loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السادس ، الصفحة : 498

مذكرة المشروع التمهيدي :

1 - تعرض هذه النصوص المدة التقادم المسكسب في العقار فهي خمس عشرة سنة في الحقوق العينية غير الموقوفة وثلاث وثلاثون سنة في الحقوق العينية الموقوفة فلا يملك شخص وقفاً أو حق ارتفاق على عين موقوفة مثلاً إلا بهذه المدة والحساب بالتقويم الهجري (م 517 من المشروع) ولا ذلك الوقف بالتقادم لأنه يشترط في إنشائه أن يكون بحجة شرعية ( أنظر م 1421 من المشروع وهي تقنين للقضاء المصري وليس لها نظير في التقنين الحالي ) أما دعوى الإرث فهي تسقط بثلاث وثلاثين سنة والتقادم هنا مسقط لا مكسب ( لذلك يجب حذف «حقوق الإرث» من المادة 1421 وجعل الكلام عنها في التقادم المسقط ).

2 - على أنه في الحقوق العينية غير الموقوفة إذا اقترنت الحيازة بحسن النية واستندت إلى سبب صحيح فإن مدة التقادم المكسب تكون خمس سنوات فقط ولا يشترط حسن النية عند بدء الحيازة بل يكفي توافره عند تلقي الملكية بالسبب الصحيح فإذا اشترى شخص عقاراً من غير مالكه فيكفي أن يكون حسن النية وقت البيع حتى لو كان سيء النية وقت التسليم وحسن النية مفروض كما تقدم أما السبب الصحيح وهو العمل القانوني الناقل للملكية والصادر من غير مالك فلا يفرض وجوده بل يقع عبء إثباته على من يتمسك بالتقادم ويجب أن يكون السبب الصحيح مسجلاً خلافاً لما جرى عليه القضاء في مصر وآثر المشروع هذا الحل حتى يمكن التسجيل تمهيداً لإدخال السجل العقاري ( أنظر م 1420 من المشروع ويقابلها م 76 / 102 من التقنين الحالي ويؤخذ على نص التقنين الحالي أنه أغفل اشتراط حسن النية ولم يحدد معنى السبب الصحيح ولم يعرض لمسألة التسجيل وقد تدارك المشروع هذه العيوب ).

المشروع في لجنة المراجعة

تليت المادة 1421 من المشروع فوافقت عليها اللجنة و أصبح رقمها في المشروع النهائي 1045.

المشروع في مجلس النواب

وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 1042

المشروع في مجلس الشيوخ

مناقشات لجنة القانون المدني :

وافقت اللجنة على المادة دون تعديل .

وأصبح رقمها 970

مناقشات المجلس :

جلسة 22 يونيه سنة 1948

تليت المادة 970 و هذا نصها :

1 - وفي جميع الأحوال لا تكسب الأموال الموقوفة ولا حقوق الإرث بالتقادم إلا إذا دامت الحيازة مدة ثلاث وثلاثين سنة .

2 - وليس للوقف أن يكسب حقاً بالتقادم .

حضرة الشيخ المحترم أحمد رمزى بك : أرى أن تحذف الفقرة الثانية من هذه المادة ليترك الأمر للقضاة ليتصرفوا حسب القواعد العامة .

الرئيس : هل توافقون حضراتكم على حذف الفقرة الثانية من هذه المادة ؟ موافقة . 

الاحكام

1-  أملاك الدولة الخاصة التى كسب الأفراد ملكيتها بالتقادم – قبل نفاذ القانون رقم 147 لسنة 1957 بتعديل المادة 970 من القانون المدنى–تبقى مملوكة لمن كسبها بالتقادم إذ ليس لهذا القانون أثر رجعى(1)،وأن سداد مقابل الانتفاع لا يعنى بطريق الضرورة والحتم النزول عن التمسك بالتقادم بل قد يكون لدرء أية إجراءات قد تتخذها الجهة الإدارية من حجز إدارى أو وقف الانتفاع بالمرافق.(2) .

(الطعن رقم 5019 لسنة 68 جلسة 2017/04/23)

2- المقرر ـــــــ من مقتضى الحراسة والمصادرة بموجب المواد 23,22,21,20,19,18 من القانون رقم 34 لسنة1971 بشأن تنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب أن تؤول إلى الدولة ملكية الأموال والممتلكات التى يملكها الخاضع فى تاريخ فرضها ما دامت قد توافرت له من الناحية الواقعية والقانونية السيطرة الفعلية وقت فرض الحراسة وهذه الحالة الواقعية يستدل عليها من أن حقه عليها ثابت بما ورد بحكم محكمة القيم ، وما له من حجية فى هذا الخصوص متى كان قد صار نهائيا وباتا  إذ إن ما تضمنه ذلك الحكم يكون كافياً بذاته لحمل قضائه فى خصوص إثبات ملكية الخاضع للأموال محل الحراسة والمصادرة . وأن المشرع حظر تملك الأموال العامة والخاصة المملوكة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة والأوقاف الخيرية ، فقد منع المشرع تملكها أو كسب حق عينى عليها أو وضع اليد عليها بدون سند وذلك عملاً بالمادة 970 من القانون المدنى مالم يثبت أنه تم تملكها بالتقادم الطويل المدة أو أن طالب الحيازة كسب حق عليها قبل نفاذ القانون 147 لسنة 1957 ولازم ذلك وجوب تحقق محكمة الموضوع عند الفصل فى دعوى الملكية أوالحقوق العينية الأخرى الواردة على هذه الأموال من طبيعتها والمالك لها فى ضوء القانون المشار إليه والمستندات المقدمة إليها .

(الطعن رقم 20329 لسنة 84 جلسة 2017/03/13)

3- المقرر ـــــــ فى قضاء محكمة النقض ــــــ أنه لما كانت ملكية الأموال الموقوفة لا تكسب بالتقادم طبقاً للمادة 970 من القانون المدنى قبل تعديلها بالقانون 147 لسنة 1957 المعمول به فى 13/7/1957 إلا إذا دامت الحيازة مدة ثلاث وثلاثين سنة ، وإذ جاء القانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات ونص فى مادته الثانية والثالثة بإنهاء كل وقف لا يكون مصرفه خالصا لجهات من جهات البر وأيلولة الوقف المنتهى إلى الواقف إن كان حيا فإن لم يكن حيا آلت الملكية للمستحقين وصدر القانون رقم 147 لسنة 1957 بتعديل المادة 970 من القانون المدنى يجرى نصها على أنه لا يجوز تملك أموال الأوقاف الخيرية أو كسب أى حق عينى عليها بالتقادم ، فإن مفاد ذلك أنه فى الفترة السابقة على تعديل المادة 970 من القانون المدنى بالقانون رقم 147 لسنة 1957 كانت مدة التقادم اللازمة لاكتساب أموال الأوقاف الخيرية أو الأوقاف الأهلية قبل إلغائها بالقانون 180 لسنة 1952 هى ثلاث وثلاثين سنة وذلك إلى أن حظر المشرع إطلاقا تملك أطيان الأوقاف الخيرية أو ترتيب حقوق عينية عليها بالتقادم بعد تعديل المادة 970 من القانون المدنى بالقانون 147 لسنة 1957 أما الأوقاف الأهلية المنتهية طبقاً للقانون 180 لسنة 1952 فقد أصبحت بموجب أحكامه من الأموال الخاصة التى ترد عليها الحيازة المؤدية إلى كسب الملكية بالتقادم إذا استمرت مدة خمس عشرة سنة واستوفت أركانها القانونية ، شريطة عدم وجود حصة للخيرات شائعة فيها إعمالاً لحكم المادة 970 من القانون المدنى المعدلة بالقانون رقم 147 لسنة 1957 فى هذا الصدد ، بما يتعين معه على الحكم استظهار وجود هذه الحصة ضمن العقار المراد تملكه بالتقادم.

(الطعن رقم 20329 لسنة 84 جلسة 2017/03/13)

4- المقرر - فى قضاء محكمة النقض- إعمالاً لنص المادة 87 من القانون المدنى أن وضع اليد على الأموال العامة مهما طالت مدته لا يكسب الملكية إلا أن النص فى المادة 88 من ذات القانون على أن " تفقد الأموال صفتها العامة بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة ، وينتهى التخصيص بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص أو بالفعل أو بانتهاء الغرض الذى من أجله خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة " يدل على أن الأموال العامة تفقد صفتها بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة وهذا الانتهاء كما يثبت بصدور قانون أو قرار من الجهة المختصة فإنه يتحقق بانتهاء الغرض الذى من أجله خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة , أى ينقطع بالفعل وعلى وجه مستمر استعمالها لهذا الغرض وتزول معالم تخصيصها للمنفعة العامة بصورة واضحة لا تحتمل اللبس ، ومتى تحقق انتهاء التخصيص على هذا النحو فإن العقار الذى انتهى تخصيصه للنفع العام يدخل فى عداد الملك الخاص للدولة ، وبالتالى يجوز للأفراد اكتساب ملكيته بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية قبل نفاذ القانون 147 لسنة 1957 فى 13/7/1957 والذى أضاف لنص المادة 970 من القانون المدنى حكماً جديداً يقضى بعدم جواز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو كسب أى حق عينى عليها بالتقادم ، إذ أن هذا القانون يعتبر منشئاً لحكم مستحدث لا أثر له على ما تم كسب ملكيته بالتقادم من أملاك الدولة الخاصة قبل العمل به وهو ما أكدته المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور بقولها " إنه ليس له أثر رجعى بالنسبة لما اكتسب فعلاً من هذه الأموال بالتقادم قبل صدوره " .

(الطعن رقم 3687 لسنة 78 جلسة 2016/01/03)

5- أن بيت المال الذى أصبح بنك ناصر يمثله بعد أن آلت إليه تبعية الإدارة العامة للتركات " بيت المال سابقاً " وإن كان لا يعتبر وارثاً شرعياً إلا أنه وقد آلت إليه أرض النزاع باعتبارها تركة شاغرة فتكون تحت يده بحسبانه أميناً عليها ، فإنه يكون قد تحققت له المصلحة والصفة فى حماية هذه الأرض ومنع سلب حيازتها الثابتة له باعتباره مالكاً لها بهذه الصفة(3) وبنك ناصر الاجتماعى ـ وفقاً لقانون إنشائه الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1971 يعتبر هيئة عامة تهدف إلى تحقيق التكامل ويتمتع بالشخصية الاعتبارية ، ويعد بالتالى شخصاً من أشخاص القانون العام ، وتعتبر قرارات الإزالة التى يصدرها رئيس مجلس إدارة بنك ناصر الاجتماعى فى شأنه إزالة التعديات التى تقع على الأموال المملوكة للهيئة الخاصة بما له من سلطة فى ذلك باعتباره مفوضاً من وزير التأمينات فى إصدار تلك القرارات وفقاً لنصالمادة 970 من القانون المدنى سنداً مشروعاً بحسب الظروف الملابسة لإصداره بما يتعين على قاضى الموضوع عند بحث طلب التعويض عن الفعل المادى الناشئ عن قرار الإزالة الصادر من البنك أن يتحرى أن القرار قد صدر بالمخالفة للقوانين أو بالموافقة لها وبيان الأضرار التى أصابت المدعى من جراء هذا القرار وبيان سبب ذلك فى خصوص هذه الأمور . لما كان ذلك ، وكان البين من الأوراق أن الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأقام قضاءه بإلزام الطاعن بالتعويض بمقولة توافر الخطأ الموجب للمساءلة عن التعويض فى جانبه لأن الطاعن أصدر قرار الإزالة لانتزاع الحق من المطعون ضدهما وأن ذلك غير جائز له قانوناً دون أن يتحرى ما إذا كان قرار الإزالة الصادر من الطاعن قد صدر بالمخالفة للقوانين أو بالموافقة لها وسنده فى ذلك و دون أن يتحقق من أن المطعون ضدهما قد أصابتهما اضرار ناشئة عن هذا القرار ملتفتاً عن بحث وتمحيص دفاع الطاعن القائم فى جوهره على أن مسلكه لا يعد انحرافاً عن السلوك المألوف أو ما افترضته القوانين حتى يصبح خطأً يستوجب المساءلة عن التعويض وأنه لم يكن إلا مباشرة لحقه الذى قرره القانون لحماية الأموال التى تحت يده وهو دفاع جوهرى من شأن بحثه وتمحيصه ما قد يتغير به وجه الرأى فى الدعوى فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال .

(الطعن رقم 4434 لسنة 73 جلسة 2013/06/19)

6- إذ صدر القانون رقم 124 لسنة 1958 بتنظيم تملك الأراضى الصحراوية والذى عمل به اعتباراً من 24/8/1958 وحظر فى المادة الأولى منه تملك الأراض الكائنة بالمناطق المعتبرة خارج الزمام وقت صدوره بأى طريق كان عدا الميراث ما لم يرخص وزير الحربية بتملكها طبقاً للإجراءات المقررة فيه . وهو اتجاه كان يؤدى إلى إهدار الحقوق المستندة إلى الفقرة الثالثة من المادة 874 من القانون المدنى ، غير أن المشرع أصدر بعد ذلك القانون رقم 100 لسنة 1964 - بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها - وجعل حظر التملك شاملاً جميع الأراضى الصحراوية ، ونص فى المادة 86 منه على إلغاء القانون رقم 124 لسنة 1958 وإلغاء الفقر ة الثالثة من المادة 874 من القانون المدنى ، بما يدل على أن تلك الفقرة ظلت سارية حتى ألغيت بالقانون رقم 100 لسنة 1964 سيما وأن القانون رقم 147 لسنة 1957 حين عدل نص المادة 970 من القانون المدنى بإضافة حكم جديد يقضى بعدم جواز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة أو كسب أى حق عينى عليها بالتقادم لم يتناول الفقرة الثالثة من المادة 874 من ذات القانون والتى تتحدث عن الاستيلاء المصحوب بالتعمير باعتباره سبباً مستقلاً بذاته لكسب الملكية . وقد حرص المشرع حين أصدر القانون رقم 100 لسنة 1964 بالعدول عن اتجاه القانون رقم 124 لسنة 1958 فى إهداره للحقوق المستندة إلى الفقرة الثالثة من المادة 874 من القانون المدنى ، وأورد فى المادة 75 منه الأحكام التى تنظم هذه الحقوق وهى تقضى فى شأن التعمير بالبناء بأن كل من أتم قبل العمل بالقانون رقم 124 لسنة 1958 إقامة بناء مستقر بحيز ثابت فيه يعد مالكاً بحكم القانون للأرض المقام عليها البناء والمساحة الملحقة به ، وقد أقر المشرع بهذا النص حالات الملكية السابقة على نفاذ القانون رقم 124 لسنة 1958 المستندة الى حكم الفقرة الثالثة من المادة 874 من القانون المدنى ، وكان رائده فى ذلك وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا القانون - الاعتبارات المتعلقة بالعدالة واحترام الحقوق المكتسبة والمبادئ المسلمة بالنسبة إلى تطبيق القوانين من حيث الزمان .

(الطعن رقم 893 لسنة 71 جلسة 2013/01/27 س 56 ص 7 ق 1)

7- من المتعين فيمن يبغى حماية وضع يده على عقار بدعوى منع التعرض أن تتوافر لدية نية التملك وكان لازم ذلك أن يكون هذا العقار الذى تسبغ الحماية عليه بمقتضاها من العقارات التى يجوز تملكها بالتقادم بأن لا تكون من الأموال الخاصة بالدولة أو بالأشخاص الاعتبارية العامة أو الأوقاف الخيرية التى حظر المشرع تملكها أو كسب أى حق عينى عليها بالتقادم بما نص عليه فى المادة 970 من القانون المدنى بعد تعديلها بالقانون رقم 147 لسنة 1957 فإن من مقتضى ذلك أن على المحكمة فى دعوى منع التعرض أن تحسم النزاع المثار حول ما إذا كان العقار محل النزاع مما يجوز كسب ملكيته بالتقادم من عدمه للوصول إلى ما إذا كانت حيازته جديرة بالحماية القانونية لمنع التعرض لها أم لا .

(الطعن رقم 377 لسنة 68 جلسة 2010/12/14 س 61 ص 939 ق 158)

8- إذ كان الثابت من الأوراق أن الطاعنين تمسكوا بتملكهم للأرض محل النزاع بوضع اليد قبل نفاذ القانون رقم 147 لسنة 1957 فى 13/7/1957 بتعديل المادة 970 من القانون المدنى – وذلك بعد انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة وخروجها من دائرة الأموال العامة ودخولها فى عداد الأموال الخاصة للدولة واستدلوا على ذلك بعدم استعمالها جرن روك أهالى وزوال معالم هذا التخصيص بصورة واضحة لا لبس فيها بوضع مورثهم يده عليها قبل عام 1940 وقيامه بالبناء عليها وربطها باسمه بسجلات الضرائب العقارية منذ عام 1942 وفقاً للثابت بالكشوف الرسمية ، كما وردت أسماؤهم بالكشوف التى أعدتها الجهة الإدارية لواضعى اليد على أملاك الدولة الخاصة ، كما تمسكوا بما ورد بتقرير الخبير وأبحاثه التى أجراها وشهادة الشهود الذين سمعهم ، إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل الوقائع والمستندات والأدلة سالفة البيان وقضى بإلغاء الحكم المستأنف الصادر بتثبيت ملكيتهم لهذه الأرض تأسيساً على خلو الأوراق مما يدل على انتهاء تخصيص الأرض محل النزاع للمنفعة العامة بما يعيبه بمخالفة الثابت بالأوراق والخطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 11844 لسنة 65 جلسة 2008/03/25 س 59 ص 357 ق 65)

9- إن نص المادة 970 / 1 من القانون المدنى رغم أن ظاهر عباراتها يشير إلى تنظيم حالة اكتساب حقوق الإرث بالتقادم . إلا أن قضاء هذه المحكمة قد استقر بحق على أن مقصود المشرع هو أن حق الإرث يسقط بمضى ثلاث وثلاثين سنة فلا يجوز سماع دعوى المطالبة به متى أنكره الورثة ، لأن التركة ليست شيئاً مادياً ترد عليه الحيازة وإنما هى مجموع من الأموال لا تقبل أن تكون محلاً لها . ولعل سبب ورود النص على هذا النحو أن المشرع أراد نقل حكم المادة 375 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية التى كانت تنص على أن " القضاة ممنوعون من سماع الدعوى التى مضى عليها خمس عشرة سنة مع تمكن المدعى من رفعها وعدم العذر الشرعى له فى إقامتها إلا فى الإرث والوقف فإنه لا يمنع من سماعها إلا بعد ثلاث وثلاثين سنة مع التمكن وعدم العذر الشرعى وهذا كله مع الإنكار للحق فى تلك المدة " وهو نص واضح فى أنه ينظم التقادم المسقط ويعطى المدعى عليه حقاً فى رفع الدعوى .

(الطعن رقم 3754 لسنة 65 جلسة 2006/10/09 س 57 ص 696 ق 130)

10- ينبغى لمن يستهدف حماية وضع يده بدعوى منع التعرض أن تتوافر لدية نية التملك باعتبارها ركناً أساسياً فى هذه الدعوى يميزها عن دعوى استرداد الحيازة ولازم ذلك أن يكون العقار مما يجوز تملكه بالتقادم أى ليس من الأموال العامة التى لا يصح أن تكون محلا لحق خاص ، أو من الأموال الخاصة المملوكة للدولة أوللأشخاص الاعتبارية العامة ، أو للوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسساتالعامة أو الهيئات العامة وشركات القطاع العام غير التابعة لأيهما ، أو للأوقاف الخيرية التى منع المشرع تملكها أو كسب أى حق عينى عليها بالتقادم عملاً بالمادة 970 من القانون المدنى المعدلة بالقوانين أرقام 147 لسنة 1957 ، 39 لسنة 1959 ، 55 لسنة 1970 ما لم يثبت أن طالب الحماية كسب الحق العينى قبل نفاذها . كذلك فإن النص فى المادة الثانية من القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن الأراضى الصحراوية المستبدلة بالمادتين الثانية والثامنة من القانون رقم 7 لسنة 1991 بشأن بعض الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة على تخويل رئيس الجمهورية سلطة تحديد المناطق الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية من الأراضى الصحراوية التى لا يجوز تملكها ، ووضع القواعد الخاصة بهذه المناطق ، وفى المادة العاشرة من القانون رقم 143 لسنة 1981 على حظر وضع اليد أو التعدى على تلك الأراضى ، وعلى أن يكون لوزير الدفاع سلطة إزالته بالطريق الإدارى بالنسبة للأراضى التى تشغلها القوات المسلحة كمناطق عسكرية – لازمه وجوب تحقق المحكمة من طبيعة الأرض التى رفعت بشأنها دعوى منع التعرض أو استرداد الحيازة فإذا ثبت لها أنها من الأموال العامة أو من الأموال الخاصة السالف ذكرها أو من الأراضى الصحراوية التى لا يجوز تملكها أو وضع اليد عليها – قضت بعدم قبول الدعوى ، وإذا ثبت لها أنها لا تندرج فى أى منها فصلت فى الدعوى تاركة للخصوم المنازعة فى الملك فيما بعد .

(الطعن رقم 75 لسنة 71 جلسة 2003/06/24 س 54 ع 2 ص 1062 ق 188)

11- لما كان الطاعن قد تمسك فى دفاعه أمام محكمة الموضوع بتملكه لأرض التداعى بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية بضم مدة حيازة البائعة له إلى حيازته وذلك قبل أن تشهر الدولة عقد شرائها كما أن الأرض ليست من ضوائع التنظيم واستدل على ذلك بما قدمه من مستندات وطلب لتحقيق هذا الدفاع ندب خبيراً، وكانت محكمة الموضوع قد التفتت عن تناول هذا الدفاع الجوهرى بما يقتضية من البحث ووقف منه عند حد القول بأن الأرض أصبحت ضائع تنظيم وأنها ملك للدولة وتسرى عليها أحكامالمادة 970 من القانون المدنى ولم يكتمل للطاعن مدة التقادم الطويل حالة أنه يجوز للطاعن كخلف خاص أن يضم إلى حيازته حيازة سلفة فى كل ما يرتبة القانون على الحيازة من آثار ومنها التملك بالتقادم المكسب قبل إتنقال الأرض لأملاك الدولة سنه 1968 وهو الأمر الذى إن صح لتغير وجه الرأى فى الدعوى وكان لهذا أثرة فيما إنتهى إليه الحكم المطعون فيه من تحديد الجهة المختصة بنظر طلب إلغاء القرار الصادر من المطعون ضده الثانى بصفته بازالة التعديات على أرض التداعى مما يعيب الحكم بالقصور .

(الطعن رقم 1213 لسنة 61 جلسة 1995/12/27 س 46 ع 2 ص 1471 ق 288)

12- مؤدى نص المادة 970 من القانون المدنى - قبل تعديلها بالقانون 147 لسنة 1975 والقانون رقم 55 لسنة 1970 أن ملكية الأموال الموقوفة لا تكتسب بالتقادم إلا إذا دامت الحيازة ثلاثا وثلاثين سنه، ثم صدر القانون رقم 147 لسنة 1957 - والذى جرى العمل به اعتباراً من 1957/7/13 بتعديل المادة 970 من القانون المدنى فنص على أنه لا يجوز تملك أعيان الأوقاف الخيرية أو كسب أى حق عينى عليها بالتقادم ومفاد ذلك أنه فى الفترة السابقة على تعديل المادة 970 من القانون المدنى بالقانون رقم 147 لسنة 1957 المشار إليه كانت مدة التقادم اللازمة لإكتساب ملكية أموال الأوقاف أو ترتيب حقوق عينية عليها هى ثلاث وثلاثون سنه وذلك إلى أن حظر المشرع اطلاقا تملك أعيان الأوقاف الخيرية أو ترتيب حقوق عينية عليها بالتقادم بعد تعديل المادة 970 من القانون 147 لسنة 1957.

(الطعن رقم 2635 لسنة 60 جلسة 1994/11/20 س 45 ع 2 ص 1428 ق 270)

13- لما كانت ملكية الأموال الموقوفة لا تكتسب بالتقادم طبقاً للمادة 970 من القانون المدنى قبل تعديلها بالقانون رقم 147 لسنة 1957 المعمول به من 1957/7/13 إلا إذا دامت الحيازة مدة ثلاث وثلاثين سنة وإذ جاء القانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات و قضى فى مادتيه الثانية والثالثة بإنهاء كل وقف لا يكون مصرفه خالصاً لجهة من جهات البر وأيلولة ملكية الوقف المنتهى إلى الواقف إن كان حياً فإن لم يكن حياً آلت الملكية للمستحقين ، ثم صدر القانون رقم 147 لسنة 1957 بتعديلالمادة 970 من القانون المدنى فجرى نصها على أنه لا يجوز تملك أموال الأوقاف الخيرية أو كسب أى حق عينى عليها بالتقادم . فإن مفاده ذلك أنه فى الفترة السابقة على تعديل المادة 970 من القانون المدنىبالقانون رقم 147 لسنة 1957 كانت مدة التقادم اللازمة لإكتساب أموال الأوقاف أوترتيب حقوق عينية عليها سواء فى ذلك الأوقاف الخيرية أو الأوقاف الأهلية قبل إلغائها بالقانون رقم 180 لسنة 1952 هى ثلاث و ثلاثون سنة و ذلك إلى أن حظر المشروع إطلاقاً تملك أعيان الأوقاف الخيرية أوترتيب عينية عليها بالتقادم بعد تعديل المادة 970 من القانون بالقانون رقم 147 لسنة 1957 ، أما الأوقاف الأهلية المنتهية طبقاً للقانون رقم 1980 لسنة 1952 فقد أصبحت بموجب أحكامه من الأموال الخاصة ترد عليها الحيازة المؤدية إلى كسب الملكية بالتقادم إذا إستمرت مدة خمس عشرة سنة وإستوفت أركانها القانونية ، شريطة عدم و جود حصة للخيرات شائعة فيها إعمالاً لحكم المادة 970 من القانون المدنى المعدلة بالقانون رقم 147 لسنة 1957 فى هذا الصدد .

(الطعن رقم 235 لسنة 54 جلسة 1990/03/08 س 41 ع 1 ص 723 ق 120)

14- النص فى الفقرة الثانية من المادة 970 من القانون المدنى بعد تعديلها بالقانون 147 لسنة 1957 - على أنه " لا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو الأشخاص الإعتبارية العامة وكذلك أموال الأوقاف الخيرية أو كسب أى حق عينى عليها بالتقادم " ، و فى الفقرة ذاتها بعد تعديلها بالقانون 55 لسنة 1970 على أنه " لا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الإعتبارية العامة وكذلك أموال الوحدات الإقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو للهيئات العامة وشركات القطاع العام غير التابعة لأيهما والأوقاف الخيرية أو كسب أى حق عينى على هذه الأموال بالتقادم " يدل على أن أموال الوحدات الإقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو للهيئات العامة وشركات القطاع العام غير التابعة لأيهما ظلت بمنأى عن هذا الحظر وكان من الجائز تملكها و كسب أى حق عليها بالتقادم - حتى أسبغ عليها المشرع تلك الحماية بالقانون 55 لسنة 1970 الذى عمل به إعتبارا من 1970/8/13 ، وإذ لم يكن لهذا القانون أثر رجعى فإنه متى كسب الأفراد ملكية تلك الأموال بالتقادم قبل نفاذه ، فإنها تبقى مملوكة لهم - ولما كانت تبعية الشركة المصرية الزراعية العامة للمؤسسة المصرية التعاونية الزراعية العامة لا تحجب عنها شخصيتها الإعتبارية وكيانها المستقل عن شخصية الدولة أوالمؤسسة ولا تمس شكلها القانونى فلا تعد جهازاً إدارياً ولا تعتبر من أشخاص القانون العام ، بل تظل رغم ملكية الدولة لها شخصاً من أشخاص القانون الخاص ، مما مؤداه أن أموال تلك الشركة كانت مما يجوز تملكه بالتقادم حتى تاريخ العمل بالقانون 55 لسنة 1970 . ، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن التقادم لم تكتمل للطاعن قبل العمل بالقانون 147 لسنة 1957 ، وحجب نفسه بذلك عن تمحيص ما تمسك به الطاعن من أن مدة التقادم قد إكتملت بعد ذلك وإلى ما قبل العمل بالقانون 55 لسنة 1970 - و هو دفاع جوهرى قد يتغير به وجه الرأى فى الدعوى - فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وشابه قصور فى التسبيب .

(الطعن رقم 729 لسنة 54 جلسة 1989/02/28 س 40 ع 1 ص 680 ق 119)

15- وجوب توافر نية التمليك لدى الحائز الذى يلجأ إلى دعوى منع التعرض حماية لحيازته ، ولازم ذلك أن يكون العقار موضوع الحيازة مما يجوز تملكه بالتقادم فلا يكون من الأموال الخاصة للدولة أوالأشخاص الإعتبارية العامة التى منع الشارع تملكها أوكسب أى حق عينى عليها بالتقادم ، وقد نصت المادة 970 من القانون المدنى بعد تعديلها بالقانون رقم 147 لسنة 1957 على عدم جواز تملك أموال الأوقاف الخيرية أوكسب حق عينى عليها بالتقادم . لما كان ذلك و كان الثابت بالأوراق أن أطيان النزاع مما تضمنته حجة الوقف التى تقع حصة الخيرات مشاعاً فيها ، ولئن كان المطعون ضده الأول يستند فى حيازته لنصيبه إلى عقد قسمة عرفى مؤرخ 1962/11/14 فيما بينه و باقى ورثة الواقف بيد أن الأوقاف الخيرية لم تكن طرفاً فى هذا العقد ولم يتم فرز وتجنيب حصتها عن طريق لجان القسمة بوزارة الأوقاف ومقتضى قيام حالة الشيوع هذه أن الأوقاف الخيرية تملك فى كل ذرة من ذرات المال الشائع ومؤدى ذلك وإعمالاً لما نصت عليه المادة 970 من القانون المدنى سالفة الذكر عدم جواز تملك أى جزء من الأطيان التى تضمنتها حجة الوقف المشار إليها بالتقادم ولا تتوافر بالتالى لدى المطعون ضده الأول وهو حائز لجزء من تلك الأطيان شروط الحيازة التى يجوز حمايتها بدعوى منع التعرض ومن ثم تكون دعواه غير مقبولة.

(الطعن رقم 1623 لسنة 51 جلسة 1985/01/13 س 36 ع 1 ص 104 ق 26)

16-  أراضى الآثار بإعتبارها من الأموال العامة لا يجوز تملكها بوضع اليد مهما طالت مدته إلا إذا كان وضع اليد عليها قد حصل بعد إنتهاء التخصيص للمنفعة العامة وفقدانها صفة المال العام فقداناً تاماً وكان مجرد سكوت مصلحة الآثار عن إقامة الغير بناء فى أراضى الآثار لا يؤدى إلى زوال التخصيص ، لما كان ذلك وكان القانون رقم 147 لسنة 1957 المعمول به من 1957/7/13 قد أضاف لنص المادة 970 من القانون المدنى حكماً جديداً يقضى بعدم جواز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو كسب أى حق عينى عليها بالتقادم فإن مؤدى ذلك أنه يشترط لتملك هذه الأراضى بالتقادم المكسب أن يستمر وضع اليد عليها بعد إنتهاء تخصيصها للمنفعة العامة مدة خمسة عشر عاماً سابقة على 1957/7/13 تاريخ العمل بالقانون 147 لسنة 1957 . لما كان ذلك وكان الثابت من تقرير الخبير الذى إعتمد عليه الحكم المطعون فيه فى تأييد الحكم الإبتدائى أن أرض النزاع كانت تابعة لمصلحة الآثار ومخصصة للمنفعة العامة ثم تخلت عنها لمصلحة الأملاك الأميرية ومنها إلى وزارة الإسكان وأن المطعون ضدهما ومن قبلهما والدهما يضعون اليد عليها مدة تزيد عن خمس عشرة سنة إلا أنه لم يوضح تاريخ زوال تخصيصها للمنفعة العامة كأراضى أثرية وإن قرر مندوب وزارة الإسكان بمحاضر أعمال الخبير أنه سنة 1959 ، لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى رغم ذلك بتأييد الحكم الإبتدائى القاضى بتثبيت ملكية المطعون ضدها لأرض النزاع بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية فإنه يكون قد وقع معيباً بالقصور .

(الطعن رقم 4 لسنة 51 جلسة 1984/05/08 س 35 ع 1 ص 1219 ق 233)

17- مناط رسمية الورقة فى معنى المادتين 10 ، 11 من قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية رقم ه2 لسنة 1968 وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن يكون محررها موظفاً عمومياً مكلفاً بتحريرها بمقتضى وظيفته ، وهى حجة بما دون فيها من أمور قام بها محررها فى حدود مهمته أووقعت من ذوى الشأن فى حضوره ، لما كان ذلك وكانت المادة الرابعة من القانون رقم 117 لسنة 1961 بتأميم بعض الشركات والمنشآت - تنص على أن تظل هذه الشركات والمنشآت محتفظة بشكلها القانونى عند صدوره ، وكان القانون رقم 32 لسنة 1966 بإصدار قانون المؤسسات العامة وشركات القطاع العام والقانون رقم 60 لسنة 1971 الذى حل محله لم يخولا تلك الشركات شيئاً من خصائص السلطة العامة أو إمتيازاتها كحق التنفيذ المباشر وتوقيع الحجز الإدارى ونزع الملكية للمنفعة العامة ، فإن مؤدى ذلك أن شركات القطاع العام تعتبر من أشخاص القانون الخاص ، وهو ما أفصح عنه المشرع صراحة عندما قام بتعديل نص المادة 970 من القانون المدنى بالقانون رقم 55 لسنة 1970 بما أورده فى مذكرته الإيضاحية من أن الهدف من هذا التعديل هو إمتداد الحماية المقررة بمقتضى تلك المادة للأموال الخاصة المملوكة للدولة أوالأشخاص الإعتبارية العامة ، إلى أموال شركات القطاع العام لأنها وإن كانت من أشخاص القانون الخاص إلا أنها تقوم بدور خطير فى بناء الهيكل الإقتصادى للدولة ، لما كان ما تقدم وكان العاملون بشركات القطاع العام ليسوا من الموظفين العموميين لأن علاقتهم بها علاقة تعاقدية تخضع لأحكام نظام العاملين بتلك الشركات ، وكان الحكم المطعون فيه قد إلتزم هذا النظر وإعتبر عقد التأمين المختلط - الذى أصدرته الشركة المطعون ضدها الثانية وهى من شركات القطاع العام - محرراً عرفياً لا يقبل للمضاهاة فى حالة عدم إتفاق الخصوم طبقاً لنص المادة 37 من قانون الإثبات ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد إلتزم صحيح القانون .

(الطعن رقم 469 لسنة 50 جلسة 1984/02/19 س 35 ع 1 ص 595 ق 112)

18- إذ كانت المادة 970 من القانون المدني قبل تعديلها بالقانون رقم 147 لسنة 1957 تنص على أن الأموال الموقوفة لا تكسب بالتقادم إلا إذا دامت الحيازة ثلاثة وثلاثين سنة ثم نص هذا القانون الأخير والذي عمل به اعتباراً من 13\7\1957 على أنه لا يجوز تملك الأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم فإن حيازة الطاعنين وحيازة من سبقهم من المشترين حتى صدور قرار لجنة القسمة في22\ 10\1966 بفرز حصة الخيرات فى الوقف لا تؤدي إلى كسب ملكية الأطيان محل النزاع بالتقادم لورودها على مال لا يجوز تملكه بهذا السبب عملاً بنص المادة 970 من القانون المدنيالمعدلة بالقانون 147 لسنة 1957 لوجود حصة وقف خيري شائعة فيها ، ولا يقدح فى ذلك أن المادة 843 من القانون المدني تقضي باعتبار المتقاسم مالكاً للحصة التي آلت إليه منذ أن تملك فى الشيوع ذلك أن علة تقرير هذا الأثر الرجعي للقسمة هو حماية المتقاسم من الحقوق التي يرتبها غيره من الشركاء على المال الشائع أثناء قيام الشيوع بحيث يخلص لكل متقاسم نصيبه المفرز الذي خصص له فى القسمة مطهراً من هذه الحقوق ويجب قصر إعمال الأثر الرجعي للقسمة فى هذا النطاق واستبعاده جميع الحالات التي لا يكون الأمر فيها متعلقاً بحماية المتقادم من تصرفات شركائه الصادرة قبل القسمة، لما كان ذلك. وكان سند الطاعنين فى تملك الأطيان محل النزاع هو وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية وهو يعد بذاته سبباً لكسب الملكية مستقلاً عن غيره من أسباب اكتسابها فلا وجه من بعد لإعمال حكم الأثر الرجعي للقسمة على واقعة الدعوى - ولما كانت مدة حيازة الطاعنين التي تلت صدور حكم القسمة فى 21\1\1966لا تكفي لتملكهم الأطيان محل النزاع بالتقادم الطويل، فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض ادعاءهم تملكها بهذا السبب يكون قد صادف صحيح القانون .

(الطعن رقم 857 لسنة 44 جلسة 1980/06/10 س 31 ع 2 ص 1698 ق 317)

19- إنه وإن كانت المادة 970 من القانون المدني تنص على أنه "في جميع الأحوال لا تكسب حقوق الإرث بالتقادم إلا إذا دامت الحيازة مدة ثلاث وثلاثين سنة" فإن المقصود بذلك أن حق الإرث يسقط بالتقادم المسقط، ولا يجوز سماع الدعوى به بمضي مدة ثلاث وثلاثين سنة لأن التركة مجموع من المال لا يقبل الحيازة فلا يكسب حق الإرث بالتقادم، وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية بقولها "أما دعوى الإرث فهي تسقط بثلاث وثلاثين سنة، والتقادم هنا مسقط لا مكسب، لذلك يجب حذف حقوق الإرث من المادة 1421 (970 مدني) وجعل الكلام عنها فى التقادم المسقط" أما بالنسبة لأعيان التركة فليس فى القانون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة  ما يحرم على الوارث أن يمتلك بالتقادم نصيب غيره من الورثة إذ هو فى ذلك كأي شخص أجنبي عن التركة يتملك بالتقادم متى استوفى وضع يده الشرائط الواردة بالقانون، لما كان ذلك، وكان النزاع فى الدعوى يقوم لا على حق الإرث ولكن على ما يدعيه المطعون عليهما من أنهما تملكا الأرض المتنازع عليها وهي داخلة فى تركة مورث الطرفين بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية وقرر الحكم المطعون فيه أن مدة التقادم المكسب هي خمس عشرة سنة، فإن النعي عليه بالخطأ فى تطبيق القانون يكون غير صحيح.

(الطعن رقم 597 لسنة 40 جلسة 1975/05/13 س 26 ع 1 ص 997 ق 191)

20- الأموال التى تصبح من الأموال العامة بمجرد تخصيصها بالفعل لمنفعة عامة هى الأموال التى تكون مملوكة أصلا للدولة أو للأشخاص الإعتبارية العامة ، وذلك عملاً بالمادة 9 من القانون المدنى القديم والمادة 87 من القانون المدنى الجديد ومن ثم لا تكتسب الأموال الأخرى المملوكة للأفراد أو الأوقاف صفة الأموال العامة بمجرد تخصيصها بالفعل للمنفعة العامة إلا إذا كانت قد انتقلت إلى ملكية الدولة بإحدى طرق كسب الملكية المنصوص عليها فى القانون المدنى ، ومنها وضع اليد المدة الطويلة ، ثم خصصت بعد ذلك للمنفعة العامة ، أو كانت من المحلات المخصصة للعبادة أو البر والإحسان بشرط قيام الحكومة بإدارتها أو بصرف ما يلزم لصيانتها وإذ كانت الدولة لن تتخذ بصدد الأرض محل الدعوى إجراءات نزع الملكية ، وسلمت فى دفاعها بأن وضع يدها عليها لم يستمر مدة الثلاثة والثلاثين سنة اللازمة لكسب ملكية الوقف طبقا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة فى ظل العمل بأحكام القانون المدنى القديم ولما نصت عليه المادة 970 من القانون المدنى الجديد قبل تعديلها بالقانونين 147 لسنة 1957 ، 39 لسنة 1959 ، كما لم تكشف مدونات الحكم عن أن الدولة قد تولت إدارة الجبانة التى كانت مقامة فوقها - أوالإنفاق عليها ، فإن هذه الأرض بزوال تخصيصها للمنفعة العامة تعود إلى ملكية الوقف الذى كانت تتبعة أصلا ، ويكون الحكم المطعون فيه إذ جرى قضاؤه على أنها انتقلت إلى الملكية الخاصة للدولة بزوال هذا التخصيص أو بوضع اليد عليها مدة تزيد على خمسة عشر عاما يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 260 لسنة 38 جلسة 1974/04/25 س 25 ع 1 ص 737 ق 119)

21- النص بالفقرة الثانية من المادة 970 من القانون المدنى - بعد تعديلها بالقانون 147 لسنة 1957 - على أن " لا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو الأشخاص الإعتبارية العامة و كذلك أموال الأوقاف الخيرية أو كسب أى حق عينى بالتقادم " و النص بذات الفقرة بعد إستبدالها بالقانون رقم 55 لسنة 1970 على أن " لا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الإعتبارية العامة وكذلك أموال الوحدات الإقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو للهيئات العامة وشركات القطاع العام غير التابعة لأيهما و الأوقاف الخيرية أو كسب أى حق عينى على هذه الأموال بالتقادم " يدل على أن المشرع أراد بالتعديل الأول للفقرة الثانية من المادة 970 من القانون المدنى ، حماية الأموال الخاصة المملوكة للدولة وللأشخاص العامة الأخرى ، إقليمية كانت أو مصلحية ، حتى تكون تلك الأموال فى مأمن من تملكها بالتقادم ، أما أموال الوحدات الإقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو للهيئات العامة أو شركات القطاع العام غير التابعة لأيهما فقد ظلت بمنأى عن هذا الخطر ، وظل من الجائز تملكها و كسب أى حق عليها بالتقادم حتى أسبغ عليها المشرع تلك الحماية بالقانون 55 لسنة 1970 و المعمول به من تاريخ نشره فى الجريدة الرسمية بتاريخ 13-8-1970 ، و إذ لم يكن لهذا القانون أثر رجعى فإنه متى كسب الأفراد ملكية تلك الأموال بالتقادم قبل نفاذه ، فإنها تبقى مملوكة لهم ، وإذ كان ذلك وكان تأميم الشركة المطعون ضدها الأخير بقرار رئيس الجمهورية رقم 117 لسنة 1961 بتأميم بعض الشركات والمنشآت ثم إتباعها لمؤسسة عامة لا ينفى عنها شخصيتها الإعتبارية و كيانها المستقل عن شخصية الدولة أو المؤسسة العامة ولا يمس شكلها القانونى الذى كان لها قبل التأميم ، فلا تمثل جهازاً إدارياً ولا تعتبر من أشخاص القانون العام ، بل تظل رغم ملكية الدولة لها شخصاً من أشخاص القانون الخاص ، مما مؤداه أن أموال تلك الشركة كانت مما يجوز تملكه بالتقادم بعد العمل بالقانون رقم 147 لسنة 1957 وإلى أن عمل بالقانون رقم 55 لسنة 1970 ، وكان الحكم المطعون فه قد رفض ما تمسك به الطاعن من أنه تملك أطيان المطعون ضدها الأخيرة بالتقادم الطويل الذى إكتملت مدته قبل العمل بالقانون رقم 55 لسنة 1970 ، على أساس أن مدة التقادم لم تكتمل للطاعن قبل العمل بالقانون رقم 147 لسنة 1957 ، حال أن دفاع الطاعن يقوم على أن حيازته و سلفه قد إمتدت منذ سنة 1952 وحتى سنة 1973 فإنه يكون قد خالف القانون و أخطأ فى تطبيقه .

(الطعن رقم 1746 لسنة 50 جلسة 1981/12/31 س 32 ع 2 ص 2518 ق 460)

21- لا يشترط في القرار الإداري - كأصل عام - أن يصدر في صيغة معينة أو بشكل معين بل ينطبق هذا الوصف و يجري حكمه كلما أفصحت الإدارة أثناء قيامها بوظائفها عن إرادتها الملزمة بقصد إحداث أثر قانونی - إزالة التعدي الذي يقع على أموال الدولة هو من أهم واجبات الإدارة الملقاة على عاتقها إذ نصت المادة ۹۷۰ من القانون المدني على أنه عند حصول تعد على هذه الأموال يكون للجهة صاحبة الشأن إزالة التعدى إدارية بحسب ما تقتضيه المصلحة العامة - واقعة الإزالة تكشف وفقا للظروف المحيطة بها عن أن ثمة قرارا إداريا صدر من جهة الإدارة بإزالة التعدي الذي رأت أنه وقع على مال مملوك للدولة - ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أنه لم يثبت صدور قرار إداري بإزالة التعدي و بالتالي يكون ما قامت به جهة الإدارة بواسطة تابعيها من إزالة التعدى الواقع على أملاك الدولة يعتبر عملا ماديا يخرج نظر التعويض عنه عن الإختصاص الولائي لمجلس الدولة - ما ذهب إلى الحكم في هذا الصدد غير سديد .

(المحكمة الإدارية العليا الطعن رقم 1475لسنة 26 ق جلسة 1982/3/6  س 27 ص 369)

شرح خبراء القانون
الفقه الإسلامي

كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله (محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية) بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه

(مادة 152)
من كان واضعاً يده على عقار متصرفاً فيه تصرف الملاك بلا منازع مدة ثلاث وثلاثين سنة فلا تسمع عليه بعدها دعوى الإرث ولا دعوى أصل الوقف إلا لعذر شرعي.

(مادة 153)
لواضع اليد على العقار أن يضم إلى مدة وضع يده مدة وضع يد من انتقل منه العقار إليه سواء كان انتقاله بشراء أو هبة أو وصية أو إرث أو غير ذلك فإن جمعت المدتان وبلغت المدة المحددة لمنع سماع الدعوى فلا تسمع على واضع اليد دعوى الملك المطلق ولا دعوى الإرث ولا الوقف.

(مادة 156)
إنما لا تسمع دعوى الملك أو الإرث أو الوقف على واضع اليد إذا تحقق ترك الدعوى بلا عذر شرعي في المدة المحددة.
 

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الثالث عشر ، الصفحة / 118

تَقَادُمٌ

التَّعْرِيفُ:

1 - التَّقَادُمُ لُغَةً: مَصْدَرُ تَقَادَمَ يُقَالُ: تَقَادَمَ الشَّيْءُ أَيْ: صَارَ قَدِيمًا . وَقَدْ عَبَّرَتْ مَجَلَّةُ الأْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةُ عَنِ التَّقَادُمِ بِمُرُورِ الزَّمَانِ . وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ فِي الْجُمْلَةِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ. التَّقَادُمُ الْمَانِعُ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى:

2 - لِوَلِيِّ الأْمْرِ مَنْعُ الْقُضَاةِ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى فِي أَحْوَالٍ بِشُرُوطٍ مَخْصُوصَةٍ، وَمِنْ ذَلِكَ مَنْعُ سَمَاعِ الدَّعْوَى فِي بَعْضِ الْحَالاَتِ بَعْدَ مُدَّةٍ مُحَدَّدَةٍ مَعْلُومَةٍ، وَمَعَ أَنَّ الْحَقَّ لاَ يَسْقُطُ بِتَقَادُمِ الزَّمَانِ، إِلاَّ أَنَّ وَجْهَ هَذَا الْمَنْعِ هُوَ تَلاَفِي التَّزْوِيرِ وَالتَّحَايُلِ؛ لأِنَّ  تَرْكَ الدَّعْوَى زَمَانًا مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ إِقَامَتِهَا، يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحَقِّ ظَاهِرًا.

وَعَدَمُ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمُحَدَّدَةِ لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى سُقُوطِ الْحَقِّ فِي ذَاتِهِ وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ مَنْعِ الْقُضَاةِ عَنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى مَعَ بَقَاءِ الْحَقِّ لِصَاحِبِهِ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ الْخَصْمُ يَلْزَمُهُ، وَلَوْ كَانَ التَّقَادُمُ مُسْقِطًا لِلْحَقِّ لَمْ يَلْزَمْهُ

مُدَّةُ التَّقَادُمِ الْمَانِعِ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى:

3 - فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ مُخْتَلِفُونَ فِي تَعْيِينِ الْمُدَّةِ الَّتِي لاَ تُسْمَعُ بَعْدَهَا الدَّعْوَى فِي الْوَقْفِ وَمَالِ الْيَتِيمِ وَالْغَائِبِ وَالإْرْثِ، فَجَعَلَهَا بَعْضُهُمْ سِتًّا وَثَلاَثِينَ سَنَةً، وَبَعْضُهُمْ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَبَعْضُهُمْ ثَلاَثِينَ فَقَطْ، إِلاَّ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْمُدَدُ طَوِيلَةً اسْتَحْسَنَ أَحَدُ السَّلاَطِينِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ جَعْلَهَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَقَطْ، وَحَيْثُ كَانَ الْقَضَاءُ يَتَخَصَّصُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْخُصُومَةِ، وَيَقْبَلُ التَّقْيِيدَ وَالتَّعْلِيقَ، فَقَدْ نُهِيَ قُضَاةُ ذَلِكَ السُّلْطَانِ عَنْ سَمَاعِ دَعْوَى تَرَكَهَا الْمُدَّعِي خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً بِلاَ عُذْرٍ، لَكِنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْمَنْعِ بَعْضَ مَسَائِلَ، وَعَلَى هَذَا النَّهْيِ اسْتَقَرَّ خُلَفَاؤُهُ فِي الدَّوْلَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ، لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ، وَمِنْ ذَلِكَ يَظْهَرُ أَنَّ التَّقَادُمَ بِمُرُورِ الزَّمَانِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَمْرَيْنِ:

الأْوَّلُ: حُكْمٌ اجْتِهَادِيٌّ، نَصَّ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ.

وَالثَّانِي: أَمْرٌ سُلْطَانِيٌّ يَجِبُ عَلَى الْقُضَاةِ فِي زَمَنِهِ اتِّبَاعُهُ، لأِنَّ هُمْ بِمُقْتَضَاهُ مَعْزُولُونَ عَنْ سَمَاعِ دَعْوَى مَضَى عَلَيْهَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً بِدُونِ عُذْرٍ، وَالْقَاضِي وَكِيلٌ عَنِ السُّلْطَانِ، وَالْوَكِيلُ يَسْتَمِدُّ التَّصَرُّفَ مِنْ مُوَكِّلِهِ، فَإِذَا خَصَّصَ لَهُ تَخَصَّصَ، وَإِذَا عَمَّمَ تَعَمَّمَ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ وَغَيْرِهَا.

وَقَدْ فَرَّقَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ بَيْنَ هَذَيْنِ الأْمْرَيْنِ بِأَنَّ مَنْعَ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً مَبْنِيٌّ عَلَى النَّهْيِ السُّلْطَانِيِّ، فَمَنْ نَهَى عَنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى لَهُ أَنْ يَأْمُرَ بِسَمَاعِهَا، وَأَمَّا عَدَمُ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ ثَلاَثِينَ سَنَةً فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَنْعِ الْفُقَهَاءِ، فَلَيْسَ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَنْقُضَهُ، لأِنَّ  أَمْرَ السُّلْطَانِ إِنَّمَا يَنْفُذُ إِذَا وَافَقَ الشَّرْعَ وَإِلاَّ فَلاَ.

وَدَعَاوَى الدَّيْنِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَقَارِ الْمَمْلُوكِ وَالْمِيرَاثِ وَمَا لاَ يَعُودُ مِنَ الدَّعَاوَى إِلَى الْعَامَّةِ وَلاَ إِلَى أَصْلِ الْوَقْفِ فِي الْعَقَارَاتِ الْمَوْقُوفَةِ بَعْدَ أَنْ تُرِكَتْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً بِلاَ عُذْرٍ لاَ تُسْمَعُ، وَأَمَّا إِذَا كَانَتِ الدَّعْوَى تَعُودُ إِلَى أَصْلِ الْوَقْفِ فَتُسْمَعُ، وَلَوْ تُرِكَتِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ بِلاَ عُذْرٍ.

4 - وَمُدَّةُ الْمَنْعِ مَعَ سَمَاعِ الدَّعْوَى تُحْسَبُ بِالتَّارِيخِ الْقَمَرِيِّ (الْهِجْرِيِّ) كَمَا قَرَّرَتْ ذَلِكَ جَمْعِيَّةُ الْمَجَلَّةِ اتِّبَاعًا لِلْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ إِلاَّ إِذَا اتُّفِقَ عَلَى خِلاَفِهِ وَعَيَّنَا تَارِيخًا شَمْسِيًّا، وَالْمَنْعُ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى إِنَّمَا هُوَ لِلْقُضَاةِ، أَمَّا الْمُحَكَّمُونَ فَلاَ يَشْمَلُهُمُ النَّهْيُ، فَلَوْ حَكَّمَ اثْنَانِ شَخْصًا فِي نِزَاعٍ مَضَى عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَلَوْ بِلاَ عُذْرٍ فَإِنَّ الْمُحَكَّمَ يَسَعُهُ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا وَلاَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ النَّظَرُ فِي النِّزَاعِ.

وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِالنِّزَاعِ فِي أَصْلِ الْوَقْفِ (وَهُوَ كُلُّ مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ الْوَقْفِ) فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ حَتَّى سِتٍّ وَثَلاَثِينَ سَنَةً، وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِالنِّزَاعِ فِي غَيْرِ أَصْلِ الْوَقْفِ كَأُجْرَةِ النَّاظِرِ وَاَلَّذِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْوَقْفِ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُمْ حَتَّى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَقَطْ. 

الأْعْذَارُ الْمُبِيحَةُ لِسَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً:

5 - أَوْرَدَتْ مَجَلَّةُ الأْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةِ مِنَ الأْعْذَارِ الَّتِي يُبَاحُ مَعَهَا سَمَاعُ الدَّعْوَى بَعْدَ مُدَّةِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، الصِّغَرُ، وَالْجُنُونُ، وَالْغَيْبَةُ عَنِ الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ مَوْضُوعُ النِّزَاعِ مُدَّةَ السَّفَرِ، أَوْ كَوْنُ خَصْمِهِ مِنَ الْمُتَغَلِّبَةِ، وَفِيمَا يَلِي تَفْصِيلُهَا:

1 - الصِّغَرُ: إِذَا كَانَ صَاحِبُ الْحَقِّ صَغِيرًا وَسَكَتَ عَنِ الدَّعْوَى الْمُدَّةَ الْمُقَرَّرَةَ فَإِنَّ الْمُدَّةَ تُحْسَبُ عَلَيْهِ مِنْ تَارِيخِ بُلُوغِهِ رَشِيدًا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ أَوْ وَصِيٌّ بِاتِّفَاقٍ، وَمَعَ الْخِلاَفِ فِي حَالِ وُجُودِ الْوَلِيِّ أَوِ الْوَصِيِّ، وَرَجَّحَتْ لَجْنَةُ الْمَجَلَّةِ الإْطْلاَقَ لِمَصْلَحَةِ الصَّغِيرِ، وَمَنْ فِي حُكْمِهِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ وَصِيٌّ .

وَمِثْلُ ذَلِكَ الْمَجْنُونُ، فَإِنَّ الْمُدَّةَ لاَ تُحْسَبُ إِلاَّ مِنْ تَارِيخِ إِفَاقَتِهِ، وَكَذَلِكَ الْمَعْتُوهُ، فَإِنَّ الْمُدَّةَ تُحْسَبُ مِنْ تَارِيخِ زَوَالِ الْعَتَهِ.

2 - غَيْبَةُ صَاحِبِ الْحَقِّ عَنِ الْبَلَدِ مُدَّةَ السَّفَرِ وَهِيَ مُدَّةُ الْقَصْرِ.

3 - إِذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنَ الْمُتَغَلِّبَةِ بِأَنْ كَانَ أَمِيرًا جَائِرًا مَثَلاً فَذَلِكَ عُذْرٌ يُبِيحُ لِلْمُدَّعِي السُّكُوتَ عَنْ رَفْعِ الدَّعْوَى، وَلاَ تَبْتَدِئُ الْمُدَّةُ حَتَّى يَزُولَ الْجَوْرُ وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ .

مَتَى تَبْتَدِئُ الْمُطَالَبَةُ بِالْحَقِّ؟

6 - مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ كَمَا جَاءَ فِي مَجَلَّةِ الأْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةِ أَنَّهُ يَبْتَدِئُ مُرُورُ الزَّمَانِ مِنْ تَارِيخِ ثُبُوتِ الْحَقِّ لِلْمُدَّعِي بِإِقَامَةِ الدَّعْوَى بِالْمُدَّعَى بِهِ، فَمُرُورُ الزَّمَانِ فِي دَعْوَى دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ إِنَّمَا يَبْتَدِئُ مِنْ تَارِيخِ حُلُولِ الأْجَلِ لأِنَّهُ قَبْلَ حُلُولِهِ لاَ يَمْلِكُ الْمُدَّعِي الدَّعْوَى وَالْمُطَالَبَةَ بِذَلِكَ الدَّيْنِ، فَمَثَلاً لَوِ ادَّعَى وَاحِدٌ عَلَى آخَرَ فَقَالَ: لِي عَلَيْكَ كَذَا دَرَاهِمَ مِنْ ثَمَنِ الشَّيْءِ الَّذِي بِعْتُهُ لَكَ قَبْلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً مُؤَجَّلاً ثَمَنُهُ لِثَلاَثِ سِنِينَ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لأِنَّهُ يَكُونُ قَدْ مَرَّ اعْتِبَارًا مِنْ حُلُولِ الأْجَلِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً لاَ غَيْرُ، وَمَثَلاً لَوْ وَقَفَ وَاقِفٌ وَقْفَهُ وَشَرَطَ أَنْ يَكُونَ الاِسْتِحْقَاقُ لِذُرِّيَّتِهِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ، فَلاَ يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ مِنَ الْبَطْنِ الثَّانِي إِلاَّ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْبَطْنِ الأْوَّلِ، فَلَوْ وَقَفَ رَجُلٌ عَقَارًا وَشَرَطَ وِلاَيَتَهُ وَغَلَّتَهُ لأِوْلاَدِهِ ثُمَّ لأِحْفَادِهِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ فَقَامَ أَحَدُ أَوْلاَدِهِ لِصُلْبِهِ «أَيْ مِنَ الْبَطْنِ الأْوَّلِ» وَبَاعَ ذَلِكَ الْعَقَارَ لآِخَرَ وَظَلَّ الآْخَرُ مُتَصَرِّفًا فِيهِ مُدَّةَ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَبَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ تُوُفِّيَ الْبَائِعُ فَقَامَ أَحَدُ أَبْنَائِهِ يَدَّعِي ذَلِكَ الْعَقَارَ عَلَى الْمُشْتَرِي اسْتِنَادًا عَلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلاَ يَمْنَعُهُ مُضِيُّ هَذِهِ الْمُدَّةِ، لأِنَّ  حَقَّ إِقَامَةِ الدَّعْوَى لاَ يَثْبُتُ لِلْحَفِيدِ إِلاَّ بَعْدَ وَفَاةِ وَالِدِهِ بِمُقْتَضَى شَرْطِ الْوَاقِفِ، فَلاَ يَبْتَدِئُ مُرُورُ الزَّمَانِ بِالنِّسْبَةِ لِحَقِّهِ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ وَفَاةِ أَبِيهِ.

وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ وَقَفَ وَاقِفٌ عَقَارًا وَشَرَطَ غَلَّتَهُ لأِوْلاَدِهِ الذُّكُورِ وَبَعْدَ انْقِطَاعِهِمْ عَلَى بَنَاتِهِ، فَبَاعَ أَوْلاَدُهُ الذُّكُورُ، ذَلِكَ الْعَقَارَ لِرَجُلٍ وَسَلَّمُوهُ إِيَّاهُ وَبَعْدَ سِتِّينَ سَنَةً مَثَلاً انْقَطَعَتْ ذُرِّيَّةُ الْوَاقِفِ الذُّكُورِ فَقَامَتْ بَنَاتُهُ يَدَّعِينَ ذَلِكَ الْعَقَارَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِحُكْمِ الْوَقْفِ، تُسْمَعُ دَعْوَاهُنَّ وَلاَ يَمْنَعُ مُرُورُ هَذِهِ الْمُدَّةِ مِنْ سَمَاعِ دَعْوَاهُنَّ، لأِنَّ  حَقَّ إِقَامَةِ الدَّعْوَى لَمْ يَثْبُتْ لَهُنَّ إِلاَّ بَعْدَ انْقِطَاعِ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ الذُّكُورِ.

وَيَبْتَدِئُ مُرُورُ الزَّمَانِ بِالنِّسْبَةِ لِمُؤَجَّلِ الصَّدَاقِ مِنْ وَقْتِ الطَّلاَقِ أَوْ مِنْ تَارِيخِ مَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ، لأِنَّ  الصَّدَاقَ الْمُؤَجَّلَ لاَ يَصِيرُ مُعَجَّلاً إِلاَّ مِنْ تَارِيخِ الطَّلاَقِ الْبَائِنِ أَوِ الْوَفَاةِ.

7 - وَتَبْتَدِئُ مُطَالَبَةُ الْمَدِينِ الْمُفْلِسِ مِنْ تَارِيخِ زَوَالِ الإْفْلاَسِ كَأَنْ كَانَ لِدَائِنٍ عَلَى مَدِينٍ مَبْلَغٌ مِنَ الْمَالِ مَثَلاً وَكَانَ الْمَدِينُ مُفْلِسًا مُدَّةَ عَشْرِ سَنَوَاتٍ مَثَلاً فَإِنَّ هَذِهِ الْمُدَّةَ لاَ تَدْخُلُ فِي الزَّمَنِ وَتَبْتَدِئُ مُدَّةُ الْمُطَالَبَةِ مِنْ تَارِيخِ يَسَارِ الْمُفْلِسِ لأِنَّ  تَرْكَ الدَّعْوَى بِسَبَبِ إِفْلاَسِ الْمَدِينِ كَانَ بِعُذْرٍ إِذْ لاَ يَتَأَتَّى لَهُ إِقَامَةُ الدَّعْوَى مَا دَامَ الْمَدِينُ مُفْلِسًا.

وَنَصَّتِ الْمَادَّةُ (1669) مِنَ الْمَجَلَّةِ عَلَى أَنَّهُ «إِذَا تَرَكَ وَاحِدٌ دَعْوَاهُ بِلاَ عُذْرٍ وَمَرَّ عَلَيْهَا الزَّمَانُ عَلَى مَا ذُكِرَ آنِفًا فَكَمَا لاَ تُسْمَعُ تِلْكَ الدَّعْوَى فِي حَيَاتِهِ لاَ تُسْمَعُ أَيْضًا مِنْ وَرَثَتِهِ بَعْدَ مَمَاتِهِ».

وَجَاءَ فِي شَرْحِهَا: وَذَلِكَ لأِنَّ  الْوَارِثَ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا، فَمَا يَمْنَعُ سَمَاعَ دَعْوَى الْمُوَرِّثِ يَمْنَعُ سَمَاعَ دَعْوَى الْوَارِثِ. وَلَكِنَّ هَذَا إِذَا ادَّعَى الْوَارِثُ ذَلِكَ الْمِلْكَ بِالإْرْثِ عَنْ مُوَرِّثِهِ، أَمَّا لَوِ ادَّعَاهُ بِسَبَبٍ آخَرَ فَلاَ يَكُونُ تَرْكُ مُوَرِّثِهِ لِلدَّعْوَى مَانِعًا مِنْ سَمَاعِ دَعْوَاهُ، لأِنَّهُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ لاَ يَدَّعِي تَلَقِّي الْمِلْكِ مِنْ مُوَرِّثِهِ فَلاَ يَكُونُ قَائِمًا مَقَامَهُ، فَمَثَلاً لَوْ أَوْصَى رَجُلٌ بِعَقَارٍ لاِبْنِ زَيْدٍ الْقَاصِرِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ بِخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً قَامَ ابْنُ زَيْدٍ الَّذِي بَلَغَ رَشِيدًا وَادَّعَى ذَلِكَ الْعَقَارَ بِمُقْتَضَى تِلْكَ الْوَصِيَّةِ عَلَى وَارِثِ الْمُوصِي تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلاَ يَمْنَعُهُ مِنْهَا تَرْكُ أَبِيهِ ذَلِكَ الْعَقَارَ فِي يَدِ وَارِثِ الْمُوصِي لأِنَّهُ هَاهُنَا لاَ يَدَّعِي الْمِلْكَ بِسَبَبِ الإْرْثِ عَنْ أَبِيهِ بَلْ بِسَبَبِ الْوَصِيَّةِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَلَكِنْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمُوصِي قَدْ تَرَكَ الدَّعْوَى بِهَذَا الْعَقَارِ وَهُوَ فِي يَدِ آخَرَ مُدَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً لاَ تُسْمَعُ بِهِ دَعْوَى الْمُوصَى لَهُ لأِنَّ  الْمُوصَى لَهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوصِي فَمَا مُنِعَ عَنْهُ الْمُوصِي مُنِعَ عَنْهُ الْمُوصَى لَهُ لأِنَّ  الْوَصِيَّةَ أُخْتُ الْمِيرَاثِ، وَمِثْلُ الْوَصِيَّةِ بِهَذَا الْمَعْنَى الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَالْهِبَةُ.

 وَإِذَا تَرَكَ الْمُوَرِّثُ الدَّعْوَى مُدَّةً وَتَرَكَهَا الْوَارِثُ مُدَّةً أُخْرَى وَبَلَغَ مَجْمُوعُ الْمُدَّتَيْنِ حَدَّ مُرُورِ الزَّمَانِ فَلاَ تُسْمَعُ تِلْكَ الدَّعْوَى، لأِنَّهُ حَيْثُ كَانَ الْوَارِثُ قَائِمًا مَقَامَ الْمُوَرِّثِ كَانَا كَشَخْصٍ وَاحِدٍ حُكْمًا، فَلَوْ تَرَكَ الْمُوَرِّثُ الدَّعْوَى ثَمَانِيَ سِنِينَ مَثَلاً وَتَرَكَهَا الْوَارِثُ سَبْعَ سِنِينَ صَارَ كَأَنَّ الْوَارِثَ تَرَكَ الدَّعْوَى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلاَ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَمِثْلُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي كَالْمُوصِي وَالْمُوصَى لَهُ، فَلَوْ كَانَ وَاحِدٌ مُتَصَرِّفًا فِي عَرْصَةٍ مُتَّصِلَةٍ بِدَارٍ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَصَاحِبُ الدَّارِ سَاكِتٌ، ثُمَّ أَوْصَى صَاحِبُ الدَّارِ بِدَارِهِ هَذِهِ إِلَى رَجُلٍ، فَقَامَ الْمُوصَى لَهُ يَدَّعِي أَنَّ الْعَرْصَةَ طَرِيقٌ خَاصٌّ لِلدَّارِ الْمُوصَى لَهُ بِهَا لاَ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ.

وَإِذَا مَاتَ أَحَدٌ وَفِي وَرَثَتِهِ بَالِغٌ وَقَاصِرٌ، فَإِنَّ الْبَالِغَ إِذَا تَرَكَ الدَّعْوَى الْمُدَّةَ الْمُقَرَّرَةَ بِلاَ عُذْرٍ فَلاَ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَأَمَّا الْقَاصِرُ فَلاَ يُحْسَبُ عَلَيْهِ مُرُورُ الزَّمَانِ إِلاَّ مِنْ تَارِيخِ بُلُوغِهِ رَشِيدًا، مَعَ مُلاَحَظَةِ الْخِلاَفِ السَّابِقِ فِي وُجُودِ الْوَصِيِّ وَعَدَمِهِ.

8 - وَكُلُّ مَا تَقَدَّمَ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى لِمُرُورِ الزَّمَانِ إِنَّمَا هُوَ عِنْدَ إِنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِذَا اعْتَرَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْحَقِّ لِلْمُدَّعِي تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي مَهْمَا طَالَ الزَّمَانُ، وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ الإْنْكَارِ إِنَّمَا هُوَ عَدَمُ الإْنْكَارِ أَمَامَ الْقَاضِي فَلاَ يُعْتَبَرُ عَدَمُ الإْنْكَارِ خَارِجَ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ، وَلاَ يَصِحُّ الاِحْتِجَاجُ بِهِ لِوُجُودِ شُبْهَةِ التَّزْوِيرِ، وَلأِنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَنْعُ مِنْ سَمَاعِ أَصْلِ الدَّعْوَى

فَفَرْعُهَا وَهُوَ ادِّعَاءُ الإْقْرَارِ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنَ السَّمَاعِ لأِنَّ  النَّهْيَ يَشْمَلُهَا، وَلَكِنْ إِذَا كَانَ الإْقْرَارُ الْمُدَّعَى بِهِ قَدْ أُيِّدَ بِسَنَدٍ جَاءَ بِخَطِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ خَتْمِهِ الْمَعْرُوفَيْنِ وَلَمْ تَمُرَّ مُدَّةُ التَّقَادُمِ مِنْ تَارِيخِ السَّنَدِ إِلَى وَقْتِ رَفْعِ الدَّعْوَى فَعِنْدَ ذَلِكَ تُسْمَعُ دَعْوَى الإْقْرَارِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ.

وَالأْحْكَامُ الْمُتَقَدِّمَةُ الْخَاصَّةُ بِمُرُورِ الزَّمَانِ إِنَّمَا هِيَ لِلْحُقُوقِ الْخَاصَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالإْقْرَارِ، أَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِالأْمُورِ الْعَامَّةِ كَالطَّرِيقِ وَنَحْوِهَا فَلاَ تَسْرِي عَلَيْهَا أَحْكَامُ مُرُورِ الزَّمَانِ، فَتُسْمَعُ وَإِنْ طَالَتِ الْمُدَّةُ، وَمَا تَقَدَّمَ هُوَ خُلاَصَةُ أَحْكَامِ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِمُرُورِ الزَّمَانِ.

9 - أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَيُعَبِّرُونَ عَنْ مُرُورِ الزَّمَانِ بِالْحَوْزِ وَالْحِيَازَةِ وَعِنْدَهُمْ أَنَّ هُنَاكَ دَعَاوَى لاَ تُسْمَعُ مُطْلَقًا، وَهِيَ الدَّعَاوَى الَّتِي تُوجِبُ مَعَرَّةً كَالدَّعَاوَى الَّتِي تُرْفَعُ عَلَى مَنْ عُرِفَ بِالاِسْتِقَامَةِ وَالشَّرَفِ فِي الْمُعَامَلَةِ كَأَنْ يَدَّعِي شَخْصٌ مَعْرُوفٌ بِالْفَقْرِ وَالتَّجَنِّي عَلَى النَّاسِ عَلَى شَخْصٍ يُطَالِبُهُ بِعَقَارٍ فِي يَدِهِ.

وَالْحِيَازَةُ عِنْدَهُمْ عَلَى قِسْمَيْنِ:

1 - حِيَازَةٌ مَعَ جَهْلِ أَصْلِ الْمِلْكِ لِمَنْ هُوَ؟.

2 - حِيَازَةٌ مَعَ عِلْمِ أَصْلِ الْمِلْكِ لِمَنْ هُوَ؟.

فَالأْولَى تَكْفِي فِيهَا الْحِيَازَةُ الْمَانِعَةُ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى لِمُدَّةِ عَشَرَةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَحُوزُ عَقَارًا أَمْ غَيْرَهُ.

وَالثَّانِيَةُ لاَ بُدَّ فِيهَا مِنْ عَشْرِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ فِي الْعَقَارِ، أَوْ عَامَيْنِ فِي الدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ وَنَحْوِهَا، وَيُشْتَرَطُ لِسَمَاعِ الدَّعْوَى فِي كُلٍّ مِنَ الْحِيَازَتَيْنِ أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ بِذِكْرِ الْيَدِ، وَتَصَرُّفُ الْحَائِزِ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ، وَالنِّسْبَةُ، وَعَدَمُ الْمُنَازَعِ، وَطُولُ الْمُدَّةِ عَشْرَةُ أَشْهُرٍ فِي الأْولَى وَعَشَرُ سِنِينَ فِي الثَّانِيَةِ، وَعَدَمُ عِلْمِهِمْ بِمَا يُفَوِّتُ عَلَى الْمَالِكِ الأْصْلِيِّ حَقَّهُ فِي اسْتِرْجَاعِ مِلْكِهِ، فَلاَ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ مَعَ فَقْدِ هَذِهِ الأْمُورِ أَوْ صِيغَةِ الشَّهَادَةِ الَّتِي تُثْبِتُ الْمِلْكَ لِلْمُدَّعِي، وَهُمْ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الشَّاهِدِ ذِي الْعِلْمِ وَغَيْرِهِ.

10 - وَجُمْهُورُ فُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ يَرَوْنَ أَنَّهُ لاَ يُسْأَلُ عَنْ مَصْدَرِ حِيَازَتِهِ فَلاَ يُقَالُ لَهُ: كَيْفَ حُزْتَ مَا تَضَعُ يَدَكَ عَلَيْهِ؟ خِلاَفًا لاِبْنِ رُشْدٍ، فَإِنَّهُ جَزَمَ بِأَنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْ سُؤَالِ الْحَائِزِ عَنْ مَصْدَرِ حِيَازَتِهِ، هَلْ هُوَ الْمِيرَاثُ مَثَلاً أَوِ الشِّرَاءُ أَوِ الْهِبَةُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ؟ وَلاَ بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ، فَأَمَّا مُجَرَّدُ دَعْوَى الْمِلْكِ دُونَ أَنْ يَدَّعِيَ شَيْئًا مِنْ هَذَا فَلاَ يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ الْحِيَازَةِ إِذَا ثَبَتَ أَصْلُ الْمِلْكِ لِغَيْرِهِ .

وَرَأَى ابْنُ رُشْدٍ خِلاَفَ رَأْيِ الْجُمْهُورِ، وَرَأْيُ الْجُمْهُورِ هُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ، اللَّهُمَّ إِلاَّ إِذَا كَانَ الْحَائِزُ مَعْرُوفًا بِالتَّسَلُّطِ وَالْغَصْبِ وَالتَّعَدِّي، فَلاَ بُدَّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنْ يُبَيِّنَ بِأَيِّ وَجْهٍ صَارَ إِلَيْهِ وَلاَ يَنْفَعُهُ قَوْلُهُ اشْتَرَيْتُهُ مِنَ الْقَائِمِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ وَرَثَتِهِ بَلْ لاَ بُدَّ مِنْ إِثْبَاتِهِ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يُثْبِتْهُ فَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ بِيَدِهِ بِمَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ.

وَإِنْ عُرِفَ أَنَّ حِيَازَتَهُ كَانَتْ بِبَاطِلٍ لَمْ يَنْفَعْهُ طُولُ الْحِيَازَةِ وَإِنِ ادَّعَى شِرَاءَهُ، إِلاَّ أَنْ يَطُولَ ذَلِكَ نَحْوَ الْخَمْسِينَ سَنَةً وَنَحْوَهَا وَالْقَائِمُ حَاضِرٌ لاَ يُغَيِّرُ وَلاَ يَدَّعِي شَيْئًا، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الْحَائِزَ إِذَا حَازَ الْعَقَارَ مُدَّةَ عَشْرِ سِنِينَ مَعَ وُجُودِ الْمُدَّعِي وَسُكُوتِهِ بِلاَ عُذْرٍ فَإِنَّ مُضِيَّ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ يَمْنَعُ سَمَاعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي، وَمَا قَارَبَ عَشْرَ سِنِينَ يَأْخُذُ حُكْمَ الْعَشْرِ فَإِذَا نَقَصَتْ شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ أَخَذَتْ حُكْمَ الْعَشْرِ، وَأَمَّا إِذَا قَامَتِ الْخُصُومَةُ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْحَائِزِ أَمَامَ الْقَضَاءِ أَوْ غَيْرِهِ كَالْمُحَكِّمِينَ فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْطَعُ الْمُدَّةَ، وَفِي غَيْرِ الْعَقَارِ يَمْنَعُ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى مَعَ عَدَمِ الْعُذْرِ مُضِيُّ عَشَرَةِ أَشْهُرٍ، وَهُنَاكَ خِلاَفَاتٌ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ فِي ذَلِكَ، وَالتَّخَاصُمُ يَقْطَعُ مُضِيَّ الْمُدَّةِ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَاشْتَرَطَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ تَكْرَارَ التَّخَاصُمِ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ عَنْ سَحْنُونٍ، وَإِذَا سَكَتَ بَعْدَ الْمُنَازَعَةِ عَشْرَ سِنِينَ فَإِنَّ سُكُوتَهُ يَمْنَعُ مِنْ سَمَاعِ دَعْوَاهُ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إِذَا سَكَتَ الْمُدَّعِي عَنْ مُخَاصَمَةِ الْحَائِزِ عَشْرَ سِنِينَ ثُمَّ رَفَعَ الْمُدَّعِي أَمْرَهُ لِيَقْضِيَ لَهُ وَعَلَّلَ سُكُوتَهُ بِأَنَّ بَيِّنَتَهُ كَانَتْ غَائِبَةً ثُمَّ جَاءَتْ، فَقِيلَ: يُقْبَلُ عُذْرُهُ وَقِيلَ: لاَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: كُنْتُ فَاقِدًا مُسْتَنَدِي ثُمَّ وَجَدْتُهُ، وَكَذَلِكَ جَهْلُ الْحُكْمِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ جَهْلَهُ أَنَّ الْحِيَازَةُ تَمَلُّكُ الْحَائِزِ لَيْسَ عُذْرًا وَسُكُوتُ الْمُوَرِّثِ ثُمَّ الْوَارِثِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ يَمْنَعُ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى لأِنَّ هُمَا كَشَخْصٍ وَاحِدٍ، وَقِيلَ تُحْسَبُ مُدَّةُ الْمُوَرِّثِ وَحْدَهَا وَمُدَّةُ الْوَارِثِ وَحْدَهَا فَلاَ يُجْمَعَانِ مَعًا.  

11 - وَنَفَقَةُ غَيْرِ الزَّوْجَةِ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ فَلاَ تَصِيرُ بِفَوْتِهَا دَيْنًا فِي ذِمَّةِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ إِلاَّ بِاقْتِرَاضِ قَاضٍ بِنَفْسِهِ أَوْ مَأْذُونِهِ لِغَيْبَةٍ أَوْ مَنْعٍ فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ تَصِيرُ دَيْنًا عَلَيْهِ بِشَرْطِ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ احْتِيَاجُ الْفَرْعِ وَغِنَى الأْصْلِ مَثَلاً.

أَمَّا نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ فَلاَ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ بَلْ تَصِيرُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ، وَالْمُرَادُ بِالنَّفَقَةِ هُنَا مَا سِوَى الْمَسْكَنِ وَالْخَادِمِ، لأِنَّ  نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ لِلاِسْتِمْتَاعِ وَالتَّمْكِينِ، وَكَذَلِكَ الْمَهْرُ بَعْدَ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ لاَ يَسْقُطُ بِالتَّقَادُمِ، بَلْ يَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ وَيُسْتَحَقُّ بِالْمَوْتِ أَوِ الطَّلاَقِ الْبَائِنِ وَيَصِيرُ مَأْمُونًا مِنْ سُقُوطِهِ.  

12 - وَيُبَيِّنُ أَيْضًا مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ وَالْمَالِكِيَّةَ يَكَادُونَ يَتَّفِقُونَ عَلَى إِبَاحَةِ سَمَاعِ الدَّعْوَى لِلأْعْذَارِ، وَهِيَ عَلَى الْجُمْلَةِ الصِّغَرُ وَالْغَيْبَةُ الْبَعِيدَةُ وَالْجُنُونُ وَالْعَتَهُ وَكُلُّ عُذْرٍ يَمْنَعُ الْمُدَّعِيَ مِنْ رَفْعِ الدَّعْوَى كَأَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَا سَطْوَةٍ وَيُخَافُ مِنْهُ - عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ.