loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السادس، الصفحة :  479

مذكرة المشروع التمهيدي :

للحيازة دعاوي ثلاث تحميها هي :

1- دعوى استرداد الحيازة : ويستطيع الحائز أن يسترد بها حيازته ممن اغتصبها ويشترط أن ترفع الدعوى في السنة التالية لانتزاع الحيازة كرها أو لكشف انتزاعها خلسة وترفع ضد من انتزع الحيازة أو من خلفه ولو كان حسن النية على أن الحائز الذي يرفع دعوى استرداد الحيازة يجب أن يكون هو نفسه قد استمرت حيازته سنة كاملة على الأقل فإن لم تكن قد استمرت هذه المدة وانتزعت منه فإن كان لم يستردها في خلال السنة كان من انتزع الحيازة هو الحائز وهو الذي تحمی حيازته، لأنها بقيت سنة أما إذا أراد استردادها في خلال السنة وكان كل من المسترد و منتزع الحيازة لم تمض على حيازته سنة كاملة فيكسب الدعوى من كانت حيازته أفضل والحيازة الأفضل هي التي تقوم على سند قانوني فإن تعادلت السندات كانت الحيازة الأفضل هي الحيازة الأسبق في التاريخ.

2 - دعوى منع التعرض : وهذه لا تعطي إلا لمن بقيت حيازته سنة كاملة وترفع في خلال سنة من بدء التعرض .

3- دعوى وقف الأعمال الجديدة : وهي كذلك لا تعطي إلا لمن بقيت حيازته سنة كاملة وموضوع الدعوى ليس هو تعرضاً تم بل أعمالاً لو تمت لكان فيها تعرض للحيازة كما إذا بدأ شخص بناء حائط لو تم لسد النور على مطل للجار فيرفع الجار دعوى وقف الأعمال الجديدة بشرط ألا يكون قد مضي عام على العمل الذي بدأ وبشرط ألا يكون العمل قد تم فإن تم العمل كانت الدعوى التي ترفع هی دعوى منع التعرض فإذا ما استوفت دعوى وقف الأعمال الجديدة شروطها ورفعت في الميعاد كان القاضي حسب تقديره أن يمنع استمرار الأعمال أو أن يأذن في استمرارها بكفالة في الحالتين فتكون الكفالة في الحالة الأولى لضمان التعويض فما إذا تبين في دعوى الموضوع أن الأعمال التي وقفت كان ينبغي أن تستمر وفي الحالة الثانية لضمان التعويض فيما إذا تبين أن الأعمال التي أذن في استمرارها كان ينبغي أن توقف.

الاحكام

1- إذ كان الحكم الابتدائى قد عرض لشروط تلك الدعوى (دعوى الطاعن الفرعية بمنع تعرض المطعون ضدها الأولى له فى حيازته لشقة النزاع باعتباره حائزاً له ) وفق ما نصت عليه المادة 961 من القانون المدنى وانتهى فى قضائه إلى توافرها ، إلا أن الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم قبولها للجمع فيها بين الحيازة وأصل الحق وأطلق القول بعدم توافر شروط المادة سالف الإشارة إليها دون أن يفصح فى أسبابه عن الوقائع التى استند إليها والأدلة التى اقتنع بثبوتها بشأن عدم توافر تلك الشروط فإنه يكون فضلاً عن مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه قد ران عليه القصور المبطل .

(الطعن رقم 15901 لسنة 82 جلسة 2014/05/11)

2- التعرض الذى يبيح لحائز العقار حيازة قانونية رفع دعوى منع التعرض هو الإجراء المادى أو القانونى الموجه إلى واضع اليد بادعاء حق يتعارض مع حقه فى الحيازة ، وقد أوجب المشرع فى المادة 961 من القانون المدنى رفعها خلال سنة من حصول التعرض . وكان الحكم المستأنف قد عرض لحيازة الطاعن شقة النزاع وخلُص إلى أنه وقت أن وقع التعرض له من المطعون ضدها الأولى كان حائزاً لتلك الشقة حيازة علنيه هادئة منذ شرائه لها فى 5/4/2003 وأنه أقام دعواه الفرعية فى 22/3/2008 بمنع تعرضها له فى حيازته لها قبل انقضاء سنة من وقت حصول التعرض بإقامتها الدعوى بطرده منها بتاريخ 10/1/2008 وذلك وفقاً لما أوجبته المادة سالف الإشارة إليها ، وقد استدل الحكم على مظاهر تلك الحيازة بعدة قرائن وهى قيامه بتوصيل الكهرباء والهاتف على تلك الشقة وأنها مكلفة باسمه بمصلحة الضرائب العقارية طبقاً للشهادة الرسمية المستخرجة من تلك المصلحة ولما ثبت بالمحضر رقم ... لسنة 2007 إدارى المعادى من إقرار المطعون ضدها الأولى بحيازته لها وإقرار مندوب الشركة البائعة فيه بحدوث تعرض من المطعون ضدها المذكورة للطاعن فى تلك الحيازة ، وهو استخلاص سائغ له أصله الثابت بالأوراق ويؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها ، ومن ثم يكون الحكم المستأنف فى محله ويتعين تأييده لأسبابه فى هذا الخصوص .

(الطعن رقم 15901 لسنة 82 جلسة 2014/05/11)

3- حيازة المرخص له فى الانتفاع بالعين المرخص بها وإن اعتبرت حيازة عرضية فى مواجهة الجهة المرخصة إلا أنها حيازة أصلية فى مواجهة الغير تجيز للحائز أن يرفع باسمه على من يتعرض له جميع دعاوى الحيازة إذا وقع منه اعتداء على الحق المرخص به وهى تقوم على رد الاعتداء غير المشروع بدون نظر إلى صفة واضع اليد فلا يشترط توافر نية التملك عنده ويكفى لقبولها أن يكون لرافعها حيازة مادية حالة متصلة بالعقار اتصالاً فعلياً قائماً فى حالة وقوع الغصب والعبرة فى ثبوت هذه الحيازة وهى واقعة مادية بما يثبت قيامه فعلاً .

(الطعن رقم 1924 لسنة 61 جلسة 2005/03/03 س 56 ص 238 ق 41)

4- لما كان من المتعين فيمن يبغى حماية وضع يده على عقار بدعوى منع التعرض - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تتوافر لديه نية التملك وكان لازم ذلك أن يكون هذا العقار الذى تسبغ الحماية عليه بمقتضاها من العقارات التى يجوز تملكها بالتقادم بأن لا تكون من الأموال الخاصة بالدلالة أو الأشخاص الاعتبارية العامة أو الأوقاف الخيرية التى حظر المشرع تملكها أو كسب أي حق عينى عليها بالتقادم بما نص عليه بما نص عليه فى المادة 970 من القانون المدنى بعد تعديلها بالقانونين رقمى 147 لسنة 1957 ، 39 لسنة 1959 فإن من تقتضى ذلك أنه على المحكمة فى دعوى منع التعرض أن تحسم النزاع المثار حول ما إذا كان العقار محل النزاع مما يجوز كسب ملكيته بالتقادم من عدم للوصول إلى ما إذا كانت حيازة جديرة بالحماية القانونية لمنع التعرض لها أم لا دون أن يعتبر ذلك منها تعرضا لأصل الحق.

(الطعن رقم 618 لسنة 57 جلسة 1992/03/18 س 43 ع 1 ص 471 ق 102)

5- يدل نص المادة 949/1 من القانون المدنى على أن حيازة حق المرور التى تبيح لصاحبها رفع دعوى منع التعرض يجب أن تكون سيطرة متعدية لا مجرد رخصة ولا عمل يقبل على سبيل التسامح، لما كان ذلك وكان الطاعن قد تمسك فى دفاعه بان لم يكن للمرور بأرضه معالم ظاهرة إذ كان الباب مفتوحا على أرضه الفضاء وقد تحمل المرور فيها على سبيل التسامح، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بمنع تعرض الطاعن تأسيسا على توافر الشروط القانونية فى حيازة الجهة المطعون ضدها أو أغفل الرد على هذا الدفاع من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأى فإنه يكون معيباً بالقصور فى التسبيب الذى أدى به إلى الخطأ فى تطبيق القانون.

(الطعن رقم 3192 لسنة 60 جلسة 1991/12/31 س 42 ع 2 ص 2037 ق 321)

6- إذ كان البين من الأوراق أن المطعون ضدهما الأول و الثانى أقاما الدعوى رقم ..... لسنة ..... الجيزه الإبتدائية بطلب الحكم بمنع تعرض الطاعن لهما فى إستئجارهما وإنتفاعهما وحيازتهما لمحل النزاع إستناداً إلى عقد إستئجارهما له المؤرخ 1976/6/20 لاحقيتهما فى استئجاره ووضع اليد عليه بموجب ذلك العقد بعد صدور الحكم المستعجل بطرد الطاعن المستأجر السابق للمحل و رفض أشكاله فى التنفيذ و قبل صدور الحكم فى إستئنافه الحكم الصادر فى الإشكال والذى قضى بإلغائه ووقف تنفيذ حكم الطرد المستعجل ، فأن الدعوى بحسب هذه الطلبات وهذا الأساس تعتبر متعلقه بأصل الحق ولا تعد من دعاوى الحيازه إذ يتطلب الفصل فيها التصدى لعقدى إيجار كل من الطاعن والمطعون ضدهما وفقا للماده 16 من القانون رقم 52 لسنة 1969 التى تحظر على المؤجر تحرير أكثر من عقد إيجار عن الوحده الواحده خاصه وأن الأحكام المستعجلة لا تجوز أى حجيه أمام قاضى الموضوع و بعد أن قضى لصالح الطاعن بوقف تنفيذ حكم الطرد المستعجل ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وفصل فى الدعوى بأعتبارها دعوى حيازه فأنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 1821 لسنة 52 جلسة 1990/05/31 س 41 ع 2 ص 225 ق 212)

7- التعرض الذى يبيح لحائز العقار حيازة قانونية رفع دعوى منع التعرض هو الإجراء المادى أو القانونى الموجه إلى واضع اليد بإدعاء حق يتعارض مع حقه فى الحيازة وقد أوجب المشرع فى المادة 961 من القانون المدنى رفع دعوى منع التعرض خلال سنة من حصول التعرض ، فإذا تتابعت الأعمال وترابطت وصدرت عن شخص واحد بحيث تكون فعل التعرض من مجموعها فإن إحتساب مدة السنة يبدأ من تاريخ وقوع آخر عمل من هذه الأعمال فيكون بإضافته إلى ما قبله من أعمال قيام الادعاء الجدى بالحق المتعارض مع حق الحائز فى الحيازة ، أما إذا تكون من كل هذه الأعمال ما يكفى بذاته لإعتباره تعرضاً إحتسبت مدة السنة من تاريخ أول عمل منها إذا صدرت الأفعال من أشخاص متعددين أو من حائزين مختلفين فكل عمل من هذه الأعمال يعتبر قائماً بذاته و تتعدد فيها دعاوى منع التعرض بتعدد هذه الأعمال وتحتسب مدة السنة بالنسبة لكل دعوى من تاريخ وقوع التعرض الذى يترتب عليه الحق فى إقامتها .

(الطعن رقم 24 لسنة 53 جلسة 1987/02/08 س 38 ع 1 ص 215 ق 50)

8-  لا تثريب على المحكمة أثناء نظر دعوى منع التعرض أن تعتبرها دعوى إسترداد حيازة و تحكم فيها على هذا الأساس متى تبينت توافر شروطها ، إذ أنه لا تنافر ولا تعارض بين دعوى إسترداد الحيازة ودعوى منع التعرض لأن أساسهما واحد وهو الحيازة المادية بشروطها القانونية و الغرض منهما واحد وهو حماية تلك الحيازة من الإعتداء عليها ومتى ثبت هذا الحق للمحكمة فإنه يجوز للمدعى فى دعوى الحيازة أن يغير طلبه من دعوى منع تعرض إلى دعوى بإسترداد حيازة.

(الطعن رقم 2095 لسنة 50 جلسة 1985/01/06 س 36 ع 1 ص 77 ق 20)

9- أوجبت المادتان 958 ، 961 من القانون المدنى أن ترفع دعوى إسترداد الحيازة ودعوى منع التعرض خلال السنة التالية لفقدها أو من وقوع التعرض وهى مدة سقوط يجب أن ترفع الدعوى خلالها وكانت الدعوى تعتبر مرفوعة بإيداع صحيفتها قلم الكتاب طبقاً لنص المادة 63 من قانون المرافعات و كان الثابت فى الدعوى أن المطعون ضده أقام دعواه بمنع التعرض بصحيفة قدمها لقلم الكتاب فى 1978/6/1 لمنع التعرض الحاصل بتاريخ 1978/4/12 فإن الدعوى تكون قد أقيمت فى الميعاد ولا يغير من ذلك تعديل المطعون ضده لطلباته الحاصل فى 1979/12/4 إلى طلب الحكم بإسترداد حيازته ذلك أن التاريخ الأخير لا يعتبر رفعاً لدعوى جديدة وأن رفع الدعوى بمنع التعرض فى الميعاد و تكييف المحكمة لها أنها دعوى بإسترداد الحيازة أو طلب الحائز الحكم بإعتبارها كذلك لا يؤثر على تاريخ رفعها أياً كان تاريخ تعديل الطالب.

(الطعن رقم 2095 لسنة 50 جلسة 1985/01/06 س 36 ع 1 ص 77 ق 20)

10- أن المادة 961 من القانون المدنى تنص على أن " من حاز عقاراً وإستمر حائزاً له سنة كاملة ثم وقع له تعرض فى حيازته له أن يرفع خلال السنة التالية دعوى منع هذا التعرض " . ومؤدى ذلك أن دعوى منع التعرض يجب أن ترفع خلال سنة من وقت وقوع التعرض وإلا كانت غير مقبولة ومن ثم فإن المحكمة ملزمة بالتحقق من توافر هذا الشرط الذى يتوقف عليه قبول الدعوى فإذا لم يثبت لديها أن الدعوى رفعت خلال السنة التالية لوقوع التعرض تعين عليها أن تقضى بعدم قبولها دون طلب أودفع من الخصوم بذلك وإذ إلتزم الحكم المطعون فيه ذلك وقضى بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد مضى أكثر من سنة من وقوع التعرض فإنه قد أصاب صحيح القانون .

(الطعن رقم 1048 لسنة 47 جلسة 1982/11/28 س 33 ع 2 ص 1059 ق 191)

11- النص فى المادة 961 من القانون المدنى على جواز رفع دعوى منع التعرض فى خلال السنة التالية من وقوع التعرض و إلا كانت غير مقبولة . فإنه وإن كان هذا الميعاد ميعاد سقوط لا يسرى عليه تقادم أو إنقطاع إلا أن رفع الدعوى فى خلاله أمام محكمة غير مختصة مجز فى تحقق الشرط الذى يتوقف عليه قبول الدعوى إذ أن الشرع فىالمادة 110 من قانون المرافعات يلزم المحكمة غير المختصة ولو كان عدم الإختصاص متعلقاً بالولاية بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة كما يلزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها مما يجعل رفع الدعوى أمام المحكمة غير المختصة مؤدياً بذاته إلى نظرها وكأنه إجراء من إجراءات رفعها أمامها فتعتبر الدعوى وكأنها قد رفعت منذ البداية أمامها وتكون العبرة فى تاريخ رفعها هو برفع الدعوى أمام المحكمة غير المختصة . ومن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن على المحكمة المحال إليها الدعوى أن تنظرها بحالتها التى أحيلت بها ومن ثم فإن ما تم صحيحاً من إجراءات قبل الإحالة يبقى صحيحاً بما فى ذلك إجراءات رفع الدعوى وتتابع الدعوى سيرها أمام المحال إليها الدعوى من حيث إنتهت إجراءاتها أمام المحكمة التى أحالتها .

(الطعن رقم 17 لسنة 47 جلسة 1982/11/21 س 33 ع 2 ص 1012 ق 182)

12- يشترط لقبول دعوى منع التعرض أن يكون المدعى عليه قد تعرض للمدعى فى وضع يده ، ولا يعتبر تسليم العين المتنازع عليها تنفيذاً للحكم الصادر بذلك ضد واضع اليد تعرضاً له . ولما كان الحكم المطعون فيه قد إستند فى قضائه برفض دعوى منع التعرض المقامة من الطاعن الأول إلى أن تنفيذ الحكم الصادر ضده فى الدعويين رقمى ... ... لا يعد تعرضاً لهذا الطاعن فى وضع يده ، فإن الحكم لا يكون بذلك قد بنى على أسباب متعلقة بأصل الحق وإنما نفى عن الدعوى توافر أحد شروط قبولها .

(الطعن رقم 593 لسنة 46 جلسة 1979/11/27 س 30 ع 3 ص 75 ق 352)

13- إذا تعددت أعمال التعرض وتباعدت وإستقل بعضها عن بعض أوصدرت عن أشخاص مختلفين فكل عمل من هذه الأعمال يعتبر تعرضاً قائماً بذاته وتتعدد فيها دعاوى منع التعرض بتعدد هذه الأعمال أو الأشخاص الصادرة عنهم ، وتحتسب مدة السنة بالنسبة لكل دعوى من تاريخ وقوع التعرض الذى أنشأ هذه الدعوى ، لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه صدرت عن المطعون ضدها الأولى أعمال تعرض لحيازه الطاعن تتابعت بتقديم الشكوى رقم 1751 لسنة 1970 إدارى الخليفة ، وإقامه الدعوى رقم 2768 لسنة 1970 مستعجل القاهرة ،وقد إنتهت هذه الأعمال بصدور حكم إستئناف فى 1970/5/31 بعدم إختصاص القضاء المستعجل بنظر الدعوى ، ثم عادت المطعون ضدها الأولى بعد قرابة عام وقدمت شكوى إلى المطعون ضدهما الثانى والثالث اللذين قاما بإجراء تصحيح فى 1971/5/18 وذلك بالتأشير على هامش عقد شراء الطاعن لعقار النزاع بما يفيد أن حقيقة مساحته هى 225 متراً مربعاً و ليست 265.5 متراً مربعاً وكان هذا الإجراء يتضمن إعتداء جديداً على حيازة الطاعن فيما لو ثبت توافر شروطها - وينشى له حقاً رفع دعوى منع تعرض مختلفه عن تلك التى نشأت عن الأعمال السابقه ويبدأ إحتساب مدة السنة المقررة لرفعها من تاريخ حدوث هذا التعرض الجديد فى 1971/5/18 . وإذ أقام الطاعن دعواه بمنع التعرض فى غضون شهر فبراير 1972 فانه اقامها الطاعن من دعواه بمنع التعرض فى غضون شهر فبراير سنة 1972 فإنه يكون أقامها فى الميعاد القانونى .

(الطعن رقم 117 لسنة 46 جلسة 1979/04/16 س 30 ع 2 ص 131 ق 209)

14- تنص المادة 961 من القانون المدني على أن "من حاز عقاراً واستمر حائزاً له سنة كاملة ثم وقع له تعرض فى حيازته، جاز له أن يرفع خلال السنة التالية دعوى بمنع هذا التعرض"، إنما يوفر الحماية القانونية لحائز العقار من التعرض الذي يقع له ويعكر عليه حيازته إذا ما توفرت الشرائط التي تضمنتها هذه المادة إذ لم يستلزم القانون لإسباغ تلك الحماية على الحائز أن يكون المتعرض سيء النية.

(الطعن رقم 524 لسنة 44 جلسة 1978/01/10 س 29 ع 1 ص 134 ق 32)

15- الحكم فى دعوى منع التعرض إنما يقوم على أسباب مستمدة من الحيازة ذاتها. ولما كانت ولاية القاضي فى هذه الدعوى تتسع لإزالة الأفعال المادية التي يجريها المتعرض باعتبار أن قضاءه بذلك هو من قبيل إعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل حصول التعرض، وهو ما التزمه الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه، فلا محل للنعي عليه بعدم تطبيق المادتين 925، 246 من القانون المدني، إذ أن أحكامها تخرج عن نطاق هذه الدعوى.

(الطعن رقم 524 لسنة 44 جلسة 1978/01/10 س 29 ع 1 ص 134 ق 32)

16- الحكم الصادر فى دعوى منع التعرض لا يحوز قوة الأمر المقضى فى دعوى الملك لإختلاف الموضوع فى الدعويين ، لا يغير من ذلك ما يقوله الطاعنون من أن الحكم بمنع تعرض مصلحة الأملاك لهم فى أرض النزاع قد أقام قضاءه على أساس أن هذه الأرض من الأموال الخاصة المملوكة للدولة وأن مورثهم وهم من بعده وضعوا اليد عليها مدة تزيد على الخمسين عاما قبل العمل بالقانون رقم 147 لسنة 1957 الذى ينص على عدم جواز تملك أملاك الدولة الخاصة أوكسب حق عينى عليها بالتقادم ذلك أن هذا القول من الحكم لم يكن للفصل فى أصل الحق وإنما للبحث فى توافر الحيازة بشروطها القانونية أوعدم توافرها ، لأن قاضى الحيازة ممنوع من التعرض للملكية ومن بناء حكمه على أساس ثبوتها أونفيها ، وكل ما يقرره فى شأنها لا يحوز أية حجية لدى المحكمة التى يعرض عليها النزاع فى أصل الحق ومن ثم لا تتقيد به تلك المحكمة .

(الطعن رقم 750 لسنة 43 جلسة 1978/01/03 س 29 ع 1 ص 66 ق 20)

17- متى كانت المطعون ضدها الأولى قد طلبت الحكم بالتعويض الذي قدرته فى الصحيفة وما يستجد ابتداء من أول نوفمبر سنة 1965 لحين إزالة التعرض ، وكان يبين من الرجوع إلى تقرير الخبير أنه أثبت حصول تعرض المطعون ضده الثاني للعين المؤجرة محل النزاع ، وذلك فى كل المرات التي انتقل فيها للمعاينة ، كما يبين من الرجوع إلى محاضر أعمال هذا الخبير أن وكيل الشركة الطاعنة قرر أن الشركة أنذرت المطعون ضده الثاني بفسخ عقد الإيجار المبرم بينهما إن لم يكف عن التعرض للمطعون ضدها الأولى فى العين المؤجرة إليها من نفس الشركة والمجاورة للعين المؤجرة للمطعون ضده الثاني فإن ما قرره الحكم المطعون فيه من أن تعرض المطعون ضده المذكور لم يزل قائماً استناداً إلى تقرير الخبير ومحاضر أعماله لا يكون قد خالف الثابت فى الأوراق ولا يعيب الحكم - وقد قضى بالتعويض المستحق حتى نهاية شهر فبراير سنة 1970 السابق على صدوره - أنه لم يبين سنده فى استمرار التعرض حتى ذلك التاريخ، ذلك أنه متى ثبت حصول التعرض المادي، فإنه يفترض استمراره إلى أن يقوم الدليل على زواله .

(الطعن رقم 454 لسنة 40 جلسة 1975/02/19 س 26 ع 1 ص 440 ق 90)

18- متى كانت المطعون عليها قد أسست دعواها على عقد البيع الإبتدائى الصادر لها ، والذى ينقل إليها - ولو لم يكن مشهراً - جميع الحقوق المتعلقة بالمبيع والدعاوى المرتبطة به بما فى ذلك طلب نفى حق الإرتفاق الذى تدعيه الطاعنة ، فإن الدعوى تكون من الدعاوى المتعلقة بأصل الحق ، وليست من دعاوى الحيازة ، ويكون قضاء الحكم المطعون فيه بتسليم العين و طرد الطاعنة منها إستناداً إلى أن العقد العرفى يمنح المشترى الحق فى إستلام المبيع لأنه من الآثار التى تنشأ من عقد البيع صحيحاً فى القانون ، ولا عبرة بما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه من أنه قضى بتسليم العين رغم سبق القضاء به فى دعوى صحة التعاقد المرفوعة على البائعة طالما أن الطاعنة لم لكن طرفاً فيها .

(الطعن رقم 513 لسنة 37 جلسة 1973/01/25 س 24 ع 1 ص 98 ق 19)

شرح خبراء القانون
الفقه الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الثامن عشر ، الصفحة /  278

أَنْوَاعُ الْحِيَازَةِ:

7 - الْحِيَازَةُ تَكُونُ بِنَوْعٍ مِنَ الأْنْوَاعِ  الآْتِيَةِ:

(أ) فِي الْعَقَارِ: السُّكْنَى، الاِزْدِرَاعُ وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَفِي الْمَنْقُولِ: الرُّكُوبُ فِي الدَّوَابِّ. اللُّبْسُ فِي الثِّيَابِ. الاِنْتِفَاعُ فِي الأْوَانِي وَنَحْوُ ذَلِكَ.

(ب) النَّوْعُ الْمُتَوَسِّطُ فِي الْعَقَارِ: الْهَدْمُ وَالْبِنَاءُ فِيمَا لاَ يُحْتَاجُ إِلَيْهِ لِبَقَاءِ الأْصْلِ، وَالْغَرْسُ لِلأْشْجَارِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَفِي الْمَنْقُولِ الاِسْتِغْلاَلُ وَهُوَ إِيجَارُ الدَّوَابِّ، وَالثِّيَابِ، وَقَبْضُ الأْجْرَةِ  وَنَحْوُ ذَلِكَ.

(ج) النَّوْعُ الأْقْوَى: التَّفْوِيتُ بِالْبَيْعِ، وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ، وَالنُّحْلِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لاَ يَفْعَلُهُ الرَّجُلُ إِلاَّ فِي مَالِهِ.

أَثَرُ الْحِيَازَةِ:

8 - يَقُولُ ابْنُ رُشْدٍ: إِنَّ مُجَرَّدَ الْحِيَازَةِ لاَ تَنْقُلُ الْمِلْكَ عَنِ الْمَحُوزِ عَلَيْهِ إِلَى الْحَائِزِ، وَلَكِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ كَإِرْخَاءِ السُّتُورِ، وَمَعْرِفَةِ الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الأْشْيَاءِ. مَعْنَى هَذَا أَنَّ الْحَائِزَ لاَ يَنْتَفِعُ بِالْحِيَازَةِ إِلاَّ إِذَا جَهِلَ الْوَجْهَ الَّذِي حَازَ بِهِ أَوِ ادَّعَى شِرَاءً، وَأَمَّا إِذَا عَرَفَ وَجْهَ دُخُولِهِ فِي حَوْزِهِ كَكِرَاءٍ، أَوْ عُمْرَى، أَوْ إِسْكَانٍ، أَوْ إِرْفَاقٍ، أَوْ إِجَارَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنَّ طُولَ الْحَوْزِ لاَ يَنْقُلُ الْمِلْكَ.

شُرُوطُ الْحِيَازَةِ بَيْنَ الأْجَانِبِ غَيْرِ الشُّرَكَاءِ:

9 - يَقُولُ خَلِيلٌ: إِنْ حَازَ أَجْنَبِيٌّ غَيْرُ شَرِيكٍ وَتَصَرَّفَ ثُمَّ ادَّعَى حَاضِرٌ سَاكِتٌ بِلاَ مَانِعٍ عَشْرَ سِنِينَ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ، وَلاَ بَيِّنَتُهُ إِلاَّ بِإِسْكَانٍ وَنَحْوِهِ.

فَالْحَوْزُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يَكُونُ دَالًّا عَلَى مِلْكِ الْحَائِزِ إِذَا تَوَفَّرَ مَا يَلِي:

أَوَّلاً: أَنْ يَتَصَرَّفَ الْحَائِزُ: وَالتَّصَرُّفُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ هُوَ مَا كَانَ كَالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ فِيمَا لاَ ضَرُورَةَ دَاعِيَةٌ إِلَيْهِ. أَمَّا السُّكْنَى وَنَحْوُهَا، فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهَا وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ حِيَازَةٌ. يَقُولُ ابْنُ رُشْدٍ: وَأَمَّا حِيَازَةُ الأْجْنَبِيِّينَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِيمَا لاَ شَرِكَةَ بَيْنَهُمْ فِيهِ، فَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الْحِيَازَةَ تَكُونُ بَيْنَهُمْ فِي الْعَشَرَةِ أَعْوَامٍ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَدْمٌ وَلاَ بُنْيَانٌ، وَفِي كِتَابِ الْجِدَارِ لاِبْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا لاَ تَكُونُ حِيَازَةً إِلاَّ مَعَ الْهَدْمِ وَالْبُنْيَانِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَةِ حَسَنِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْهُ، وَيَشْهَدُ لِهَذَا الْقَوْلِ مَا أَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ بَلاَغًا (أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ تَكَارَى أَرْضًا. فَلَمْ تَزَلْ فِي يَدَيْهِ بِكِرَاءٍ حَتَّى قَالَ ابْنُهُ وَهُوَ أَبُو سَلَمَةَ أَوْ حُمَيْدٌ: فَمَا كُنْتُ أَرَاهَا إِلاَّ لَنَا مِنْ طُولِ مَا مَكَثَتْ فِي يَدَيْهِ حَتَّى ذَكَرَهَا لَنَا عِنْدَ مَوْتِهِ فَأَمَرَ بِقَضَاءِ شَيْءٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ كِرَائِهَا ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ).

10 - ثَانِيًا: أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي حَاضِرًا عَالِمًا، فَلَوْ كَانَ الْمُدَّعِي غَائِبًا غَيْبَةً بَعِيدَةً فَهُوَ بَاقٍ عَلَى حَقِّهِ وَيَخْتَلِفُ تَقْدِيرُ الْغَيْبَةِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَالْبُعْدِ وَالْقُرْبِ، وَتَقْدِيرُ الْغَيْبَةِ عِنْدَ فُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ هُوَ بِالْمَرَاحِلِ. 

فَإِذَا كَانَ الْمُدَّعِي عَلَى سَبْعَةِ مَرَاحِلَ فَأَكْثَرَ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى حُجَّتِهِ وَلَوْ طَالَ أَمَدُ غِيَابِهِ مَا طَالَ، فَالْغَائِبُ فِي مِثْلِ هَذَا الْبُعْدِ مَعْذُورٌ، سَوَاءٌ أَكَانَ رَجُلاً أَمِ امْرَأَةً، وَإِذَا كَانَ عَلَى ثَلاَثِ أَوْ أَرْبَعِ مَرَاحِلَ فَالْمَرْأَةُ مَعْذُورَةٌ بِلاَ خِلاَفٍ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ إِنْ أَبْدَى عُذْرَهُ فِي عَدَمِ الْقِيَامِ، وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ عُذْرُهُ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: هُوَ عَلَى حَقِّهِ لَهُ الْقِيَامُ مُعَلِّلاً بِأَنَّهُ كَمْ مِمَّنْ لاَ يَتَبَيَّنُ عُذْرُهُ لِلنَّاسِ وَهُوَ مَعْذُورٌ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: مَنْ كَانَ عَلَى ثَلاَثِ مَرَاحِلَ لاَ قِيَامَ لَهُ بَعْدَ الأْجَلِ إِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ عُذْرُهُ، فَابْنُ الْقَاسِمِ جَعَلَهُ مَعْذُورًا: وَابْنُ حَبِيبٍ جَعَلَهُ غَيْرَ مَعْذُورٍ حَتَّى يَثْبُتَ خِلاَفُ ذَلِكَ.

وَحَدَّدَ ابْنُ عَرَفَةَ مَوْطِنَ الْخِلاَفِ قَائِلاً: الْخِلاَفُ فِي الْقَرِيبِ هُوَ إِذَا عَلِمَ، وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَعْلَمْ فَلاَ حِيَازَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا، غَيْرَ أَنَّهُ فِي الْغَالِبِ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْعِلْمِ حَتَّى يَثْبُتَ عِلْمُهُ، وَفِي الْحَاضِرِ مَحْمُولٌ عَلَى الْعِلْمِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ.

وَاسْتَحَبَّ مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ لِلْغَائِبِ إِذَا عَلِمَ وَمَنَعَهُ مَانِعٌ مِنَ الْحُضُورِ لِطَلَبِ حَقِّهِ أَنْ يُشْهِدَ أَنَّهُ عَلِمَ، وَأَنَّ سُكُوتَهُ عَنِ الْمُطَالَبَةِ إِنَّمَا هُوَ لأِجْلِ  الْعُذْرِ مَعَ تَأْكِيدِهِمَا عَلَى أَنَّهُ إِذَا عَلِمَ وَلَمْ يُشْهِدْ لَمْ يُوهِنْ ذَلِكَ حُجَّتَهُ إِلاَّ أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ جِدًّا، مِثْلَ السَّبْعِينَ وَالثَّمَانِينَ سَنَةً وَمَا قَارَبَهَا، وَيَكُونُ مَعَ ذَلِكَ سَمَاعٌ مُسْتَفِيضٌ بِأَنَّهَا مِلْكٌ لِلَّذِينَ هِيَ بِأَيْدِيهِمْ تَدَاوَلُوهَا هُمْ وَمَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ بِمَا يُحَازُ بِهِ الْمِلْكُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ كَالْحِيَازَةِ عَلَى الْحَاضِرِ، وَإِنْ كَانَتِ الْغَيْبَةُ بَعِيدَةً، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَبِقَوْلِهِمَا أَقُولُ.

فَالْغَائِبُ يَكُونُ عَلَى حُجَّتِهِ إِذَا اجْتَمَعَ أَمْرَانِ: أَنْ يَطُولَ ذَلِكَ جِدًّا فِيمَا تَهْلِكُ فِيهِ الْبَيِّنَاتُ، وَتَتَعَاقَبُ الأْجْيَالُ كَالسَّبْعِينَ وَالثَّمَانِينَ، وَأَنْ يَتَأَيَّدَ الْحَوْزُ بِشَهَادَةِ سَمَاعٍ أَنَّ الْحَائِزَ وَمَنْ سَبَقَهُ مَالِكُونَ لِمَا تَحْتَ أَيْدِيهِمْ.

وَإِذَا كَانَتِ الْغَيْبَةُ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمٍ فَالرَّجُلُ هُوَ كَالْحَاضِرِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَهِيَ عَلَى حَقِّهَا. قَالَ ابْنُ فَرْحُونَ: فَرْعٌ: وَفِي الطُّرُرِ لاِبْنِ عَاتٍ وَمَغِيبُ الْمَرْأَةِ عَلَى مَسِيرَةِ الْيَوْمِ لاَ يَقْطَعُ حُجَّتَهَا لِقَوْلِهِعليه الصلاة والسلام: «لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ عَلَيْهَا».

قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ الْمُتَأَخِّرِينَ.

وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ هُوَ الْعِلْمُ الشَّامِلُ لأِمْرَيْنِ. الْعِلْمُ بِأَنَّ الْحَائِزَ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِهِ، وَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْمَحُوزَ مِلْكُهُ، فَإِذَا جَهِلَ أَنَّ الْمَحُوزَ مِلْكُهُ فَإِنْ كَانَ وَارِثًا حَلَفَ عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ وَقُضِيَ لَهُ بِبَيِّنَتِهِ، وَإِذَا قَالَ عَلِمْتُ بِالْمِلْكِ وَلَكِنِّي لَمْ أَجِدِ الْوَثِيقَةَ الْمُثْبِتَةَ لِلْمِلْكِ إِلاَّ الآْنَ، فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ، وَرَجَّحَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ أَنَّهُ غَيْرُ مَعْذُورٍ بِذَلِكَ فَلاَ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَكَذَلِكَ إِذَا ادَّعَى أَنَّ سُكُوتَهُ إِنَّمَا كَانَ مِنْ أَجْلِ عَدَمِ وُجُودِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي تَشْهَدُ لَهُ.

ثَالِثًا: أَنْ يَسْكُتَ الْمَحُوزُ عَنْهُ الْحَاضِرُ طِوَالَ الْمُدَّةِ وَلاَ يُطَالِبُ بِحَقِّهِ، فَإِنْ نَازَعَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ وَلَمْ يَزَلْ يُخَاصِمُ وَيَطْلُبُ فَهُوَ عَلَى حَقِّهِ، وَإِنْ نَازَعَ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ لَمْ يُفِدْهُ، وَيَكُونُ كَمَنْ هُوَ سَاكِتٌ، قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ: فِيمَنْ أَثْبَتَ بَيِّنَةً فِي أَرْضٍ أَنَّهَا لَهُ، وَأَثْبَتَ الَّذِي فِي يَدِهِ أَنَّهُ يَحُوزُهَا عَشْرَ سِنِينَ بِمَحْضَرِ الطَّالِبِ، فَأَقَامَ الطَّالِبُ بَيِّنَةً أَنَّهُ طَلَبَهَا وَنَازَعَ فِيهَا هَذَا، قَالَ: إِنْ قَالُوا إِنَّهُ لَمْ يَزَلْ يُخَاصِمُ وَيَطْلُبُ لَيْسَ أَنْ يُخَاصِمَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ يُمْسِكَ نَفَعَهُ ذَلِكَ، وَإِلاَّ لَمْ يَنْفَعْهُ، وَلاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ الطَّلَبُ عِنْدَ الْحَاكِمِ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ: الطَّلَبُ النَّافِعُ إِنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ الْحَاكِمِ.

11 - رَابِعًا: أَنْ لاَ يَمْنَعَهُ مِنَ الْمُطَالَبَةِ مَانِعٌ: وَالْمَوَانِعُ كَثِيرَةٌ وَمُتَنَوِّعَةٌ لَمْ يَقَعِ اسْتِقْصَاؤُهَا، وَإِنَّمَا وَقَعَ التَّنْبِيهُ عَلَى بَعْضِهَا احْتِيَاطًا لِحَقِّ الْمَالِكِ.

فَمِنَ الْمَوَانِعِ، الْخَوْفُ مِنَ الْحَائِزِ كَمَا إِذَا كَانَ الْحَائِزُ ذَا سُلْطَةٍ وَظَالِمًا. أَوْ كَانَ مُسْتَنِدًا إِلَى سُلْطَانٍ جَائِرٍ وَكَأَنْ يَكُونَ الطَّالِبُ مَدِينًا مُعْسِرًا وَحَلَّ أَجَلُ الدَّيْنِ، وَالْحَائِزُ رَبُّ الدَّيْنِ يَخْشَى إِنْ هُوَ طَالَبَهُ بِالتَّخَلِّي عَنِ الْحَوْزِ أَنْ يُطَالِبَ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ، وَمِثْلُهُ إِذَا كَانَ الْمُدَّعِي سَفِيهًا أَوْ صَغِيرًا أَوْ بِكْرًا لَمْ تُعَنِّسْ مَنْ كَانَ هَذَا حَالُهُ، فَإِنَّ أَجَلَ الْحَوْزِ مُعْتَبَرٌ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الْمَانِعِ، وَفِي وَثَائِقِ ابْنِ الْعَطَّارِ لاَ يَقْطَعُ قِيَامُ الْبِكْرِ غَيْرِ الْعَانِسِ وَلاَ قِيَامُ الصَّغِيرِ، وَلاَ قِيَامُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فِي رِقَابِ الأْمْلاَكِ، وَلاَ فِي إِحْدَاثِ الاِعْتِمَارِ بِحَضْرَتِهِمْ إِلاَّ أَنْ يَبْلُغَ الصَّغِيرُ وَيَمْلِكَ نَفْسَهُ مِنَ الْوَلِيِّ، وَتُعَنِّسَ الْجَارِيَةُ وَيُحَازَ عَلَيْهِمْ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَهُمْ عَالِمُونَ بِحُقُوقِهِمْ لاَ يَعْتَرِضُونَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَيَنْقَطِعُ حِينَئِذٍ قِيَامُهُمْ وَمَا لَمْ يَعْرِفُوا لاَ يَنْقَطِعُ قِيَامُهُمْ.

فَأَصْحَابُ الأْعْذَارِ هَؤُلاَءِ يُعْتَبَرُ أَمَدُ السُّكُوتِ الْمُسْقِطِ لِحَقِّهِمْ بَعْدَ حُصُولِ أَمْرَيْنِ. حُصُولِ عِلْمِهِمْ بِأَنَّ الْحَائِزَ يَحُوزُ مِلْكَهُمْ وَسُكُوتَهُمْ بَعْدَ الْعِلْمِ عَشْرَ سِنِينَ بِغَيْرِ عُذْرٍ.

وَمِنَ الأْعْذَارِ الْمَقْبُولَةِ الَّتِي يَبْقَى مَعَهَا الْمُدَّعِي عَلَى حَقِّهِ وَإِنْ طَالَ كَوْنُ الْمَحُوزِ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الثَّرَاءِ وَالْفَضْلِ، مِنْ شَأْنِهِ إِرْفَاقُ النَّاسِ وَالتَّوْسِعَةُ عَلَيْهِمْ، فَقَدْ سُئِلَ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى السَّرَّاجُ عَنْ أُنَاسٍ لَهُمْ أَمْلاَكٌ عَدِيدَةٌ فِي بِلاَدٍ شَتَّى وَبِكُلِّ مَوْطِنٍ، وَجَرَتْ عَادَتُهُمْ مَعَ النَّاسِ أَنَّهُمْ يَتَفَضَّلُونَ مَعَهُمْ فِي أَمْلاَكِهِمْ بِالْبِنَاءِ وَالْحَرْثِ وَالْغِرَاسَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْعِمَارَةِ، وَذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ لِكَثْرَةِ ذِمَّتِهِمْ وَغِنَاهُمْ وَعُلُوِّ هِمَّتِهِمْ وَمَحَاسِنِهِمْ مَعَ النَّاسِ، ثُمَّ إِنَّ بَعْضَ السَّاكِنِينَ أَنْكَرُوا الْفَضْلَ وَالإْحْسَانَ وَالْخَيْرَ، وَأَرَادُوا بِزَعْمِهِمْ أَنْ يَمْتَازُوا بِبَعْضِ الأْمْلاَكِ بِسَبَبِ الْعِمَارَةِ وَيَنْسُبُوهَا لأِنْفُسِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ، فَهَلْ تَجُوزُ الْعِمَارَةُ عَلَى أَصْحَابِ الأْمْلاَكِ أَمْ لاَ تَجُوزُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ إِلاَّ إِذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ بِانْتِقَالِ الأْمْلاَكِ بِبَيْعٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ صَدَقَةٍ؟ فَأَجَابَ أَنَّهَا لاَ تَجُوزُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ إِلاَّ إِذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ مَقْبُولَةٌ بِانْتِقَالِ الأَْمْلاَكِ، إِمَّا بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ، أَوْ صَدَقَةٍ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْعِمَارَةِ الْعَارِيَةِ عَنْ ذَلِكَ فَلَغْوٌ، وَلاَ عِبْرَةَ بِهَا وَلاَ مُعَوَّلَ عَلَيْهَا. وَدَقَّقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْحَائِكُ فَقَالَ: إِنَّ فَتْوَى السَّرَّاجِ هِيَ فِيمَا إِذَا كَانَتِ الأْرْضُ  الْمَذْكُورَةُ مَعْرُوفَةً لِلْقَائِمِ وَمَنْسُوبَةً إِلَيْهِ، وَأَمَّا إِذَا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ فَلاَ تُنْزَعُ مِنْ يَدِ حَائِزِهَا.

12 - خَامِسًا: أَنْ تَسْتَمِرَّ الْحِيَازَةُ عَشْرَ سِنِينَ فَأَكْثَرَ: إِذَا حَازَ الأْجْنَبِيُّ غَيْرُ الشَّرِيكِ عَقَارًا وَتَوَفَّرَتِ الشُّرُوطُ الْمَذْكُورَةُ قَبْلَ هَذَا فَإِنَّهُ لاَ يَنْتَفِعُ بِحِيَازَتِهِ إِلاَّ إِذَا طَالَ أَمَدُ الْحِيَازَةِ.

وَالطُّولُ الْمُعْتَبَرُ دَلِيلاً عَلَى الْمِلْكِيَّةِ قَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَحْدِيدِهِ هَلْ يُؤَقَّتُ بِزَمَنٍ، أَوْ مَرْجِعُ ذَلِكَ إِلَى اقْتِنَاعِ الْحَاكِمِ.

فَفِي الْمُدَوَّنَةِ: مَا سَمِعْتُ مَالِكًا يُحَدِّدُ فِيهِ عَشْرَ سِنِينَ وَلاَ غَيْرَ ذَلِكَ، وَلَكِنْ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى أَنَّ هَذَا قَدْ حَازَهَا دُونَ الآْخَرِ فِيمَا يُكْرَى وَيُهْدَمُ وَيُبْنَى وَيُسْكَنُ.

وَذَهَبَ رَبِيعَةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ حَاضِرًا وَمَالُهُ فِي يَدِ غَيْرِهِ فَمَضَتْ لَهُ عَشْرُ سِنِينَ وَهُوَ عَلَى ذَلِكَ، كَانَ الْمَالُ لِلَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ بِحِيَازَتِهِ إِيَّاهُ عَشْرَ سِنِينَ، إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَ الآْخَرُ بِبَيِّنَةٍ عَلَى أَنَّهُ أَكْرَى، أَوْ أَسْكَنَ، أَوْ أَعَارَ عَارِيَّةً، أَوْ صَنَعَ شَيْئًا مِنْ هَذَا، وَإِلاَّ فَلاَ شَيْءَ لَهُ.

وَعُمْدَةُ التَّقْدِيرِ بِعَشْرِ سِنِينَ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ عُمَرَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ يَرْفَعُهُ إِلَى الرَّسُولِ صلي الله عليه وسلم  أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ حَازَ شَيْئًا عَشْرَ سِنِينَ فَهُوَ لَهُ». قَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُطَّلِبِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم  بِمِثْلِهِ.

وَرَوَاهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ مَرْفُوعًا: «مَنِ احْتَازَ شَيْئًا عَشْرَ سِنِينَ فَهُوَ لَهُ». كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي بَابِ الأْقْضِيَةِ.

قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَبِالْعَشْرِ سِنِينَ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ.

وَلاِبْنِ الْقَاسِمِ كَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ السَّبْعَ وَالثَّمَانَ وَمَا قَارَبَ الْعَشْرَ مِثْلُ الْعَشَرَةِ.

وَيَقُولُ ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِهِ لِكَلاَمِ الْمُسْتَخْرَجَةِ الْعَشْرَ سِنِينَ وَمَا قَارَبَهَا يُرِيدُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَالشَّهْرَيْنِ وَالثَّلاَثَةَ وَمَا قَارَبَ مِنْهَا ثُلُثَ الْعَامِ وَأَقَلَّ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ مَا قَرُبَ مِنَ الْعَشَرَةِ الأْعْوَامِ بِالْعَامِ وَالْعَامَيْنِ حِيَازَةٌ.

قَالَ الْحَطَّابُ: فَتَحَصَّلَ فِي مُدَّةِ الْحِيَازَةِ ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ:

الأْوَّلُ: قَوْلُ مَالِكٍ إِنَّهَا لاَ تُحَدُّ بِسِنِينَ مُقَدَّرَةٍ بَلْ بِاجْتِهَادِ الإْمَامِ.

الثَّانِي: أَنَّ الْمُدَّةَ عَشْرُ سِنِينَ وَهُوَ الْقَوْلُ الْمُعْتَمَدُ بِنَاءً عَلَى الْحَدِيثِ وَوَجَّهَهُ أَيْضًا ابْنُ سَحْنُونٍ بِأَنَّ اللَّهَ لَمَّا أَمَرَ نَبِيَّهُ بِالْقِتَالِ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ كَانَ أَبْلَغَ فِي الإْعْذَارِ.

الثَّالِثُ: أَنَّ مُدَّةَ الْحِيَازَةِ سَبْعُ سِنِينَ فَأَكْثَرُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ الثَّانِي.

وَإِذَا كَانَتِ الْحِيَازَةُ فِي إِرْفَاقٍ فَفِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ الْمَنْسُوبَةِ لِوَلَدِ ابْنِ فَرْحُونَ (مَسْأَلَةٌ) فِي قَنَاةٍ تَجْرِي مُنْذُ أَرْبَعِ سِنِينَ فِي أَرْضِ رَجُلٍ، وَالَّذِي تَجْرِي عَلَيْهِ سَاكِتٌ لاَ تَكُونُ السَّنَةُ حِيَازَةً لِلتَّغَافُلِ عَنْ مِثْلِهَا وَسُكُوتُ أَرْبَعِ سِنِينَ طُولٌ.

أَمَّا إِذَا كَانَتِ الْحِيَازَةُ فِي مَنْقُولٍ فَقَالَ أَصْبَغُ: إِنَّ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ فِي الثِّيَابِ حِيَازَةٌ إِذَا كَانَتْ تُلْبَسُ وَتُمْتَهَنُ، وَإِنَّ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلاَثَ حِيَازَةٌ فِي الدَّوَابِّ إِذَا كَانَتْ تُرْكَبُ، وَفِي الإْمَاءِ إِذَا كُنَّ يُسْتَخْدَمْنَ، وَفِي الْعَبِيدِ وَالْعُرُوضِ فَوْقَ ذَلِكَ وَلاَ تَبْلُغُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بَيْنَ الأْجْنَبِيِّينَ إِلَى عَشَرَةِ أَعْوَامٍ كَمَا يَصْنَعُ فِي الأْصُولِ (الْعَقَارِ).

وَجَاءَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لاَ فَرْقَ فِي الأْجَلِ بَيْنَ الثِّيَابِ وَالْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ، وَبَيْنَ الدُّورِ، وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الدَّوَابَّ وَالثِّيَابَ وَالْعُرُوضَ كُلَّهَا وَالْحَيَوَانَ كُلَّهُ، هَلْ كَانَ مَالِكٌ يَرَى أَنَّهَا إِذَا حَازَهَا رَجُلٌ بِمَحْضَرٍ مِنْ رَجُلٍ فَادَّعَاهَا الَّذِي حِيزَتْ عَلَيْهِ أَنَّهُ لاَ حَقَّ لَهُ فِيهَا، لأِنَّ هَذَا قَدْ حَازَهَا دُونَهُ، وَهَلْ كَانَ يَقُولُ فِي هَذِهِ الأْشْيَاءِ مِثْلَ مَا يَقُولُهُ فِي الدُّورِ وَالْحِيَازَةِ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا إِلاَّ أَنَّ ذَلِكَ عِنْدِي مِثْلُ مَا قَالَ مَالِكٌ فِي الدُّورِ إِذَا كَانَتِ الثِّيَابُ تُلْبَسُ وَتُمْتَهَنُ، وَالدَّوَابُّ تُكْرَى وَتُرْكَبُ.

وَيَجِبُ حَمْلُ نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّ التَّحْدِيدَ لَيْسَ قَارًّا، وَإِنَّمَا هُوَ لاِجْتِهَادِ الْحَاكِمِ يَنْظُرُ فِي الظُّرُوفِ الْمُحِيطَةِ بِالْقَضِيَّةِ وَيُعْطِي لِكُلِّ حَالَةٍ مَا يُنَاسِبُهَا حَسَبَ اخْتِلاَفِ الأْعْرَافِ وَالأْشْخَاصِ.

13 - وَتُضَافُ مُدَّةُ حِيَازَةِ الْوَارِثِ إِلَى مُدَّةِ حِيَازَةِ الْمُوَرِّثِ، فَإِذَا حَازَ الْمُوَرِّثُ الشَّيْءَ خَمْسَ سِنِينَ وَحَازَهُ الْوَارِثُ خَمْسَ سِنِينَ ضُمَّتْ مُدَّةُ هَذَا إِلَى مُدَّةِ ذَاكَ وَسَقَطَ حَقُّ الْقَائِمِ فِي الدَّعْوَى.

14 - سَابِعًا: أَلاَّ يَكُونَ الْمَحُوزُ وَقْفًا: إِذَا كَانَ الْمَحُوزُ حَبْسًا فَإِنَّهُ لاَ تَسْقُطُ الدَّعْوَى وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ، فَفِي نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ: سُئِلَ عَنْ جَمَاعَةٍ وَاضِعِينَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى أَمْلاَكِهِمْ وَمُوَرِّثِهِمْ وَمُوَرِّثِ مُوَرِّثِهِمْ نَحْوًا مِنْ سَبْعِينَ عَامًا يَتَصَرَّفُونَ فِيهِ بِالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَالتَّعْوِيضِ وَالْقِسْمَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ وُجُوهِ التَّفْوِيتِ، فَادَّعَى عَلَيْهِمْ بِوَقْفِيَّتِهَا شَخْصٌ حَاضِرٌ عَالِمٌ بِالتَّفْوِيتِ الْمَذْكُورِ وَالتَّصَرُّفِ هُوَ وَمُوَرِّثُهُ مِنْ قَبْلِهِ. فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ: لاَ يَجِبُ الْقَضَاءُ بِالْحَبْسِ إِلاَّ بَعْدَ أَنْ يَثْبُتَ التَّحْبِيسُ وَمِلْكُ الْمُحَبِّسِ لِمَا حَبَسَهُ يَوْمَ التَّحْبِيسِ وَبَعْدَ أَنْ تَتَعَيَّنَ الأْمْلاَكُ الْمُحَبَّسَةُ بِالْحِيَازَةِ لَهَا عَلَى مَا تَصِحُّ فِيهِ الْحِيَازَةُ، فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى وَجْهِهِ وَأَعْذَرَ إِلَى الْمَقُومِ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ مِنْ تَرْكِ الْقَائِمِ وَأَبِيهِ قَبْلَهُ عَلَيْهِمْ وَطُولِ سُكُوتِهِمَا عَنْ طَلَبِ حَقِّهِمَا مَعَ عِلْمِهِمَا بِتَفْوِيتِ الأْمْلاَكِ فَالْقَضَاءُ بِالْحَبْسِ وَاجِبٌ، وَالْحُكْمُ بِهِ لاَزِمٌ.

وَمِنْ بَابِ أَوْلَى الْحَبْسُ الْعَامُّ بِمَا يَشْمَلُهُ مِنْ مَسْجِدٍ وَطَرِيقٍ وَمَصَالِحَ عَامَّةٍ.

قَالَ الزَّرْقَانِيُّ: وَمِنْ شُرُوطِهَا - أَيِ الْحِيَازَةِ - أَنْ يَدَّعِيَ الْحَائِزُ مِلْكَ الشَّيْءِ الْمَحُوزِ، أَيْ وَلَوْ مَرَّةً، وَأَمَّا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حُجَّةٌ إِلاَّ مُجَرَّدَ الْحَوْزِ فَلاَ يَنْفَعُهُ.

وَلاَ يَنْفَعُ الْحَائِزَ الْمُدَّعِيَ الْمِلْكِيَّةُ بِحِيَازَتِهِ إِلاَّ مَعَ جَهْلِ الْمُدْخَلِ فِي هَذَا الأْصْلِ الْمَحُوزِ، وَلَمْ يَتَحَقَّقْ هَلْ بِعَارِيَّةٍ مَثَلاً أَوْ لاَ؟ أَعْنِي هَلْ دَخَلَ بِوَجْهٍ لاَ يَقْتَضِي نَقْلَ الْمِلْكِ كَالْعَارِيَّةِ وَالإْسْكَانِ وَنَحْوِهِمَا أَمْ لاَ. لأِنَّهُ  لَوْ تَحَقَّقَ أَنَّ دُخُولَهُ كَانَ بِشَيْءٍ مِنْهَا مَا نَفَعَتْهُ حِيَازَتُهُ وَلَوْ طَالَتْ.

مَا تُوجِبُهُ الْحِيَازَةُ:

15 - يَقُولُ ابْنُ الْحَاجِبِ: إِنَّ الدَّعْوَى تَنْقَسِمُ إِلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ:

أ - الدَّعْوَى الْمُشَبَّهَةُ: وَهِيَ الدَّعْوَى الَّتِي تُوجِبُ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِهَا مِنْ غَيْرِ إِثْبَاتِ خُلْطَةٍ، وَهِيَ الدَّعْوَى اللاَّئِقَةُ بِالْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَذَلِكَ كَالدَّعَاوَى عَلَى الصُّنَّاعِ الْمُنْتَصِبِينَ لِلصِّنَاعَةِ وَالتِّجَارَةِ فِي الأْسْوَاقِ وَالْمُسَافِرِ عَلَى رُفْقَتِهِ.

ب - الدَّعْوَى الْبَعِيدَةُ: وَهِيَ الَّتِي لاَ تُشْبِهُ فَلاَ تُسْمَعُ وَلاَ يُلْتَفَتُ إِلَيْهَا، كَدَعْوَى دَارٍ بِيَدِ حَائِزٍ يَتَصَرَّفُ فِيهَا بِالْهَدْمِ، وَالْبُنْيَانِ، وَالْعِمَارَةِ مُدَّةً طَوِيلَةً، وَالْمُدَّعِي شَاهِدٌ سَاكِتٌ وَلاَ مَانِعَ مِنْ خَوْفٍ وَلاَ قَرَابَةٍ وَلاَ صِهْرٍ وَشُبْهَةٍ.

ج - الدَّعْوَى الْمُتَوَسِّطَةُ بَيْنَ الْمُشْبِهَةِ وَالْبَعِيدَةِ، فَتُسْمَعُ مِنْ مُدَّعِيهَا، وَيُمَكَّنُ مِنْ إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مَا فِيهِ مَعَرَّةٌ.

وَأَمَّا الدَّعْوَى بِمَا فِيهِ مَعَرَّةٌ عَلَى غَيْرِ لاَئِقٍ بِهِ فَلاَ يَمِينَ فِيهَا.

فَابْنُ الْحَاجِبِ كَمَا يَدُلُّ النَّصُّ أَعْلاَهُ يَعْتَبِرُ الْحِيَازَةَ بِشُرُوطِهَا، كَالشَّهَادَةِ الْقَاطِعَةِ الَّتِي تُثْبِتُ الْحَقَّ لِصَاحِبِهَا بِدُونِ يَمِينٍ، وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ فَدَعْوَى الْقَائِمِ (الْمُدَّعِي) بَاطِلَةٌ مِنْ أَصْلِهَا، وَطُولُ الْمُدَّةِ كَافٍ فِي إِثْبَاتِ الْحَائِزِ لِشَهَادَةِ الْعُرْفِ، وَابْنُ الْحَاجِبِ يَعْتَبِرُ الْعُرْفَ كَشَاهِدَيْنِ.

16 - وَذَهَبَ ابْنُ رُشْدٍ إِلَى التَّفْصِيلِ، فَقَالَ: إِنَّ الدَّعْوَى عَلَى الْحَائِزِ تَنْقَسِمُ إِلَى أَقْسَامٍ، وَلِكُلِّ قِسْمٍ حُكْمُهُ:

1 - أَنْ لاَ تَتَأَيَّدَ دَعْوَى الْمُدَّعِي عَلَى الْحَائِزِ بِبَيِّنَةٍ وَلاَ إِقْرَارٍ مِنَ الْحَائِزِ، وَلَمْ تَتَضَمَّنِ الدَّعْوَى الْوَجْهَ الَّذِي يَتَصَرَّفُ بِهِ الْحَائِزُ، وَكَانَتْ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ فَهَذِهِ الدَّعْوَى مِنْ أَصْلِهَا لاَ تُوجِبُ سُؤَالَ الْحَائِزِ وَلاَ تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ لِرَدِّ دَعْوَى الْمُدَّعِي.

2 - مِثْلُ الصُّورَةِ الأْولَى إِلاَّ أَنَّ الْقَائِمَ يَدَّعِي أَنَّ الْحَائِزَ إِنَّمَا كَانَ يَتَصَرَّفُ فِي الْحَوْزِ كِرَاءً، أَوْ إِسْكَانًا، أَوْ إِعَارَةً، فَتَجِبُ يَمِينُ الْحَائِزِ لِرَدِّ دَعْوَى الْمُدَّعِي.

3 - أَنْ يَقُومَ الْقَائِمُ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ وَلَمْ يُؤَيِّدْ دَعْوَاهُ فَتَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الْحَائِزِ.

4 - أَنْ تَتَأَيَّدَ دَعْوَى الْمُدَّعِي بِبَيِّنَةٍ، أَوْ بِإِقْرَارِ الْحَائِزِ بَعْدَ أَمَدِ الْحِيَازَةِ، وَهُنَا يُسْأَلُ الْحَائِزُ عَنِ الْوَجْهِ الَّذِي صَارَ بِهِ إِلَيْهِ الْمَحُوزُ، فَإِنْ بَيَّنَ وَجْهًا قُبِلَ مَعَ يَمِينِهِ، وَتَسْقُطُ دَعْوَى الْمُدَّعِي سَوَاءٌ أَذَكَرَ أَنَّهُ صَارَ إِلَيْهِ بِشِرَاءٍ مِنَ الْقَائِمِ، أَوْ مِنْ مُوَرِّثِهِ، أَوْ بِهِبَةٍ، أَوْ بِصَدَقَةٍ مِنْهُ، وَنَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ بِالتَّفْرِقَةِ بَيْنَ ادِّعَاءِ الشِّرَاءِ وَادِّعَاءِ التَّبَرُّعِ فَقَدْ سُئِلَ عَنِ الَّذِي يَكُونُ بِيَدِهِ الْمَسْكَنُ أَوِ الأْرْضُ  فَيُقِيمُ رَجُلٌ عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّهُ مَسْكَنُهُ أَوْ أَرْضُهُ، أَوْ يُقِرُّ لَهُ بِذَلِكَ الَّذِي هُوَ بِيَدِهِ، وَيَدَّعِي الَّذِي هُوَ بِيَدِهِ أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْهُ، أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ، أَوْ وَهَبَهُ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَلاَ يَأْتِي بِبَيِّنَةٍ عَلَى شَيْءٍ مِنْ دَعْوَاهُ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الْقَوْلُ قَوْلُ الَّذِي هُوَ بِيَدِهِ، إِذَا كَانَ قَدْ حَازَهُ الزَّمَانُ الَّذِي يُعْلَمُ فِي مِثْلِهِ أَنْ قَدْ هَلَكَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْبَيْعِ مَعَ يَمِينِهِ، وَأَمَّا الصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ وَالنُّزُولُ (أَيِ الإْسْكَانُ) فَإِنِّي أَرَى أَنْ يَحْلِفَ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ بِاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ مَا وَهَبَ وَلاَ تَصَدَّقَ وَلاَ أَنْزَلَ وَلاَ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ إِلاَّ عَلَى وَجْهِ الْتِمَاسِ الرِّفْقِ بِهِ. فَيُرَدُّ إِلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يَدْفَعَ قِيمَةَ مَا أَحْدَثَ عَلَيْهِ نَقْضًا إِنْ أَحَبَّ، وَإِنْ أَبَى أَسْلَمَ إِلَيْهِ نَقْضَهُ مَقْلُوعًا، وَوَجْهُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالتَّبَرُّعِ أَنَّ الأْصْلَ فِي نَقْلِ الأْمْلاَكِ هُوَ الْبَيْعُ، وَأَمَّا التَّبَرُّعُ فَنَادِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَيْعِ فَضَعُفَتْ دَعْوَى مُدَّعِيهِ.

وَإِذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنَ الْحَائِزِ وَصَادَقَهُ الْحَائِزُ عَلَى ذَلِكَ إِلاَّ أَنَّهُ ادَّعَى الإْقَالَةَ بَعْدَ الْبَيْعِ فَيُصَدَّقُ الْحَائِزُ بِيَمِينِهِ، قَالَ ابْنُ عَاصِمٍ: وَإِذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنَ الْحَائِزِ وَصَادَقَهُ الْحَائِزُ عَلَى ذَلِكَ إِلاَّ أَنَّهُ ادَّعَى الإْقَالَةَ بَعْدَ الْبَيْعِ فَيُصَدَّقُ الْحَائِزُ بِيَمِينِهِ، قَالَ ابْنُ عَاصِمٍ:

وَإِنْ يَكُنْ مُدَّعِيًا إِقَالَةً 

                       فَمَعَ يَمِينِهِ لَهُ الْمَقَالَةُ 

الْحِيَازَةُ بَيْنَ الأْجَانِبِ الشُّرَكَاءِ:

17 - حُكْمُ هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ كَحُكْمِ الْمَرْتَبَةِ السَّابِقَةِ فِي كُلِّ التَّفْصِيلاَتِ، إِلاَّ أَنَّ الْحِيَازَةَ لاَ تَكُونُ مُؤَثِّرَةً إِلاَّ إِذَا كَانَتْ مِنَ النَّوْعِ الثَّانِي، أَعْنِي الْغَرْسَ وَالْقَلْعَ فِي الأْشْجَارِ، وَالْبِنَاءَ وَالْهَدْمَ فِي الدُّورِ، وَكِرَاءَ الْحَيَوَانِ وَأَخْذَ أُجْرَةِ ذَلِكَ، أَمَّا لَوْ ضَعُفَتِ الْحِيَازَةُ فَكَانَتْ بِالسُّكْنَى أَوِ الزِّرَاعَةِ أَوِ الاِسْتِخْدَامِ، فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَبْقَى عَلَى حَقِّهِ وَلَوْ مَضَتِ الْمُدَّةُ.

وَرُوِيَ عَنْ مُطَرِّفٍ أَنَّ الشُّرَكَاءَ الأَْجَانِبَ بِمَنْزِلَةِ غَيْرِ الشُّرَكَاءِ، وَوَهَّنَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا الْقَوْلَ لأِنَّ إِلْغَاءَ تَأْثِيرِ عَلاَقَةِ الشَّرِكَةِ فِي التَّسَامُحِ بَعِيدٌ، ثُمَّ رَجَّحَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الأْشْرَاكِ الأْجْنَبِيِّينَ حُكْمَ الْقَرَابَةِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمِيرَاثِ الَّذِينَ لَيْسُوا بِأَشْرَاكٍ وَهَذَا الاِخْتِيَارُ يُبَيِّنُهُ الْبَنْدُ التَّالِي.

الْحِيَازَةُ بَيْنَ الأْقَارِبِ غَيْرِ الشُّرَكَاءِ، وَالأْقَارِبِ الشُّرَكَاءِ:

18 - الْحِيَازَةُ بَيْنَ الأْقَارِبِ غَيْرِ الشُّرَكَاءِ، وَالأْقَارِبِ الشُّرَكَاءِ، حَصَّلَ ابْنُ رُشْدٍ فِي هَاتَيْنِ الْمَرْتَبَتَيْنِ ثَلاَثَةَ أَقْوَالٍ:

الأْوَّلُ: أَنَّ الْحِيَازَةَ بَيْنَهُمْ إِذَا كَانَتْ بِالْهَدْمِ وَالْبُنْيَانِ وَاسْتَمَرَّتْ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ، فَهِيَ قَاطِعَةٌ لِحُجَّةِ الْقَائِمِ.

الثَّانِي: أَنَّهَا لاَ تَكُونُ حِيَازَةً بَيْنَهُمْ إِلاَّ فِيمَا جَاوَزَ الأْرْبَعِينَ سَنَةً.

الثَّالِثُ: التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الأْقَارِبِ الشُّرَكَاءِ وَغَيْرِ الشُّرَكَاءِ، فَغَيْرُ الشُّرَكَاءِ تَكْفِي مُدَّةُ السَّنَوَاتِ الْعَشْرِ مَعَ الْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ، وَالشُّرَكَاءُ لاَ بُدَّ مِنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً.

وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ هَذِهِ الأْقْوَالِ هُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي. يَقُولُ الزَّرْقَانِيُّ فِي تَحْلِيلِ قَوْلِ خَلِيلٍ: وَفِي الشَّرِيكِ الْقَرِيبِ مَعَ الْهَدْمِ وَالْبُنْيَانِ وَمَا يَقُومُ مَقَامَ كُلٍّ قَوْلاَنِ، أَحَدُهُمَا: عَشْرُ سِنِينَ، وَالثَّانِي: زِيَادَةٌ عَلَى أَرْبَعِينَ عَامًا مَعَهُمَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

وَذَلِكَ إِذَا لَمْ تَكُنْ عَدَاوَةٌ بَيْنَ الأْقَارِبِ شُرَكَاءَ كَانُوا أَوْ لاَ، أَمَّا إِذَا حَصَلَتْ بَيْنَهُمْ عَدَاوَةٌ فَحُكْمُهُمْ حُكْمُ الأْجَانِبِ السَّابِقُ. يَقُولُ ابْنُ عَاصِمٍ. وَذَلِكَ إِذَا لَمْ تَكُنْ عَدَاوَةٌ بَيْنَ الأْقَارِبِ شُرَكَاءَ كَانُوا أَوْ لاَ، أَمَّا إِذَا حَصَلَتْ بَيْنَهُمْ عَدَاوَةٌ فَحُكْمُهُمْ حُكْمُ الأْجَانِبِ السَّابِقُ. يَقُولُ ابْنُ عَاصِمٍ.

وَالأْقْرَبُونَ حَوْزُهُمْ مُخْتَلِفٌ

              بِحَسَبِ اعْتِمَارِهِمْ يَخْتَلِفُ

فَإِنْ يَكُنْ بِمِثْلِ سُكْنَى الدَّارِ

             وَالزَّرْعِ لِلأْرْضِ وَالاِعْتِمَارِ

فَهُوَ بِمَا يَجُوزُ الأْرْبَعِينَ

             وَذُو تَشَاجُرٍ كَالأْبْعَدِينَ

وَمِثْلُهُ مِمَّا إِذَا كَانَ عُرْفُ الْبَلَدِ عَدَمَ التَّسَامُحِ. ذَكَرَهُ ابْنُ سَلَمُونَ فِي وَثَائِقِهِ.

الْحِيَازَةُ بَيْنَ الأْبِ وَابْنِهِ:

19 - بِمَا أَنَّ التَّسَامُحَ بَيْنَ الأْبِ وَابْنِهِ مِمَّا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ فِي الأْقْطَارِ الْمُخْتَلِفَةِ، فَإِنَّ حِيَازَةَ أَحَدِهِمَا عَلَى الآْخَرِ إِنْ كَانَتْ مِنَ النَّوْعِ الأْوَّلِ فَهِيَ غَيْرُ مُؤَثِّرَةٍ، وَلِلْقَائِمِ مِنْهُمَا الْحَقُّ فِي الْمُطَالَبَةِ بِدُونِ تَحْدِيدِ أَمَدٍ، وَإِنْ كَانَتْ مِنَ النَّوْعِ الثَّانِي، أَعْنِي الْهَدْمَ، أَوِ الْبِنَاءَ، أَوِ الْغَرْسَ، أَوِ الإْيجَارَ، وَقَبَضَ الأْجْرَةَ فَلاَ تَكُونُ الْحِيَازَةُ مُؤَثِّرَةً إِلاَّ إِذَا طَالَ أَمَدُهَا طُولاً تَهْلِكُ فِيهِ الْبَيِّنَاتُ، وَيَنْقَطِعُ الْعِلْمُ بِحَقِيقَةِ مَا يَدَّعِيهِ كُلٌّ مِنْهُمَا. فَإِذَا بَلَغَتِ الْحِيَازَةُ مِثْلَ هَذَا الطُّولِ، انْقَطَعَتْ حُجَّةُ الْمُدَّعِي وَقُضِيَ لِلْحَائِزِ الْمُدَّعِي الْمِلْكِيَّةَ - وَلَمْ يُحَدِّدِ الزَّرْقَانِيُّ الْمُدَّةَ بِأَجَلٍ وَإِنَّمَا رَبَطَهَا بِسِنِّ الشُّهُودِ - وَنُقِلَ عَنْ مُخْتَصَرِ الْمُتَيْطِيِّ، أَنَّهُ ذَكَرَ فِي مَحَلٍّ عِشْرِينَ سَنَةً، وَفِي مَحَلٍّ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ اسْتُشْكِلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الأْقَارِبَ بِغَيْرِ عَلاَقَةِ الْبُنُوَّةِ وَالأْبُوَّةِ تَكُونُ الْحِيَازَةُ بَيْنَهُمْ بِمَا يُجَاوِزُ الأْرْبَعِينَ، فَكَيْفَ تَكُونُ بَيْنَ الأْبِ وَابْنِهِ دُونَ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ بِعِشْرِيْنَ سَنَةً، أَوْ كَيْفَ تَكُونُ مُسَاوِيَةً عَلَى الْقَوْلِ بِأَرْبَعِينَ.

وَحَدَّدَ الدَّرْدِيرُ فِي شَرْحِهِ عَلَى خَلِيلٍ أَقَلَّ الْمُدَّةِ بِسِتِّينَ سَنَةً بَيْنَ الاِبْنِ وَأَبِيهِ.

الْحِيَازَةُ بَيْنَ الأْخْتَانِ وَالأْصْهَارِ وَالْمَوَالِي:

20 - وَيَشْمَلُ الْمَوْلَى الأْعْلَى وَالأْسْفَلَ إِذَا لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمْ قَرَابَةٌ، وَاخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ كُلُّهَا لاِبْنِ الْقَاسِمِ: الأْوَّلُ: أَنَّهُمْ كَالأْقَارِبِ فَلاَ تَحْصُلُ الْحِيَازَةُ بَيْنَهُمْ إِلاَّ مَعَ الطُّولِ جِدًّا، بِأَنْ تَزِيدَ مُدَّتُهَا عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً سَوَاءٌ كَانَ التَّصَرُّفُ بِالْهَدْمِ وَالْبُنْيَانِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا، أَوْ كَانَ بِالاِسْتِغْلاَلِ بِالْكِرَاءِ، أَوِ الاِنْتِفَاعِ بِنَفْسِهِ بِسُكْنَى أَوِ ازْدِرَاعٍ. وَقِيلَ إِنَّهُمْ كَالأْجَانِبِ غَيْرِ الشُّرَكَاءِ فَيَكْفِي فِي الْحِيَازَةِ عَشْرُ سِنِينَ مَعَ التَّصَرُّفِ مُطْلَقًا، أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِالْهَدْمِ، أَوِ الْبِنَاءِ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَ كُلٍّ مِنْهُمَا، أَوِ بِالإْجَارَةِ  أَوْ بِالاِسْتِغْلاَلِ بِنَفْسِهِ بِسُكْنَى أَوِ ازْدِرَاعٍ، وَقِيلَ كَالأْجَانِبِ الشُّرَكَاءِ، فَيَكْفِي فِي الْحِيَازَةِ عَشْرُ سِنِينَ مَعَ التَّصَرُّفِ بِالْهَدْمِ، أَوِ الْبِنَاءِ، وَمَا يَقُومُ مَقَامَ كُلٍّ، لاَ بِاسْتِغْلاَلٍ أَوْ سُكْنَى أَوِ ازْدِرَاعٍ.

وَأَمَّا إِذَا كَانَ بَيْنَ الأْصْهَارِ قَرَابَةٌ يَجْرِي فِيهِمْ مَا يَجْرِي فِي الأْقَارِبِ.

الْحِيَازَةُ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ فِي الْمَرَاتِبِ الْخَمْسَةِ.

21 - سَبَقَ أَنَّ الْحِيَازَةَ بَيْنَ الأْجَانِبِ فِي الْمَنْقُولاَتِ أَقَلُّ مُدَّةٍ مِنَ الرِّبَاعِ وَالْعَقَارَاتِ، وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَإِنَّ حِيَازَةَ الْمَنْقُولاَتِ لاَ تَخْتَلِفُ عَنْ حِيَازَةِ الْعَقَارَاتِ، يَقُولُ خَلِيلٌ: وَإِنَّمَا تَفْتَرِقُ الدَّارُ مِنْ غَيْرِهَا فِي حِيَازَةِ الأْجْنَبِيِّ، وَمَفْهُومُ هَذَا أَنَّ الْحِيَازَةَ بَيْنَ الأْقَارِبِ لاَ تَفْتَرِقُ فِيهَا حِيَازَةُ الْعَقَارِ عَنْ حِيَازَةِ الْمَنْقُولِ فَلاَ بُدَّ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَى أَرْبَعِينَ عَامًا، وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْمَنْقُولَ كَالْعُرُوضِ الَّتِي تَطُولُ مُدَّتُهَا كَالنُّحَاسِ وَالْبُسُطِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُسْتَعْمَلُ، فَيَكْفِي فِيهَا الْعَشْرُ سِنِينَ بِخِلاَفِ مَا لاَ تَطُولُ مُدَّتُهَا كَالثِّيَابِ تُلْبَسُ فَيَنْبَغِي أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ بِالاِجْتِهَادِ.

وَيُوَضِّحُ الزَّرْقَانِيُّ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: لاَ كَثِيَابٍ مَعَ لُبْسٍ فَيَنْبَغِي حِيَازَتُهُ دُونَ تِلْكَ الْمُدَّةِ لِعَدَمِ بَقَائِهِ فِيهَا فَيَبْعُدُ تَحْدِيدُهُ بِذَلِكَ.

التَّصَرُّفُ مِنَ النَّوْعِ الثَّالِثِ:

22 - سَبَقَ أَنَّ التَّصَرُّفَ بِسَبَبِ الْحِيَازَةِ أَنْوَاعٌ: وَأَنَّ أَقْوَى الأْنْوَاعِ  هُوَ التَّصَرُّفُ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالنُّحْلِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الْمُفَوِّتَةِ عَنِ الْمَالِكِ حُقُوقَ الْمِلْكِيَّةِ، وَهَذَا التَّفْوِيتُ مِنَ الْحَائِزِ لاَ يَخْلُو وَضْعُهُ، إِمَّا أَنْ يَفُوتَ الْكُلُّ، أَوِ الْبَعْضُ، فَإِنْ فَوَّتَ الْكُلَّ فَلَهُ أَحْوَالٌ.

أ - الْحَالَةُ الأْولَى: أَنْ يَفُوتُ الْحَائِزُ بِالْبَيْعِ بِحُضُورِ الْمَحُوزِ عَنْهُ فَيَعْتَرِضَ عَلَى الْبَيْعِ فَلاَ يَنْفُذَ الْبَيْعُ.

ب - الثَّانِيَةُ: أَنْ يَسْكُتَ وَقْتَ مَجْلِسِ الْبَيْعِ بِدُونِ عُذْرٍ ثُمَّ يَقُومَ عَقِبَ الْمَجْلِسِ مُطَالِبًا بِحَقِّهِ فَيَنْفُذُ الْبَيْعُ وَيَسْتَحِقُّ الثَّمَنَ، وَإِنْ سَكَتَ حَتَّى مَضَى الْعَامُ وَنَحْوُهُ نَفَذَ الْبَيْعُ وَاسْتَحَقَّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ مَعَ يَمِينِهِ فِي بَيَانِ الْوَجْهِ الَّذِي انْفَرَدَ بِهِ مِنْ شِرَاءٍ أَوْ مُقَاسَمَةٍ.

ج - الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ لاَ يَكُونَ حَاضِرًا مَجْلِسَ الْبَيْعِ فَيَعْلَمَ بِهِ بَعْدَ وُقُوعِهِ وَيَقُومَ بِمُجَرَّدِ مَا يَبْلُغُهُ الْخَبَرُ فَهُوَ عَلَى حَقِّهِ، إِنْ شَاءَ أَنْفَذَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ الثَّمَنَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْبَيْعَ.

د - الْحَالَةُ الرَّابِعَةُ: أَنْ لاَ يَكُونَ حَاضِرًا مَجْلِسَ الْعَقْدِ فَيَعْلَمَ بِهِ بَعْدَ وُقُوعِهِ وَلاَ يَقُومَ إِلاَّ بَعْدَ الْعَامِ وَنَحْوِهِ، فَالْبَيْعُ نَافِذٌ وَلَيْسَ لَهُ إِلاَّ الثَّمَنُ.

هـ - الْحَالَةُ الْخَامِسَةُ: أَنْ لاَ يَكُونَ حَاضِرًا وَيَبْلُغُهُ الْخَبَرُ وَيَسْكُتُ حَتَّى تَمْضِيَ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ فَلاَ يَسْتَحِقُّ شَيْئًا.

و - الْحَالَةُ السَّادِسَةُ: أَنْ يَقَعَ التَّفْوِيتُ بِالْهِبَةِ أَوِ الصَّدَقَةِ، وَقَدْ كَانَ حَاضِرًا مَجْلِسَ التَّفْوِيتِ وَاعْتَرَضَ فَهُوَ عَلَى حَقِّهِ.

ز - الْحَالَةُ السَّابِعَةُ: مِثْلُ سَابِقَتِهَا إِلاَّ أَنَّهُ سَكَتَ فِي مَجْلِسِ التَّفْوِيتِ، ثُمَّ أَبْدَى اعْتِرَاضَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ.

ح - الْحَالَةُ الثَّامِنَةُ: أَنْ يَكُونَ غَائِبًا عَنْ مَجْلِسِ التَّفْوِيتِ فَيَقُومُ بِمُجَرَّدِ مَا يَبْلُغُهُ الْخَبَرُ فَهُوَ عَلَى حَقِّهِ.

ط - الْحَالَةُ التَّاسِعَةُ: أَنْ يَقُومَ بَعْدَ الْعَامِ وَنَحْوِهِ فَالْقَوْلُ لِلْحَائِزِ.

تَفْوِيتُ الْبَعْضِ وَلَهُ أَحْوَالٌ:

وَكَذَلِكَ إِذَا فَوَّتَ الْبَعْضَ لَهُ أَحْوَالٌ:

الْحَالَةُ الأْولَى: إِذَا فَوَّتَ الأْكْثَرَ، فَمَا فَاتَ حُكْمُهُ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ وَالْقَلِيلُ قَد اخْتُلِفَ فِيهِ، فَرَوَى يَحْيَى عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الأْقَلَّ يَتْبَعُ الأْكْثَرَ يَسْتَحِقُّهُ الْحَائِزُ بِيَمِينِهِ، وَفُهِمَ مِنْ كَلاَمِ سَحْنُونٍ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ لاَ يَرَى أَنَّ الأْقَلَّ تَبَعٌ لِلأْكْثَرِ، فَيَكُونُ لِلْمَحُوزِ عَلَيْهِ حَقُّهُ بَعْدَ يَمِينِهِ.

الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: إِذَا فَوَّتَ الأْقَلَّ فَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ رِوَايَتَانِ أَنَّ الأْقَلَّ قَدْ تَمَّتْ حِيَازَتُهُ وَيَبْقَى الأْكْثَرُ عَلَى حَالِهِ يُطَبَّقُ فِيهِ مَقَايِيسُ الْحِيَازَةِ السَّابِقَةِ، وَرُوِيَ أَنَّ الأْقَلَّ يَكُونُ تَبَعًا لِلأْكْثَرِ فَلاَ يَرْتَفِعُ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ وَيَأْخُذُ الْمَحُوزُ عَلَيْهِ حَقَّهُ.

وَإِذَا فَوَّتَ النِّصْفَ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ، وَلاَ يَكُونُ بَعْضُ ذَلِكَ تَبَعًا لِلْبَعْضِ.

تَأَخُّرُ الْحِيَازَةِ عَنْ ثُبُوتِ حَقِّ الْمِلْكِيَّةِ:

23 - إِذَا مَلَكَ شَخْصٌ مَالاً بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَتَأَخَّرَ حَوْزُهُ لَهُ فَهَلْ يُعْتَبَرُ هَذَا الْحَوْزُ مُسْقِطًا لِحَقِّهِ؟ أَنَّهُ إِنْ أَعْلَمَ وَجْهَ التَّمَلُّكِ وَتَأَخَّرَ الْحَوْزُ، فَإِنَّ الْمُدَّةَ لاَ تُؤَثِّرُ عَلَى الْمِلْكِيَّةِ لِقَوْلِهِ صلي الله عليه وسلم : «لاَ يَبْطُلُ حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ وَإِنْ قَدُمَ» وَبِنَاءً عَلَى هَذَا فَإِذَا عَيَّنَ لاِمْرَأَةٍ صَدَاقَهَا حُقُولاً فَقَبَضَتِ الْبَعْضَ مِنْ يَدِ الزَّوْجِ أَوْ وَالِدِهِ، وَبَقِيَ قِسْمٌ لَمْ تَقْبِضْهُ إِلَى أَنْ مَاتَ الْمَالِكُ الأْصْلِيُّ وَالْيَدُ لِلزَّوْجِ فَإِنَّ طُولَ الْمُدَّةِ لاَ يُؤَثِّرُ فِي مُطَالَبَتِهَا بِحَقِّهَا وَتَسْتَحِقُّهُ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهَا فَوَّتَتْ صَدَاقَهَا بِمُفَوِّتٍ. وَكَذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِّ أَنَّ مَنْ قَامَ بِعَقْدِ شِرَاءٍ مِنَ الْمُقَّوَمِ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ أَبِيهِ قَبْلَهُ، وَتَارِيخُ الشِّرَاءِ أَكْثَرُ مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً، وَقَالَ لَمْ يَعْلَمْ بِشِرَاءِ أَبِيهِ وَلاَ جَدِّهِ إِلَى الآْنَ فَلْيَحْلِفْ عَلَى ذَلِكَ وَيَأْخُذُ الأْمْلاَكَ. ا هـ. عَلَّقَ عَلَيْهِ الرَّهُونِيُّ وَلاَ يَعْتَرِضُ هَذَا مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ رُسُومَ الأْشْرِيَةِ لاَ يُنْزَعُ بِهَا مِنْ يَدِ حَائِزٍ، لأِنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَقْدُ الشِّرَاءِ مِنَ الْمُقَوَّمِ عَلَيْهِ، لأِنَّ عِلَّةَ عَدَمِ الاِنْتِزَاعِ بِعُقُودِ الأْشْريَةِ أَنَّ الإْنْسَانَ قَدْ يَبِيعُ مَا لاَ يَمْلِكُ، وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْعِلَّةُ مُنْتَفِيَةً إِذَا كَانَ الْمُقَوَّمُ عَلَيْهِ هُوَ الْبَائِعَ، كَانَ رَسْمُ الشِّرَاءِ مُؤَيِّدًا لِلْقَائِمِ تَأْيِيدًا يُوجِبُ رَفْعَ يَدِ الْحَائِزِ، وَكَذَلِكَ إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِالْحَقِّ وَلَمْ يَحُزِ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ حَقَّهُ، فَإِنَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ لاَ يَنْتَفِعُ بِطُولِ الْحِيَازَةِ، وَالْقَائِمُ يَكُونُ عَلَى حَقِّهِ مَتَى قَامَ بِهِ. وَوَرَثَةُ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ بِمَنْزِلَتِهِ، وَذَلِكَ لأِنَّ الْحِيَازَةَ لاَ يَنْتَفِعُ بِهَا إِلاَّ مَعَ جَهْلِ أَصْلِ الدُّخُولِ فِيهَا، وَالطُّولُ الْمَذْكُورُ قِيلَ: عِشْرُونَ سَنَةً عَلَى مَا وَقَعَ فِي سَمَاعِ عِيسَى فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ، وَحَدَّهُ ابْنُ حَبِيبٍ خَمْسِينَ سَنَةً وَحَكَاهُ عَنْ مُطَرِّفٍ وَأَصْبَغَ وَدَقَّقَ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إِذَا ادَّعَى الْحَائِزُ بَعْدَ طُولِ الْمُدَّةِ أَنَّهُ صَارَ إِلَيْهِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِوَجْهٍ عَيَّنَهُ مِمَّا يَصِحُّ بِهِ انْتِقَالُ الأْمْلاَكِ، وَأَمَّا طُولُ بَقَائِهِ وَحْدَهُ بِيَدِهِ فَلاَ يُعْتَبَرُ نَاقِلاً لِلْمِلْكِ.

الْحِيَازَةُ كَسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِيَّةِ:

24 - تَكُونُ الْحِيَازَةُ مُفِيدَةً لِلْمِلْكِيَّةِ إِذَا كَانَ مَوْضُوعُهَا الْمَالَ الْمُبَاحَ الَّذِي لَيْسَ فِي مِلْكِ أَحَدٍ وَقْتَ وَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُوجَدْ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ يَمْنَعُ مِنْ تَمَلُّكِهِ وَيَشْمَلُ أَنْوَاعًا أَرْبَعَةً:

أ - إِحْيَاءُ الْمَوَاتِ (ر: إِحْيَاءُ الْمَوَاتِ، وَأَرْضٌ).

ب - الاِصْطِيَادُ (ر. صَيْدٌ).

ج - أَخْذُ الْكَلأَ وَنَحْوِهِ (ر: احْتِشَاشٌ، وَكَلأَ).

د - أَخْذُ مَا يُوجَدُ فِي بَاطِنِ الأْرْضِ (ر. مَعَادِنُ، رِكَازٌ).

هَذَا، وَهُنَاكَ مَسَائِلُ أُخْرَى تَتَعَلَّقُ بِالْحِيَازَةِ، كَضَرُورَتِهَا فِي عَقْدِ الْهِبَةِ، وَعَدَمِ تَمَامِ التَّبَرُّعِ بِدُونِهَا، وَأَثَرُهَا فِي عَقْدِ الرَّهْنِ وَتَعْيِينُ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَأَثَرُ شَهَادَةِ السَّمَاعِ عَلَى الْحِيَازَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْمَسَائِلِ الْفِقْهِيَّةِ، تُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَاتِ: (تَبَرُّعٌ، دَعْوَى، رَهْنٌ، شَهَادَةٌ، قَبْضٌ، هِبَةٌ).

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / الثالث والأربعون  ، الصفحة / 301

وَضْعُ الْيَدِ

التَّعْرِيفُ:

1 - مِنْ مَعَانِي الْوَضْعِ فِي اللُّغَةِ: التَّرْكُ، يُقَالُ: وَضَعْتُ الشَّيْءَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَضْعًا تَرَكْتُهُ هُنَاكَ.

وَيَأْتِي بِمَعْنَى الإْسْقَاطِ، يُقَالُ: وَضَعْتُ عَنْهُ دَيْنَهُ أَسْقَطْتُهُ .

وَالْيَدُ فِي اللُّغَةِ مِنَ الْمَنْكِبِ إِلَى أَطْرَافِ الأْصَابِعِ، وَالْجَمْعُ الأْيْدِ، وَالأْيَادِي جَمْعُ الْجَمْعِ.

وَالْيَدُ: النِّعْمَةُ وَالإْحْسَانُ، وَتُطْلَقُ الْيَدُ عَلَى الْقُدْرَةِ، وَيَدُهُ عَلَيْهِ: أَيْ سُلْطَانُهُ، وَالأْمْرُ  بِيَدِ فُلاَنٍ: أَيْ فِي تَصَرُّفِهِ .

وَقَالَ الرَّاغِبُ الأْصْفَهَانِيُّ: اسْتُعِيرَ الْيَدُ لِلْحَوْزِ وَالْمِلْكِ مَرَّةً، يُقَالُ: هَذَا فِي يَدِ فُلاَنٍ أَيْ فِي حَوْزِهِ وَمِلْكِهِ، وَلِلْقُوَّةِ مَرَّةً، يُقَالُ: لِفُلاَنٍ يَدٌ عَلَى كَذَا، وَمَالِي بِكَذَا يَدٌ .

وَوَضْعُ الْيَدِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ هُوَ: تَصَرُّفُ ذِي الْيَدِ فِي عَيْنٍ بِالْفِعْلِ، أَوْ ثُبُوتُ تَصَرُّفِهِ فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُلاَّكِ .

قَالَ عَلِي حَيْدَر: ذُو الْيَدِ هُوَ وَاضِعُ الْيَدِ عَلَى عَيْنٍ بِالْفِعْلِ، أَوِ الَّذِي يَثْبُتُ تَصَرُّفُهُ فِي عَيْنٍ وَانْتِفَاعُهُ مِنْهَا تَصَرُّفَ الْمُلاَّكِ.

وَيُطْلِقُ الْفُقَهَاءُ وَضْعَ الْيَدِ كَذَلِكَ وَيُرِيدُونَ بِهِ وَضْعَ الْيَدِ الْحِسِّيَّةِ - وَهِيَ الْجَارِحَةُ - عَلَى شَيْءٍ مَا .

الأْلْفَاظُ  ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - الْحِيَازَةُ:

2 - الْحِيَازَةُ فِي اللُّغَةِ: ضَمُّ الشَّيْءِ وَجَمْعُهُ يُقَالُ: حُزْتُ الشَّيْءَ وَأَحُوزُهُ حَوْزًا وَحِيَازَةً: ضَمَمْتُهُ وَجَمَعْتُهُ، وَكُلُّ مَنْ ضَمَّ إِلَى نَفْسِهِ شَيْئًا فَقَدَ حَازَهُ .

وَالْحِيَازَةُ فِي الاِصْطِلاَحِ: هِيَ وَضْعُ الْيَ - دِ عَلَى الشَّيْءِ وَالاِسْتِيلاَءُ عَلَيْهِ .

وَوَضْعُ الْيَدِ أَعَمُّ مِنَ الْحِيَازَةِ.

ب - الْغَصْبُ:

3 - الْغَصْبُ فِي اللُّغَةِ: الأْخْذُ  قَهْرًا وَظُلْمًا. يُقَالُ: غَصَبَ الشَّيْءَ غَصْبًا أَخَذَهُ قَهْرًا وَظُلْمًا، وَالاِغْتِصَابُ مِثْلُهُ .

وَالْغَصْبُ فِي الاِصْطِلاَحِ: إِزَالَةُ يَدِ الْمَالِكِ عَنْ مَالِهِ الْمُتَقَوِّمِ عَلَى سَبِيلِ الْمُجَاهَرَةِ وَالْمُغَالَبَةِ بِفِعْلٍ فِي الْمَالِ .

وَالصِّلَةُ بَيْنَ وَضْعِ الْيَدِ وَالْغَصْبِ أَنَّ وَضْعَ الْيَدِ أَعَمُّ مِنَ الْغَصْبِ.

أَوَّلاً: الأْحْكَامُ  الْمُتَعَلِّقَةُ بِوَضْعِ الْيَدِ بِمَعْنَى التَّصَرُّفِ فِي عَيْنٍ

أ - دَلاَلَةُ وَضْعِ الْيَدِ عَلَى الْمِلْكِيَّةِ:

4 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى أَنَّ وَضْعَ الْيَدِ دَلِيلُ الْمِلْكِ  وَلَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ تَفْصِيلٌ:

قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: وَضْعُ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفُ مِنْ أَقْوَى مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الْمِلْكِ، وَلِذَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ. 

قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: إِذَا ادَّعَى وَاضِعُ الْيَدِ عَلَى الأْرْضِ  الَّذِي تَلَقَّاهَا شِرَاءً أَوْ إِرْثًا أَوْ غَيْرَهُمَا مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ أَنَّهَا مِلْكُهُ، وَأَنَّهُ يُؤَدِّي خَرَاجَهَا، فَالْقَوْلُ لَهُ، وَعَلَى مَنْ يُخَاصِمُهُ فِي الْمِلْكِ الْبُرْهَانُ إِنْ صَحَّتْ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ شَرْعًا وَاسْتُوفِيَتْ شُرُوطُ الدَّعْوَى.

ثُمَّ يَقُولُ: وَقَدْ قَالُوا إِنَّ وَضْعَ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفَ مِنْ أَقْوَى مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الْمِلْكِ، وَلِذَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ.

وَفِي رِسَالَةِ الْخَرَاجِ لأِبِي  يُوسُفَ: وَأَيُّمَا قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْخَرَاجِ أَوِ الْحَرْبِ بَادُوا فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَبَقِيَتْ أَرْضُهُمْ مُعَطَّلَةً وَلاَ يُعْرَفُ أَنَّهَا فِي يَدِ أَحَدٍ، وَلاَ أَنَّ أَحَدًا يَدَّعِي فِيهَا دَعْوَى، وَأَخَذَهَا رَجُلٌ فَحَرَثَهَا وَغَرَسَ فِيهَا وَأَدَّى عَنْهَا الْخَرَاجَ أَوِ الْعُشْرَ فَهِيَ لَهُ، وَلَيْسَ لِلإْمَامِ  أَنْ يُخْرِجَ شَيْئًا مِنْ يَدِ أَحَدٍ إِلاَّ بِحَقٍّ ثَابِتٍ مَعْرُوفٍ .

وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّ وَضْعَ الْيَدِ - أَيِ الْحِيَازَةَ - إِذَا طَالَ وَلَمْ يُوجَدْ مُنَازِعٌ، وَهُوَ يَتَصَرَّفُ تَصَرُّفَ الْمُلاَّكِ دَلَّ عَلَى الْمِلْكِ، وَإِنْ لَمْ تَطُلِ الْحِيَازَةُ لَمْ يَثْبُتِ الْمِلْكُ.

قَالَ سَحْنُونٌ: الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ أَنْ تَطُولَ الْحِيَازَةُ وَهُوَ يَفْعَلُ مَا يَفْعَلُ الْمُلاَّكُ لاَ مُنَازِعَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ تَطُلِ الْحِيَازَةُ لَمْ يَثْبُتِ الْمِلْكُ .

وَاخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الْمَالِكِيَّةِ فِي سُؤَالِ الْحَائِزِ الأْجْنَبِيِّ  مِنْ أَيْنَ صَارَ إِلَيْهِ الْمِلْكُ؟ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: يَخْتَلِفُ الْجَوَابُ فِي ذَلِكَ بِحَسَبِ اخْتِلاَفِ الْوُجُوهِ:

فَوَجْهٌ: لاَ يُسْأَلُ الْحَائِزُ عَمَّا فِي يَدَيْهِ مِنْ أَيْنَ صَارَ إِلَيْهِ، وَتَبْطُلُ دَعْوَى الْمُدَّعَى فِيهِ بِكُلِّ حَالٍ، فَلاَ يُوجِبُ يَمِينًا عَلَى الْحَائِزِ الْمُدَّعَى فِيهِ، إِلاَّ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَعَارَهُ إِيَّاهُ فَتَجِبُ لَهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ عَلَى ذَلِكَ. وَهَذَا الْوَجْهُ هُوَ إِذَا لَمْ يَثْبُتِ الأْصْلُ  لِلْمُدَّعِي وَلاَ أَقَرَّ لَهُ بِهِ الْحَائِزُ الَّذِي حَازَهُ فِي وَجْهِهِ الْعَشَرَةَ الأْعْوَامِ  وَنَحْوَهَا، وَلَوِ ادَّعَى عَلَيْهِ مَا فِي يَدَيْهِ أَنَّهُ مَالُهُ وَمِلْكُهُ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ عَلَيْهِ فِي وَجْهِهِ لَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ.

وَوَجْهٌ: يُسْأَلُ الْحَائِزُ عَمَّا فِي يَدَيْهِ مِنْ أَيْنَ صَارَ إِلَيْهِ؟ وَلاَ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ مَعَ يَمِينِهِ وَيُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ إِذَا ثَبَتَ الأْصْلُ  لِلْمُدَّعِي، أَوْ أَقَرَّ لَهُ بِهِ الْحَائِزُ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ عَلَيْهِ، فَيَجِبُ أَنْ يُسْأَلَ مِنْ أَيْنَ صَارَ إِلَيْهِ؟ وَيُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ.

وَوَجْهٌ: يُخْتَلَفُ فِيهِ، فَقِيلَ: إِنَّهُ لاَ يَلْزَمُ الْمَطْلُوبَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُوقَفَ عَلَى الإْقْرَارِ  أَوِ الإْنْكَارِ، وَقِيلَ إِنَّهُ يُوقَفُ وَيُسْأَلُ مِنْ أَيْنَ صَارَ إِلَيْهِ؟ وَهُوَ إِذَا ثَبَتَتِ الْمَوَارِيثُ وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهَا لأِبِيهِ  أَوْ جَدِّهِ . (ر: حِيَازَة ف 6)

ب - كَيْفِيَّةُ وَضْعِ الْيَدِ:

5 - وَضْعُ الْيَدِ يَكُونُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبهِ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلاَفِ مَا تُوضَعُ الْيَدُ عَلَيْهِ.

6 - فَفِي الْعَقَارِ يَحْصُلُ وَضْعُ الْيَدِ عَلَيْهِ بِأَحَدِ أُمُورٍ:

- أَنْ يَسْكُنَ الدَّارَ، وَأَنْ يُحْدِثَ أَبْنِيَةً فِيهَا.

- وَفِي الْعَرْصَةِ حَفْرُ بِئْرٍ أَوْ نَهَرٍ أَوْ قَنَاةٍ، أَوْ غَرْسُ أَشْجَارٍ، أَوْ زَرْعُ مَزْرُوعَاتٍ، أَوْ إِنْشَاءُ أَبْنِيَةٍ أَوْ صُنْعُ لَبِنٍ.

- وَفِي الْحَرَجِ وَالْغَابِ قَطْعُ الأْشْجَارِ مِنْهَا وَبَيْعُهَا، وَبِالاِنْتِفَاعِ مِنْهَا بِوَجْهٍ قَرِيبٍ مِنْ ذَلِكَ.

- وَفِي الْمَرْعَى قَطْعُ الْحَشَائِشِ وَحِفْظُهَا وَبَيْعُهَا، أَوْ رَعْيُ الْحَيَوَانَاتِ فِيهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ.

أَمَّا وُجُودُ مِفْتَاحِ بَابِ الدَّارِ فِي يَدِ أَحَدٍ فَلاَ يَكُونُ بِمُجَرَّدِ وُجُودِهِ فِي يَدِهِ ذَا يَدٍ، فَلِذَلِكَ إِذَا كَانَ أَحَدٌ سَاكِنًا فِي دَارٍ وَأَشْيَاؤُهُ مَوْضُوعَةٌ فِيهَا، وَكَانَ مِفْتَاحُ تِلْكَ الدَّارِ فِي يَدِ آخَرَ، فَالْوَاضِعُ الْيَدِ عَلَى الدَّارِ هُوَ السَّاكِنُ فِيهَا وَلَيْسَ حَامِلَ مِفْتَاحِ بَابِهَا .

قَالَ أَصْبَغُ: مَا حَازَهُ الأْجْنَبِيُّ  عَلَى الأْجْنَبِيِّ  بِحَضْرَتِهِ وَعِلْمِهِ أَيَّ الْحِيَازَاتِ كَانَتْ مِنْ سُكْنَى فَقَطْ أَوِ ازْدِرَاعٍ أَوْ هَدْمٍ أَوْ بُنْيَانٍ صَغُرَ شَأْنُهُ أَوْ عَظُمَ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْحِيَازَاتِ كُلِّهَا فَذَلِكَ يُوجِبُهُ لِحَائِزِهِ .

7 - أَمَّا وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الْمَنْقُولِ فَيَكُونُ بِكُلِّ مَا يَدُلُّ عَلَى حِيَازَةِ الشَّخْصِ لَهُ، قَالَ مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ: مَا حَازَهُ الأْجْنَبِيُّ  عَلَى الأْجْنَبِيِّ  مِنَ الْعَبِيدِ وَالإْمَاءِ  وَالدَّوَابِّ وَالْحَيَوَانِ كُلِّهِ وَالْعُرُوضِ كُلِّهَا فَأَقَامَ ذَلِكَ فِي يَدَيْهِ يَخْتَدِمُ الرَّقِيقَ وَيَرْكَبُ الدَّوَابَّ وَيَحْلِبُ الْمَاشِيَةَ وَيَمْتَهِنُ الْعُرُوضَ فَذَلِكَ كُلُّهُ كَالْحَائِزِ .

ج - وَسَائِلُ إِثْبَاتِ وَضْعِ الْيَدِ:

8 - يُفَرِّقُ الْحَنَفِيَّةُ فِي إِثْبَاتِ وَضْعِ الْيَدِ بَيْنَ الْعَقَارِ وَغَيْرِهِ، فَيَلْزَمُ إِثْبَاتُ الْيَدِ بِالْبَيِّنَةِ فِي الْعَقَارِ الْمُنَازَعِ فِيهِ، وَلاَ يُحْكَمُ بِهَا بِتَصَادُقِ الْخَصْمَيْنِ.

وَمَعْنَى هَذَا كَمَا فِي دُرَرِ الْحُكَّامِ: أَنَّهُ لاَ يُحْكَمُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذُو يَدٍ بِإِقْرَارِهِ عِنْدَ دَعْوَى الْمُدَّعِي، فَإِذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فِي الْعَقَارِ الْمُنَازَعِ فِيهِ، فَلأِجْلِ  صِحَّةِ إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ يَلْزَمُ إِثْبَاتُ وَضْعِ الْيَدِ بِالْبَيِّنَةِ؛ لأِنَّ  دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ هِيَ دَعْوَى إِزَالَةِ الْيَدِ وَتَرْكِ التَّعَرُّضِ؛ وَطَلَبُ إِزَالَةِ الْيَدِ إِنَّمَا يَكُونُ عَلَى ذِي الْيَدِ.

وَلاَ يَثْبُتُ وَضْعُ الْيَدِ بِعِلْمِ الْقَاضِي؛ لأِنَّ  عِلْمَ الْقَاضِي لَيْسَ مِنْ أَسْبَابِ الْحُكْمِ.

كَمَا لاَ يَثْبُتُ وَضْعُ الْيَدِ فِي الْعَقَارِ بِتَصَادُقِ الْخَصْمَيْنِ؛ لأِنَّ  الْيَدَ فِيهِ غَيْرُ مُشَاهَدَةٍ، فَلَعَلَّهُ فِي يَدِ غَيْرِهِمَا تَوَاضُعًا فِيهِ لِيَكُونَ لَهُمَا ذَرِيعَةً إِلَى أَخْذِهِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ.

فَإِذَا ثَبَتَ وَضْعُ الْيَدِ بِمُجَرَّدِ الإْقْرَارِ وَثَبَتَتِ الْمِلْكِيَّةُ بِالشُّهُودِ وَحُكِمَ بِهَا لاَ يَنْفُذُ الْحُكْمُ .

9 - وَيُسْتَثْنَى مِنْ لُزُومِ إِثْبَاتِ وَضَاعَةِ الْيَدِ فِي دَعْوَى الْعَقَارِ مَسَائِلُ الشِّرَاءِ وَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ. وَهِيَ أَنَّهُ:

إِذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلاً: إِنَّنِي كُنْتُ اشْتَرَيْتُ مِنْكَ ذَلِكَ الْعَقَارَ، أَوْ كُنْتَ غَصَبْتَهُ مِنِّي فَلاَ حَاجَةَ إِلَى إِثْبَاتِ كَوْنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَا الْيَدِ بِالْبَيِّنَةِ؛ لأِنَّ  دَعْوَى الْفِعْلِ كَمَا تَصِحُّ عَلَى ذِي الْيَدِ تَصِحُّ عَلَى غَيْرِهِ، فَعَدَمُ ثُبُوتِ الْيَدِ لاَ يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى.

وَإِنَّ الَّذِي يُحْدِثُ يَدَهُ تَغَلُّبًا عَلَى مَالٍ لاَ يُعَدُّ وَاضِعًا الْيَدَ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ فِي نَفْسِ الأْمْرِ، فَعَلَيْهِ إِذَا ثَبَتَ لِلْقَاضِي إِحْدَاثُ يَدِهِ تَغَلُّبًا عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ يُؤْمَرُ بِرَدِّ الْمَالِ الْمَذْكُورِ إِلَى الشَّخْصِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ، وَيُعَدُّ ذَلِكَ الشَّخْصُ ذَا الْيَدِ.

10 - أَمَّا الْمَنْقُولُ فَذُو الْيَدِ عَلَيْهِ هُوَ مَنْ وُجِدَ فِي يَدِهِ فَلاَ حَاجَةَ فِيهِ إِلَى إِثْبَاتِ الْيَدِ بِالْبَيِّنَةِ.

وَعَلَى هَذَا فَإِذَا وُجِدَ الْمَنْقُولُ فِي يَدِ أَيِّ شَخْصٍ كَانَ فَهُوَ ذُو الْيَدِ؛ لأِنَّ  وَضْعَ الْيَدِ فِي الْمَنْقُولِ كَمَا يَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ يَثْبُتُ بِالْمُشَاهَدَةِ وَالْعِيَانِ وَبِالإْقْرَارِ .

وَإِذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وُجُودَ الْمَالِ الْمَنْقُولِ فِي يَدِهِ وَادَّعَى الْمُدَّعِي أَنَّ الْمَالَ الْمَنْقُولَ كَانَ تَحْتَ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْذُ سَنَةٍ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فِي ذَلِكَ فَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ وَيُعْتَبَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَا الْيَدِ .

د - وَضْعُ الْيَدِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ:

11 - وَمَنْ أَخَذَ مَالَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ عُدْوَانًا فَهُوَ غَاصِبٌ وَيُنْظَرُ التَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (غَصْب ف 1 وَمَا بَعْدَهَا).

وَإِنْ أَخَذَ مَالَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ خَطَأً كَأَنْ ظَنَّ أَنَّهُ مَلَكَهُ، وَجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ؛ لأِنَّهُ حَقُّ الْعَبْدِ فَلاَ يُتَوَقَّفُ عَلَى قَصْدِهِ وَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ؛ لأِنَّ  الْخَطَأَ مَرْفُوعُ الْمُؤَاخَذَةِ شَرْعًا بِبَرَكَةِ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم  بِقَوْلِهِ: «رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا» وَقَوْلِهِ صلي الله عليه وسلم : «إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ»  .

هـ - التَّنَازُعُ فِي وَضْعِ الْيَدِ:

12 - إِذَا تَنَازَعَ شَخْصَانِ فِي عَقَارٍ وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا كَوْنَهُ ذَا الْيَدِ فِي ذَلِكَ الْعَقَارِ تُطْلَبُ أَوَّلاً الْبَيِّنَةُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى كَوْنِهِ ذَا الْيَدِ، فَإِذَا أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ تَثْبُتُ يَدُهُمَا مَعًا عَلَى الْعَقَارِ، وَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُدَّعًى عَلَيْهِ فِي الْقِسْمِ الْوَاضِعِ الْيَدِ عَلَيْهِ وَمُدَّعِيًا فِي الْقِسْمِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ خَارِجًا؛ لأِنَّ هُمَا مُتَسَاوِيَانِ فِي أَسْبَابِ الثُّبُوتِ إِلاَّ أَنَّهُمَا مَا لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُ الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ مِلْكَهُمَا الْمُشْتَرَكَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالإْقْرَارِ  فَلاَ يُقَسَّمُ الْمِلْكُ بَيْنَهُمَا. وَإِذَا أَظْهَرَ أَحَدُهُمَا الْعَجْزَ عَنْ إِثْبَاتِ وَضْعِ يَدِهِ وَأَقَامَ الآْخَرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى كَوْنِهِ وَاضِعَ الْيَدِ يُحْكَمُ بِكَوْنِهِ ذَا الْيَدِ مُسْتَقِلًّا وَمُدَّعًى عَلَيْهِ، وَيُعَدُّ الآْخَرُ خَارِجًا وَمُدَّعِيًا .

و - مَرَاتِبُ وَضْعِ الْيَدِ:

13 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي وَضْعِ الْيَدِ، وَلاَ بَيِّنَةَ لأِحَدِهِمَا  فَإِنَّهُ يُقْضَى لِلأْقْوَى  مِنْهُمَا، أَوْ يَشْتَرِكَانِ إِذَا تَسَاوَيَا فِي الْقُوَّةِ.

وَلِلْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ:

فَقَدْ نَصُّ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى مَا يَلِي:

اللاَّبِسُ لِلثَّوْبِ أَحَقُّ مِنْ آخِذِ الْكُمِّ، قَالَ الشَّيْخُ قَاسِمٌ: فَيُقْضَى لَهُ قَضَاءُ تَرْكٍ لاَ اسْتِحْقَاقٍ، حَتَّى لَوْ أَقَامَ الآْخَرُ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ ذَلِكَ يُقْضَى لَهُ.

وَالرَّاكِبُ أَحَقُّ مِنْ آخِذِ اللِّجَامِ.

وَمَنْ فِي السَّرْجِ أَحَقُّ مِنْ رَدِيفِهِ (وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ هِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: أَقُولُ لَكِنَّ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُلْتَقَى مِثْلَ الرَّأْيِ الأْوَّلِ) بِخِلاَفِ مَا إِذَا كَانَا رَاكِبَيْنِ فِي السَّرْجِ فَإِنَّهُمَا بَيْنَهُمَا قَوْلاً وَاحِدًا، كَمَا فِي الْغَايَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ اشْتِرَاكُهُمَا إِذَا لَمْ تَكُنْ مُسْرَجَةً.

وَذُو حِمْلِ الدَّابَّةِ أَوْلَى مِمَّنْ عَلَّقَ كُوزَهُ بِهَا؛ لأِنَّهُ أَكْثَرُ تَصَرُّفًا، أَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ بَعْضُ حِمْلِهَا؛ كَمَا إِذَا كَانَ لأِحَدِهِمَا  مَنٌّ وَالآْخَرِ مِائَةُ مَنٍّ، كَانَتْ بَيْنَهُمَا.

وَالْجَالِسُ عَلَى الْبِسَاطِ، وَالْمُتَعَلِّقُ بِهِ سَوَاءٌ كَجَالِسِيهِ، وَكَرَاكِبِي سَرْجٍ - وَكَذَا مَنْ مَعَهُ ثَوْبٌ وَطَرَفُهُ مَعَ الآْخَرِ - لاَ هُدْبَتُهُ، أَيْ طُرَّتُهُ غَيْرُ الْمَنْسُوجَةِ؛ لأِنَّ هَا لَيْسَتْ بِثَوْبٍ.

أَمَّا جَالِسَا دَارٍ تَنَازَعَا فِيهَا فَإِنَّهُ لاَ يُقْضَى لَهُمَا لاِحْتِمَالِ أَنَّهَا فِي يَدِ غَيْرِهِمَا.

وَنَصُّوا أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْحَائِطَ يَكُونُ لِمَنْ جُذُوعُهُ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ لأِحَدِهِمَا  جِذْعٌ أَوْ جِذْعَانِ دُونَ الثَّلاَثَةِ وَلِلآْخَرِ عَلَيْهِ ثَلاَثَةُ أَجْذَاعٍ أَوْ أَكْثَرُ.

ذُكِرَ فِي النَّوَازِلِ أَنَّ الْحَائِطَ يَكُونُ لِصَاحِبِ الثَّلاَثَةِ، وَلِصَاحِبِ مَا دُونَ الثَّلاَثَةِ مَوْضِعُ جِذْعِهِ، قَالَ: وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ آخِرًا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إِنَّ الْقِيَاسَ أَنْ يَكُونَ الْحَائِطُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَبِهِ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه يَقُولُ أَوَّلاً، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الاِسْتِحْسَانِ.

وَكَذَا يَكُونُ الْحَائِطُ لِمَنْ هُوَ مُتَّصِلٌ بِهِ اتِّصَالَ تَرْبِيعٍ - بِأَنْ تَتَدَاخَلَ أَنْصَافُ لَبِنَاتِهِ فِي لَبِنَاتِ الآْخَرِ - وَلَوْ مِنْ خَشَبٍ فَبِأَنْ تَكُونَ الْخَشَبَةُ مُرَكَّبَةً فِي الأْخْرَى  لِدَلاَلَتِهِ عَلَى أَنَّهُمَا بُنِيَا مَعًا، وَلِذَا سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لأِنَّهُ حِينَئِذٍ يُبْنَى مُرَبَّعًا؛ وَلاَ يَكُونُ لِمَنْ لَهُ اتِّصَالُ مُلاَزَقَةٍ أَوْ نَقْبٌ وَإِدْخَالٌ (بِأَنْ نَقَبَ وَأَدْخَلَ الْخَشَبَةَ)، أَوْ هَرَادِي  (كَقَصَبٍ وَطَبَقٍ يُوضَعُ عَلَى الْجُذُوعِ) وَلاَ يُخَصُّ بِهِ صَاحِبُ الْهَرَادِي، بَلْ صَاحِبُ الْجِذْعِ الْوَاحِدِ أَحَقُّ مِنْهُ.

وَلَوْ لأِحَدِهِمَا  جُذُوعٌ وَلِلآْخَرِ اتِّصَالٌ، فَلِذِي الاِتِّصَالِ وَلِلآْخَرِ حَقُّ الْوَضْعِ، وَقِيلَ لِذِي الْجُذُوعِ.

وَذُو بَيْتٍ مِنْ دَارٍ فِيهَا بُيُوتٌ كَثِيرَةٌ كَذِي بُيُوتٍ مِنْهَا فِي حَقِّ سَاحَتِهَا، فَهِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَالطَّرِيقِ.

وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّ لِلْيَدِ مَرَاتِبَ مُرَتَّبَةً، فَأَعْظَمُهَا ثِيَابُ الإْنْسَانِ  الَّتِي عَلَيْهِ وَمِنْطَقَتُهُ، وَيَلِيهِ الْبِسَاطُ الَّذِي هُوَ جَالِسٌ عَلَيْهِ، وَالدَّابَّةُ الَّتِي هُوَ رَاكِبُهَا، وَيَلِيهِ الدَّابَّةُ الَّتِي هُوَ سَائِقُهَا أَوْ قَائِدُهَا، وَيَلِيهِ الدَّارُ الَّتِي هُوَ سَاكِنُهَا فَهِيَ دُونَ الدَّابَّةِ، لِعَدَمِ اسْتِيلاَئِهِ عَلَى جَمِيعِهَا. قَالَ فِي تَهْذِيبِ الْفُرُوقِ: قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: تُقَدَّمُ أَقْوَى الْيَدَيْنِ عَلَى أَضْعَفِهِمَا، فَرَاكِبُ الدَّابَّةِ يُقَدَّمُ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى السَّائِقِ عِنْدَ تَنَازُعِهِمَا، وَإِذَا تَنَازَعَ السَّاكِنَانِ الدَّارَ سَوَّى بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا .

وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا تَدَاعَيَا دَابَّةً  وَلأِحَدِهِمَا  عَلَيْهَا حِمْلٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْحِمْلِ مَعَ يَمِينِهِ لاِنْفِرَادِهِ فِي الاِنْتِفَاعِ بِالدَّابَّةِ، وَلَوْ تَدَاعى ثَلاَثَةٌ دَابَّةً: وَاحِدٌ سَائِقُهَا، وَالآْخَرُ آخِذٌ بِزِمَامِهَا، وَالثَّالِثُ رَاكِبُهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاكِبِ لِوُجُودِ الاِنْتِفَاعِ فِي حَقِّهِ.

وَلَوْ تَنَازَعَا عَلَى حَيَوَانٍ، وَيَدُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْحَيَوَانِ، وَيَدُ الآْخَرِ عَلَى حِمْلِهِ فَإِنَّهُ لِمَنْ يَدُهُ عَلَى الْحَيَوَانِ، لاَ لِمَنْ يَدُهُ عَلَى حِمْلِهِ.

وَلَوْ تَنَازَعَا فِي ثَوْبٍ، أَحَدُهُمَا لاَبِسُهُ وَالآْخَرُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ يُجَاذِبُهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ اللاَّبِسِ مِنْهُمَا؛ لأِنَّهُ الْمُنْفَرِدُ بِالاِنْتِفَاعِ.

وَلَوْ تَنَازَعَا فِي سَفِينَةٍ، أَحَدُهُمَا رَاكِبٌ وَالآْخَرُ مُمْسِكُهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاكِبِ؛ لأِنَّهُ مُتَصَرِّفٌ فِيهَا. وَكَذَا فِي مُمْسِكِ جَنْبِهَا وَمُمْسِكِ رِبَاطِهَا، يُصَدَّقُ مُمْسِكُ الْجَنْبِ .

وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: لَوْ تَنَازَعَا دَابَّةً، أَحَدُهُمَا رَكِبَهَا أَوْ لَهُ عَلَيْهَا حِمْلٌ، وَالآْخَرُ آخِذٌ بِزِمَامِهَا أَوْ سَائِقُهَا، فَهِيَ لِلأْوَّلِ بِيَمِينِهِ؛ لأِنَّهُ تَصَرُّفٌ أَقْوَى، وَيَدُهُ آكَدُ.

وَإِنْ تَنَازَعَا ثِيَابَ عَبْدٍ عَلَيْهِ فَهِيَ لِصَاحِبِ الْعَبْدِ.

وَإِنْ تَنَازَعَا قَمِيصًا أَحَدُهُمَا لاَبِسُهُ وَالآْخَرُ آخِذٌ بِكُمِّهِ فَهُوَ لِلأْوَّلِ.

وَلَوْ كَانَتْ دَارٌ فِيهَا أَرْبَعَةُ بُيُوتٍ، فِي أَحَدِهَا سَاكِنٌ وَفِي الثَّلاَثَةِ الأْخْرَى  سَاكِنٌ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا هُوَ سَاكِنٌ فِيهِ.

وَإِنْ تَنَازَعَا سَاحَةَ الدَّارِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لاِشْتِرَاكِهِمَا فِي ثُبُوتِ الْيَدِ عَلَيْهَا. وَلَوْ كَانَتْ شَاةٌ مَذْبُوحَةٌ مَسْلُوخَةٌ بِيَدِ أَحَدِهِمَا جِلْدُهَا وَرَأْسُهَا وَسَوَاقِطُهَا، وَبِيَدِ الآْخَرِ بَقِيَّتُهَا، وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كُلَّهَا، وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ بِدَعْوَاهُمَا، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا بِيَدِ صَاحِبِهِ مِنَ الشَّاةِ لأِنَّ  بَيِّنَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَارِجَةٌ.

وَإِنْ تَنَازَعَ صَاحِبُ الدَّارِ وَخَيَّاطٌ فِيهَا فِي إِبْرَةٍ وَمِقَصٍّ فَهُمَا لِلْخَيَّاطِ عَمَلاً بِالظَّاهِرِ.

(ر: تَعَارُض ف 4 - 11، تَنَازُع بِالأْيْدِي)

__________________________________________________________________

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية

نظرة عامة :

يتصل موضوع الحيازه وأثرها في عدم سماع الدعوى بحق عینی ضد الحائز بما تقدم ذكره في النظرة العامة أو ض وع عدم سماع الدعوى بالالتزام والفقه الاسلامی پرد الموضوعين الى أساس واحد، هو تلك القاعدة الأساسية التي تستند إلى الحديث الشريف الذي يقول : ولا يبطل حق أمري، مسلم وأن قدم . فجوهر الفكرة واحد في الموضوعين . وبناء على ذلك نصبت المجلة على أن الحق لا يسفل بتقادم الزمان ، وانه اذا أقر المدعى عليه بالحق يحكم عليه باقی ره دون اعتبار لمرور الزمان (م 1674 من الجلة ) (انفار الأشياء والنفائز لابن نجیم ص ۸۸ ) وبهذا أخذت جميع المذاهب الفقهية .

الا أن المذهبين المالكي والحنفي ، وان كانا قد أقرا عدم سقوط الحق بالتقادم ، الا انهما اقرا من جهة أخرى عدم س ماع الدعوى بالدين أو الحق العيني بعد مضي مدة معينة . فقد جاء في شرح الحطاب (ج 6 ص ۲۲۸ و229):«... المنسوبة لولد ابن فرحون : الساكت عن طلب الدين ثلاثين سنة . لاقول له ، ويصدق الغريم في دعوى الدفع ، ولا يكلف الغريم ببينة لامكان موتهم أو نسيانهم للشهادة ۰۰۰ وفي كتاب محمد بن ياسين ، في مدعی دین سلف بعد عشرين سنة ، أن المدعى عليه مصدق في القضاء ، اذ الغالب الا يؤخر السلف مثل هذه المدة السرعات ** قال عبد الملك : وقال لي مطرق واسمع ان التالي رجل حقا قديما ، وقام عليه بل کی حقه وذلك القيام بعد العشرين سنة ونحوعا ، أخذه به ، وعلى الآخر البراءة منه وفي مقيد الحكام أن ذكر الحق المشهود له لا يبطل الا يطول الزمان کائثلاثي بينة والأربعين ، و لذلك ونصت الماده 1660 من المجلة على أنه لا تسمع دعوى الدين والوديعة والملك والعقار .. بعد أن تركت خمس عشرة سنة ::

أنظر المبررات التي اسند اليه فتهاء المذهبين المالكي والحنفی فيما راوه من عدم سماع الدعوى وما انتهى اليه المشروع فيما يتعلق بمدة التقادم في النظارة العامة التي تقدم ذكرها في خصوم عدم سماع الدعوى بالالتزام •

1-تعريف الحيازة واركانها

 

 مادة ۹۱۸)

الحيازة سلطة فعلية يباشرها الجائز بنفسه أو بواسطة غيره على شيء مادی ، بحيث تكون في مظهرها الخارجي وفي قصد الحائز مزاولة للملكية أو لحق عینی آخر •

هذه المادة تقابل المادة 1398 من المشروع التمهيدي للتقنين الحالي .

ويتضح من التعريف المقترح ان قوام الحيازة سلطة فعلية يباشرها الحائز على شيء مادي ، سواء كان ذلك بنفسه أو بواسطة غيره ، وسواء كان الشيء عقارا أو منقولا . فالحيازة لا ترد على الأشياء غير المادية کالمصنفات الأدبية ، أو الحقوق الشخصية " وما يقال عن حيازة الحق الشخصي ليس حيازة بالمعنى الفني ، وانما يراد به المطر الذي يتوافر في أوضاع قانونية معينة على غير الحقيقة فيقع في رادع الناس آمد حفیت و اسلام اون بحسن نية على مقتضاه . نحائز ال اين يقتل به الد: أن العاشر ، گالوارث الفلامر بالنسبة إلى ما كان للمتوفی ، من ديون وقات الذكية الايشادية للمادة ۱۳۹۸ من المشروع التمهیدی التنين الحالي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج6 ص 450 ).

ولهذا فان حيازة الدين بهذا المعنى لا يترتب عليها ای من ازاز التي تترتب على الحياة الحقيقية ، ويستثنى من ذلك الدين الثابت فی مسند الحاء له . حيته يعتبر الدين انه اندمج في السند ، فيكون جائز السند حائزا الدين الثابت فيه بالمعنى الفني ، ومن ثم تنطبق عليه أحكام الحيازة -

کما يبين من التمرين أن السلطة الفعلية الذي يباشرها الحائز على التي يجب ان تتفق في تلهر ها الخارجي ام مزاولة الحق اللي ترد عليه الحيازة : وهذا هو العنصر المادي للحيازة : فهو عبارة عن مجموع الأعمال المادية التي يباشرها عادة صاحب الحق الذي ترد عليه الحيارة. باشا كان هذا الحق حق مائية ، وجب ان يعاشر الحائز الأعمال المادية التي يباشرها المالك ، واذا كان حقا عينيا أخر تعين ان يقوم الحان بالأعمال المادية التي باشرها صاحب هذا الحق ، أما التصرفات الهادوية. فالبيع والانجاز . فلا تنتهي النهوض باسنتر المادي في الحيازة ، لانها قد تصدر من ش خس لا تتوافر له الحيازة ، اذ شي لا تقتفي أن يكون من صدر منه التصرف سلطة فعلية على الشيء .

كذلك يبين من التعريف أن السلطة الفعلية التي بیا شعرها الحار على التي يجب أن تكون بقصد مزاولة الحق الذي ترد عليه الحيازة • وهذا هو العنصر المعنوي للحيازة ، فهو عبارة عن نية الحائز في أن يظهر بمظي المالك او صاحب الحق العيني الآخر الذي ترد عليه الحيازة * فهو بعبارة أخرى تية أحائز في أن يعمل لحساب نفسه . حيث يباشر الأعمال المادية التي تعتبر از اوله للدني الذي ترد عليه الحياة الحساب نفسه - ابها الشخص الذي لا تتوافر لدية هذه النية ، لانه يعمل لحساب غيره ، فلا يكون حائزا حقيقيا ، بل يعتبر حائزا عرضيا ، كما هي الحال بالتجه الى السابع والمستأجر والمستعير .

على أن مقومات العنصر المعنوي للحيازة لا يقتصر على ذلك ، فلا يكفي التوافرة أن تكون الأعمال التي تصدر من الحائز يقصد بها مزاواة الحق الحاز ، بل يجب فضلا عن ذلك أن يدعى الحائز الحق لنفسه عند المنازعة . وهذا شرط يتطلبه الفقه الاسلامی ، لانه يعتبر الحيازة ومن ثم فلا يكون في عدم سماع الدعوى خروج على

دليلا على الحق القاعدة الأساسية التي جاءت في الحديث الشريف الذي يقول : لا يبطل حق امرى ، مسلم وان قدم ، وفي هذا المعنى عند فقهاء المذهب دالمالکی ، اول الشمس و قی:« وفي شرط حامی، هو ان يدعى الحائز لا يبطل وقت المنازعة ملك الشيء المحاز ، واما اذا لم يان له حجة الا مجرد  الجوز فلا تنفعه ، ( حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ج4 ص235 )

 

وقد راعي المشروع ذلك في نصوصة . حيث يشترط لعدم سماع الدعوى أن ينكر الحائز ما يدعيه المدعي

وقد تعددت تعاريف الحيازة في الفقه الاسلامی ، منها ما جا۔ في المذهب المالكي في الشرح الكبير : يقول الدردير : الحيازة مي وضع اليد عى الشيء والاستيلاء عليه ، والتصرف یکون لواحد من امور سكني او اسكان او زرع او غرس او بيع او هدم او بناء او قطع شجر او عتق ...) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج 4 ص 207

 

وفي خصوص العنصر المادة للجيازة في المذهب الحنفى يقول الكاساني ( لان اليد على العقار لاتثبت بالكون فيه وانما تثبت بالتصرف فيه ، والبدائع ج 6 ص 256) • وهذا ما يقوله ايضا ابن عابدين نقلا عن اليد، ( حاشية ابن عابدین ج 5 ص 587 ) • پالتصرف ويقول ائر يعلى : وقال الشافعي رحمه , به دلیل الملك اليد مع التتم في وبه قال الحصان لان اليد متنوعة إلى ملك ووديعه وعارية واجارة وزمن ، فلا يمتاز الا بالتصرف ، ( فتح القدير ج 6 ص 24 و25) وفي المذهب المالكي يقول الحطاب : اضعفها السكنى والازدراع ، ويليها الهدم والبنيان والفرس والاستغلال .

والحازة تكون ثلاثة اشياء : ويليها التفويت بالبيع والهية والصدقة والنحلة والعتق وما اشية ذلك ، مما لا يفعله الرجل الا في ماله ، ( شرح الحطاب ج 6 ص۲۲۲) .

وقد عرض محمد بن قيم الجوزية ، وهو من فقهاء المذهب الحنبلي المذهب المالكي في تعريف الحيازة واركتها وآثارها ممتدحا اياه . حيث عقد نصلا في مذهب أهل المدينة في الدعاوى ، فقال فيه : : وهو من أسد المذاهب واهمها ، وهي عندهم على ثلاث مراتب .. واها المرتبة الثالثة فمثالها أن يكون رجل جائزة الدار مته رقا فيها البستی العديدة الليلة بالماء والهدم والادارة والعمارة. ويسمها إلى نفسه ويضيفها إلى ملکه اوانسان حاضر براه و شما بعد أفعاله فیها طول بدبي !هدية وهو مع ذلك لا يعارضه لا يذكر أن له فيا حقا ولا مانع معد من مطالبته من خوف سلطان أو ما أشبه ذلك من الضرر المانع بن المطالبة بالحقوق ، ولا بينه و بين المتصرف في الدان قراية : شركة ني میراث أو ما أشبه ذلك مما يتسامح فيه القرابات والضمير بينهم بل كان عاريا من جميع ذلك ، ثم جاء بعد طول هذه المدة يدعها لنفسه ويزغم انها له ويريد أن يقيم بذك منه ، فدعواه غير مسموعة اصلا فضلا عن بينته ، و تبقى الدار بید جان ما الان کل دعوی بادها العرف وتنة ا العادة فانها مرفوضة غير مسموعة ، قال الله تعالى وامر بالعرف وقد أوجبت الشريعة الرجوع اليه عند الاحتلال في الدعاوی كالفنت والحمولة والسير وفي الأبنية ومعاقد القمل ووضع الحدور على الحائط وغير ذلك ، ( الطرق الحكومية في السياسة الشرعية ، مطبعة الاداب والمؤيد بمقر سنة ۱۳۱۷ هجرية ، ص ۸۸ و ۸۹).

والمادة المقترحة تقابل المادة ۱ / ۱۱۷۱ من التقنين الاردني.

و تقابل الماده 905 من التقنين الكویتی ۰

( مادة ۹۲۰ )

 لا تقوم الحياژة على عمل يأتية الشخص على أنه من المباحات أو بعمل يتحمله الغير على سبيل التسامح "

هذه المادة تتفق مع الفقرة الأولى من المادة 949 من التقنين الحالي .

وقد أدخلت على هذا النص تعديلات لفظية وحذفت منه عبارة و مجرد رخصه ، لأن المقصود حق يباح للشخص أن يمارسه اذا اراد كأن يفتح الشخص مطلاً على ملك الجار مع مراعاة المسافة القانونية ، ولا يعتبر حائزاً لحق ارتفاق ، لأنه أتی عملاً مباحاً ليس فيه تعد على أحد.

والمادة المقترحة تطابق المادة 907 من التقنين الكویتی.

 وتتفق مع ما جاء في المادة 1145/2 من التقنين العراقي .

و عدم قيام الحيازة بعمل يأتيه الشخص على أنه من المباحات يتفق مع القواعد العامة في الفقه الاسلامي -

أما عدم قيام الحيازة بعمل يتحمله الغير على سبيل التسامح ، فان فقهاء المذهب المالكي قد تحدثوا عنه بمناسبة الحيازة بين الأقارب والتمييز بينهم وبين الأجانب، واحتمال أن تكون اعمال الحيازة بين الأقارب من قبل التسامح و منم في من يحددون مددا للحيازة بين الأقارب تختلف باختلاف أعمال الحيازة ، كما أنهم يميزون بين البلاد التي يتوسع اهلها في أعمال التسامح فيها بين الأقارب . فتطول مدة الحيازة بينهم ، والبلاد التي لا يتوسع الأقارب فيها في أعمال التسامح فيما بعدم فتقصر هذه المدة * ومن أقوالهم ما يقوله المواق: ,۰۰۰ وقل انما يفرق بين القرارات والاجنبيين في البلاد التي يعرف أهلها أنههم توسعون بذاك لقرابتهم . ومن هذا المعنى ما نقله البرزلی من الباحي ان عشر سنين لا تقطع حق القرابة الا ان ثبت ان بين القائم والقوم عليه من عدم المسامحة والتشاح في مالا يترك الحق به هذه المدة . وحكي مثل هذا في الحقوق في غير الأملاك ، ( الحطاب ج6 ص 226 )۰

والی المذهب الحنفی تنص المادة دمين في سد الديران في هذا الصدد على ما يأتي : العم ان يرجع عن اراحته ولا يلزم بالاذن و الرضا . فان لمن لاحي حق المرور في عرضه اخر ومن فيها مدة باذن صاحبها ، فلا يترتب على مروره حق له بل لصاحب العرصة أن بشعة من المرور متى شاء: وفي هذا المعني ايفا ما تنص عليه المادة 1226 من المجلة ،

( مادة ۹۲۳)

اذا اقترنت السيارة باكراه أو حصلت خفية او كان فيها لبس ، فلا يكون لها أثر قيل من وقع عليه الإكراه أو اخفيت عنه الحيازة أو التبس عليه أمرها الا من الوقت الذي تزول فيه هذه العيوب :

هذه المادة تطابق الفقرة الثانية من المادة 949 من التقنين الحالي "

و تطابق المادة 1146 من التقنين العراقي و تطابق المادة ۱۱۷۲ من التقنين الأردنی . و تطابق المادة ۹۱۱ من التقنين الكويتي •

ويتضح من المادة المقترحة أن عيوب الحيازة هي الأكراد والخفاء واللبس أي أن الشروط التي تطلب في الحيازة . لكي تكون صالحة لأن تنتج آثارها ، هي الهدوء والظهور والوضوح ، ويتحدث الفقه الاسلامی عن شرط الهدوء في كلامه عن شرول عدم الاكراه وعن شرط الظهور في شرط حضور للحاز عليه ورؤيته التصرفات وأعمال الحائز ، وعن شرط الوضوح في كلامه عن الحيازة بين الأقارب والشركاء •

انظر : المدونة الكبرى للإمام مالك ص ۳۲ - 46: مختصر خليل ص 263 وما بعدها - الشرح الكبير للدردير على هامش حاشية الدسواتی ج 4 ص ۲۲۳ - شرح الحطاب ج6 ص ۲۲۱ و ۲۲۷ • الطرق الحكمية لابن قيم الجوزية ص ۸۸ و ۸۹ ۲- اثبات الحيازة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجلة الأحكام العدلية

مادة (1226) الرجوع عن الإباحة

للمبيح صلاحية أن يرجع عن إباحته، والضرر لا يكون لازماً بالإذن والرضى فإذا لم يكن لواحد حق المرور في عرصة آخر ومرَّ فيها بمجرد إذن صاحبها مدة فلصاحبها بعد ذلك أن يمنعه من المرور إن شاء.