مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السادس، الصفحة :507
مذكرة المشروع التمهيدي :
1- هذه النصوص تعرض لقواعد التقادم المكسب بعد أن تقررت مدته وقواعد التقادم المكسب هي نفس قواعد التقادم المسقط فيما يتعلق باحتساب المدة (م 517) وفيما يتعلق بوقف التقادم (م 519 ) إلا أن التقادم المكسب يوقف أياً كانت مدته، أما التقادم المسقط فلا يوقف إذا كانت مدته لا تزيد على خمس سنوات ( م 1425، 519، وانظر المادتين 84 - 85 / 113 - 114 من التقنين الحالي واضطراب العبارة فيهما أمر مشهور ) وفيما يتعلق بانقطاع التقادم (م 520 - 522) إلا أن التقادم المكسب ينقطع انقطاعاً طبيعياً إذا فقد الحائز الحيازة ولم يستردها أو يرفع الدعوى باستردادها في خلال سنة (م 1426 ) ولا يتصور هذا الانقطاع الطبيعي في التقادم المسقط، وفيما يتعلق بالتمسك به أمام القضاء وجواز التنازل عنه والاتفاق على تعديل مدته (م 524 - 525) ألخ.
2 - وتوجد قاعدتان خاصتان بالتقادم المكسب ولا نظير لها في التقادم المسقط، وهما تتلخصان فيما يأتي :
(أ) يكفي أن يثبت الحائز التاريخ الذي بدأت فيه حيازته ثم يثبت أنه حائز في الحال فلا يحتاج بعد ذلك لإثبات أنه استمر حائزاً في المدة ما بين الزمنين، فإن هذا الاستمرار يكون مفروضاً حتى يقوم الدليل على العكس بل إن قيام الحيازة حالاً، إذا كان لدى الحائز سند يعطي الحق في الحيازة، قرينة على قيامها في وقت سابق هو بدء التاريخ الثابت لهذا السند ما لم يقم الدليل على عكس ذلك، ويتبين من هذا أن الحائز إذا قدم لإثبات حيازته عقد بيع مثلاً ثابت التاريخ منذ خمس عشرة سنة، فيكفي هذا العقد قرينة على أنه حاز منذ خمس عشرة سنة، وأنه مستمر في حيازته إلى اليوم، وعلى خصمه أن يثبت العكس إذا ادعاه، وفي هذه القرائن تيسير عظيم لإثبات الحيازة بدءاً واستمراراً .
(ب) إذا كان الحائز بيده سند إيجار مثلاً فهو حائز لحق المستأجر، وليس له بمجرد تغيير نيته أن يحوز حق الملكية إذا لم يقترن ذلك بفعل ظاهر يصدر من الغير أو من الحائز نفسه، كأن يتعرض الغير للحائز فيدعى هذا الملكية أو يعارض الحائز حق المالك بحمل ظاهر، ولا يبدأ سريان التقادم بالنية الجديدة إلا من وقت صدور هذا العمل الظاهر ( أنظر في هذا المعنى م 79/ 106 من التقنين الحالى وعبارتها مشوشة غامضة ).
1- مفاد المواد 949/1 ، 955/1 ، 967 ، 972 من القانون المدنى أن الحيازة لا تقوم على عمل يأتيه شخص على أنه مجرد رخصة من المباحات وأنها تنتقل للخلف العام بالصفة التى بدأت بها وقت كسبها وأن انتقالها بالميراث لا يمكن اعتباره تغييرا للسبب لأنها تنتقل بصفاتها إلى الوارث الذى يخلف مورثه فى التزامه بالرد بعد انتهاء السبب الوقتى لحيازته العرضية فلا تكون للوارث حيازة مستقلة مهما طال الزمن ولو كان يجهل أصلها أو سببها لأن الحائز العرضى لا يستطيع كسب الملك بالتقادم على خلاف سنده إلا إذا تغيرت صفة حيازته إما بفعل الغير وإما بفعل منه يعتبر معارضة ظاهرة لحق المالك ومن وقت هذا التغيير يبدأ سريان التقادم المكسب .
(الطعن رقم 2388 لسنة 67 جلسة 2010/04/12 س 61 ص 477 ق 78)
2- تغيير سبب وضع اليد لا يكون و على ما تقضى به المادة 972 من القانون المدنى إلا بإحدى إثنتين أن يتلقى ذو اليد الوقتية ملكية العين من شخص من الأغيار يعتقد أنه هو المالك أو أن يجابه ذو اليد الوقتية مالك العين مجابهة صريحة فعلية قضائية أوغير قضائية تدل على أنه مزمع إنكار الملكية على المالك والإستئثار بها دونه وعبء إثبات تغيير سبب الحيازة على هذا النحو إنما يقع على عاتق الحائز العرضى .
(الطعن رقم 579 لسنة 48 جلسة 1981/05/06 س 32 ع 2 ص 1388 ق 252)
3- وضع اليد على أرض الوقف بسبب التحكير وضع يد مؤقت مانع من كسب الملكية بالتقادم مهما طالت مدته ولا يستطيع المستحكر - هو وورثته من بعده - أن يغير بنفسه لنفسه سبب حيازته ، ولا الأصل الذى تقوم عليه هذه الحيازة ، ولا يجوز له أن يكسب الملكية بالتقادم إلا إذا تغيرت صفة حيازته إما بفعل الغير وإما بفعل منه يعتبر معارضة لحق المالك ، وفى هذه الحالة الأخيرة يجب أن يقترن تغيير نيته بفعل إيجابى ظاهر يجابه به حق المالك بالإنكار الساطع والمعارضة الفعلية ويدل دلالة جازمة على أنه مزمع إنكار الملكية على صاحبها والإستئثار بها دونه .
(الطعن رقم 1415 لسنة 50 جلسة 1981/03/24 س 32 ع 1 ص 920 ق 171)
4- إذ واجه الحكم المطعون فيه دفاع الطاعنين بإكتساب مورثهم - المشترى - الذى قضى بفسخ عقد شرائه ملكية أعيان النزاع بوضع اليد المدة الطويلة وإنتهى إلى أن حيازته لها كانت حيازة عرضية بنية التملك فلا تصلح غير مقترنة سبباً لكسب الملكية بالتقادم ، إذ أن وضع يده كان مستنداً إلى حقه فى حبس الأعيان المبيعة حتى يستوفى مقدم الثمن وقيمة الإصلاحات التى أجراها ، وكانت هذه الأسباب سائغة وتكفى لحمل قضائه ، فإن النعى على الحكم المطعون فيه بالقصور أو بمخالفة القانون فى غير محله .
(الطعن رقم 429 لسنة 42 جلسة 1977/03/30 س 28 ع 1 ص 830 ق 147)
5- أن نيه التملك - وهى عنصر معنوى - تدل عليها وتكشف عنها أمور ومظاهر خارجية يترك تقديرها لمحكمة الموضوع فى ضوء التحقيقات و الأدلة التى تقوم عليها الدعوى - ولها فى حدود سلطتها الموضوعية - أن تستخلص ثبوتها من عدمه دون رقابة عليها من محكمة النقض متى كان إستخلاصها سائغاً له أصول ثابتة فى الأوراق - وإذن فمتى كان الثابت أن الخبير قد عجز عن تبين هذه النية فتعرضت المحكمة لإستكشافها , وخلصت إلى ثبوتها من واقع ظروف الدعوى وما قدم فيها من مستندات وما قام به الخبير من أعمال ، فإن ما يثيره الطاعنون لا يعدوا أن يكون جدلاً موضوعياً فى تقدير محكمة الموضوع للدليل وهو ما تنحسر عنه رقابه محكمة النقض .
(الطعن رقم 553 لسنة 41 جلسة 1977/02/21 س 28 ع 1 ص 491 ق 94)
6- متى كان الطاعن قد تمسك فى دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن المطعون عليهما - وهما شقيقاه لم يكتسبا ملكية نصيبه فى أرض النزاع بالتقادم ، لأنهما كانا يضعان اليد عليه لحسابه هو لا لحسابهما الخاص ، ولما كان الحائز لحساب غيره لا يستطيع أن يكسب بحيازته العرضية حق ملكية العين بالتقادم إلا إذا تغيرت صفة حيازته وتحولت من حيازة عرضية إلى حيازة أصلية ، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قضى للمطعون عليهما بملكية نصيب الطاعن فى أرض النزاع بالتقادم وبريعه فى سنتى المطالبة إستناداً إلى أنهما وضعا اليد عليه بنية التملك وأنهما كانا يقومان بتأجيره وزراعته ، دون أن يرد الحكم على دفاع الطاعن سالف الذكر ودون أن يبين المظاهر الدالة على أن وضع يد المطعون عليهما على القدر المذكور كان بنية التملك ، ومع أن مجرد قيام المطعون عليهما بتأجير هذه العين أو بزراعتها لا يفيد فى ذاته أن وضع اليد عليها كان لحسابهما الخاص ، لما كان ذلك ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد عاره قصور يبطله .
(الطعن رقم 597 لسنة 40 جلسة 1975/05/13 س 26 ع 1 ص 997 ق 191)
7- متى كان الحكم المطعون فيه لم يبين ما إذا كانت الصفة العرضية لحيازة ... - النائب على الطاعنين بعمل مادى أو قضائى يدل على إنكار ملكيتهما لحصتهما فى الماكينة و إستئثاره بها دونها ، وكان استخراج ترخيص لإدارة الماكينة بإسم هذا النائب وشريكيه دون باقى أخوته لا يعتبر بذاته تغييراً لصفة الحيازة ولا يتحقق معنى المعارضة لحق الطاعنين بالمعنى المقصود قانوناً فى هذا الصدد ، فإن الحكم يكون معيباً بالقصور فى التسبيب و الفساد فى الإستدلال .
(الطعن رقم 259 لسنة 42 جلسة 1977/01/04 س 28 ع 1 ص 147 ق 40)
8- وضع اليد بسبب وقتى معلوم غير أسباب التمليك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يعتبر صالحاً للتمسك به إلا إذا حصل تغيير فى سببه يزيل عنه صفته الوقتية و هذا التغير لا يكون إلا بإحدى إثنتين ، أن يتلقى ذو اليد الوقتية ملك العين من شخص من الأغيار يعتقد هو أنه المالك لها والمستحق للتصرف فيها ، أو أن يجابه ذو اليد الوقتية مالك العين مجابهة ظاهرة صريحة بصفة فعلية أو بصفة قضائية أو غير قضائية تدل دلالة جازمة على أنه يزمع إنكار الملكية على المالك والإستئثار بها دونه ، وهو ما تقضى به المادة 2/972 من القانون المدنى
(الطعن رقم 403 لسنة 40 جلسة 1976/11/23 س 27 ع 2 ص 1627 ق 302)
9- إن الحائز العرضى لا يستطيع كسب الملك بالتقادم على خلاف سنده إلا إذا تغيرت صفة حيازته إما بفعل الغير وإما بفعل من الحائز يعتبر معارضة ظاهرة لحق المالك ولا يكفى فى تغير الحائز صفة وضع يده مجرد تغيير نيته ، بل يجب أن يكون تغيير النية بفعل إيجابى ظاهر يجابه به حق المالك بالإنكار الساطع والمعارضة العلنية ويدل دلالة جازمة على أن ذا اليد الوقتية مزمع إنكار الملكية على صاحبها واستئثاره بها دونه عملاً بنص المادة 972/2 من القانون المدنى .
(الطعن رقم 3033 لسنة 71 جلسة 2009/05/09 س 60 ص 550 ق 91)
10- يجوز تغيير صفة الحائز بعد انتهاء عقد قسمة المهايأة من حائز بسبب وقتى معلوم إلى حائز بقصد التملك ، إذا جابه هذا الحق باقى الملاك المشتاعين بما يفيد قصده القاطع فى التملك .
(الطعن رقم 127 لسنة 36 جلسة 1970/05/19 س 21 ع 2 ص 862 ق 138)
11- من المقرر فى ظل القانون المدنى السابق أن الحصة الشائعة يصح أن تكون محلا لأن يحوزها حائز على وجه التخصيص والإنفراد بنية امتلاكها ، ولا يحول دون ذلك أجتماع يد الحائز بيد مالك العقار بما يؤدى إلى المخالطة بينهما ، لأن هذه المخالطة ليست عيبا فى ذاتها ، وإنما العيب فيما ينشأ عنها من غموض أو إبهام ، فإذا أستطاع الشريك فى العقار الشائع أن يحوز حصه أحد شركائه المشتاعين حيازة تقوم على معارضة حق المالك لها على نحو لا يترك محلا لشبهة الغموض والخفاء أومظنة التسامح ، واستمرت هذه الحيازة دون انقطاع خمس عشرة سنة فإنه يكسب ملكيتها بالتقادم .
(الطعن رقم 127 لسنة 36 جلسة 1970/05/19 س 21 ع 2 ص 862 ق 138)
12- من مقتضى عقد الحكر أن للمحتكر إقامة ما يشاء من المبانى على الأرض المحتكرة وله حق القرار ببنائه حتى ينتهى حق الحكر ، كما أن له أن يحدث فى المبانى زيادة وتعديلا ، وله ملكية ما أحدثه من بناء ملكا تاما يتصرف فيه وحده أومقترنا بحق الحكر ، وينتقل عنه هذا الحق إلى ورثته . ولكنه فى كل هذا تكون حيازته للآرض المحتكرة حيازة وقتيه لا تكسبه الملك إلا إذا حصل تغيير فى سبب حيازته يزيل عنها صفة الوقتية ، ولا يكفى فى ذلك مجرد تغيير الحائز الوقتى لنيته بل يجب أن يقترن تغيير النية بفعل إيجابى ظاهر يجابه به مالك الحق بالإنكار الساطع والمعارضة العلنية ويدل دلالة جازمة على أن ذا اليد الوقتية مزمع إنكار الملكية على صاحبها والإستئثار بها دونه .
(الطعن رقم 218 لسنة 29 جلسة 1964/02/20 س 15 ع 1 ص 244 ق 43)
13- لا يكفي فى تغيير الحائز صفة وضع يده مجرد تغيير نيته بل يجب أن يقترن تغيير النية بفعل إيجابي ظاهر يجابه به حق المالك بالإنكار الساطع والمعارضة العلنية ويدل دلالة جازمة على أن ذا اليد الوقتية مزمع إنكار الملكية على صاحبها واستئثار بها دونه، فإذا كان الرهن التأميني الذي لا يتجرد فيه الراهن عن الحيازة ولا يقترن بأي مظهر خارجي يتبين منه نية الغصب لا يتم به تغيير صفة الحيازة فى التقادم المكسب على النحو الذي يتطلبه القانون، كما أن وضع يد الواقف المستحق فى الوقف والناظر عليه حتى وفاته وضع يد وقتي وكذلك يكون وضع يد أولاده من بعده مشوبا بالوقتية ولو كان بنية التملك ومن ثم فإن رهن الواقف أو أحد أولاده عين الوقف رهنا تأمينيا لا يتم به تغيير صفة الحيازة إذ هو لا يتضمن مجابهة حق جهة الوقف بفعل إيجابي ظاهر.
(الطعن رقم 125 لسنة 26 جلسة 1961/12/28 س 12 ع 1 ص 839 ق 142)
14- وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه وإن كان لمحكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- السلطة المطلقة في التحقق من استيفاء الحيازة لشروطها القانونية، وهي أن تكون مقرونة بنية التملك ومستمرة وهادئة وظاهرة إلا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب التي أقامت عليها قضاءها سائغة ومستمدة من أوراق الدعوى ومن شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها، وكانت الطاعنة قد تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع - ووفق طلباتها الختامية - بأن حيازة سلف المطعون ضده للمنزل - المقام على الأرض المملوكة لها - كانت عرضية، إذ كان عاملا لديها، ودللت على ذلك بشهادة صادرة من التأمينات الاجتماعية، وكان مؤدي هذا الدفاع أن حيازة السلف العقار النزاع كانت بسبب وقتی معلوم، وكان الحائز العرضي لا يستطيع كسب الملك بالتقادم على خلاف سنده إلا إذا تغيرت صفة حيازته - على ما تقضى به المادة۲/ ۹۷۲ من القانون المدني إما بفعل الغير وإما بفعل من الحائز يعتبر معارضة ظاهرة لحق المالك، ولا يكفي في تغيير صفة وضع يده - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مجرد تغيير نيته، بل يجب أن يكون تغيير النية بفعل إيجابي - مادي أو قضائی- يجابه به حق المالك بالإنكار الساطع والمعارضة العلنية، ويدل دلالة جازمة على أن ذا اليد الوقتية مزمع إنكار الملكية على صاحبها والاستئثار بها دونه، وعبء إثبات تغيير سبب الحيازة - على هذا النحو - إنما يقع على عاتق الحائز العرضی، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد واجه هذا الدفاع بقوله أنه على فرض ص حته، فقد حاز المطعون ضده المنزل لما يقارب العشرين عاما - بعد وفاة مورثه - دون أن تربطه بالطاعنة ما يحملها على التسامح في وضع يده، مما عده الحكم مجابهة صريحة منه لها وإنكارا لملكيتها، ورتب على ذلك رفض دعواها بطرده وتثبيت ملكيته للعقار، وكان هذا الذي أورده الحكم لا يصلح ردا على دفاع الطاعنة، ذلك أن انتقال الحيازة بالميراث لا يمكن اعتباره مغيرا للسبب لأن الحيازة إنما تنتقل بصفاتها إلى الوارث الذي يخلف مورثه في التزامه بالرد عند انتهاء السبب الوقتی لحيازته العرضية. ولا تكون للوارث حيازة مستقلة مهما طال الزمن، ولو كان يجهل أصلها أو سيبها مالم تصحبه مجابهة صريحة ظاهرة للمالك، وكانت إقامة المطعون ضده - بعد وفاة مورثه بمنزل النزاع- مهما استطالت لا تعد بمجردها تغييرا السبب الحيازة الوقت الذي تمسكت الطاعنة بانتقاله إليه، هذا إلى أن الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - قد استخلص من أقوال الشهود الذين سمعهم الخبير توافر نيه التملك لدي مورث المطعون ضده، على الرغم من خلوها مما يفيد توافر هذه النية، بما يعيب الحكم - فضلا عن الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون - بمخالفة الثابت بالأوراق، مما يعيبه ويوجب نقضه - دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن على أن يكون مع النقض الإحالة". طعن رقم 3050لسنة 62 ق جلسة 10/2/1999.
تنص المادة 972 مدني على ما يأتي :
" 1 - ليس لأحد أن يكسب بالتقادم على خلاف سنده فلا يستطيع أحد أن يغير بنفسه لنفسه سبب حيازته ولا الأصل الذى تقوم عليه هذه الحيازة " .
" 2 - ولكن يستطيع أن يكسب بالتقادم إذا تغيرت صفة حيازته، إما بفعل الغير وإما بفعل منه يعتبر معارضة لحق المالك، ولكن فى هذه الحالة لا يبدأ سريان التقادم إلا من تاريخ هذا التغيير".
ويخلص من هذا النص أن الحائز العرضي يبقى حائزاً عرضياً كما قدمنا مهما طال الزمن على حيازته، فلا يستطيع أن يغير صفة حيازته هذه بمجرد تغيير نيته، كأن يعلن المستأجر المؤجر مثلاً أنه غير نيته من حيازة العين كمسـتأجر إلى حيازتها كمالك ولو صاحب هذا الإعلان أن يمتنع عن دفع الأجرة للمؤجر، فإن إعلانه تغيير نيته لا يغير من صفة حيازته العرضية، وامتناعه عن دفع الأجرة إخلال بالتزامه كمستأجر، وهذا وذاك لا يكفيان في تحويل حيازته العرضية إلى حيازة أصلية . وعلى ذلك تبقى حيازته حيازة عرضية، ولا يستطيع بموجبها أن يكسب ملكية العين المؤجرة بالتقادم، وهذا لأنه " ليس لأحد أن يكسب بالتقادم على خلاف سنده، فلا يستطيع أحد أن يغير بنفسه لنفسه سبب حيازته كذلك وارث الحائز العرضي يبقى حائزاً عرضياً مثل مورثه كما سبق القول، ولا يستطيع تحويل حيازته العرضية إلى حيازة أصيلة بمجرد تغيير نيته وإعلانه أنه أصبح يحوز كمالك على خلاف حيازة مورثه ومن ثم لا يستطيع كسب ملكية العين التي تلقاها من مورثه بالتقادم لمجرد أنه غير بنفسه لنفسه أصل حيازته وهي في أصلها حيازة عرضية، وهذا لأنه " ليس لأحد أن يكسب بالتقادم على خلاف سنده، فلا يستطيع أحد أن يغير بنفسه لنفسه.. الأصل الذي تقوم عليه هذه الحيازة " .
ولا يستطيع الحائز العرض أو وارثه إني كسب بالتقادم ملكية العين، إلا إذا تغيرت صفة حيازته وتحولت هذه الحيازة من حيازة عرضية إلى حيازة أصلية ولا يبدأ سريان التقادم إلا من الوقت الذي يتم فيه هذا التحول، ومن ذلك الوقت أيضاً يمكن للحائز أن يحتمي بدعاوى الحيازة".
وتتغير صفة الحيازة العرضية وتتحول إلى حيازة أصيلة بأحد أمرين :
( الأمر الأول ) فعل يصدر من الغير : وهذا الفعل يكون عادة تصرفاً ناقلاً للملكية، يتلقاها الحائز العرضي من الغير فتتغير به صفة حيازته العرضية وتتحول إلى حيازة أصيلة، إذ أن الحائز يحوز العين من وقت هذا التصرف كمالك لحساب نفسه، لا كحائز عرضي لحساب غيره ومن ذلك الوقت يستطيع الحائز أن يحتمي كمالك بجميع دعاوى الحيازة كما قدمنا، كما يستطيع أن يكسب الملكية بالتقادم . مثل ذلك أن يعتقد المستأجر للعين أنه استأجر من غير المالك، فيتقدم إلى الشخص الذي يعتقد أنه هو المالك ويشتري منه العين فهنا قد صدر تصرف ناقل للملكية من الغير وهو الشخص الذي يعتقد المستأجر خطأ أنه هو المالك، وقد صدر هذا التصرف إلى المستأجر وهو الحائز العرضي، فيضع هذا الحائز يده على العين كمالك بمجرد صدور عقد البيع له، ومن ثم تنقلب حيازته من حيازة عرضية إلى حيازة أصيلة، ويستطيع أن يكسب ملكية العين بالتقادم إذا أكمل مدته ضد المؤجر وهو المالك الحقيقي للعين ولا يشترط أن يكون الحائز العرضي، وقت أن تلقى التصرف الناقل للملكية، حسن النية أي يعتقد أنه تعامل مع المالك الحقيقي، فلو كان سيء النية، أي يعرف أنه يتعامل مع غير المالك، فإن التصرف الصادر إليه على هذا النحو يغير هو أيضاً من صفة حيازته فتقلب هذه الحيازة من حيازة عرضية إلى حيازة أصيلة وفي جميع الأحوال يجب أن يتصرف الحائز على مقتضى سنده الجديد الناقل للملكية، ففي المثل الذي قدمناه يجب أن يمتنع المستأجر بعد أن تلقى التصرف من دفع الأجرة للمؤجر، فيستطيع عندئذ أن يتملك العين، إما بالتقادم القصير إذا كان حسن النية إذ أن لديه السبب الصحيح، أو بالتقادم الطويل إذا لم يكن حسن النية، وكذلك يستطيع في الحالتين أن يحمي حيازته الجديدة بجميع دعاوى الحيازة، ولو ضد المؤجر . أما إذا استمر بدفع الأجرة للمؤجر، فإن حيازته تكون حيازة غامضة، لا تصلح لكسب الملكية بالتقادم ولا لأن تحمي بدعاوى الحيازة.
ويمكن أن يصدر التصرف الناقل للملكية للحائز العرضي في نفس الشخص الذي يحوز الحائز العرضي العين باسمه، فتتحول الحيازة العرضية بذلك إلى حيازة أصيلة . وذلك بأن يصدر التصرف الناقل للملكية من المؤجر نفسه وهو المالك الحقيقي، فيشتري المستأجر منه العين المؤجرة و يحوزها منذ شرائها كمالك لحساب نفسه، بل قد يكون المؤجر غير مالك للعين المؤجرة، ويتلقى منه المستأجر عقد البيع فتتحول به حيازته العرضية إلى حيازة أصيلة، ويستطيع المستأجر في هذه الحالة إني كسب ملكية العين بالتقادم ضد المالك الحقيقي، كما يستطيع أن يحتمي بجميع دعاوى الحيازة ضد المالك الحقيقي وضد المؤجر.
( والأمر الثاني ) فعل يصدر من الحائز العرضي يعارض به حق المالك : ولا يكفي في ذلك مجرد إنكار الحائز العرضي لحق المالك وإعلانه ذلك على ملأ من الناس، بل لا يكفي تصرفه في العين تتصرف الملاك فيهدمها مثلاً أو يقيم عليها بناء أو يبيعها، فإن هذا يعد تعسفاً منه في استعمال حيازته العرضية وليس من شأن هذا التعسف أن يغير صفة الحيازة ويحولها إلى حيازة أصيلة بل يجب أن يعارض الحائز العرضي حق المالك فيقوم بينهما مباشرة نزاع على ملكية العين، يدعيها الحائز لنفسه وينكر المالك عليه ذلك. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ التاسع، المجلد/ الثاني، الصفحة/ 1137)
الحائز العرضي کالمستأجر والمودع لديه والمستعير وأمين النقل والحارس والمرتهن رهن حيازة والولي والوصي والقيم والوكيل، نظل صفة حيازته العرضية للعين فيظل حائزاً لحساب المالك وتنتقل الحيازة إلى الخلف العام كالوارث. بذات صفتها، ولا يجوز للحائز العرضي أن يغير صفة الحيازة بمجرد تغيير نيته أو بمجرد امتناعه عن دفع الأجرة إذ ليس لأحد أن يكسب بالتقادم على خلاف سنده، فلا يستطيع أحد أن يغير بنفسه لنفسه سبب حيازته، ولكن للحائز العرضي أن يغير صفة حيازته العرضية إلى حيازة أصلية عن نفسه بأحد طریقین:
(1) أن يصدر فعل من الغير من شأنه أن تتحول الحيازة العرضية إلى حيازة أصلية، كما لو كان المؤجر تصرف للمستأجر في العين المؤجرة بالبيع بينما كان المؤجر ليس مالكاً، ومن ثم يصبح المستأجر أصيلاً فتكون حيازته أصيلة بمجرد صدور البيع بشرط أن يتصرف بما لا يتعارض مع أحكام البيع فلا يدفع أجرة وإلا كانت حيازته معيبة بالغموض فلا يتملك العين بالتقادم ولا يستطيع الاحتماء بدعاوى الحيازة، ومثل ذلك أيضاً أن يصدر البيع للمستأجر من غير المؤجر بينما هذا الغير ليس مالكاً، ويشترط في التصرف أن يكون من شأنه إيجاد حيازة جديدة مغايرة للحيازة السابقة كعقد بيع أما التصرف الكاشف عن الملكية كالقسمة فليس من شأنه إيجاد حيازة جديدة فلا تتغير به صفة الحيازة.
ومتى كان من شأن الفعل أو التصرف الصادر من الغير إيجاد حيازة جديدة، فإن الحائر، اعتباراً من هذا الوقت، أن يتملك بالتقادم الطويل أن كان سيء النية أو كان العمل الصادر من الغير ليس تصرفاً، أما أن كان العمل تصرفاً كبيع فللحائز أن يتملك العين بالتقادم القصير متى كان حسن النية.
(2) فعل يصدر من الحائز يجابه به حق المالك، ويجب أن يكون في مواجهة المالك نفسه وأن يدعى فيه الحائز ملكية العين، ويتحقق ذلك إما أثناء نظر دعوى مقامة من المالك لمطالبة الحائز بتنفيذ التزاماته فيدفعها الحائز بأنه المالك للعين وأما بإنذار رسمی يوجهه الحائز إلى المالك متضمناً ملكية الأول للعين أو بخطاب مسجل أو شفاهة ويتحمل الحائز إثبات علم المالك بهذه المجابهة، ولكن لا يكفي في ذلك أن يتظاهر الحائز أمام الجيران بأنه المالك ولا أعمال الهدم والبناء وما شابه ذلك، ولكن يشترط إلا ينصرف على نحو يخالف هذا الادعاء فيجب عليه عدم الوفاء بالاجرة على نحو ما سلف، ومتى تمت المجابهة تغيرت صفة الحيازة فيكون للحائز ابتداء من هذا الوقت حماية حيازته بدعاوى الحيازة أن لم يوجد لدى المالك سند الحيازة العارضة، كما تبدأ مدة التقادم.
والمقرر أن الحيازة تنتقل من السلف إلى الخلف بصفتها التي كانت عليها وقت انتقالها، فلا يترتب على ذلك أن تكون للخلف حيازة مستقلة عن حيازة سلفه مهما طال عليها من زمن، فإن كانت عرضية بالنسبة للسلف، انتقلت بنات الصفة إلى السلف ولو كان الأخير يجهل تلك الصفة، فقد يكون السلف ينتفع بالعقار بموجب عارية استعمال بدون مقابل، فينتقل إلى الخلف على هذا النحو، فيكون الأخير حائزاً عرضياً ولو كان يجهل أن حيازة سلفه كانت تستند إلى تلك العارية، لكن إذا جابه الخلف، المالك مجابهة صريحة ظاهرة، دلت على أن صاحب الحيازة العارضة يدعي الملكية لنفسه، تحولت الحيازة من هذا الوقت من حيازة عرضية إلى حيازة أصلية بنية التملك.
كما تتوافر الحيازة العرضية، إذا رجع سببها إلى الحق في الحبس، مثال ذلك، أن يقيم شخص بناء بأرض مملوكة للغير، ويحكم لمالك الأرض باستحقاق البناء بالالتصاق واستلام الأرض بما عليها مقابل تعويض، ففي هذه الحالة يجوز للبانی حبس الأرض والبناء لحين قبض التعريض، فتكون حيازته عرضية لاستنادها إلى الحق في الحب وليس استناداً للملكية، وبالتالي لا تؤدي إلى اكتساب ملكية الأرض والبناء بالتقادم. وأيضاً إذا قضى بفسخ عقد البيع بعد أن تسلم المشتري البيع، فيجوز له حبس المبيع حتی يسترد الثمن، وتكون حيازته له عرضية، لا تكسبه ملكيته بالتقادم.
وحيازة الدائن المرتهن رهن حيازة للمقار المرهون، هي حيازة عرضية لا يترتب عليها اكتساب ملكية العقار بالتقادم.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الرابع عشر، الصفحة/ 120)
العرضية صفة دائمة للحيازة، بمعنى أن الحيازة العرضية تظل محتفظة بصفتها مهما مضى عليها من زمن. فهي تبقى حتى بعد حلول الميعاد لرد الشيء، بل حتى بعد أن يبطل الالتزام برد الشيء أو ينقضي بالتقادم. وذلك لأن العرضية تأتي من الاعتراف بحق الحائز الحقيقي الذي ينطوي عليه سند الحيازة، وهذا الاعتراف يظل قائماً رغم بطلان الالتزام بالرد أو انقضائه فإذا استمر المستأجر واضعاً يده على العين المؤجرة بعد بطلان عقد الإيجار أو انتهاء مدته فلا يكون له أن يدعي تملك العين بالتقادم، ولذلك نصت الفقرة الأولى من المادة على أنه: "ليس لأحد أن يكسب بالتقادم على خلاف سنده. فلا يستطيع أحد أن يغير بنفسه لنفسه سبب حيازته ولا الأصل الذي تقوم عليه الحيازة".
ومؤدي هذا أن تحويل الحيازة العرضية إلى حيازة قانونية لا يكفي فيه مجرد تغيير في نية الحائز العرضي. فإذا جاء المستأجر يوماً واتجهت إرادته من هذا اليوم إلى أنه يجوز لحساب نفسه وأعلن المؤجر بذلك حتى لو امتنع عن دفع الأجرة إليه، فإن هذا ليس من شأنه أن يجعل منه حائزاً قانوناً يستطيع أن يكسب ملكية العين المؤجرة بالتقادم، فما دام أن النية الجديدة للحائز، وهي مسألة نفسية، لم تتضح بفعل ظاهر على النحو الذي يتطلبه القانون، فإن الاعتراف بحق الحائز الحقيقي الذي ينطوي عليه سند الحيازة يظل قائماً، ومن ثم تظل الحيازة محتفظة بصفة العرضية.
وما يسرى على الحائز العرضي يسرى على ورثته.
تتغير صفة الحيازة من حيازة عرضية إلى حيازة أصيلة يستطيع بها الحائز أن يكسب ملكية العين بالتقادم، وذلك بتغيير سبب الحيازة، وهذا لا يحدث إلا بأمرين:
الأمر الأول :
تغيير سبب الحيازة بفعل الغير:
ويكون ذلك بأن يتلقى الحائز العرضي ملكية العين بعقد من العقود الناقلة الملكية سواء بمقابل أو بغير مقابل، كالبيع أو المقايضة أو الهبة، من شخص من الغير يعتقد أنه المالك لها والمستحق للتصرف فيها.
فيشترط ألا يكون المتصرف مالكاً، لأنه لو كان مالكاً لإنتقلت الملكية إلى الحائز.
فهنا يستبدل الحائز العرضي بسنده المؤقت سنداً ناقلاً للملكية بطبيعته، وبذلك يدعم تغيير نيته بعمل ظاهر هو تغيير سنده، فينقلب حائزاً قانونياً.
والحائز العرضي الذي يستند في تغيير سبب حيازته إلى عقد صادر من شخص يعتقد أنه المالك للعين، يكسب ملكية العقار بالتقادم الخمسى دائماً، إذ تصبح حيازته مدعمة بحسن النية والسبب الصحيح.
كما أن تغيير السند يجب أن يكون مصحوباً بتغيير سلوك الحائز أيضاً بحيث يكون مطابقاً لسنده الناقل للملكية، فإذا كان الحائز العرضي مستأجراً وجب عليه الامتناع بعد أن تلقى التصرف عن دفع الأجرة إلى المؤجر، وإلا أصبحت حيازته مشوبة بالغموض الهادم لنية التملك.
إلا أنه لا يشترط أن يعلن الحائز العرضي سنده الجديد إلى المالك الحقيقي.
الأمر الثاني:
تغيير سبب الحيازة بفعل الحائز:
تتغير الحيازة بفعل الحائز، بأن يجابه الحائز العرضي مالك العين مجابهة ظاهرة بصفة قضائية أو غير قضائية تدل دلالة جازمة على إنكاره الملكية على هذا المالك والاستئثار بها دونه.
فلا يكفي في ذلك مجرد إنكار الحائز العرضي لحق المالك وإعلانه ذلك على جمع من الناس، بل يجب أن يعارض الحائز العرضي حق المالك فيقوم بينهما مباشرة نزاع على ملكية العين دعيها الحائز لنفسه و ينكر عليه المالك ذلك.
ولا يتطلب القانون شكلاً خاصاً لمعارضة حق المالك. فقد يتخذ النزاع بين المالك والحائز شكلاً قضائياً، كأن يرفع المالك دعوى يطالب فيها المستأجر برد العين المؤجرة أو بدفع الأجرة، فيرفض المستأجر إجابة هذا الطلب مدعياً أنه المالك.
ولكن لا يتحتم أن يكون هناك نزاع قضائي فقد تكون المعارضة عن طريق إعلان يوجهه الحائز إلى المالك كأن يوجه المستأجر إلى المؤجر إعلاناً يبلغه فيه ادعاءه أنه المالك، وأنه لذلك سوف يمتنع عن دفع الأجرة في المستقبل أو يعلن الحائز ادعاءه بإقرار رسمي أو غير رسمي يبلغه للمالك وقد تكون معارضة الحائز للمالك بأعمال مادية، كأن يشرع المؤجر في استرداد العين المؤجرة عند انتهاء الإيجار فيمنعه المستأجر من ذلك بالقوة مدعياً أنه المالك أو كأن يهم المالك بالدخول في حيازة العقار فيمنعه المستأجر بالقوة لا استناداً إلى حقه كمستأجر، بل بدعوى أنه هو المالك لهذا العقار.
والملاحظ هنا أن الحائز - بعكس الأمر السابق - لا يغير سند حيازته بأخر ولكنه يهدر هذا السند كلية، فينقلب غاصباً لا يستطيع أن يتملك إلا بالتقادم الطويل، كما أنه لا يتملك المنقول ولا الثمار اللذين يقتضي تملكهما أن يكون الحائز حسن النية .
لا يعد تغييراً للحيازة بفعل الحائز ومعارضة منه لحق المالك ما يأتي:
1- استخراج نائب الحائز ترخيصاً لإدارة ماكينة باسم النائب وشريكيه دون باقي إخوته.
2- قيام واضع اليد بطريق النيابة عن غيره بهدم المباني المقامة في العين وإقامتها من جديد. طالما أنه لم يجابه المالك مجابهة ظاهرة بما يشعره بمعارضة حقه.
3- إقامة منشآت على الأرض دون إذن مالكها.
4- انفساخ عقد التحكير لعدم دفع المحتكر الأجرة لا يترتب عليه تغيير صفة وضع يده الحاصل ابتداء بسبب التحكير.
يقع عبء إثبات تغيير سبب الحيازة دائماً على الحائز، فعليه أن يقيم الدليل على تغيير سبب وضع يده بأن يثبت أن سيطرته الفعلية على العقار قد تعدت حدود حقه في الانتفاع إلى ملكية العقار ذاتا ومنفعة ويجوز إثبات الأعمال المادية التي يباشرها الحائز على العين والتي تفيد معنى الاستئثار بالملكية بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة.
أما إذا كان المراد إثباته عملاً قانونياً، كما لو ادعى الحائز بأن صفة حيازته قد تغيرت لأنه تلقى ملكية العين من شخص من الغير، يعتقد أنه المالك لها، ففي هذه الحالة يتعين أن يكون هذا السند مسجلاً طبقاً للقانون.
ويعتبر تقدير الأدلة على تغيير سبب الحيازة من الأمور الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع، دون رقابة عليها في ذلك متى كان استخلاصها سائغاً .(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثالث عشر، الصفحة/ 746)
حيازة عرضية - مادة 972 مدني - الحائز العرضي لا يستطيع كسب الملكية بالتقادم على خلاف سنده إلا إذا تغيرت صفة حيازته إما بفعل الغير وإما بقط الحائز، ولا يكفي في تغيير الحائز صفة حيازته مجرد تغيير نيته، بل يجب أن يكون التغيير بفعل إيجابي ظاهر يجابه به حق المالك بالإنكار الساطع والمعارضة العلنية. (التقنين المدني، شرح أحكام القانون المدني، المستشار/ أحمد محمد عبد الصادق، طبعة 2015، دار القانون للاصدارات القانونية، الجزء/ الثاني، الصفحة / 1541)
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية
ويميز الفقه الاسلامي تمييزا واضحاً بين الحيازة الحقيقية والحيازة العرضية ، ويرى أن هذه الأخيرة لا تتحول إلى حيازة حقيقية الا بتصرف يصدر من الحائر العرض ، كما أنه يسوي بين الحيازة العرضية والنصب من حيث عدم اعتبار الحيازة دليلا على الملك . ولذا فان فقهاء المذهب المالكي يعتبرون الحوز أعم من الملك ، لأنه يشمله وغيره ، وفي ذلك يقول الدردير : والان الحوزقته يكون عن مالك وغيره ، فهو أعم من الملك ، والأعم لا يستلزم الأخصی ( الشرح الكبير على هامش حاشية الدسوقي ج 4 ص 196) ويقول ابن فرحون :: اذا عرف أصل دخول العائن في الملك ، مثل أن يكون دخوله بكراء أو عارية او غصب او اعمار ، فهو محمول على ذلك ، ولا ينتفع بحيازته ، حتى يأتي بأمر محقق من شعراء او صدقة أو هبة ونحو ذلك ، ( تبصرة الحكام على هامش فتح العلى المالك ج۲ ص103) ويقول ابن جزي، في مناسبة ترجیح يدالحائز على ادعاء المدعي ، الا ان اثبت ( المدعى ) أنه بيد الحائز على وجه الكراء أو المساقاة أو الاعتمار او شبه ذلك (قوانين الأحكام الشرعية وسائل الفروع الفقهية ، دار العلم للملايين بيروت ص ۳۳۲) وجاء في شرح كتاب التيل وشفاء العليل : ولا تجوز الحيازة فيما كان اعمله أمانة او ما كان أم ام تعدية » ج ۱۳ ح 514 ).
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثالث عشر ، الصفحة / 118
تَقَادُمٌ
التَّعْرِيفُ:
1 - التَّقَادُمُ لُغَةً: مَصْدَرُ تَقَادَمَ يُقَالُ: تَقَادَمَ الشَّيْءُ أَيْ: صَارَ قَدِيمًا . وَقَدْ عَبَّرَتْ مَجَلَّةُ الأْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةُ عَنِ التَّقَادُمِ بِمُرُورِ الزَّمَانِ . وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ فِي الْجُمْلَةِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ. التَّقَادُمُ الْمَانِعُ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى:
2 - لِوَلِيِّ الأْمْرِ مَنْعُ الْقُضَاةِ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى فِي أَحْوَالٍ بِشُرُوطٍ مَخْصُوصَةٍ، وَمِنْ ذَلِكَ مَنْعُ سَمَاعِ الدَّعْوَى فِي بَعْضِ الْحَالاَتِ بَعْدَ مُدَّةٍ مُحَدَّدَةٍ مَعْلُومَةٍ، وَمَعَ أَنَّ الْحَقَّ لاَ يَسْقُطُ بِتَقَادُمِ الزَّمَانِ، إِلاَّ أَنَّ وَجْهَ هَذَا الْمَنْعِ هُوَ تَلاَفِي التَّزْوِيرِ وَالتَّحَايُلِ؛ لأِنَّ تَرْكَ الدَّعْوَى زَمَانًا مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ إِقَامَتِهَا، يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحَقِّ ظَاهِرًا.
وَعَدَمُ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمُحَدَّدَةِ لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى سُقُوطِ الْحَقِّ فِي ذَاتِهِ وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ مَنْعِ الْقُضَاةِ عَنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى مَعَ بَقَاءِ الْحَقِّ لِصَاحِبِهِ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ الْخَصْمُ يَلْزَمُهُ، وَلَوْ كَانَ التَّقَادُمُ مُسْقِطًا لِلْحَقِّ لَمْ يَلْزَمْهُ
مُدَّةُ التَّقَادُمِ الْمَانِعِ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى:
3 - فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ مُخْتَلِفُونَ فِي تَعْيِينِ الْمُدَّةِ الَّتِي لاَ تُسْمَعُ بَعْدَهَا الدَّعْوَى فِي الْوَقْفِ وَمَالِ الْيَتِيمِ وَالْغَائِبِ وَالإْرْثِ، فَجَعَلَهَا بَعْضُهُمْ سِتًّا وَثَلاَثِينَ سَنَةً، وَبَعْضُهُمْ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَبَعْضُهُمْ ثَلاَثِينَ فَقَطْ، إِلاَّ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْمُدَدُ طَوِيلَةً اسْتَحْسَنَ أَحَدُ السَّلاَطِينِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ جَعْلَهَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَقَطْ، وَحَيْثُ كَانَ الْقَضَاءُ يَتَخَصَّصُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْخُصُومَةِ، وَيَقْبَلُ التَّقْيِيدَ وَالتَّعْلِيقَ، فَقَدْ نُهِيَ قُضَاةُ ذَلِكَ السُّلْطَانِ عَنْ سَمَاعِ دَعْوَى تَرَكَهَا الْمُدَّعِي خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً بِلاَ عُذْرٍ، لَكِنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْمَنْعِ بَعْضَ مَسَائِلَ، وَعَلَى هَذَا النَّهْيِ اسْتَقَرَّ خُلَفَاؤُهُ فِي الدَّوْلَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ، لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ، وَمِنْ ذَلِكَ يَظْهَرُ أَنَّ التَّقَادُمَ بِمُرُورِ الزَّمَانِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَمْرَيْنِ:
الأْوَّلُ: حُكْمٌ اجْتِهَادِيٌّ، نَصَّ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ.
وَالثَّانِي: أَمْرٌ سُلْطَانِيٌّ يَجِبُ عَلَى الْقُضَاةِ فِي زَمَنِهِ اتِّبَاعُهُ، لأِنَّ هُمْ بِمُقْتَضَاهُ مَعْزُولُونَ عَنْ سَمَاعِ دَعْوَى مَضَى عَلَيْهَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً بِدُونِ عُذْرٍ، وَالْقَاضِي وَكِيلٌ عَنِ السُّلْطَانِ، وَالْوَكِيلُ يَسْتَمِدُّ التَّصَرُّفَ مِنْ مُوَكِّلِهِ، فَإِذَا خَصَّصَ لَهُ تَخَصَّصَ، وَإِذَا عَمَّمَ تَعَمَّمَ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ وَغَيْرِهَا.
وَقَدْ فَرَّقَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ بَيْنَ هَذَيْنِ الأْمْرَيْنِ بِأَنَّ مَنْعَ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً مَبْنِيٌّ عَلَى النَّهْيِ السُّلْطَانِيِّ، فَمَنْ نَهَى عَنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى لَهُ أَنْ يَأْمُرَ بِسَمَاعِهَا، وَأَمَّا عَدَمُ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ ثَلاَثِينَ سَنَةً فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَنْعِ الْفُقَهَاءِ، فَلَيْسَ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَنْقُضَهُ، لأِنَّ أَمْرَ السُّلْطَانِ إِنَّمَا يَنْفُذُ إِذَا وَافَقَ الشَّرْعَ وَإِلاَّ فَلاَ.
وَدَعَاوَى الدَّيْنِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَقَارِ الْمَمْلُوكِ وَالْمِيرَاثِ وَمَا لاَ يَعُودُ مِنَ الدَّعَاوَى إِلَى الْعَامَّةِ وَلاَ إِلَى أَصْلِ الْوَقْفِ فِي الْعَقَارَاتِ الْمَوْقُوفَةِ بَعْدَ أَنْ تُرِكَتْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً بِلاَ عُذْرٍ لاَ تُسْمَعُ، وَأَمَّا إِذَا كَانَتِ الدَّعْوَى تَعُودُ إِلَى أَصْلِ الْوَقْفِ فَتُسْمَعُ، وَلَوْ تُرِكَتِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ بِلاَ عُذْرٍ.
4 - وَمُدَّةُ الْمَنْعِ مَعَ سَمَاعِ الدَّعْوَى تُحْسَبُ بِالتَّارِيخِ الْقَمَرِيِّ (الْهِجْرِيِّ) كَمَا قَرَّرَتْ ذَلِكَ جَمْعِيَّةُ الْمَجَلَّةِ اتِّبَاعًا لِلْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ إِلاَّ إِذَا اتُّفِقَ عَلَى خِلاَفِهِ وَعَيَّنَا تَارِيخًا شَمْسِيًّا، وَالْمَنْعُ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى إِنَّمَا هُوَ لِلْقُضَاةِ، أَمَّا الْمُحَكَّمُونَ فَلاَ يَشْمَلُهُمُ النَّهْيُ، فَلَوْ حَكَّمَ اثْنَانِ شَخْصًا فِي نِزَاعٍ مَضَى عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَلَوْ بِلاَ عُذْرٍ فَإِنَّ الْمُحَكَّمَ يَسَعُهُ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا وَلاَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ النَّظَرُ فِي النِّزَاعِ.
وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِالنِّزَاعِ فِي أَصْلِ الْوَقْفِ (وَهُوَ كُلُّ مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ الْوَقْفِ) فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ حَتَّى سِتٍّ وَثَلاَثِينَ سَنَةً، وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِالنِّزَاعِ فِي غَيْرِ أَصْلِ الْوَقْفِ كَأُجْرَةِ النَّاظِرِ وَاَلَّذِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْوَقْفِ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُمْ حَتَّى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَقَطْ.
الأْعْذَارُ الْمُبِيحَةُ لِسَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً:
5 - أَوْرَدَتْ مَجَلَّةُ الأْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةِ مِنَ الأْعْذَارِ الَّتِي يُبَاحُ مَعَهَا سَمَاعُ الدَّعْوَى بَعْدَ مُدَّةِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، الصِّغَرُ، وَالْجُنُونُ، وَالْغَيْبَةُ عَنِ الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ مَوْضُوعُ النِّزَاعِ مُدَّةَ السَّفَرِ، أَوْ كَوْنُ خَصْمِهِ مِنَ الْمُتَغَلِّبَةِ، وَفِيمَا يَلِي تَفْصِيلُهَا:
1 - الصِّغَرُ: إِذَا كَانَ صَاحِبُ الْحَقِّ صَغِيرًا وَسَكَتَ عَنِ الدَّعْوَى الْمُدَّةَ الْمُقَرَّرَةَ فَإِنَّ الْمُدَّةَ تُحْسَبُ عَلَيْهِ مِنْ تَارِيخِ بُلُوغِهِ رَشِيدًا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ أَوْ وَصِيٌّ بِاتِّفَاقٍ، وَمَعَ الْخِلاَفِ فِي حَالِ وُجُودِ الْوَلِيِّ أَوِ الْوَصِيِّ، وَرَجَّحَتْ لَجْنَةُ الْمَجَلَّةِ الإْطْلاَقَ لِمَصْلَحَةِ الصَّغِيرِ، وَمَنْ فِي حُكْمِهِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ وَصِيٌّ .
وَمِثْلُ ذَلِكَ الْمَجْنُونُ، فَإِنَّ الْمُدَّةَ لاَ تُحْسَبُ إِلاَّ مِنْ تَارِيخِ إِفَاقَتِهِ، وَكَذَلِكَ الْمَعْتُوهُ، فَإِنَّ الْمُدَّةَ تُحْسَبُ مِنْ تَارِيخِ زَوَالِ الْعَتَهِ.
2 - غَيْبَةُ صَاحِبِ الْحَقِّ عَنِ الْبَلَدِ مُدَّةَ السَّفَرِ وَهِيَ مُدَّةُ الْقَصْرِ.
3 - إِذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنَ الْمُتَغَلِّبَةِ بِأَنْ كَانَ أَمِيرًا جَائِرًا مَثَلاً فَذَلِكَ عُذْرٌ يُبِيحُ لِلْمُدَّعِي السُّكُوتَ عَنْ رَفْعِ الدَّعْوَى، وَلاَ تَبْتَدِئُ الْمُدَّةُ حَتَّى يَزُولَ الْجَوْرُ وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ .
مَتَى تَبْتَدِئُ الْمُطَالَبَةُ بِالْحَقِّ؟
6 - مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ كَمَا جَاءَ فِي مَجَلَّةِ الأْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةِ أَنَّهُ يَبْتَدِئُ مُرُورُ الزَّمَانِ مِنْ تَارِيخِ ثُبُوتِ الْحَقِّ لِلْمُدَّعِي بِإِقَامَةِ الدَّعْوَى بِالْمُدَّعَى بِهِ، فَمُرُورُ الزَّمَانِ فِي دَعْوَى دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ إِنَّمَا يَبْتَدِئُ مِنْ تَارِيخِ حُلُولِ الأْجَلِ لأِنَّهُ قَبْلَ حُلُولِهِ لاَ يَمْلِكُ الْمُدَّعِي الدَّعْوَى وَالْمُطَالَبَةَ بِذَلِكَ الدَّيْنِ، فَمَثَلاً لَوِ ادَّعَى وَاحِدٌ عَلَى آخَرَ فَقَالَ: لِي عَلَيْكَ كَذَا دَرَاهِمَ مِنْ ثَمَنِ الشَّيْءِ الَّذِي بِعْتُهُ لَكَ قَبْلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً مُؤَجَّلاً ثَمَنُهُ لِثَلاَثِ سِنِينَ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لأِنَّهُ يَكُونُ قَدْ مَرَّ اعْتِبَارًا مِنْ حُلُولِ الأْجَلِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً لاَ غَيْرُ، وَمَثَلاً لَوْ وَقَفَ وَاقِفٌ وَقْفَهُ وَشَرَطَ أَنْ يَكُونَ الاِسْتِحْقَاقُ لِذُرِّيَّتِهِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ، فَلاَ يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ مِنَ الْبَطْنِ الثَّانِي إِلاَّ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْبَطْنِ الأْوَّلِ، فَلَوْ وَقَفَ رَجُلٌ عَقَارًا وَشَرَطَ وِلاَيَتَهُ وَغَلَّتَهُ لأِوْلاَدِهِ ثُمَّ لأِحْفَادِهِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ فَقَامَ أَحَدُ أَوْلاَدِهِ لِصُلْبِهِ «أَيْ مِنَ الْبَطْنِ الأْوَّلِ» وَبَاعَ ذَلِكَ الْعَقَارَ لآِخَرَ وَظَلَّ الآْخَرُ مُتَصَرِّفًا فِيهِ مُدَّةَ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَبَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ تُوُفِّيَ الْبَائِعُ فَقَامَ أَحَدُ أَبْنَائِهِ يَدَّعِي ذَلِكَ الْعَقَارَ عَلَى الْمُشْتَرِي اسْتِنَادًا عَلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلاَ يَمْنَعُهُ مُضِيُّ هَذِهِ الْمُدَّةِ، لأِنَّ حَقَّ إِقَامَةِ الدَّعْوَى لاَ يَثْبُتُ لِلْحَفِيدِ إِلاَّ بَعْدَ وَفَاةِ وَالِدِهِ بِمُقْتَضَى شَرْطِ الْوَاقِفِ، فَلاَ يَبْتَدِئُ مُرُورُ الزَّمَانِ بِالنِّسْبَةِ لِحَقِّهِ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ وَفَاةِ أَبِيهِ.
وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ وَقَفَ وَاقِفٌ عَقَارًا وَشَرَطَ غَلَّتَهُ لأِوْلاَدِهِ الذُّكُورِ وَبَعْدَ انْقِطَاعِهِمْ عَلَى بَنَاتِهِ، فَبَاعَ أَوْلاَدُهُ الذُّكُورُ، ذَلِكَ الْعَقَارَ لِرَجُلٍ وَسَلَّمُوهُ إِيَّاهُ وَبَعْدَ سِتِّينَ سَنَةً مَثَلاً انْقَطَعَتْ ذُرِّيَّةُ الْوَاقِفِ الذُّكُورِ فَقَامَتْ بَنَاتُهُ يَدَّعِينَ ذَلِكَ الْعَقَارَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِحُكْمِ الْوَقْفِ، تُسْمَعُ دَعْوَاهُنَّ وَلاَ يَمْنَعُ مُرُورُ هَذِهِ الْمُدَّةِ مِنْ سَمَاعِ دَعْوَاهُنَّ، لأِنَّ حَقَّ إِقَامَةِ الدَّعْوَى لَمْ يَثْبُتْ لَهُنَّ إِلاَّ بَعْدَ انْقِطَاعِ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ الذُّكُورِ.
وَيَبْتَدِئُ مُرُورُ الزَّمَانِ بِالنِّسْبَةِ لِمُؤَجَّلِ الصَّدَاقِ مِنْ وَقْتِ الطَّلاَقِ أَوْ مِنْ تَارِيخِ مَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ، لأِنَّ الصَّدَاقَ الْمُؤَجَّلَ لاَ يَصِيرُ مُعَجَّلاً إِلاَّ مِنْ تَارِيخِ الطَّلاَقِ الْبَائِنِ أَوِ الْوَفَاةِ.
7 - وَتَبْتَدِئُ مُطَالَبَةُ الْمَدِينِ الْمُفْلِسِ مِنْ تَارِيخِ زَوَالِ الإْفْلاَسِ كَأَنْ كَانَ لِدَائِنٍ عَلَى مَدِينٍ مَبْلَغٌ مِنَ الْمَالِ مَثَلاً وَكَانَ الْمَدِينُ مُفْلِسًا مُدَّةَ عَشْرِ سَنَوَاتٍ مَثَلاً فَإِنَّ هَذِهِ الْمُدَّةَ لاَ تَدْخُلُ فِي الزَّمَنِ وَتَبْتَدِئُ مُدَّةُ الْمُطَالَبَةِ مِنْ تَارِيخِ يَسَارِ الْمُفْلِسِ لأِنَّ تَرْكَ الدَّعْوَى بِسَبَبِ إِفْلاَسِ الْمَدِينِ كَانَ بِعُذْرٍ إِذْ لاَ يَتَأَتَّى لَهُ إِقَامَةُ الدَّعْوَى مَا دَامَ الْمَدِينُ مُفْلِسًا.
وَنَصَّتِ الْمَادَّةُ (1669) مِنَ الْمَجَلَّةِ عَلَى أَنَّهُ «إِذَا تَرَكَ وَاحِدٌ دَعْوَاهُ بِلاَ عُذْرٍ وَمَرَّ عَلَيْهَا الزَّمَانُ عَلَى مَا ذُكِرَ آنِفًا فَكَمَا لاَ تُسْمَعُ تِلْكَ الدَّعْوَى فِي حَيَاتِهِ لاَ تُسْمَعُ أَيْضًا مِنْ وَرَثَتِهِ بَعْدَ مَمَاتِهِ».
وَجَاءَ فِي شَرْحِهَا: وَذَلِكَ لأِنَّ الْوَارِثَ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا، فَمَا يَمْنَعُ سَمَاعَ دَعْوَى الْمُوَرِّثِ يَمْنَعُ سَمَاعَ دَعْوَى الْوَارِثِ. وَلَكِنَّ هَذَا إِذَا ادَّعَى الْوَارِثُ ذَلِكَ الْمِلْكَ بِالإْرْثِ عَنْ مُوَرِّثِهِ، أَمَّا لَوِ ادَّعَاهُ بِسَبَبٍ آخَرَ فَلاَ يَكُونُ تَرْكُ مُوَرِّثِهِ لِلدَّعْوَى مَانِعًا مِنْ سَمَاعِ دَعْوَاهُ، لأِنَّهُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ لاَ يَدَّعِي تَلَقِّي الْمِلْكِ مِنْ مُوَرِّثِهِ فَلاَ يَكُونُ قَائِمًا مَقَامَهُ، فَمَثَلاً لَوْ أَوْصَى رَجُلٌ بِعَقَارٍ لاِبْنِ زَيْدٍ الْقَاصِرِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ بِخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً قَامَ ابْنُ زَيْدٍ الَّذِي بَلَغَ رَشِيدًا وَادَّعَى ذَلِكَ الْعَقَارَ بِمُقْتَضَى تِلْكَ الْوَصِيَّةِ عَلَى وَارِثِ الْمُوصِي تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلاَ يَمْنَعُهُ مِنْهَا تَرْكُ أَبِيهِ ذَلِكَ الْعَقَارَ فِي يَدِ وَارِثِ الْمُوصِي لأِنَّهُ هَاهُنَا لاَ يَدَّعِي الْمِلْكَ بِسَبَبِ الإْرْثِ عَنْ أَبِيهِ بَلْ بِسَبَبِ الْوَصِيَّةِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَلَكِنْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمُوصِي قَدْ تَرَكَ الدَّعْوَى بِهَذَا الْعَقَارِ وَهُوَ فِي يَدِ آخَرَ مُدَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً لاَ تُسْمَعُ بِهِ دَعْوَى الْمُوصَى لَهُ لأِنَّ الْمُوصَى لَهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوصِي فَمَا مُنِعَ عَنْهُ الْمُوصِي مُنِعَ عَنْهُ الْمُوصَى لَهُ لأِنَّ الْوَصِيَّةَ أُخْتُ الْمِيرَاثِ، وَمِثْلُ الْوَصِيَّةِ بِهَذَا الْمَعْنَى الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَالْهِبَةُ.
وَإِذَا تَرَكَ الْمُوَرِّثُ الدَّعْوَى مُدَّةً وَتَرَكَهَا الْوَارِثُ مُدَّةً أُخْرَى وَبَلَغَ مَجْمُوعُ الْمُدَّتَيْنِ حَدَّ مُرُورِ الزَّمَانِ فَلاَ تُسْمَعُ تِلْكَ الدَّعْوَى، لأِنَّهُ حَيْثُ كَانَ الْوَارِثُ قَائِمًا مَقَامَ الْمُوَرِّثِ كَانَا كَشَخْصٍ وَاحِدٍ حُكْمًا، فَلَوْ تَرَكَ الْمُوَرِّثُ الدَّعْوَى ثَمَانِيَ سِنِينَ مَثَلاً وَتَرَكَهَا الْوَارِثُ سَبْعَ سِنِينَ صَارَ كَأَنَّ الْوَارِثَ تَرَكَ الدَّعْوَى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلاَ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَمِثْلُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي كَالْمُوصِي وَالْمُوصَى لَهُ، فَلَوْ كَانَ وَاحِدٌ مُتَصَرِّفًا فِي عَرْصَةٍ مُتَّصِلَةٍ بِدَارٍ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَصَاحِبُ الدَّارِ سَاكِتٌ، ثُمَّ أَوْصَى صَاحِبُ الدَّارِ بِدَارِهِ هَذِهِ إِلَى رَجُلٍ، فَقَامَ الْمُوصَى لَهُ يَدَّعِي أَنَّ الْعَرْصَةَ طَرِيقٌ خَاصٌّ لِلدَّارِ الْمُوصَى لَهُ بِهَا لاَ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ.
وَإِذَا مَاتَ أَحَدٌ وَفِي وَرَثَتِهِ بَالِغٌ وَقَاصِرٌ، فَإِنَّ الْبَالِغَ إِذَا تَرَكَ الدَّعْوَى الْمُدَّةَ الْمُقَرَّرَةَ بِلاَ عُذْرٍ فَلاَ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَأَمَّا الْقَاصِرُ فَلاَ يُحْسَبُ عَلَيْهِ مُرُورُ الزَّمَانِ إِلاَّ مِنْ تَارِيخِ بُلُوغِهِ رَشِيدًا، مَعَ مُلاَحَظَةِ الْخِلاَفِ السَّابِقِ فِي وُجُودِ الْوَصِيِّ وَعَدَمِهِ.
8 - وَكُلُّ مَا تَقَدَّمَ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى لِمُرُورِ الزَّمَانِ إِنَّمَا هُوَ عِنْدَ إِنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِذَا اعْتَرَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْحَقِّ لِلْمُدَّعِي تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي مَهْمَا طَالَ الزَّمَانُ، وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ الإْنْكَارِ إِنَّمَا هُوَ عَدَمُ الإْنْكَارِ أَمَامَ الْقَاضِي فَلاَ يُعْتَبَرُ عَدَمُ الإْنْكَارِ خَارِجَ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ، وَلاَ يَصِحُّ الاِحْتِجَاجُ بِهِ لِوُجُودِ شُبْهَةِ التَّزْوِيرِ، وَلأِنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَنْعُ مِنْ سَمَاعِ أَصْلِ الدَّعْوَى
فَفَرْعُهَا وَهُوَ ادِّعَاءُ الإْقْرَارِ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنَ السَّمَاعِ لأِنَّ النَّهْيَ يَشْمَلُهَا، وَلَكِنْ إِذَا كَانَ الإْقْرَارُ الْمُدَّعَى بِهِ قَدْ أُيِّدَ بِسَنَدٍ جَاءَ بِخَطِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ خَتْمِهِ الْمَعْرُوفَيْنِ وَلَمْ تَمُرَّ مُدَّةُ التَّقَادُمِ مِنْ تَارِيخِ السَّنَدِ إِلَى وَقْتِ رَفْعِ الدَّعْوَى فَعِنْدَ ذَلِكَ تُسْمَعُ دَعْوَى الإْقْرَارِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ.
وَالأْحْكَامُ الْمُتَقَدِّمَةُ الْخَاصَّةُ بِمُرُورِ الزَّمَانِ إِنَّمَا هِيَ لِلْحُقُوقِ الْخَاصَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالإْقْرَارِ، أَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِالأْمُورِ الْعَامَّةِ كَالطَّرِيقِ وَنَحْوِهَا فَلاَ تَسْرِي عَلَيْهَا أَحْكَامُ مُرُورِ الزَّمَانِ، فَتُسْمَعُ وَإِنْ طَالَتِ الْمُدَّةُ، وَمَا تَقَدَّمَ هُوَ خُلاَصَةُ أَحْكَامِ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِمُرُورِ الزَّمَانِ.
9 - أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَيُعَبِّرُونَ عَنْ مُرُورِ الزَّمَانِ بِالْحَوْزِ وَالْحِيَازَةِ وَعِنْدَهُمْ أَنَّ هُنَاكَ دَعَاوَى لاَ تُسْمَعُ مُطْلَقًا، وَهِيَ الدَّعَاوَى الَّتِي تُوجِبُ مَعَرَّةً كَالدَّعَاوَى الَّتِي تُرْفَعُ عَلَى مَنْ عُرِفَ بِالاِسْتِقَامَةِ وَالشَّرَفِ فِي الْمُعَامَلَةِ كَأَنْ يَدَّعِي شَخْصٌ مَعْرُوفٌ بِالْفَقْرِ وَالتَّجَنِّي عَلَى النَّاسِ عَلَى شَخْصٍ يُطَالِبُهُ بِعَقَارٍ فِي يَدِهِ.
وَالْحِيَازَةُ عِنْدَهُمْ عَلَى قِسْمَيْنِ:
1 - حِيَازَةٌ مَعَ جَهْلِ أَصْلِ الْمِلْكِ لِمَنْ هُوَ؟.
2 - حِيَازَةٌ مَعَ عِلْمِ أَصْلِ الْمِلْكِ لِمَنْ هُوَ؟.
فَالأْولَى تَكْفِي فِيهَا الْحِيَازَةُ الْمَانِعَةُ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى لِمُدَّةِ عَشَرَةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَحُوزُ عَقَارًا أَمْ غَيْرَهُ.
وَالثَّانِيَةُ لاَ بُدَّ فِيهَا مِنْ عَشْرِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ فِي الْعَقَارِ، أَوْ عَامَيْنِ فِي الدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ وَنَحْوِهَا، وَيُشْتَرَطُ لِسَمَاعِ الدَّعْوَى فِي كُلٍّ مِنَ الْحِيَازَتَيْنِ أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ بِذِكْرِ الْيَدِ، وَتَصَرُّفُ الْحَائِزِ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ، وَالنِّسْبَةُ، وَعَدَمُ الْمُنَازَعِ، وَطُولُ الْمُدَّةِ عَشْرَةُ أَشْهُرٍ فِي الأْولَى وَعَشَرُ سِنِينَ فِي الثَّانِيَةِ، وَعَدَمُ عِلْمِهِمْ بِمَا يُفَوِّتُ عَلَى الْمَالِكِ الأْصْلِيِّ حَقَّهُ فِي اسْتِرْجَاعِ مِلْكِهِ، فَلاَ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ مَعَ فَقْدِ هَذِهِ الأْمُورِ أَوْ صِيغَةِ الشَّهَادَةِ الَّتِي تُثْبِتُ الْمِلْكَ لِلْمُدَّعِي، وَهُمْ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الشَّاهِدِ ذِي الْعِلْمِ وَغَيْرِهِ.
10 - وَجُمْهُورُ فُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ يَرَوْنَ أَنَّهُ لاَ يُسْأَلُ عَنْ مَصْدَرِ حِيَازَتِهِ فَلاَ يُقَالُ لَهُ: كَيْفَ حُزْتَ مَا تَضَعُ يَدَكَ عَلَيْهِ؟ خِلاَفًا لاِبْنِ رُشْدٍ، فَإِنَّهُ جَزَمَ بِأَنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْ سُؤَالِ الْحَائِزِ عَنْ مَصْدَرِ حِيَازَتِهِ، هَلْ هُوَ الْمِيرَاثُ مَثَلاً أَوِ الشِّرَاءُ أَوِ الْهِبَةُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ؟ وَلاَ بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ، فَأَمَّا مُجَرَّدُ دَعْوَى الْمِلْكِ دُونَ أَنْ يَدَّعِيَ شَيْئًا مِنْ هَذَا فَلاَ يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ الْحِيَازَةِ إِذَا ثَبَتَ أَصْلُ الْمِلْكِ لِغَيْرِهِ .
وَرَأَى ابْنُ رُشْدٍ خِلاَفَ رَأْيِ الْجُمْهُورِ، وَرَأْيُ الْجُمْهُورِ هُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ، اللَّهُمَّ إِلاَّ إِذَا كَانَ الْحَائِزُ مَعْرُوفًا بِالتَّسَلُّطِ وَالْغَصْبِ وَالتَّعَدِّي، فَلاَ بُدَّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنْ يُبَيِّنَ بِأَيِّ وَجْهٍ صَارَ إِلَيْهِ وَلاَ يَنْفَعُهُ قَوْلُهُ اشْتَرَيْتُهُ مِنَ الْقَائِمِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ وَرَثَتِهِ بَلْ لاَ بُدَّ مِنْ إِثْبَاتِهِ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يُثْبِتْهُ فَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ بِيَدِهِ بِمَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ.
وَإِنْ عُرِفَ أَنَّ حِيَازَتَهُ كَانَتْ بِبَاطِلٍ لَمْ يَنْفَعْهُ طُولُ الْحِيَازَةِ وَإِنِ ادَّعَى شِرَاءَهُ، إِلاَّ أَنْ يَطُولَ ذَلِكَ نَحْوَ الْخَمْسِينَ سَنَةً وَنَحْوَهَا وَالْقَائِمُ حَاضِرٌ لاَ يُغَيِّرُ وَلاَ يَدَّعِي شَيْئًا، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الْحَائِزَ إِذَا حَازَ الْعَقَارَ مُدَّةَ عَشْرِ سِنِينَ مَعَ وُجُودِ الْمُدَّعِي وَسُكُوتِهِ بِلاَ عُذْرٍ فَإِنَّ مُضِيَّ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ يَمْنَعُ سَمَاعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي، وَمَا قَارَبَ عَشْرَ سِنِينَ يَأْخُذُ حُكْمَ الْعَشْرِ فَإِذَا نَقَصَتْ شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ أَخَذَتْ حُكْمَ الْعَشْرِ، وَأَمَّا إِذَا قَامَتِ الْخُصُومَةُ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْحَائِزِ أَمَامَ الْقَضَاءِ أَوْ غَيْرِهِ كَالْمُحَكِّمِينَ فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْطَعُ الْمُدَّةَ، وَفِي غَيْرِ الْعَقَارِ يَمْنَعُ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى مَعَ عَدَمِ الْعُذْرِ مُضِيُّ عَشَرَةِ أَشْهُرٍ، وَهُنَاكَ خِلاَفَاتٌ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ فِي ذَلِكَ، وَالتَّخَاصُمُ يَقْطَعُ مُضِيَّ الْمُدَّةِ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَاشْتَرَطَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ تَكْرَارَ التَّخَاصُمِ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ عَنْ سَحْنُونٍ، وَإِذَا سَكَتَ بَعْدَ الْمُنَازَعَةِ عَشْرَ سِنِينَ فَإِنَّ سُكُوتَهُ يَمْنَعُ مِنْ سَمَاعِ دَعْوَاهُ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إِذَا سَكَتَ الْمُدَّعِي عَنْ مُخَاصَمَةِ الْحَائِزِ عَشْرَ سِنِينَ ثُمَّ رَفَعَ الْمُدَّعِي أَمْرَهُ لِيَقْضِيَ لَهُ وَعَلَّلَ سُكُوتَهُ بِأَنَّ بَيِّنَتَهُ كَانَتْ غَائِبَةً ثُمَّ جَاءَتْ، فَقِيلَ: يُقْبَلُ عُذْرُهُ وَقِيلَ: لاَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: كُنْتُ فَاقِدًا مُسْتَنَدِي ثُمَّ وَجَدْتُهُ، وَكَذَلِكَ جَهْلُ الْحُكْمِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ جَهْلَهُ أَنَّ الْحِيَازَةُ تَمَلُّكُ الْحَائِزِ لَيْسَ عُذْرًا وَسُكُوتُ الْمُوَرِّثِ ثُمَّ الْوَارِثِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ يَمْنَعُ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى لأِنَّ هُمَا كَشَخْصٍ وَاحِدٍ، وَقِيلَ تُحْسَبُ مُدَّةُ الْمُوَرِّثِ وَحْدَهَا وَمُدَّةُ الْوَارِثِ وَحْدَهَا فَلاَ يُجْمَعَانِ مَعًا.
11 - وَنَفَقَةُ غَيْرِ الزَّوْجَةِ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ فَلاَ تَصِيرُ بِفَوْتِهَا دَيْنًا فِي ذِمَّةِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ إِلاَّ بِاقْتِرَاضِ قَاضٍ بِنَفْسِهِ أَوْ مَأْذُونِهِ لِغَيْبَةٍ أَوْ مَنْعٍ فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ تَصِيرُ دَيْنًا عَلَيْهِ بِشَرْطِ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ احْتِيَاجُ الْفَرْعِ وَغِنَى الأْصْلِ مَثَلاً.
أَمَّا نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ فَلاَ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ بَلْ تَصِيرُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ، وَالْمُرَادُ بِالنَّفَقَةِ هُنَا مَا سِوَى الْمَسْكَنِ وَالْخَادِمِ، لأِنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ لِلاِسْتِمْتَاعِ وَالتَّمْكِينِ، وَكَذَلِكَ الْمَهْرُ بَعْدَ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ لاَ يَسْقُطُ بِالتَّقَادُمِ، بَلْ يَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ وَيُسْتَحَقُّ بِالْمَوْتِ أَوِ الطَّلاَقِ الْبَائِنِ وَيَصِيرُ مَأْمُونًا مِنْ سُقُوطِهِ.
12 - وَيُبَيِّنُ أَيْضًا مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ وَالْمَالِكِيَّةَ يَكَادُونَ يَتَّفِقُونَ عَلَى إِبَاحَةِ سَمَاعِ الدَّعْوَى لِلأْعْذَارِ، وَهِيَ عَلَى الْجُمْلَةِ الصِّغَرُ وَالْغَيْبَةُ الْبَعِيدَةُ وَالْجُنُونُ وَالْعَتَهُ وَكُلُّ عُذْرٍ يَمْنَعُ الْمُدَّعِيَ مِنْ رَفْعِ الدَّعْوَى كَأَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَا سَطْوَةٍ وَيُخَافُ مِنْهُ - عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ.