التقادم المكسب والتقادم المسقط والفرق بينهما :

قدمنا عند الكلام فى التقادم المسقط فى أسباب انقضاء الالتزام، أن الفروق ما بين التقادم المكسب  والتقادم المسقط  فروق واضحة فالتقادم المسقط يقضي الحقوق الشخصية والحقوق العينية (فيما عدا حق الملكية) على السواء، إذا لم يستعمل صاحب الحق حقه مدة معينة، أما التقادم المكسب، ونقترن به الحيازة دائماً، فيكسب الحائز ما حل من حقوق عينية – دون الحقوق الشخصية – بعد أن تستمر حيازته لها مدة معينة.

والتقادم المسقط لا يتمسك به إلا عن طريق الدفع، فإذا رفع صاحب الحق الذي سقط بالتقادم دعواه أمكن المدعى عليه أن يدفع هذه الدعوى بالتقادم المسقط، أما التقادم المكسب فيتمسك به عن طريق الدفع وعن طريق الدعوى على السواء، فللحائز أن يدفع دعوى الاستحقاق المرفوعة عليه من المالك بالتقادم المكسب، كما أن له إذا انتزعت منه الحيازة أن يرفع دعوى الاستحقاق على الحائز الجديد ويتمسك قبله بالتقادم للكسب.

ثم إن التقادم المكسب يعتد فيه بحسن النية، إذ الحائز حسن النية يملك الحق فى مدة أقصر من المدة التى يملكه فيها الحائز سيئ النية أما فى التقادم المسقط فلا يعتد بحسن النية، والمدة التى يحددها القانون لسقوط الحق تقصر أو تطول تبعاً لطبيعة هذه الحق، لا تبعا لثبوت حسن النية أو انتفائه.

القواعد المشتركة فيما بين التقادم المكسب والتقادم المسقط - نص قانوني : تنص المادة 973 مدني على ما يأتي :

 " تسرى قواعد التقادم المسقط على التقادم المكسب فيما يتعلق بحساب المدة، ووقف التقادم وانقطاعه، والتمسك به أمام القضاء، والتنازل عنه، والاتفاق على تعديل المدة، وذلك بالقدر الذي لا تتعارض فيه هذه القواعد مع طبيعة التقادم المكسب ومع مراعاة الأحكام الآتية ".

ويخلص من النص سالف الذكر أنه بالرغم من أن هناك فروقاً واضحة بين التقادم المكسب فيما لا تتعارضان فيه مع طبيعة هذا التقادم أما المادة 380 مدنى فلا تتعارض فى شىء مع طبيعة التقادم المكسب، ومن ثم تسرى عليه، وهى تنص على أن " تحسب مدة التقادم بالأيام لا بالساعات ولا يحسب اليوم الأول، وتكمل المدة بانقضاء آخر يوم منها" وأما المادة 381 مدنى وهى الخاصة ببدء سريان التقادم المسقط، ففى عدم تعارضها مع طبيعة التقادم المكسب تفصيل سنبينه في مكانه .

 وقف التقادم وانقطاعه :

ففيما يتعلق بوقف التقادم، ورد فى التقادم المسقط المادة 382 / 1 مدنى، وهى تسرى على التقادم المكسب أيضاً، وتجرى على الوجه الآتى : " لا يسرى التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه، ولو كان المانع أدبياً وكذلك لا يسرى التقادم فيما بين الأصيل والنائب " . أما المادة 382 / 2 مدنى، وهى أيضا متعلقة بوقف التقادم المسقط، فتجرى على الوجه الآتى : " ولا يسرى التقادم الذي تزيد مدته على خمس سنوات فى حق كل من لا تتوافر فيه الأهلية أو فى حق الغائب أو فى حق المحكوم عليه بعقوبة جناية، إذا لم يكن له نائب يمثله قانوناً " . ويؤخذ من هذا النص أن التقادم المسقط لا يوقف، ولو وجد سبب لوقفه، إذا كانت لا تزيد على خمس سنوات أما التقادم المكسب، فمتى وجد سبب لوقفه فإنه يوقف، حتى لو لم تزد مدته على خمس سنوات كما هو الأمر فى التقادم المكسب القصير وقد نصت المادة 974 مدنى على ذلك صراحة، إذ تقول : " أياً كانت مدة التقادم المكسب، فإنه يقف متى وجد سبب لوقفه"، وسنعود إلى هذه المسألة تفصيلاً فى مكانها . وفيما يتعلق بانقطاع التقادم، ورد فى التقادم المسقط المواد 383 - 385 مدنى تبين أن هذا التقادم ينقطع بالمطالبة القضائية وما فى حكمها و باقرار المدين بحق الدائن، وتذكر حكم انقطاع التقادم وأن تقادماً جديداً يبدأ سارياً من وقت انتهاء الأثر المترتب على سبب الانقطاع . وكل هذه الأحكام تسرى على التقادم المكسب، ويزيد التقادم المكسب سبباً آخر للانقطاع يستعصى على طبيعة التقادم المسقط، هو تخلى الحائز عن الحيازة أو فقدها ولو بفعل الغير ( م 975 مدنى ) . وسيأتى بيان ذلك تفصيلاً فى المكان المناسب .

أسباب انقطاع التقادم المكسب :

رأينا  أن المادة 973 مدني تقضي بأن تسري قواعد التقادم المسقط على التقادم المكسب فيما يتعلق بانقطاع التقادم، وذلك بالقدر الذي لا تتعارض فيه هذه القواعد مع طبيعة التقادم المكسب، وقد ورد في التقادم المسقط أن هذا التقادم ينقطع بالمطالبة القضائية (م 383 مدني)، كما ينقطع بإقرار المدين بحق الدائن ( م 384 مدني ) وهذان السببان لانقطاع التقادم المسقط ينطبقان على التقادم المكسب، فينقطع  هذا التقادم بالمطالبة القضائية وبإقرار الحائز بحق المالك ويضاف إلى هذين السببين سبب ثالث خاص بالتقادم المكسب لأن طبيعة هذا السبب تستعصي علي التقادم المسقط، وهو انقطاع التقادم المكسب إذا تخلى الحائز عن الحيازة أو فقدها ولو بفعل الغير ( م 975 مدني ).

 ويمكن تقسيم هذه الأسباب الثلاثة لانقطاع التقادم المكسب إلي أسباب تصدر من الحائز وهي إقرار الحائز بحق المالك وتخليه عن الحيازة أو فقده إياها، وأسباب تصدر من المالك وتقتصر على المطالبة القضائية الصادرة من المالك كذلك يمكن تقسيم أسباب انقطاع التقادم المكسب إلي أسباب انقطاع مدنية وهي المطالبة القضائية وإقرار الحائز بحق المالك، وأسباب انقطاع طبيعية وتقتصر علي تخلى الحائز عن الحيازة أو فقدها إياها ونستعرض أسباب انقطاع التقادم المكسب الثلاث، دون نظر إلي تقسيمها، فنبحث انقطاع التقادم بالمطالبة القضائية، وانقطاعه بإقرار الحائز بحق المالك، وانقطاعه بتخلي الحائز عن الحيازة أو فقده إياها.

والفرق بين انقطاع التقادم ووقفه أن في وقف التقادم لا تحسب المدة التي وقف في خلالها ولكن تحسب المدة السابقة والمدة اللاحقة كما سبق القول، أما في انقطاع التقادم فسنرى أنه لا تحسب المدة التي انقطع فيها التقادم ولا المدة التي سبقت الانقطاع، ولا تحسب إلا المدة التي تلت زوال أثر الانقطاع إذا كان هناك محل لبدء تقادم جديد . وتنص المادة 263 من قانون الملكية العقارية اللبناني علي أنه " إذا انقطع مرور الزمن، فلا تحسب مدة وضع اليد السابقة لإشغال العقار " .(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ التاسع، المجلد / الثاني، الصفحة/ 1347)

تحيل هذه المادة إلى قواعد التقادم المسقط في المسائل الواردة بها، بالقدر الذي لا تتعارض فيه هذه القواعد مع طبيعة التقادم المكسب، وما ينص عليه القانون في المواد التالية.

وهذه المسائل هي:

1- حساب مدة التقادم.

2- وقف التقادم.

3- انقطاع التقادم.

4 - التمسك بالتقادم أمام القضاء.

5- والتنازل عن التقادم.

6- الاتفاق على تعديل مدة التقادم.

وسنعرض لهذه المسائل على النحو التالي

  کيفية حساب مدة التقادم :

تنص المادة 380 مدني الواردة في التقادم المسقط والتي تسري على التقادم المكسب عملاً بالمادة 973 مدني على أن:

"تحسب مدة التقادم بالأيام لا بالساعات ولا يحسب اليوم الأول، وتكمل المدة بانقضاء آخر يوم فيها".

فالتقادم بداءة يحسب طبقاً التقويم الميلادي عملا بالمادة الثالثة من القانون المدني التي تجري على أن: "تحسب المواعيد بالتقويم الميلادي ما لم ينص القانون على غير ذلك".

وتحسب مدة التقادم بالأيام لا الساعات، وذلك لأنه من المتعذر تعيين الساعة التي يبدأ فيها التقادم. ويتفرع على ذلك أن اليوم الأول لا يدخل في الحساب لأنه بالضرورة يوم ناقص. فإذا وضع شخص يده في ظهر يوم أول الشهر لا يحسب هذا اليوم بل تبتدئ المدة من يوم 2 منه ويحسب اليوم ابتداء من منتصف الليل إلى منتصف الليل التالي.

ويدخل في مدة التقادم اليوم الأخير كله.

فإذا كانت مدة التقادم قد بدأت في أول يناير سنة 1950 فإنها تنتهي بانتهاء يوم أول يناير سنة 1965. ومادام أن المدة لا تكتمل إلا بانقضاء آخر يوم فيها فإنه إذا اتخذ إجراء لقطع التقادم في هذا اليوم فإن الانقطاع يصح.

ويدخل في حساب المدة ما يعرض أثنائها من أيام المواسم والأعياد والعطلات الرسمية التي يتعذر اتخاذ إجراء فيها لقطع التقادم.

بدء سريان مدة التقادم بالنسبة إلى الحقوق المعلقة على شرط واقف أو المقترنة بأجل واقف:

رأينا أن المادة 973 مدني تنص على سريان قواعد التقادم المسقط على التقادم المكسب فيما يتعلق بحساب المدة، ويدخل في حساب المدة تحديد بدء سريانها.

وتنص المادة 381 مدني الواردة في التقادم المسقط على أنه: "لا يبدأ سريان التقادم فيما لم يرد فيه نص خاص إلا من اليوم الذي يصبح فيه الدين مستحق الأداء.

وبخاصة لا يسرى التقادم بالنسبة إلى دين معلق على شرط واقف، إلا من الوقت الذي يتحقق فيه الشرط، وبالنسبة إلى ضمان الاستحقاق إلا من الوقت الذي يثبت فيه الاستحقاق، وبالنسبة إلى الدين المؤجل إلا من الوقت الذي ينقضي فيه الأجل".

وعلى ذلك يبدأ سريان التقادم بالنسبة إلى الحق العيني المعلق على شرط واقف من وقت تحقق هذا الشرط. كما إذا أوصى شخص بعقار لآخر تحت شرط واقف، فباع الوارث العقار وسلمه إلى المشتري الذي وضع يده عليه، إذ في هذه الحالة لا يبدأ سريان التقادم المكسب لمصلحة المشتري وهو الحائز ضد الموصى له إلا عند تحقق الشرط، ذلك أن صاحب الحق المعلق على شرط، وهو الموصى له في هذا المثل، لا يصبح حقه نافذاً، وبالتالي لا يستطيع أن يرفع الدعوى العينية، إلا من وقت تحقق الشرط. ففي فترة التعليق لم يكن له أن يرفع هذه الدعوى، ولذلك لا يسرى التقادم ضده خلال هذه الفترة. ولا يعترض على هذا بأنه إذا تحقق الشرط الواقف استند أثره إلى وقت إبرام التصرف، فيعتبر الحق موجوداً من هذا الوقت، وبذلك يسرى التقادم من وقت بدء الحيازة. ذلك أن الأثر الرجعي للشرط فكرة يأخذ بها الشارع في ضوء ظروف التعاقد والنية المحتملة للمتعاقدين کي ينظم مصير التصرفات التي تصدر من أحدهما فيما يتعلق بالحق الوارد عليه التصرف كل فترة التعليق والحال في موضوعنا لا يتعلق بتصرف صدر من أحد المتعاقدين، وإنما يتعلق بتقادم لمصلحة شخص ثالث ضد من صدر له التصرف، ولكنه لا يكون نافذاً إلا من وقت تحقق الشرط، والعبرة في بدء سريان التقادم بنفاذ الحق لا بوجوده. لأن النفاذ هو الذي يجعل الصاحب الحق أن يرفع الدعوى العينية. أما الحق العيني المعلق على شرط فاسخ فإن التقادم يبدأ سريانه بالنسبة إليه من وقت بدء الحيازة، لأنه في هذا الوقت يكون الحق نافذاً، فإذا اكتمل التقادم قبل تحقق الشرط الفاسخ كسب الحائز الحق، وإذا تحقق الشرط الفاسخ قبل أن يكتمل التقادم زال الحق بأثر رجعي.

كذلك يبدأ سريان التقادم بالنسبة إلى الحق العيني المؤجل من وقت حلول الأجل. ذلك أن صاحب هذا الحق لا يصبح حقه نافذاً، وبالتالي لا يستطيع أن يرفع الدعوى العينية، إلا من وقت حلول الأجل.

بدء سريان التقادم بالنسبة إلى الحقوق الاحتمالية:

إذا كان التقادم لا يبدأ بالنسبة إلى الحق المعلق على شرط أو المقترن بأجل، إلا من وقت تحقق الشرط أو وقت حلول الأجل، أي من الوقت الذي يصبح فيه الحق نافذا، فأولى أن يكون ذلك بالنسبة إلى الحق الاحتمالي، إذ أن صاحب الحق الاحتمالي ليس له أن يتخذ الإجراءات التحفظية للمحافظة على حقه، ومن ثم فهو لا يستطيع قطع التقادم السارى ضده، كما أن الحق الاحتمالي لا يتصل بذمة صاحبه إذ أنه حق لا وجود له في فترة الشك والاحتمال وبالترتیب على ذلك لا يبدأ سريان التقادم في العين الموصى بها بالنسبة إلى الموصى له إلا من وقت موت الموصى. ففي هذا الوقت فقط يوجد حق الموصى له وينفذ إذا يستكمل عناصره الجوهرية .

  تأثير القوانين الجديدة الخاصة بالتقادم :

القاعدة أنه ليس للقوانين أثر رجعي، ولا تأثير لها في الحقوق المكتسبة. ولكن التقادم لا يعتبر حقاً مكتسباً إلا إذا تمت المدة التي يحميها القانون، وقبل ذلك يكون مجرد أمل. فإذا صدر أثناء سريان المدة قانون جديد معدل لمقدار الزمن المطلوب، فإن الزمن الجديد هو الذي يطبق بالنسبة لمضي المدة الساری، وليس الزمن الذي كان معيناً له وقت ابتداء التقادم.

ولذلك تنص الفقرة الأولى من المادة السابعة من التقنين المدني الجديد على أنه: "تسرى النصوص الجديدة المتعلقة بالتقادم من وقت العمل بها على كل تقادم لم يكتمل".

وعلى ذلك إذا كانت مدة التقادم قد اكتملت في ظل القانون المدنى القديم طبقاً للتقويم الهجري - الذي كان معمولاً به قبل العمل بالتقنين المدني الجديد فإن الحائز يكتسب ملكية العين بالتقادم. أما إذا كان قد بدأ ولم يكتمل فی ظل التقنين القديم فإن مدة التقادم تحسب من أولها وفقاً للتقنين المدني الجديد طبقاً التقويم الميلادي.

التمسك بالتقادم أمام القضاء:

   وجوب التمسك بالتقادم :

تنص الفقرة الأولى من المادة 387 مدنى الواردة في التقادم المسقط على أن: "لا يجوز للمحكمة أن تقضي بالتقادم من تلقاء نفسها، بل يجب أن يكون ذلك بناء على طلب المدين أو بناء على طلب دائنيه أو أي شخص له مصلحة فيه ولو لم يتمسك به المدين".

وعلى ذلك فإنه يجب على صاحب الشأن التمسك بالتقادم، ولا يجوز للمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها، فهو لا يتعلق بالنظام العام لأنه وإن كان مبنياً على اعتبارات متعلقة بالصالح العام لضمان الأوضاع المستقرة، إلا أن مرده ضمير الشخص ووجدانه، فقد يأبى المدين أن يجحد الحق أو ينكره، فلا يدفع بالتقادم لأنه يجد فيه مخالفة الشرف أو الذمة. وفضلاً عن ذلك فإن التقادم من شأنه أن يثير وقائع كثيرة لا يتيسر للقاضي أن يستخلصها من تلقاء نفسه من واقع الأوراق والمستندات، ولذلك علق المشرع تمام التقادم على وجوب التمسك به أمام القضاء.

يجوز للحائز رفع الدعوى بطلب تثبيت ملكيته استناداً إلى تملكه العين بوضع اليد المدة الطويلة، فيكون التقادم هو سند دعواه.

ويجوز للمدعى عليه في دعوى الحق دفع دعوى المدعي باكتسابه ملكية العين بالتقادم بطريق الدفع.

ويجب إبداء الدفع بالتقادم في عبارة واضحة لا تحتمل الإبهام وأن يبين نوع التقادم المتمسك به لأن لكل تقادم شروط وأحكام.

فلا يصلح دفعاً بالتقادم قول المدعى عليه في مذكرته الختامية بأنه يطلب رفض الدعوى "بناء على جميع الدفوع بعدم القبول" أو قول المدعى عليه أنه يدهش من تأخر الدائن في رفع دعوى"، فمثل هذه العبارات الغامضة لا تصلح أساساً للدفع بالتقادم.

ولا يجوز التمسك بالتقادم، دون تعيين مدته، أو التمسك بالتقادم بمدة أخرى غير المدة المقررة، إذ لا يجوز للمحكمة في هذه الحالة أن تبحث عن نوع التقادم المنطبق والقضاء به.

ويجب التمسك بالتقادم أمام محكمة الموضوع فلا يكفي التمسك به في أثناء محاولات الصلح أو التوفيق أو في محاضر أعمال الخبير.

الدفع بالتقادم يجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى :

تنص الفقرة الثانية من المادة 387 مدنى على أنه: "ويجوز التمسك بالتقادم في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو أمام المحكمة الاستئنافية" فيجوز إبداء الدفع بالتقادم في أية حالة كانت عليها الدعوى. فللخصم التمسك به منذ البداية، وقبل إبداء أي دفع شكلى أو موضوعی، وله أن يؤخره إلى ما بعد إبداء هذه الدفوع، طالما لم يقفل باب المرافعة في الدعوى. مالم تستخلص المحكمة من تأخيره في إبداء الدفع نزولاً منه عنه. وعدم إبداء الدفع أمام محكمة أول درجة لا يحرم الخصم من التمسك به أمام محكمة ثاني درجة، ما لم يثبت تنازله عنه وإذا تمسك الخصم بالتقادم أمام محكمة أول درجة فقضت له بذلك، فحسبه أمام محكمة الاستئناف أن يطلب تأييد الحكم المستأنف حتى يعتبر متمسكاً بالتقادم أمام هذه المحكمة. أما إذا تمسك بالتقادم أمام محكمة أول درجة ولكنه كسب الدعوى دون نظر إلى التقادم فإنه لا يكفي في الاستئناف أن يطلب تأييد الحكم المستأنف، بل لابد له من التمسك بالتقادم من جديد.

مع ملاحظة أن جواز التمسك بالتقادم في أية حالة كانت عليها الدعوى مشروط بألا تدل الظروف على أن الحائز قد نزل عن التقادم.

ولا يعتبر مجرد سكوت الخصم عن التمسك بالدفع أمام محكمة أول درجة تنازلاً منه عنه، فقد يكون جاهلاً وجود التقادم أو قد يكون مبقياً التمسك به فی النهاية إذا لم تنجح أوجه دفاعه الأخرى، وخصوصاً أن الدفع به قد لا يرتضيه ضمير كل إنسان.

عدم جواز التمسك بالتقادم لأول مرة أمام محكمة النقض :

وإن كان يجوز الدفع بالتقادم في الاستئناف فإنه لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، لأن محكمة النقض لا تستطيع أن تنظر أوجها جديدة لم يسبق الدفع بها أمام محكمة الموضوع، وليس الدفع بالتقادم متعلقاً بالنظام العام حتى يجوز لمحكمة النقض أن تقضى به من تلقاء نفسها.

على أنه إذا نقضت هذه المحكمة الحكم وأحالت الدعوى إلى محكمة الاستئناف للفصل فيها من جديد، فحكم النقض يعيد الخصومة إلى ما كانت عليه قبل صدور الحكم المنقوض، ويعيد الخصوم إلى مراكزهم الأولى كذلك، ومن ثم يصح التمسك بالتقادم لأول مرة أمام المحكمة المحال إليها الدعوى، ما لم يكن صاحب الشأن قد أتي فعلاً أو عملاً يفيد التنازل عنه ضمناً.

ممن يحصل التمسك بالتقادم :

تنص الفقرة الأولى من المادة 387 مدنى على أنه "لا يجوز للمحكمة أن تقضي بالتقادم من تلقاء نفسها، بل يجب أن يكون بناء على طلب المدين أو بناء على طلب دائنيه أو أي شخص له مصلحة فيه ولو لم يتمسك به المدين".

فالأصل أن الحائز هو الذي يتمسك بالتقادم، ويجوز بداهة أن يتمسك به خلفه سواء كان الخلف عاماً أو خاصاً فعن طريق التمسك بالدفع يستطيع الخلف ضم مدة حيازة سلفه إلى مدة حيازته، وذلك ما لم يكن الحائز قد تنازل عن التمسك به .

ويجوز لدائن الحائز التمسك بالتقادم - طبقاً لصريح النص ويكون تمسك الدائن بالتقادم بالدعوى غير المباشرة، وذلك خلافاً للقواعد العامة، ذلك أن التمسك بالتقادم رخصة للحائز كما أنه يتصل بشخص الحائز اتصالاً وثيقاً لتعلقه بالضمير.

كما يجوز لكل ذي مصلحة التمسك بالتقادم، ومن هؤلاء من تصرف للحائز في الحق الذي يحوزه ذلك حتى يتفادى رجوع الحائز عليه بضمان الاستحقاق .

بل يجوز للدائن إذا تنازل الحائز عن التمسك بالتقادم أن يطعن فى هذا النزول بالدعوى البوليصية وفقاً للفقرة الثانية من المادة 388 مدنی، حتى إذا نجح في طعنه عمد بعد ذلك إلى التمسك بالتقادم نيابة عن الحائز.

النزول عن التقادم المكسب :

 النص القانوني:

 المادة 388 مدني ( الواردة في التقادم المسقط ) :

"لا يجوز النزول عن التقادم قبل ثبوت الحق فيه، كما لا يجوز الاتفاق على أن يتم التقادم في مدة تختلف عن المدة التي عينها القانون.

2- وإنما يجوز لكل شخص يملك التصرف في حقوقه أن ينزل ولو ضمناً عن التقادم بعد ثبوت الحق فيه، على أن هذا النزول لا ينفذ في حق الدائنين إذا صدر إضراراً بهم".

(أ) النزول عن التقادم قبل ثبوت الحق فيه :

لا يجوز بصريح نص الفقرة الأولى من المادة 388 النزول عن التقادم قبل ثبوت الحق فيه. ولا يثبت الحق في التقادم إلا باكتمال مدة التقادم.

ومن ثم إذا حصل هذا التنازل كان باطلاً، ولا يرتب ثمة أثر.

والعلة في ذلك أن التقادم متعلق بالنظام العام من حيث كونه وسيلة من وسائل الأمن الاجتماعي والاقتصادي لا تستقر بدونه المعاملات، فإذا أجيز النزول عنه قبل ثبوت الحق فيه، أصبح في ميسور كل دائن أن يجبر مدينه على النزول عنه مقدما، وبالتالي يصبح التقادم مستحيل التطبيق عملاً، وهذا يتعارض مع حكمة التقادم التي تقضي بوضع حد زمني لاستعمال الحقوق والدعاوی.

والنزول مقدماً عن التقادم المكسب، نادر الوقوع عملاً، ومن الحالات التي يمكن تصور وقوعه فيها أن يعترف الحائز بأن وضع يده يقوم على سبب عرضي ثم يتعهد في الوقت نفسه بعدم التمسك مستقبلاً بالتقادم المكسب حتی ولو تغير سبب وضع يده.

والمقصود بالتنازل السابق المحرم قانوناً هو التنازل الصادر للخصم قبل اكتمال مدة التقادم، سواء حصل قبل سريان مدة التقادم، كما هو الحال في الالتزامات الشرطية أو الأجلية إذ لا يصح النزول مقدماً عن التقادم قبل تحقق الشرط أو حلول الأجل، لأن تقادم مثل هذا الالتزام لا يبدأ في السريان إلا من اليوم الذي يصبح فيه الدين واجب الأداء أو حصل أثناء مدة سريانه.

غير أن هذا التنازل الذي يحصل مقدماً يعتبر اعترافاً بالدين قاطعاً للتقادم .

لئن كان - كما رأينا سلفا - أنه لا يجوز قانوناً النزول عن التقادم قبل ثبوت الحق فيه، إلا أنه يجوز النزول عن المدة التي انقضت في تقادم لم يكتمل. وهذا النوع من النزول إنما يقطع التقادم باعتباره إقراراً من المدين بحق الدائن يترتب عليه زوال كل أثر للمدة السابقة وسریان تقادم جديد في الحال .

التنازل عن التقادم بعد ثبوت الحق فيه :

أجازت الفقرة الثانية من المادة 388 التنازل ولو ضمناً عن التقادم بعد ثبوت الحق فيه.

فقد أجاز النص التنازل بعد ثبوت الحق فيه، لأنه لا يترتب عليه أي ضرر للمجتمع لأنه لا يتعارض إلا مع المصلحة الخاصة، فالحائز حر في أن يتنازل عن الحق الذي اكتسبه بالتقادم، إذ كان طريق الاكتساب هذا لا يرتضيه ضميره، وذلك بخلاف التنازل مقدما عن التقادم، فإن القانون لم يجزه مراعاة للمصلحة الاجتماعية، لأن إجازته تشجع الإهمال والتهاون من جانب أصحاب الحقوق، فتتعارض مع الغرض الذي شرع التقادم من أجله.

ونزول الحائز تصرف قانونى من جانب واحد لا يحتاج إلى قبول.

ويجوز أن يصدر التنازل من شخص معنوی، بواسطة من يمثله.

ولا يخضع التنازل لأي شرط خاص بالشكل.

وقد يكون التنازل صريحاً أو ضمنياً.

وينشأ التنازل الصريح بإظهار الإرادة شفاهة أو كتابة، فلا يتحتم أن يكون التنازل بسند يثبته وإثبات التنازل الصريح يحصل وفقاً للقواعد العامة، فيجوز إثباته بشهادة الشهود إذا كانت قيمة العين لا تجاوز ألف جنيه، وبالكتابة أو بما يقوم مقامها إذا زادت على هذه القيمة.

وقد يكون التنازل منجزاً أو شرطياً.

أما التنازل الضمني، فيشترط في الوقائع أو الأفعال التي يستدل منها عليه أن تكون واضحة لا يشوبها أي لبس أو غموض، وألا تحتمل التفسير أو التأويل، لأن التنازل لا يمكن أن يفترض بل يجوز فقط استنتاجه من الوقائع الثابتة في الدعوى .

 ومن أمثلة النزول الضمني عن التقادم المكسب.

1- الوعد الصادر من الحائز بأن يقدم للمالك حساباً عن الأعيان التي يضع اليد عليها والاتفاق بين مدعي الاستحقاق وواضع اليد على تسوية النزاع بينهما طبقاً للثابت من العقود دون أي اعتبار لوضع اليد.

2- أن يستأجر الحائز الشيء الذي يضع اليد عليه من المالك الحقيقي أو أن يتخلى واضع اليد عن حيازته للمالك، أو يظهر الحائز رغبته في شراء الشيء الذي يضع اليد عليه.

3- أن يرفع الشريك دعوى يطلب فيها قسمة الأعيان المشتركة، فإن هذا الطلب يمنعه من التمسك باكتساب ملكية الأعيان بالتقادم .

4- إغفال الحائز الدفع بالتقادم عمداً بحيث يفهم من موقفه أنه لا يريد الالتجاء إلى هذا الدفع.

ولكن ليس من الضروري أن يستخلص من تأخير الدفع بالتقادم أن الحائز قد نزل عنه.

فقد رأينا أنه يجوز إبداء الدفع بالتقادم في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو أمام محكمة الاستئناف، ما لم يستخلص من ظروف تأخير الدفع النزول عنه.

ولقاضي الموضوع السلطة المطلقة في أن يستخلص من وقائع الدعوى ومن كافة الظروف والملابسات المحيطة بها ما يصح اعتباره نزولاً عن التمسك بالتقادم. على أن يكون استخلاصه سائغاً. 

وطلب ندب خبير بصفة احتياطية لايد إقراراً ضمنياً بالحق و يدل بمجرده على نفي مشيئة الخصم في التمسك بالتقادم.

أهلية النزول عن التقادم :

تنص الفقرة الثانية من المادة 388 مدني على أن: وإنما يجوز لكل شخص يملك التصرف في حقوقه أن ينزل ولو ضمنا عن التقادم ... الخ".

وبذلك يكون قد وقع تعارض بين النص ومذكرته الإيضاحية، فبينما تشترط المادة أهلية التصرف للتنازل عن التقادم، إذ بالمذكرة الإيضاحية تشترط أهلية التبرع. وإذ تعارض النص الصريح مع المذكرة الإيضاحية، فإنه يجب الأخذ بالنص الصريح.

ولذا فإن الأهلية اللازمة للتنازل عن التقادم هي أهلية التصرف. وتثبت أهلية التصرف لكل شخص بلغ سن الرشد متمتعاً بقواه العقلية، ولم يحجر عليه. وسن الرشد هي إحدى وعشرون سنة ميلادية كاملة (مادة 44 مدنی).

ويترتب على ذلك أن الصغير والمحجور عليه لا يستطيع أحدهما النزول عن حقه في التمسك بالتقادم، ولا يستطيع الوصي أو القيم النزول عن حق الصغير أو المحجور عليه في التمسك بالتقادم المكسب من غير إذن المحكمة.

وقد أخذ المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 بالولاية على المال بما تقدم فنص في المادة 39/ 13 منه على أن للوصي سلطة التنازل عن الحقوق والدعاوى وقبول الأحكام القابلة للطعون العادية والتنازل عن هذه الطعون بعد رفعها ورفع الطعون غير العادية في الأحكام وذلك بعد الحصول على إذن من المحكمة.

ويتعين على الوصي أو القيم الحصول على الان من الجهة المختصة في حالة النزول الضمني عن التقادم، إذ من واجبه أن يطلع هذه الجهة بأوجه الدفاع التي تفيد معنى التنازل الصريح أو الضمني حتى تحاط علماً بذاك، ولها أن تقره أولا تقره على خطته في الدفاع.

ولا يجوز للوكيل العام التنازل عن التقادم التي تم لمصلحة موكله إلا بتفويض خاص من الموكل، لأن الوكالة الواردة في ألفاظ عامة لا تخول للوكيل صفة إلا في أعمال الإدارة، وعلى ذلك فلا يجوز له أن يباشر باسم موكله أي عمل من أعمال التصرف إلا إذا كان مأذوناً له بذلك بتوكيل خاص.

عدم نفاذ النزول في حق الدائنين :

تنص الفقرة الثانية من المادة 388 مدني في عجزها على أن: "على أن هذا النزول لا ينفذ في حق الدائنين إذا صدر إضراراً بهم".

وبمقتضى هذا النص، يجوز لدائني الحائز أن يطعنوا في نزوله عن التقادم بعد ثبوت حقه فيه بطريق الدعوى البوليصية وهي دعوى عدم نفاذ التصرف ولولا النص لما جاز هذا الأمن الدائنين فقد خرج القانون هنا على قواعد الدعوى البوليصية كما خرج على قواعد الدعوى غير المباشرة تنمسا خول الدائنين التمسك بالتقادم نيابة عن الحائز. ذلك أن القاعدة في الدعوى البوليصية أن التصرف الذي يجوز الطعن فيه هو التصرف المفقر، أي التصرف الذي ينقص من حقوق المدين أو يزيد في التزاماته (م 237 مدنی)، والنزول عن التقادم ليس تصرفاً مفقراً بهذا المعنى، لأنه لا ينقص حقا ثبت في ذمة الحائز حيث لا يكسب الحائز الحق إلا إذا تمسك بالتقادم، وإنما هو يحول دون زيادة حقوق الحائز، فهو يعني أن الحائز يمتنع عن زيادة حقوقه، أي يرفض الإستغناء. على أن هذه هي المسألة الوحيدة التي خرج فيها القانون على قواعد الدعوى البوليصية في هذا الخصوص. فالشروط الأخرى لهذه الدعوى يجب أن تتوافر حتى يجوز للدائنين الطعن في النزول الصادر من الحائز. ومن ثم يجب لجواز هذا الطعن أن يكون نزول الحائز سبباً في إعساره أو زيادة إعساره (م 237 مدنی). وإذا كان النزول في مقام عمل من أعمال التصرف، فإنه يجب كذلك أن يكون منطوياً على غش من الحائز وأن يكون صاحب الحق الذي صدر النزول لمصلحته على علم بهذا الغش. ويكفي في ذلك أن يكون النزول قد صدر من الحائز وهو عالم أنه معسر، وأن يكون صاحب الحق على علم بهذا الإعسار (م1/  238 مدنی).

فإذا نجح الدائنون في هذا الطعن أمكنهم بعد ذلك أن يتمسكوا بالتقادم نيابة عن الحائز طبقاً لحكم المادة 1/ 387 مدنی).

   بقاء الدعاوى الشخصية ضد الحائز:

يؤدي اكتساب الملكية بالتقادم إلى أن يصبح الحائز مالكاً أو صاحب حق عيني على الشئ، ولكنه لا يبرئ ذمة الحائز إذا كان مديناً. وعليه فهو لا يحول دون بقاء الدعاوى الشخصية التي تكون للمتصرف أو دائنيه ضد الحائز رغم أن هذا الأخير قد أصبح مالكاً بالتقادم، ولهذا فإن التقادم لا يصح التمسك به إلا في مواجهة الغير، فلا يجوز للحائز أن يتمسك بالتقادم ضد من تصرف له فی الشيء، حيث يحكم العلاقة بينهما التصرف الصادر إلى الحائز.

ويبني على هذا أنه إذا كان التصرف الذي تلقى به الحائز الحق الذي يحوزه مشوباً بما يجعله قابلاً للإبطال أو الفسخ أو نحو ذلك فإن الدعاوى الشخصية التي تكون المتصرف أو دائنيه بناء على هذه الأسباب لا تسقط إلا بالتقادم الخاص بها فإذا لم تكن قد تقادمت جاز رفعها على الحائز رغم كسبه الحق بالتقادم. ومقتضى هذا أنه إذا نجح المتصرف في دعواه الشخصية ضد الحائز استطاع أن يسترد منه الشيء رغم كسبه الحق بالتقادم المكسب. وكذلك الأمر إذا نجح أي من دائني المتصرف في الدعوى التي يباشرها بالنيابة عن المتصرف ضد الحائز. ويلاحظ هنا أن المالك الأصلي يستطيع بوصفه دائناً للمتصرف أن يباشر الدعوى الشخصية ضد الحائز نيابة عن المتصرف، فإذا نجح في هذه الدعوى أمكنه أن يسترد الشيء من هذا الطريق رغم أن الحائز قد كسب الملكية بالتقادم).

تخلف التزام طبيعي عن التقادم المكسب :

تنص الفقرة الأولى من المادة 386 مدني الواردة في التقادم المسقط على أن: يترتب على التقادم انقضاء الالتزام، ومع ذلك يتخلف في ذمة المدين التزام طبیعی".

ويطبق هذا النص على التقادم المكسب، فيتخلف التزام طبیعی عن الحق الذي يكسب بالتقادم المكسب. فإذا ملك الحائز العين بالتقادم المكسب، ولم يكن قبل التقادم مالكاً لها، فإنه بالرغم من تملكه العين بالتقادم يبقى ملتزماً التزاماً طبيعياً نحو المالك الحقيقي برد العين إليه.

ويترتب على ذلك نتيجتان:

الأولى :

أنه يجوز للحائز رد العين التي تملكها بالتقادم إلى مالكها مختاراً وعن بينة من أمره بالتزامه الطبيعي.

وبالتالي لا يعد ذلك تبرعاً، ولا يشترط فيه شكل خاص.

وإذا رد الحائز العين إلى مالكها فلا يجوز له استردادها بعد ذلك لأنه أوفي بالتزام طبیعی .

الثانية :

أنه إذا تعهد الحائز برد العين إلى مالكها وفصد من ذلك إنشاء التزاماً مدنياً في ذمته، فإنه ينشأ بهذا التعهد التزام مدني في ذمته، وبالتالي يجوز للمالك اجباره على الوفاء به.

غير أنه لا تجوز كفالة الالتزام الطبيعي المتخلف في ذمة الحائز، إذا قصد بالكفالة أن يترتب في ذمة الكفيل التزام مدني يضمن الالتزام الطبيعي، ولكن إذا كفل الكفيل هذا الالتزام الطبيعي وهو يعتقد أنه التزام مدني، فإن التزامه يكون التزاماً طبيعياً مثل الالتزام الأصلي، إذ لا يصح أن يكون التزام الكفيل أشد من التزام المدين.

جواز بدء تقادم جديد:

يترتب على نزول الحائز عن التقادم بعد تمامه آثار مماثلة لتلك التي تترتب على انقطاع التقادم، حيث تسقط المدة التي مضت قبل النزول، فتضيع على الحائز ثمرتها. ولكن يمكن أن يبدأ من وقت النزول تقادم مدته في نفس مدة التقادم الأول.

  آثار التنازل عن التقادم نسبية:

التنازل عن التقادم - كما ذكرنا سلفا - هو عمل قانوني من جانب واحد، ويترتب على هذا أنه لا يحدث إلا أثراً نسبياً فلا يتقيد به إلا من صدر منه فلا ينفذ في حق من عداه من ذوى المصلحة الذين لم يعلنوا رغبتهم في عدم التمسك بالتقادم، وتبعاً لذلك إذا انقضى الدين بالتقادم بالنسبة إلى كل من المدينين المتضامنين ونزل أحدهم عن التقادم، فإن هذا النزول لا يسري في حق سائر المدينين بمعنى أن يكون لكل منهم مع ذلك أن يتمسك بالتقادم.

ويترتب على ذلك أنه إذا وفي المدين الذي نزل عن التقادم فلا يجوز له أن يرجع على سائر المدينين الذين برئت ذمتهم بسبب التقادم.

والتنازل عن التقادم يشبه الاعتراف القاطع لمدة التقادم من حيث الاعتراف، فالاعتراف حجة قاصرة على المقر فلا يحاج به أحد سواه .

عدم جواز الاتفاق على تعديل مدة التقادم:

تقضي المادة 973 مدني بسريان بقواعد التقادم المسقط على التقادم المكسب فيما يتعلق بالاتفاق على تعديل مدة التقادم. وقد نصت الفقرة الأولى من المادة 388 مدنی - الواردة في التقادم المسقط - على أنه :

لا يجوز النزول عن التقادم قبل ثبوت الحق فيه، كما لا يجوز الاتفاق على أن يتم التقادم في مدة تختلف عن المدة التي عينها القانون". فقد جعل النص مدة التقادم من النظام العام، فلا يجوز الاتفاق على إطالتها أو تقصيرها، فإذا حصل الاتفاق على إطلالتها أو تقصيرها كان الاتفاق باطلاً، وتطبق المدة كما وردت بالقانون، ذلك أن إطالة مدة التقادم، كما إذ اتفق على إطالته إلى خمسين أو مائة سنة مثلاً يكون بمثابة النزول عن التقادم مقدماً من الناحية العملية، كما أن الاتفاق على مدة قصيرة لا يؤمن فيه الاعتساف.

غير أن مدة التقادم قد تطول بسبب غير الاتفاق، كما إذا وقف سريان التقادم، إذ تطول مدة التقادم بمقدار المدة التي يقف فيها عن السريان.

وكما إذا انقطعت مدة التقادم، إذ تطيل مدة التقادم بمقدار المدة التي انقطع في آخرها و بمقدار المدة التي يبقى فيها سبب الانقطاع نافذ الأثر. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثالث عشر، الصفحة/ 761)