من الأسرات يبقى في الشيوع بعد موت المورث ، ولا ينقص هذه الملكية إلا التنظم ، وهذا ما فعله المشروع، فقد أعطى لأعضاء الأسرة الواحدة الحق في أن يتفقوا كتابة على إنشاء ملكية الأسرة ( م 1222 ). فيجب أن يكون الشركاء إذن أعضاء أسرة واحدة ، ولا يشترط أن يكونوا إخوة ، وإنما يشترط أن تجمعهم وحدة مشتركة في العمل أو المصلحة ، كما إذا اتفق أعضاء الأسرة على إستغلال مال الأسرة إستغلالاً معيناً يقتضي وحدة الإدارة ، وكما إذا كان مال الأسرة تركة يحسن بقاؤها كتلة متماسكة حتى يمكن استغلالها على خير الوجوه، ويجب أن يكون الإتفاق كتابياً ، والكتابة هنا شرط للانعقاد لا لمجرد الإثبات، وتتكون ملكية الأسرة عادة من تركة يبقيها الورثة ، كلها أو بعضها في الشيوع سعياً وراء حسن الإستغلال ويجوز أن يتفق أعضاء الأسرة على تكوين ملكيتها من مال يقدمه كل منهم ولا يكون من تركة مشتركة ، وهذا أقرب إلى الشركة ، ويكون المقصود من ذلك إستغلال هذا المال إستغلالاً معينة يقتضي وحدة الإدارة ( م 1222 ).
والمدة التي تبقى فيها ملكية الأسرة يجب ألا تزيد على خمس عشرة سنة، وفي هذا تتميز ملكية الأسرة عن الشيوع العادي تميزة واضحة ، فقد تقدم أن الاتفاق على الشيوع العادي يجب أن يكون لمدة لا تزيد على خمس سنوات، وإذا اتفق أعضاء الأسرة على مدة تزيد على خمس عشرة سنة أنقصت إلى هذا الحد، ولكن لا يوجد ما يمنع من تجديد المدة بعد إنقضائها، على أنه يجوز لكل شريك أن يطلب من المحكمة
الإذن له في إخراج نصيبه من هذه الملكية قبل إنتهاء الأجل المتفق عليه إذا كان هناك مبرر قوى لذلك ، كما إذا اقتضت ظروفه الخاصة أن ينقل عمله إلى مقر آخر ، أو احتاج إلى مال ، أو وقع بينه و بين أعضاء الأسرة خلاف لا أمل في تسويته (م 1223 فقرة 1)، وقد لا يحدد أجل الملكية الأسرة ، فلكل شريك في هذه الحالة أن يخرج نصيبه منها بعد ستة أشهر من يوم إعلان الشركاء برغبته ، أو بعد المدة التي يحددها العرف في الملكية الزراعية (م 1223 فقرة 2).
2 - بقي تحديد النظام الذي تخضع له ملكية الأسرة، ولهذا النظام خاصيتان تتعلق إحداهما بالتصرف والأخرى بالإدارة .
فملكية الأسرة، إلى أنها لا تجوز فيها المطالبة بالقسمة ، لا يجوز أيضاً للشريك فيها أن يتصرف في نصيبه لأجنبي عن الأسرة إلا بموافقة الشركاء جميعاً (مادة 1224 فقرة 1)، ولكن يجوز له أن يتصرف في نصيبه لأحد الشركاء ، كما يجوز لدائن أحد الشركاء أن ينفذ على نصيب مدينه وأن يبيعه جبراً لأجنبي، فإذا تملك أجني حصة أحد الشركاء ، سواء كان ذلك في بيع جبري أو كان في بيع اختیاری برضاء الشريك وموافقة سائر الشركاء ، فلا يشترك هذا الأجنبي مع ذلك في ملكية الأسرة إلا بإتفاق بينه و بين باقي الشركاء (مادة 1224 فقرة 2). والغرض من هذا التقييد أن تبقى الملكية مقصورة على أفراد الأسرة بقدر الإمكان .
وتمتاز ملكية الأسرة في إدارتها بأن أغلبية الشركاء (على أساس قيمة الأنصباء) يعينون مديراً من بينهم، ولهذا المدير سلطة أوسع من سلطة المدير في المال الشائع التي سبق تحديدها، فهو يقوم بأعمال الإدارة المعتادة وغير المعتادة ، فله أن يدخل على الملكية من التغييرات و من التعديل في الغرض الذي أعدت له ملكية الأسرة ما يحسن به طرق الإنتفاع ، إلا إذا سلب المدير هذه السلطة الواسعة باتفاق خاص، وليس للأقلية أن تتظلم من عمل معين من أعمال الإدارة ، ولكن لكل شريك أن يطلب من المحكمة عزل المدير إذا وجد سبب قوي يبرر ذلك ، كما يجوز للأغلبية التي عينت المدير أن تعزله ( مادة 1225).
وفي غير هاتين الخاصيتين من ناحية التصرف ومن ناحية الإدارة ، تخضع ملكية الأسرة لقواعد الملكية الشائعة ، ولقواعد الوكالة فيما يتعلق بأعمال المدير وإلتزاماته ( مادة 1226).
النص فى المادة الرابعة من قرار وزير الشئون الإجتماعية رقم 106 لسنة 1962 الصادر نفاذاً للقانون 67 لسنة 1962 - على أن تملك كل أسره تعمل بالزراعة فى النوبه و لا تملك أرضاً زراعية بها مساحة من الأرض الزراعية بالموطن الجديد تقدر بالنسبة لعدد أفراد الأسرة و مساحة الأراضى التى ستوزع عليهم و بحد أدنى فدان و فى المادة 12 منه على أنه يقصد بالأسرة فى هذا القرار الوالدان أو أحدهما و الأولاد و الأحفاد و كذلك الأخوه و أولادهم متى كانوا يعيشون فى منزل واحد يدل على أنه بالنسبة لأسر مهجرى النوبه الذين كانوا يعملون بالزراعة فيها و لا يملكون شيئاً من أراضيها ، رأى المشرع فى سبيل رعاية هذه الأسر فى المجتمع الذى نقلهم إليه و حتى لا يكون هذا النقل سبباً فى تشتيت هذه الأسر ، أن يمنح كل أسره منها ملكية زراعية يراعى فى تحديد مقدار مساحتها أفراد هذه الأسرة الذين شملهم الحصر وقتئذ ، بما مفاده أنه أنشأ بها حالة جديدة من حالات ملكية الاسرة بالأضافة إلى حالات ملكية الأسرة الواردة بالقانون المدنى و هى ملكية شائعة يستحق كل من أفرادها نصيبه فى ريعها بما لا يتعارض و أحكام الشريعة الإسلامية .
(الطعن رقم 1199 لسنة 49 جلسة 1983/03/10 س 34 ع 1 ص 674 ق 142)
تنص المادة 851 مدني على ما يأتي :
لأعضاء الأسرة الواحدة الذين تجمعهم وحدة العمل أو المصلحة أن يتفقوا كتابة على إنشاء ملكية الأسرة ، وتتكون هذه الملكية إما من تركة ورثوها واتفقوا على جعلها كلها أو بعضها ملكاً للأسرة ، وإما من أى مال آخر مملوك لهم اتفقوا على إدخاله فى هذه الملكية .
يجب أن يتفق أعضاء الأسرة الواحدة فيما بينهم على إنشاء ملكية الأسرة اتفاقاً مكتوباً ، كما تصرح بذلك المادة 851 مدنى فيما قدمنا انظر آنفاً فرة 640 والكتابة هنا للإنعقاد لا للإثبات ، فالإتفاق غير المكتوب يكون باطلاً ، ولو أقر به المتعاقدون أو وجهت فيه اليمين .
وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي فى هذا الصدد :
ويجب أن يكون الإتفاق كتابياً ، والكتابة هنا شرط للإنعقاد لا لمجرد الإثبات .
والسبب فى ذلك أن ملكية الأسرة تدوم عادة مدة طويلة ، قد تصل إلى خمسة عشر عاماً ، فوجب أن يكون الإتفاق عليها مكتوباً حتى يرجع إليه عند الحاجة طوال هذه المدة ، ولكن من جهة أخرى لا يشترط أن تكون الكتابة رسمية ، فالكتابة العرفية تكفى .
والأصل أن يكون الشركاء فى ملكية الأسرة هم ورثة المتوفى ، إذ يكون مورثهم قد ترك لهم مستغلاً زراعياً أو صناعياً أو تجارياً ، يكون من المصلحة المحافظة على وحدة هذا المستغل بإبقائه فى الشيوع وترك أحد الورثة يديره مع إعطائه سلطات واسعة فى الإدارة ، والورثة يكونون من ذوى القربى ، فيما عدا الزوج والزوجة فليس من الضرورى أن تقوم بينهما قرابة، فالقول بأن أعضاء الأسرة يجب أن يكونوا من ذوى القربى فيه شىء من التضييق ، وينبغى أن تتسع عضوية الأسرة لتشمل الزوج والزوجة، فليس من المتصور أن تقوم ملكية الأسرة ما بين أولاد الأعمام ، ولا تقوم ما بين الزوج والزوجة انظر فى معنى أن أعضاء الأسرة الواحدة يجب أن يكونوا من ذوى القربى ، فلا تنعقد ملكية الأسرة بين أحد الزوجين وأقارب الزوج الآخر : محمد كامل مرسى 2 فقرة 156 ص 278 - محمد على عرفة فقرة 349 ص 466 – عبد المنعم البدراوى فقرة 172 ص 206 – حسن كيرة فقرة 167 ص 576 إذن ينبغى تجنب القول بأنه لتحديد من هم أعضاء الأسرة يجب الرجوع إلى المادة 34 مدنى وهى تنص على أن " 1 - تتكون أسرة الشخص من ذوى قرباه . 2 - ويعتبر من ذوى القربى كل من يجمعهم أصل مشترك "، والأولى أن تؤخذ " الأسرة " بالمعنى المألوف فى كلام النسا ، فتدخل فى أعضاء الأسرة الزوجة والزوج انظر فى هذا المعنى إسماعيل غانم فقرة 140 ص 323 – ص 324 – منصور مصطفى منصور فقرة 94 ص 233 ، بل لا مانع من دخول الأصهار إذا كان هناك مقتض لذلك انظر فى هذا المعنى عبد الفتاح عبد الباقى فقرة 174 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 177 - وسنرى أن الأجنبى قد يدخل فى ملكية الأسرة ، ولكن لا يكون ذلك إبتداءً ، بل نتيجة لبيع أحد أعضاء الأسرة نصيبه لهذا الأجنبى أو تلك الأجنبى النصيب جبراً على عضو الأسرة ، ثم رضاء الأجنبى وباقى الشركاء دخول الأجنبي شريكاً معهم (م 853 / 2 مدنى) – وانظر ما يلى فقرة 647 والضابط للأسرة هنا ليست هى القرابة ، بل هى " وحدة العمل والمصلحة " ، إذ تقول المادة 851 مدنى فى صدرها ، كما رأينا انظر آنفاً فقرة 640 ، " لأعضاء الأسرة الواحدة الذين تجمعهم وحدة العمل أو المصلحة "، وفى هذا تقول المذكرة الإيضاحية : " فيجب أن يكون الشركاء إذن أعضاء أسرة واحدة ، ولا يشترط أن يكونوا إخوة ، وإنما يشترط أن تجمعهم وحدة مشتركة فى العمل أو المصلحة ، كما إذا اتفق أعضاء الأسرة على استغلال مال الأسرة إستغلالاً معيناً يقضى وحدة الإدارة ، وكما إذا كان مال الأسرة تركة يحسن بقاؤها كتلة متماسكة حتى يمكن استغلالها على خير الوجوه " .
ويستخلص من ذلك أن يجب فهم " الأسرة " فهماً مرناً يتكيف بحسب الظروف فجميع الورثة ولو كان من بينهم الزوج أو الزوجة يعتبرون أعضاء أسرة واحدة كذلك لو كان للزوج أو الزوجة أخ مثلاً يشترك معه فى مال شائع ، وأراد الأخ إدخال هذا المال الشائع فى ملكية الأسرة ، فيجب النظر فيما إذا كانت وحدة العمل أو المصلحة تبرر دخول هذا المال فى ملكية الأسرة .
ولكن يجب على كل حال التقيد بمعنى الأسرة ، ولو على النحو الواسع الذي قدمناه، فلا يكفى أن تقوم بين الشركاء فى ملكية الأسرة صداقة وثيقة إذا لم يكونوا من أسرة واحدة ، ولو دعمت هذه الصداقة بدعائم قوية من وحدة العمل أو المصلحة .
وتقول العبارة الأخيرة ، المادة 851 مدنى : " وتتكون هذه الملكية ( ملكية الأسرة ) ، إما من تركة ورثوها واتفقوا على جعلها كلها أو بعضها ملكاً للأسرة ، وإما ، أى مال آخر مملوك لهم اتفقوا على إدخاله فى هذه الملكية " ، وتتكون ملكية الأسرة عادة ، كما قدمنا ، من تركة يستبقيها الورثة على الشيوع لتدار إدارة مشتركة تتسع فيها سلطات المدير ، سعياً وراء حسن الإستغلال واحتفاظا بوحدة التركة فهى أكثر ما تكون مستغل زراعى أو صناعى أو تجارى كما سبق القول والمشرع يحرص عادة على استبقاء وحدة هذه المستغلات ، حتى أنه نص فى المادة 906 مدنى على أنه " إذا كان بين أموال التركة مستغل زراعى أو صناعى أو تجارى مما يعتبر وحدة اقتصادية قائمة بذاتها ، وجب تخصيصه برمته لمن يطلبه من الورثة إذا كان أقدرهم على الاضطلاع به ... " .
وقد ترى الورثة استبقاء المستغل شائعاً بينهم مع إدخاله في ملكية الأسرة ، على النحو الذى بسطناها فيما تقدم ولا يوجد ما يمنع من أن يضاف إلى التركة مال آخر شائع أو مال مفرز لإدخاله فى ملكية الأسرة ، بل لا يوجد ما يمنع من أن يتفق أعضاء الأسرة الواحدة إبتداءً على تقديم كل منهم لمال مفرز يملكه ، لتتكون من هذه الأموال المفرزة ملكية الأسرة الشائعة ، كما يفعل الشركاء عندما يؤسسون شركة ، غير أن الشركة تعتبر شخصاً معنوياً هو المالك لهذه الأموال ، أما ملكية الأسرة فتبقى مالاً مملوكاً على الشيوع لأعضاء الأسرة لا مالاً مملوكاً لشخص معنوى، ويجوز أن تتجمع كل هذه العمليات ، فيبدأ أعضاء الأسرة بتركة شائعة فيما بينهم ثم يضيفون إليها بعد أن تتكون ملكية الأسرة وتبدو بشائر نجاحها ، أموالاً أخرى شائعة أو مفرزة مملوكة لأعضاء الأسرة ، إما مرة واحدة ، أو مرة بعد أخرى وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : " وتتكون ملكية الأسرة عادة من تركة يبقيها الورثة كلها أو بعضها فى الشيوع سعياً وراء حسن الإستغلال، ويجوز أيضا أن يتفق أعضاء الأسرة على تكوين ملكيتها من مال يقدمه كل منهم ولا يكون من تركة مشتركة ، وهذا أقرب إلى الشركة ، ويكون المقصود من ذلك إستغلال هذا المال إستغلالاً معيناً يقتضى وحدة الإدارة " (مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 152 – ص 153).
والمهم أن يكون المال الذي يقدمه عضو الأسرة مملوكاً له ملكية حالة ، فلا يجوز أن تكون ملكية الأسرة من أموال مستقبلة ، كأن تكون تركة مستقبلة ، على أن كل تعامل فى تركة مستقبله ولو بطريق تكوين ملكية الأسرة باطل .(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الثامن ، الصفحة/ 1382)
يشترط لإنشاء ملكية الأسرة ما يلي :
1 - أن يكون الشركاء من ذوي القربى أياً ما كانت درجة قرابتهم فهؤلاء هم أعضاء الأسرة، وتعتبر الزوجة من أفراد أسرة الزوج والزوج من أفراد أسرة الزوجة .
2 - توافر وحدة العمل والمصلحة، كما إذا اتفق أعضاء الأسرة على إستغلال مال الأسرة إستغلالاً معيناً يقتضي وحدة الإدارة وكما إذا كان مال الأسرة تركة يحسن بقاؤها كتلة متماسكة حتى يمكن إستغلالها على خير الوجوه، ویری اسماعيل غائم أن هذا الشرط لا يترتب على تخلفه بطلان الإتفاق على ملكية الأسرة إنما أراد المشرع به بیان الصلة على إبرام الإتفاق .
3 - وجود مال معين منقولاً أو عقاراً فإن كان عقاراً تعين التسجيل لسند ملكية الاسرة حتى لو كان مملوكاً على الشيوع لأفراد الأسرة قبل تكوينها، وقد بتمثل المال في أعيان التركة أو ما قد يضاف اليها من أموال شائعة أو مفرزة، أو تتكون إبتداءً بمال مفرز يقدمه كل من أفراد الأسرة كما في الشركة إلا أن للشركة شخصية معنوية مستقلة أما ملكية الاسرة فلا تكون لها مثل هذه الشخصية فتظل الأموال مملوكة على الشيوع لأفراد الأسرة.
4 - أن يتفق الشركاء كتابة على إنشاء ملكية الأسرة، فالكتابة هنا شرط للإنعقاد وليست شرطة للإثبات، فالإتفاق غير المكتوب باطل ولو أقر به المتعاقدون أو وجهت فيه يمين ويكفي في المحرر أن يكون عرفياً، ويلزم توفر أهلية التصرف فإن وجد ناقص أهلية وجب مراعاة الإجراءات المنصوص عليها في المادتين 40 ، 79 ولاية على المال .
ويعنينا من هذا النص أن ملكية الأسرة لا تنشأ إلا بموجب عقد مكتوب فالكتابة هنا ركن للإنعقاد وليست شرطاً للإثبات، وينصرف معنى الأسرة إلى كل ذوي القربى أياً ما كانت درجة قرابتهم فهؤلاء هم أعضاء الأسرة الواحدة ويتمثل محل العقد في أعيان التركة التي آلت لأطرافه وما قد يضاف إليها من أعيان أخرى تحقيقاً للغرض من إنشاء هذه الملكية، وقد لا تكون هناك أموال موروثة ولكن رأى أعضاء الأسرة الواحدة إنشاء ملكية الأسرة من أموال مفرزة ملوكة لكل منهم.
ومتى أبرم العقد، أصحت الأعيان مملوكة لجميع أطرافه ملكية شائعة نصيب كل منهم هو المحدد في العقد، فإن لم يوجد مثل هذا التحديد كان أنصباء الأعضاء متساوية، ولا يترتب على العقد إنشاء شخصية معنوية الملكية الأسرة ولكن تظل الأعيان مملوكة على الشيوع لأعضاء الأسرة .
فإن كانت الأعيان مملوكة من قبل إبرام العقد ملكية شائعة لأعضاء الأسرة بأن كانت أعياناً موروثة، تعين شهر حق الإرث حتى يمكن تسجيل عقد ملكية الأسرة إذ لا يجوز تسجيل أي تصرف يرد على أعيان التركة إلا بعد شهر حق الأرث، ولا يلزم تعاقب ذلك، بل يكفي أن يشهر حق الإرث وعقد ملكية الأسرة بموجب محرر واحد على التفصيل الذي أوضحناه فيما تقدم، أما إذا تعاقب التسجيلات، فتم شهر حق الإرث أولاً ثم تلاه تسجيل عقد ملكية الأسرة، تعيين التأشير بالتسجيل الأخير في هامش شهر حق الإرث، ويترتب على ذلك كافة الآثار المترتبة على شهر حق الإرث وعلى تصرف الورثة التالي الشهر هذا الحق من حيث نفاذ هذا التصرف في مواجهة دائني التركة أو عدم نفاذه .
ومن تاريخ تسجيل عقد ملكية الأسرة، تخضع جميع الأموال التي تضمنها الأحكام الملكية الشائعة، مما يحول دون من كان يمتلك عقار مفرزة قبل تسجيل هذا العقد، والتصرف فيه مفرزة وإلا كان تصرفه غير نافذ في حق باقي المتعاقدين ويتوقف ذلك على نتيجة القسمة، كما لا يعتبر المتصرف إليه من طبقة الغير، ولكن يجوز التصرف في حصة شائعة .(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الحادي عشر، الصفحة/ 610)
لاحظ المشرع أنه كثيراً ما يبقى أفراد الأسرة الواحدة في الشيوع بعد موت المورث، لجامع يجمعهم، إما أن يكون وحدة العمل كما لو كانت التركة مالاً من أموال الإستغلال كأرض زراعية أو محل تجاري يستغلونه جميعاً معاً أو يقوم أحدهم بالإستغلال لحساب لنفسه ولحساب الباقين، وإما أن يكون وحدة المصلحة فيما لا يتصل بالإستغلال، كما لو كانت العين الموروثة منزلاً يسكنونه جميعاً.
وقد رأى المشرع أن يفرد لملكية الأسرة تنظيماً خاصاً تراعى فيه تلك الرابطة الخاصة التي تربط المشتاعين فيما بينهم وهم أعضاء أسرة واحدة، ولكنه جعل تطبيق هذا النظام متوقفا على اتفاقهم على إنشاء ملكية الأسرة، إذ أن مجرد كون الشركاء المشتاعين أعضاء أسرة واحدة لا يدل دلالة قاطعة على قيام تلك الرابطة القوية التي تبرر هذا النظام الخاص، فلا يكفي لتطبيق أحكامه مجرد بقاء أعضاء الأسرة في الشيوع بعد موت مورثهم.
ومن ناحية أخرى، فإن المشرع، وإن كان ما دفعه إلى تنظيم ملكية الأسرة هو ما لاحظه من بقاء كثير من الأسرة في الشيوع بعد موت المورث، لم يجعل إنشاء ملكية الأسرة مقصوراً على هذه الحالة، بل أجاز أن يتفق أعضاء الأسرة على تكوين ملكيتها من مال يقدمه كل منهم دون أن يرجع أصله إلى تركة مشتركة.
إنشاء ملكية الأسرة بالإتفاق كتابة :
أوجبت المادة أن يكون إنشاء ملكية الأسرة بالإتفاق كتابة، ولم تشترط المادة نوعاً معيناً من الكتابة، ومن ثم لا يشترط أن تكون الكتابة رسمية، فيكفي أن تكون في ورقة عرفية.
والكتابة هناك للإنعقاد لا للإثبات، فالإتفاق غير المكتوب يقع باطلاً، ولو أقر به المتعاقدان، أو وجهت فيه اليمين .
والسبب في اشتراط الكتابة أن ملكية الأسرة تدوم عادة مدة طويلة، قد تصل إلى خمسة عشر عاماً - فوجب أن يكون الإتفاق مكتوباً حتى يرجع إليه عند الحاجة طوال هذه المدة.
ولم ينص المشرع على الأهلية اللازمة لإنشاء ملكية الأسرة، غير أن الرأي الغالب في الفقه يذهب إلى وجوب توافر أهلية التصرف في أطراف الاتفاق. أي أن يكون طرف الإتفاق بالغاً رشيداً غير محجور عليه، إذ يترتب على الاتفاق بإنشاء ملكية الأسرة إشراك كل من الأعضاء في مال يقدمه غيره، وإشراك غيره في مال يقدمه، كما أنه يقيد من حريته في التصرف وفي الوقت ذاته يعطى لمن يدير هذه الملكية سلطات واسعة تجاوز في كثير من الأحيان حدود الإدارة المعتادة.
وعلى ذلك إذا كان العضو الذي يدخل في ملكية الأسرة غير متوافر الأهلية، وجبت مراعاة الأحكام التي قررها قانون الولاية على المال في شأن التصرف في أموال القاصر، ومن ثم يجب على الوصي أو القيم الحصول على إذن المحكمة لإدخال مال القاصر أو المحجور عليه ضمن ملكية الأسرة.
فهي تشترط لإنشاء ملكية الأسرة أن يكون الشركاء أعضاء أسرة واحدة.
ويفسر الشراح المقصود بأعضاء الأسرة الواحدة بالرجوع إلى المادة 34 مدني وهي تنص على أن :
1 - تتكون أسرة الشخص من ذوي قرباه.
ويعتبر من ذوي القربى كل من يجمعهم أصل مشترك .
وتطبيقاً لذلك لا تتعقد ملكية الأسرة بين أحد الزوجين وأقارب الزوج الآخر.
ومع التسليم بأن لفظ "أعضاء الأسرة الواحدة" في المادة 851 لا يتسع للأصهار، فإن الإستناد إلى المادة 34 غير مقبول، إذ يترتب عليه أن اتفاق زوجين على إنشاء ملكية للأسرة بينهما يكون إتفاقاً باطلاً إذا لم يكونا من ذوي القربى، مع أن الأساس الذي يقوم عليه التنظيم القانوني الخاص الذي وضعه المشرع لملكية الأسرة هو تلك الرابطة القوية بين الشركاء، وهذه الرابطة هي عادة أقوي ما تكون بين الزوجين، هذا فضلاً عن أن الزوجين في التعبير الدارج، يعتبران أعضاء أسرة واحدة، ولذلك فالمصلحة تقتضي تفسير عبارة المادة 851 بالرجوع إلى معناها الدارج لا إلى المعنى الذي حددته المادة 34.
ويؤيد هذا أن المشرع في كثير من النصوص يعبر بلفظ "الأقارب" أو "ذوي القربي" عندما يقصد الإشارة إلى أعضاء الأسرة الواحدة فيما عدا الزوجين، ولم يكن يعجزه التعبير بهذا اللفظ في المادة 851 إذا كان قد أراد تحريم الاتفاق بين الزوجين على إنشاء ملكية الأسرة .
وقد ذهب البعض إلى أن المادة تشترط أن يجمع هؤلاء الأقارب وحدة مشتركة في العمل أو المصلحة، كما إذا اتفق أعضاء الأسرة على إستغلال مال الأسرة إستغلالاً معيناً يقتضي وحدة الإدارة، ومثل ذلك أن يكون مال الأسرة تركة يحسن بقاؤها كتلة متماسكة حتى يمكن استغلالها على حيز الوجود كمتجر أو مصنع.
بينما ذهب آخرون - بحق - أن هذا ليس في الحقيقة شرطاً بالمعنى الدقيق الإنعقاد الإتفاق على ملكية الأسرة، بل هو الغرض الذي لا يتصور بغيره إتفاق أعضاء الأسرة فيما بينهم على إنشاء تلك الملكية، أي أن المشرع إذ نص في المادة 851 على وحدة العمل أو المصلحة، لم يكن يبين شرطاً يترتب على تخلفه بطلان الإتفاق على ملكية الأسرة، بل كان يريد الإشارة في النص إلى العلة التي من أجلها يقدم أعضاء الأسرة على إبرام هذا الإتفاق .
الأموال التي تتكون منها ملكية الأسرة قد تكون على حد تعبير المادة 851 مدني تركة ورثها أعضاء الأسرة، واتفقوا على جعلها كلها أو بعضها ملكاً للأسرة، أو أموالاً أخرى مملوكة لهم، وهذا أقرب إلى الشركة، ويكون المقصود من إستغلال هذه الأموال إستغلالاً معيناً يقتضي وحدة الإدارة.
ويصح أن تكون هذه الأموال عقارية أو منقولة، أو حقوقاً في ذمة الغير، ويصح أن تكون مجموعة من الأموال كمشروع تجاري أو صناعي.
وإذا كانت الأموال عقارية وجب تسجيلها طبقاً للمادة 9 من قانون الشهر العقارى، حتى لو كان العقار مملوكاً على الشيوع بين أعضاء الأسرة قبل الإتفاق على إنشاء ملكية الأسرة.
ولا يدخل في ملكية الأسرة إلا الأموال المملوكة فعلاً لأعضائها وقت إنشائها، فلا يصح أن تتضمن ملكية الأسرة الأموال التي قد تؤول ملكيتها في المستقبل لأعضائها.
وبناء على ذلك يبطل الإتفاق على إنشاء ملكية الأسرة من تركة مستقبلة المخالفة مثل هذا الإتفاق لنص المادة 131 مدني التي تحرم التعامل على تركة مستقبله .
والاتفاق على إنشاء ملكية الأسرة من الأموال الحالة والمستقبلة يقع باطلاً حتى بالنسبة إلى الأموال الحالة، لأن تصحيح الإتفاق بالنسبة لهذه الأموال يتعارض مع قصد المتعاقدين .
ولا يصح أيضاً أن يكون محل هذه الملكية ما لا يحوزه أحد المتعاقدين بنية تملكه بالتقادم، فمثل هذا المال لا يعتبر مملوكاً وقت الاتفاق على إدخاله في ملكية الأسرة وهو شرط لازم لصحة إنشائها. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الحادي عشر، الصفحة/ 809)