مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السادس ، الصفحة : 582
1 - تعرض هذه النصوص ( المواد 1262 - 1266 ) لأهم التزام على المحتكر وهو دفع أجرة الحكر فعليه أن يؤدي لصاحب الرقبة الأجرة المتفق عليها في نهاية كل سنة إلا إذا حدد ميعاد آخر للدفع والخاصية الجوهرية في أجرة الحكر هي وجوب أن تكون أجرة المثل من مبدأ التعاقد ويجب أن تبقى أجرة المثل طول المدة فتزيد الأجرة المتفق عليها أو تنقص كلما بلغ التغيير في أجرة المثل حداً كبيراً زيادة أو نقصاً سواء كان ذلك في الأراضي الموقوفة أو في الأراضي غير الموقوفة إلا أن الأراضي غير الموقوفة يمكن الاتفاق في تحكيرها على غير أجرة المثل وعلى بقاء الأجرة دون تغيير.
2 - بقى أن يعرف كيف تتعدل الأجرة تبعا لتغير أجرة المثل وفي هذا المشروع القضاء المصري والشريعة الإسلامية فنص في المادة 1294 على أنه يرجع في تقدير الزيادة أو النقص إلى القيمة الإيجارية للأرض وقت التقدير على أن يراعى في ذلك الغرض الذي أعدت له الأرض وحالتها عند التحكير و موقعها ورغبات الناس فيها دون اعتبار لما أحدثه المحتكر في الأرض من تحسين أو إتلاف وبغض النظر عما يوجد فيها من بناء أو غرس « وهذا ما يسمى بتصقيع الحكر والقاعدة في التصقيع هي ما قرره قانون العدل والإنصاف في المواد 336 و 337 و 339 ( مؤيداً بالمادتين 20 و 23من لائحة إجراءات وزارة الأوقاف المصدق عليها بالأمر العالي الصادر فى 13 يوليه سنة 1895) و أقرته محكمة النقض في حكمها الصادر في 14 يونيه سنة 1934 (مج نقض 1 ص 439 رقم 198) من أنه يجب أولاً تقدير قيمة الأرض وقت ابتداء التحكير وهذا يقتضي معرفة ماذا كانت عليه حالة الأرض عند التحكير فربما كانت بركة أو قاعاً منحطاً أو تلاً أو أنقاضاً متهدمة فردمها المحتكر أو أزال التل والأنقاض بنفقة طائلة من طرفه حتى أصبحت صالحة للبناء أو الغراس فمثل هذه الأرض عند تقدير أجرتها لابد من أن يكون التقدير باعتبار أنها بركة أو قاع أوتل أو أنقاض متراكمة وبما أن كثيراً من الأوقاف المحتكرة تصعب معرفة أصل حالتها عند التحكير لمضى الزمن فالمحتكر هو المكلف بإثبات حالتها تلك القديمة إذ هذه من قبيل دعوى مخالفة للظاهر من الأمر ».
فإذا قدرت قيمة الأرض وقت ابتداء التحكير على هذا النحو نسبت إليها الأجرة التي اتفق عليها وقت ذلك تم تقدر قيمة الأرض وقت التصقيع ويكون هذا التقدير على اعتبار أن الأرض حرة خالية من البناء ولا يلاحظ في التقدير سوى حالة الصقع ( أي الجهة أو الناحية ) الذي فيه الأرض المحكورة ورغبات الناس فيها وأن يصرف النظر عن التحسين اللاحق بذات الأرض أو بصقع الجهة بسبب البناء الذي أقامه المحتكر «فحق القرار الذي للمحتكر وإن كان لا تأثير له في تقدير قيمة الحكر إلا أن البناء الذي يقيمه المحتكر في أرض الوقف من شأنه أن يقلل من قيمة الحكر وهي أجر المثل إذا كان له دخل ما في تحسين صقع الجهة التي فيها أرض الوقف بحيث أن قاضي الموضوع متى اقتطع من أجر المثل قدراً ما مقرراً أنه ثبت له أن بناء المحتكر قد زاد في الصقع بقدر هذه الخريطة التي يقتطعها فلا رقابة الأحد عليه» وتكون النسبة ما بين الأجرة الجديدة والقيمة التي قدرت للأرض وقت التصقيع هي نفس النسبة ما بين الأجرة القديمة والقيمة التي قدرت للأرض وقت ابتداء التحكير ولا يسري التقدير الجديد إلا من الوقت الذي يتفق فيه الطرفان عليه، وإن لم يتفقا من يوم رفع الدعوى.
المشروع في لجنة المراجعة
تليت المادة 1263 من المشروع ورأت اللجنة تعديل الفقرة الأولى على الوجه الآتي :
لا يجوز التحكير بأقل من أجرة المثل .
وإضافة عبارة « على أن يكون قد مضى ثلاث سنوات على آخر تقدير» في آخر الفقرة الثانية .
وأصبح رقم المادة 1079 في المشروع النهائي .
المشروع في مجلس النواب
وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 1076
المشروع في مجلس الشيوخ
مناقشات لجنة القانون المدني :
محضر الجلسة الحادية والأربعين
تليت المادة 1076 فرأى حذف كلمة «كبيراً» الواردة في الفقرة الثانية لأنها تزيد .
محضر الجلسة الحادية والخمسين
أعادت اللجنة نظر المادة 1076 وقد رأت زيادة المدة التي تمضي على آخر تقدير لزيادة الأجرة أو إنقاصها إلى ست سنوات بدلاً من ثلاث حتى يكون هناك محل لطلب الزيادة أو النقص لتغير الظروف لأن الظروف لا تتغير عادة في مدة أقل من ست سنوات.
محضر الجلسة الثانية والخمسين
أعادت اللجنة بحث بعض مواد الحكر فرجعت إلى المادة 1076 و تناقشت في مدة التصقيع وكان قد استقر رأيها في الجلسة السابقة على جعلها ست سنوات فعادت جعلتها ثماني سنوات تمشياً مع النظام المقرر في إعادة تقدير الضرائب الخاصة بعوائد الأملاك المبنية .
قرار اللجنة :
وافقت اللجنة على جعل مدة إعادة التقدير لزيادة الأجرة أو إنقاصها ثماني سنوات .
تقرير اللجنة :
جعلت اللجنة المدة التي يصقع الحكر بعد انقضائها ثماني سنوات بدلا من ثلاث تمشياً مع النظام المقرر في إعادة تقدير الضرائب الخاصة بالعقارات «عوائد الأملاك» .
وأصبح رقم المادة 1004 .
مناقشات المجلس :
وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة .
1 ـ ما تشترطه المادة 1004 من القانون المدنى القائم لقبول تعديل أجرة الحكر من مضى ثمانى سنوات على آخر تقدير هو حكم مستحدث وليس فى أحكام الشريعة الإسلامية و لافى القواعد التى قررها الفقة والقضاء قبل صدور هذا القانون ما كان يقيد طلب تصقيع الحكر بوجوب مضى مدة معينة على آخر تقدير بل إن ما تقضى به أحكام الشريعة هو أن المحتكر تلزمه الزيادة كلما زادت أجرة المثل زيادة فاحشة . ولقد كان من المقرر فى ظل القانون المدنى الملغى أن تقدير ما إذا كان التغيير الذى طرأ على أجرة المثل بلغ الحد الذى يبرر طلب الزيادة أو لم يبلغه من مسائل الواقع التى يستقل بها قاضى الموضوع .
(الطعن رقم 382 لسنة 29 جلسة 1964/04/16 س 15 ع 2 ص 556 ق 90)
2 ـ يلتزم المحتكر بمقتضى المواد 1003 ، 1004 ، 1005 من القانون المدنى بأداء المقابل المتفق عليه إلى المحكر و على أن يكون هذا المقابل مستحق الدفع فى نهاية كل سنة ما لم ينص عقد التحكير على غير ذلك و بزيادة المقابل وفقاً لأجر المثل و صقع المكان و ذلك بخلاف إيجار الوقف إذ العبرة فيه بأجرة المثل وفقاً لنص المادة 632 من القانون المدنى بالوقت الذى أبرم فيه عقد الإيجار فلا يقيد بما يستجد من ظروف إقتصادية بعد ذلك ترفع من قيمة المقابل .
(الطعن رقم 1074 لسنة 53 جلسة 1984/06/20 س 35 ع 2 ص 1700 ق 324)
3 ـ محكمة الموضوع غير ملزمة بوقف الدعوى المتعلقة بالمطالبه بمقابل التحكير أو بمقابل الإنتفاع أو بالقيمة الإيجارية إلا إذا أثيرت المنازعة حول ملكية العين الوارد عليها هذا الطلب أما إذا أثيرت و فصل فيها بقضاء قطعى فإن المنازعة لا تكون لها محل بعد هذا القضاء و لا يكون لمن صدر عليه الحكم بذلك أن يعود لمناقشة المسألة التى تم الفصل فيها ، كما لا يجوز ذلك للمحكمة حتى لو قدمت لها أدلة جديدة قاطعة فى مخالفة الحكم السابق ، و متى إحتوى الحكم بندب خبير فى أسبابه على القضاء بصفة قطعية فى شق من الخصومه فإنه لا يجوز إعادة النظر فى هذا القضاء لدى ذات المحكمة .
(الطعن رقم 203 لسنة 44 جلسة 1979/01/24 س 30 ع 1 ص 338 ق 68)
تتحدد أجرة الحكر تبعاً لأجرة المثل وقت التحكير على ألا تزيد أو تنقص إلا كلما بلغ التغيير في أجر المثل حداً يجاوز الخمس زيادة أو نقصاً على أن يكون قد مضى ثمان سنوات على آخر تقدیر وپسري هذا الحكم سواء نشأ الحكر قبل القانون الجديد أم بعده. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الرابع عشر الصفحة/ 251)
الخاصية الجوهرية في أجرة الحكر هي وجوب أن تكون أجرة المثل من مبدأ التعاقد وهذا الحكم مأخوذ من الشريعة الإسلامية وهو ينطبق على الأحكام السابقة على تاريخ العمل بالتقنين المدني الجديد في 15 أكتوبر سنة 1949 كما ينطبق على الأحكار التي أنشئت منذ العمل بهذا القانون.
ولهذا فإنه عند إعطاء المحكمة الإذن بالتحكير ينبغي أن تدخل في اعتبارها ألا تقل الأجرة عن ذلك مراعاة لمصلحة الحكر.
وهذا لا يمنع من أن تصحح المحكمة خطأها فيما بعد إذا كانت قد أذنت بالتحكير بأقل من أجرة المثل.
وأجرة المثل هذه هي عادة أجرة زهيدة بالنظر إلى أن الأرض الموقوفة تكون غالباً خربة أو بحاجة إلى إصلاح كبير مما يتطلب نفقات باهظة.
ولا يقتصر الأمر على تحديد الأجرة وقت إنشاء حق الحكر بما لا يقل عن - أجرة المثل وإنما يجب أن تبقى أجرة المثل طوال المدة فتزيد أو تقضي كلما بلغ التغيير في أجرة المثل حداً كبيراً زيادة أو نقصاً.
ويبين من هذا النص أنه يشترط لزيادة الأجرة على أجرة المثل التي قدرت بعقد التحكير أو إنقاصها عن هذه الأجرة توافر شرطين :
1 - أن تبلغ زيادة الأجرة على أجرة المثل أو يبلغ نقصها عن أجرة المثل ما يزيد على خمس أجرة المثل وقدر النص هذه النسبة قياساً على الغبن الفاحش.
2 - أن يكون قد مضى ثماني سنوات على آخر تقدير لأجرة المثل والحكمة في ذلك هو أن يكون هناك شئ من الاستقرار في التعامل فلا تكون الأجرة عرضة للتغيير في كل وقت وحدد المشرع المدة بثماني سنوات تمشياً مع المقرر في إعادة تقدير الضرائب الخاصة بالعقارات.
وزيادة الأجرة أو نقصانها كلما بلغ التغيير قدراً معيناً هو ما يطلق عليه تصقيع الحكر وهو نظام مستمد من الشريعة الإسلامية وإن كان الفقه الإسلامي لم يحدد مدة معينة يجب انقضائها على آخر تقدير لإجراء الزيادة أو النقصان.
لايجوز الاتفاق مع المحتكر على عدم زيادة الأجرة فمثل هذا الاتفاق يقع باطلاً لا يقيد المحتكر ذلك أن حكم المادة يتعلق بالنظام العام إذ من المبادئ المقررة أن الحكر يتغير تبعاً للزمان والمكان .(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الرابع عشر الصفحة/ 109)
أجرة الحكر – تقضي الشريعة الإسلامية بأن تكون أجرة الحكر هي أجرة المثل أي أنها مختلفة عن الأجره في الإيجار العادي من حيث أن الأخيرة تتحدد وقت الإجارة وتبقى ثابتة طوال مدتها أما الأولى فيتعين إعادة تقديرها إذا بلغ التغيير فيها حداً كبيراً زيادة أو نقصاً ولا عبرة بزيادة أجرة المحل التي تكون ناشئة عن بناء المحتكر أو غراسه وإنما العبرة بالزيادة الراجعة إلى الأرض في ذاتها لكثرة رغبات الناس في صقعها .
وتقدر أجرة الحكر بأجرة المثل كلها للأرض المحكرة وقت التقدير دون اعتبار قيام حق القرار عليها غير أنه إذا كان ما أقامه المحتكر من مبان على الأرض المحكرة قد أسهم في تحسين صقع الجهة التي فيها الأرض المحكرة كان للقاضي أن يخفض من أجرة المثل بالقدر الذي يرى فيه أن بناء المحتكر قد زاد في الصقع ويدخل ذلك في سلطته الموضوعية دون رقابة عليه فيه لمحكمة النقض .
ويجب في كل حال أن تبين محكمة الموضوع الأسس القانونية والموضوعية والطريقة التي اتبعتها في الوصول إلى أجرة المثل حتى تستطيع محكمة النقض مراقبة سلامة تطبيق المبادئ المتقدمة وإلا كان حكمها مشوباً بقصور يبطله .
وقد زادت محكمة النقض الأمر ايضاحاً فيما يتعلق بتطبيق قواعد الإثبات حيث قالت في حكم لها بتاريخ 14 يونيه 1934 أن ما قرره الشرع والقانون من أن تقدير أجرة الحكر يكون على مثل أرض الوقف يقتضي معرفة ماذا كانت عليه حالة أرض الموقفة عند التحكير والمحتكر هو المكلف بإثبات حالتها تلك القديمة إذ هذه من قبله دعوى مخالفة الظاهر من الأمر و قاضي الموضوع متی تحرى وحقق وقدر للأرض حالة أصلية خاصة أو متي قدر الخبير لها حالة خاصة واعتمدها القاضي وبين في حكمه علة اعتباره إياها على هذه الحالة الحاصلة في مبدأ التحكير فأن رأيه في ذلك من مسائل الموضوع التي لا رقابة لمحكمة النقض عليها .
ولكن ليس معنى ذلك أن عبء الإثبات يقع كله على عاتق المحتكر بل بالعكس من ذلك فإنه يفرض أن أجرة الحكر المتفق عليها أو المعمول بها بعد آخر تعديل مساوية أجرة المثل ويكون على المحكر إثبات زيادة أجرة المثل فإذا أثبت هذا أن عيناً مماثلة للمحكرة تزيد أجرة حكرها عما يدفعه المحتكر تعين أن يثبت هذا الأخير أن العين المحكرة كانت وقت تحكيرها بحالة تجعلها مختلفة عن العين الأخرى التي قورنت بها وتجعل أجرة حكرها أقل من تلك العين الأخرى بنسبة معينة .
وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض بأن المحتكر هو المكلف بإثبات الحالة القديمة للأرض المحكرة أن ادعى أنها لم تكن وقت تحكيرها أرضاً فضاء - كما اعتبرتها المحكمة عند تصقيع الحكر بل كانت بركة وأصلحها على نفقته إذ هذه من قبله دعوى مخالفة للظاهر من الأمر وإذا لم يدع المحتكر هذه الدعوى أمام محكمة الموضوع فإنه لا يجوز له أن يتحدى بهذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالطه من واقع .
وقد أخذ التقنين المدني الحالي بما استقر عليه قضاء الحاكم في هذا الشأن بعد أن زاد بعض نواحيه ضبطاً وتحديداً وقرر المبدأ في المادة 1004 فقرة أولى وهو أنه يجب أن تكون أجرة التحكير مساوية لأجرة المثل وأن الأولى يجب أن تساير الثانية زيادة ونقصاً ثم قيد في المادة 1004 فقرة ثانية تعديل أجرة الحكر بقيدين : الأول أن يكون طرأ على أجرة المثل تغيير يجاوز الخمس زيادة أو نقصاً والثاني أن يكون قد مضي ثماني سنوات على آخر تقدير لأجرة الحكر وذلك حتى لا يبقى الباب مفتوحاً في كل وقت وبمجرد حصول أي تغيير في أجرة المثل المطالبة بتعديل الأجرة مع ما يجره ذلك من منازعات و عدم استقرار في العلاقات بين المحكر والمحتكر .
وقضى التقنين الحالي بأن يرجع في تقدير الزيادة أو النقص الى ما للأرض من قيمة إيجارية وقت التقدير ويراعي في ذلك صقع الأرض ورغبات الناس فيها بغض النظر عما يوجد فيها من بناء او غراس ودون اعتبار لما احدثه المحتكر فيها من تحسين أو اتلاف في ذات الأرض أو في صقع الجهة ودون تأثر بما للمحتكر على الأرض من حق القرار (المادة 1005).
غير أن محكمة النقض طرحت بما ورد في المذكرة الإيضاحية ورفضت مما نسبته إليها هذه المذكرة ورفضت الأخذ بنظرية النسبية رفضاً باتاً حيث قالت في حكمها الصادر في 16 أبريل سنة 1964 أن القاعدة الصحيحة الواجبة الإتباع في تقدير أجرة الحكر عند طلب تصنعه هي على ما قررته محكمة النقض أخذاً من المبادئ الشرعية - في حكمها الصادر في 14 من يونيه سنة 1934 وجرى عليه قضاءها - أن يكون التقدير على اعتبار أن الأرض حرة خالية من البقاء وأن لا يلاحظ فيه سوى حالة الصقع الذي فيه الأرض المحكرة ورغبات الناس فيها وأن يصرف النظر عن التحسين اللاحق بذات الأرض وبقع الجهة بسبب البناء الذي أقامه المحتكر وأن لا يكون لحق البقاء والقرار الذي للمحتكر تأثير في التقدير وقد صرحت محكمة النقض في حكمها سالف الذكر بأنها ترفض الأخذ بنظرية ( النسبة ) التي تقضي بالمحافظة على النسبة بين أجرة الحكر وقت التحكير وقيمة الأرض في ذلك الوقت وقالت عنها أنه لا أصل لها في الشريعة الإسلامية وأن أجرة الحكر يجب أن تكون دائماً هي أجرة المثل ولقد أخذ التقنين المدني بالقاعدة التى قررتها محكمة النقض وقتها بما نص عليه في المادة 1005 منه ونبذ نظرية النسبة وذلك على ما يبين من الأعمال التحضيرية وإذا كانت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي قد تضمنت عبارات صريحة تفيد الأخذ بهذه النظرية وإسنادها خطأ الى محكمة النقض فقد فسخ ذلك ما جرى من تعديلات أدخلتها لجنة الشيوخ على النص الذي كان وارداً في المشروع التمهيدي وما ظهر جلياً من اتجاه هذه اللجنة إلى عدم الأخذ بنظرية النسبية وفات واضعي المشروع بعد إدخال هذا التعديل أن يصححوا على مقتضاه ما تضمنته المذكرة في هذا الخصوص.
ولا يجوز زيادة الأجرة أو نقصها إلا إذا مضت ثماني سنوات على آخر تقدير لها في المادة (1004) .(الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ الثامن الصفحة/ 921)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثامن عشر ، الصفحة / 60
مِقْدَارُ الأْجْرَةِ فِي الاِسْتِحْكَارِ لِلْوَقْفِ:
16 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْعَيْنَ الْمَوْقُوفَةَ إِذَا رَغِبَ فِي إِجَارَتِهَا، فَإِنَّهَا تُؤَجَّرُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي تَحْكِيرِ الْوَقْفِ بِأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ.
قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِمَنْ لَهُ حَقُّ إِجَارَةِ الْوَقْفِ أَنْ يُؤَجِّرَهُ بِأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمُؤَجِّرُ هُوَ النَّاظِرَ فِي حَالِ كَوْنِهِ الْمُسْتَحِقَّ وَحْدَهُ لِلأْجْرَةِ كُلِّهَا.
وَفِي الْبَحْرِ: أَنَّ النَّاظِرَ إِذَا كَانَ عَالِمًا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَآجَرَ الْمَوْقُوفَ بِأَقَلَّ مِنْهَا فَإِنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ خِيَانَةً.
وَأَمَّا إِذَا كَانَ النُّقْصَانُ يَسِيرًا بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ جَازَ، لأِنَّهُ مِمَّا يُتَسَامَحُ بِهِ، وَتَنْفُذُ الإْجَارَةُ مَعَهُ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُسْتَأْجِرُ هُوَ الْمُسْتَحِقَّ فِي الْوَقْفِ، أَمْ كَانَ أَجْنَبِيًّا.
وَيُفَرِّقُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بَيْنَ أَنْ يُؤَجِّرَ الْمُتَوَلِّي الْعَيْنَ الْمَوْقُوفَةَ عَلَى غَيْرِهِ، وَالْعَيْنَ الْمَوْقُوفَةَ عَلَيْهِ.
فَفِي الْحَالَةِ الأْولَى: لاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا بِأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ.
أَمَّا فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ: فَإِنَّ ذَلِكَ لَهُ، قِيَاسًا أَوْلَوِيًّا عَلَى صِحَّةِ الإْعَارَةِ مِنْهُ، كَمَا هُوَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَبِاعْتِبَارِ انْتِقَالِ مِلْكِيَّةِ الْمَنَافِعِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
زِيَادَةُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا:
18 - يَرَى فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ إِذَا زَادَتْ أُجْرَةُ مِثْلِ عَقَارِ الْوَقْفِ الْمُسْتَحْكَرِ زِيَادَةً فَاحِشَةً، فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِسَبَبِ الْبِنَاءِ وَالْعِمَارَةِ الَّتِي أَقَامَهَا الْمُسْتَحْكِرُ فِيهَا فَلاَ تَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ، وَإِنْ كَانَتْ زِيَادَةُ أُجْرَةِ الأْرْضِ مِنْ نَفْسِهَا لِكَثْرَةِ رَغَبَاتِ النَّاسِ فِي الصُّقْعِ (أَيِ الْمَوْقِعِ) تَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ إِتْمَامًا لأِجْرِ الْمِثْلِ. فَإِنْ أَبَى اسْتِئْجَارَهَا بِذَلِكَ يُنْظَرُ، فَإِنْ كَانَتِ الأْرْضُ لَوْ رُفِعَتْ مِنْهَا الْعِمَارَةُ لاَ تُسْتَأْجَرُ بِأَكْثَرَ مِنَ الأْجْرَةِ الْمُقَرَّرَةِ تُتْرَكُ فِي يَدِ الْمُحْتَكِرِ بِذَلِكَ الأْجْرِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ عَلَى الْجَانِبَيْنِ. وَإِنْ كَانَتْ تُسْتَأْجَرُ بِأَكْثَرَ مِنْهَا وَلَمْ يَرْضَ بِالزِّيَادَةِ يُجْبَرُ عَلَى رَفْعِ بِنَائِهِ. عَلَى مَا يَأْتِي:
وَهَذَا إِنْ كَانَتْ زِيَادَةُ الْمِثْلِ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الإْجَارَةِ ، قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: لأِنَّهُ قَدْ عَرَضَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ مَا يُسَوِّغُ الْفَسْخَ وَهُوَ الزِّيَادَةُ الْعَارِضَةُ فِي الأْجْرَةِ . أَمَّا إِنْ فَرَغَتِ الْمُدَّةُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي الأْرْضِ غِرَاسٌ أَوْ بِنَاءٌ قَائِمٌ فِعْلاً، فَلَيْسَ هُوَ أَحَقَّ بِالإْجَارَةِ إِذْ لاَ يَكُونُ لَهُ حَقُّ الْقَرَارِ. وَإِنْ كَانَ لَهُ فِيهَا بِنَاءٌ أَوْ غِرَاسٌ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، فَإِنْ لَمْ يَرْضَ أَنْ يَدْفَعَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ يُؤْمَرُ بِرَفْعِ الْبِنَاءِ.
وَكُلُّ هَذَا إِذَا كَانَ الْحِكْرُ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ، أَمَّا فِي الأْرَاضِيِ غَيْرِ الْمَوْقُوفَةِ إِذَا زَادَ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي مُدَّةِ الْعَقْدِ فَلِلْمُسْتَحْكِرِ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِالْعَقْدِ وَيَرْفُضَ الزِّيَادَةَ. ثُمَّ إِنَّ الْمَالِكَ أَحَقُّ بِعَقَارِهِ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَالِكَ قَدْ يَرْغَبُ فِي سُكْنَى عَقَارِهِ أَوْ بَيْعِهِ أَوْ هِبَتِهِ بِخِلاَفِ الْوَقْفِ، فَإِنَّ سَبِيلَهُ التَّأْجِيرُ فَالْمُسْتَأْجِرُ الأْوَّلُ أَوْلَى.
وَالزِّيَادَةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْفَسْخِ هِيَ مَا كَانَتْ مِنْ غَيْرِ مُتَعَنِّتٍ، بَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ لَهُ رَغْبَةٌ صَحِيحَةٌ فِي الاِسْتِئْجَارِ بِالزِّيَادَةِ. أَمَّا إِنْ زَادَ الْمُتَعَنِّتُ فَلاَ تُقْبَلُ زِيَادَتُهُ، قَالَ فِي قَانُونِ الْعَدْلِ وَالإْنْصَافِ: عَمَلاً بِالأْمْرِ السُّلْطَانِيِّ الْمُطَاعِ.
وَإِذَا كَانَ الْعَقْدُ بِصِيغَةِ: (كُلُّ شَهْرٍ بِكَذَا) صَحَّ فِي الشَّهْرِ الأْوَّلِ وَلاَ يَصِحُّ فِي الثَّانِي إِلاَّ بِالتَّلَبُّسِ بِهِ، وَيَكُونُ لِلنَّاظِرِ إِذَا انْتَهَى كُلُّ شَهْرٍ فَسْخُ الإْجَارَةِ إِذَا زَادَ أَحَدٌ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَلَمْ يَرْضَ الْمُسْتَأْجِرُ بِالزِّيَادَةِ.
وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمُسْتَحْكِرُ وَالنَّاظِرُ فَقَالَ النَّاظِرُ:
إِنَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ قَدْ زَادَتْ، وَقَالَ الْمُسْتَحْكِرُ: لَمْ تَزِدْ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَحْكِرِ، وَعَلَى النَّاظِرِ إِثْبَاتُ الزِّيَادَةِ بِالْبُرْهَانِ.
وَيُؤْخَذُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ بِقَوْلِ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَالأْمَانَةِ. وَيَكْفِي وَاحِدٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ.
وَلاَ تُفْسَخُ إِجَارَةُ الْوَقْفِ بِصِفَةٍ عَامَّةٍ بِزِيَادَةِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي الْمُدَّةِ الأْولَى عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ الأْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ.
نَقْصُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ أَثْنَاءَ مُدَّةِ الاِحْتِكَارِ:
19 - إِذَا نَقَصَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَثْنَاءَ مُدَّةِ الاِحْتِكَارِ لَمْ يَجُزْ فَسْخُ الْعَقْدِ لِمَصْلَحَةِ الْمُحْتَكِرِ حَتَّى عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الْقَائِلِينَ بِفَسْخِهِ لِلزِّيَادَةِ. لأِنَّ الْعَقْدَ عَقْدُ إِجَارَةٍ لاَزِمٌ وَفِي الْفَسْخِ ضَرَرٌ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ.
وَذَكَرَ الأْذْرَعِيُّ مِنْ فُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ فِي مَعْرِضِ رَدِّهِ عَلَى ابْنِ الصَّلاَحِ فِيمَا لَوْ طَرَأَ تَغْيِيرٌ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ بِسَبَبِ تَغَيُّرِ الأْحْوَالِ أَنَّ الَّذِي يَقَعُ فِي النَّفْسِ أَنَّا نَنْظُرُ إِلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ الَّتِي تَنْتَهِي إِلَيْهَا الرَّغَبَاتُ حَالَةَ الْعَقْدِ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا عَسَاهُ يَتَجَدَّدُ.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / التاسع عشر ، الصفحة / 277
أ - الْحَكْرُ :
2 - الْحَكْرُ بِفَتْحِ الْحَاءِ قَالَ فِي اللِّسَانِ هُوَ ادِّخَارُ الطَّعَامِ لِلتَّرَبُّصِ. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الاِحْتِكَارُ جَمْعُ الطَّعَامِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُؤْكَلُ وَاحْتِبَاسُهُ انْتِظَارَ وَقْتِ الْغَلاَءِ بِهِ .
وَالاِحْتِكَارُ أَيْضًا، وَالاِسْتِحْكَارُ عَقْدُ إِجَارَةٍ يُقْصَدُ بِهَا اسْتِبْقَاءُ الأْرْضِ مُقَرَّرَةً لِلْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ أَوْ أَحَدِهِمَا .
أَمَّا الْحِكْرُ بِكَسْرِ الْحَاءِ فَلَمْ نَجِدْهُ فِي مَعَاجِمِ اللُّغَةِ الْقَدِيمَةِ، وَفِي الْمُعْجَمِ الْوَسِيطِ هُوَ الْعَقَارُ الْمَحْبُوسُ، وَيَرِدُ فِي كَلاَمِ مُتَأَخِّرِي الْفُقَهَاءِ بِمَعْنَى الأْجْرَةِ الْمُقَرَّرَةِ عَلَى عَقَارِ الْوَقْفِ وَنَحْوِهِ تُؤْخَذُ مِمَّنْ لَهُ فِيهِ بِنَاءٌ أَوْ غِرَاسٌ، وَإِذَا انْتَقَلَ الْعَقَارُ مِنْ يَدٍ إِلَى يَدٍ انْتَقَلَ الْحِكْرُ مَعَهُ يُدْفَعُ لِحَظِّ مُسْتَحَقِّي الْوَقْفِ.
قَالَ الشَّيْخُ عُلَيْشٌ: مَنِ اسْتَوْلَى عَلَى الْخُلُوِّ يَكُونُ عَلَيْهِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ أُجْرَةٌ لِلَّذِي يَئُولُ إِلَيْهِ الْوَقْفُ يُسَمَّى عِنْدَنَا بِمِصْرَ حِكْرًا لِئَلاَّ يَذْهَبَ الْوَقْفُ بَاطِلاً، وَلاَ يَصِحُّ الاِحْتِكَارُ إِلاَّ إِذَا كَانَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَلاَ تَبْقَى عَلَى حَالٍ وَاحِدَةٍ بَلْ تَزِيدُ الأْجْرَةُ وَتَنْقُصُ بِاخْتِلاَفِ الزَّمَانِ .
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السادس والثلاوثون ، الصفحة / 105
الأْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمِثْلِ :
يَتَعَلَّقُ بِالْمِثْلِ أَحْكَامٌ مِنْهَا:
عِوَضُ الْمِثْلِ
4 - عِوَضُ الْمِثْلِ هُوَ: بَدَلُ مِثْلِ شَيْءٍ مَطْلُوبٌ بِالشَّرْعِ غَيْرُ مُقَدَّرٍ فِيهِ، أَوْ بِالْعَقْدِ لَكِنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ أَوْ ذُكِرَ لَكِنَّهُ فَسَدَ الْمُسَمَّى، أَوْ كَانَ بِسَبَبِ عَقْدٍ فَاسِدٍ .
يَقُولُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: عِوَضُ الْمِثْلِ كَثِيرُ الدَّوَرَانِ فِي كَلاَمِ الْعُلَمَاءِ مِثْلُ قَوْلِهِمْ: قِيمَةُ الْمِثْلِ، وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَمَهْرُ الْمِثْلِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَيُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِيمَا يُضْمَنُ بِالإْتْلاَفِ مِنَ النُّفُوسِ وَالأْمْوَالِ وَالأْبْضَاعِ وَالْمَنَافِعِ.
وَيَشْمَلُ عِوَضُ الْمِثْلِ مَا يَأْتِي:
أ - إِذَا لَمْ يُذْكَرْ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ مَهْرٌ أَوْ ذُكِرَ وَلَكِنَّهُ لاَ يَعْتَدُّ بِهِ الشَّرْعُ مِثْلُ كَوْنِ الْمُسَمَّى مُحَرَّمًا أَوْ لَيْسَ بِمُتَقَوِّمِ، وَهَذَا يُسَمَّى: مَهْرَ الْمِثْلِ.
ب - إِذَا كَانَ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ اتِّفَاقٌ وَلَكِنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ الْمُسَمَّى، أَوْ أَصْبَحَ الْمُسَمَّى مَعْدُومًا، أَوْ فَاسِدًا، أَوْ أَصْبَحَ الْعَقْدُ فَاسِدًا، أَوْ مَنْسُوخًا وَلَكِنَّهُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَنَّ أَحَدَ الْعَاقِدَيْنِ كَانَ قَدْ نَفَّذَ مِنَ الْعَقْدِ شَيْئًا، أَوْ أَهْلَكَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ، أَوْ كَانَ الْعَقْدُ قَرْضًا وَوَجَبَ فِيهِ رَدُّ الْقِيمَةِ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، وَهَذَا النَّوْعُ يَدْخُلُ فِيهِ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي الإْجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، أَوِ الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ أَوْ نَحْوِهِمَا، وَكَذَلِكَ يَدْخُلُ فِيهِ ثَمَنُ الْمِثْلِ.
ج - مَا كَانَ نَتِيجَةَ إِتْلاَفٍ لَكِنَّهُ لَمْ يَنُصَّ الشَّرْعُ عَلَى تَحْدِيدِ مِقْدَارِ الضَّمَانِ فِيهِ، وَهَذَا مَا يُسَمَّى بِضَمَانِ الْمِثْلِ .
ضَابِطُ عِوَضِ الْمِثْلِ
5 - ضَابِطُ عِوَضِ الْمِثْلِ مَا تَتَحَقَّقُ بِهِ الْعَدَالَةُ، يَقُولُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: عِوَضُ الْمِثْلِ.
أَمْرٌ لاَ بُدَّ مِنْهُ فِي الْعَدْلِ الَّذِي بِهِ تَتِمُّ مَصْلَحَةُ الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ.
وَمَدَارُهُ عَلَى الْقِيَاسِ وَالاِعْتِبَارِ لِلشَّيْءِ بِمِثْلِهِ، وَهُوَ نَفْسُ الْعَدْلِ، وَنَفْسُ الْعُرْفِ الدَّاخِلِ فِي قوله تعالي : (يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ( وَقَوْلِهِ: (وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ ( وَهُوَ مَعْنَى الْقِسْطِ الَّذِي أَرْسَلَ اللَّهُ لَهُ الرُّسُلَ وَأَنْزَلَ لَهُ الْكُتُبَ .
وَلِذَلِكَ يَدْخُلُ فِي اعْتِبَارِهِ كُلُّ الظُّرُوفِ وَالْمُلاَبَسَاتِ الَّتِي تُحِيطُ بِهِ، وَيُرَاعَى فِيهِ الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ وَالْعُرْفُ السَّائِدُ، وَرَغَبَاتُ النَّاسِ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ: قِيمَةُ الْمِثْلِ: مَا يُسَاوِي الشَّيْءَ فِي نُفُوسِ ذَوِي الرَّغَبَاتِ، مَعَ مُلاَحَظَةِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْعَرْضِ وَالطَّلَبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ .
النَّقْدُ الْمُعْتَبَرُ فِي التَّقْوِيمِ فِي عِوَضِ الْمِثْلِ
6 - نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ التَّقْوِيمَ فِي الْمَغْصُوبِ يُعْتَبَرُ بِغَالِبِ النُّقُودِ لاَ بِأَدْنَاهَا، وَفِي السَّرِقَةِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقْدَانِ مِنَ الذَّهَبِ، وَأَحَدُهُمَا أَعْلَى قِيمَةً اعْتُبِرَتِ الْقِيمَةُ بِالأْقَلِّ فِي زَمَانِ السَّرِقَةِ .
ضَمَانُ الْقِيمَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْمِثْلِ
7 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ مَا وَجَبَ فِيهِ الضَّمَانُ إِنْ كَانَ مِمَّا لاَ مِثْلَ لَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ، لأِنَّهُ تَعَذَّرَ إِيجَابُ الْمِثْلِ صُورَةً وَمَعْنًى فَيَجِبُ الْمِثْلُ مَعْنًى وَهُوَ الْقِيمَةُ لأِنَّ هَا الْمِثْلُ الْمُمْكِنُ.
وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (قِيمَةٌ ف 7).
مَتَى يُضْمَنُ بِالْمِثْلِ وَالْقِيمَةِ مَعًا
8 - مِنَ الْمَضْمُونَاتِ مَا تَجِبُ فِيهِ الْقِيمَةُ وَالْمِثْلُ مَعًا، وَذَلِكَ فِي الصَّيْدِ الْمَمْلُوكِ إِذَا قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ أَوْ قَتَلَهُ الْحُلاَّلُ فِي الْحَرَمِ.
وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (قِيمَةٌ ف 11).
مَهْرُ الْمِثْلِ
9 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الزَّوْجَةَ يَجِبُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ فِي أَحْوَالٍ مِنْهَا: إِذَا دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا فَإِنَّهُ يَتَقَرَّرُ لَهَا بِالدُّخُولِ مَهْرُ الْمِثْلِ .
وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (مَهْرٌ).
ثَمَنُ الْمِثْلِ
10 - قَالَ السُّيُوطِيُّ: ثَمَنُ الْمِثْلِ ذُكِرَ فِي مَوَاضِعَ:
فِي شِرَاءِ الْمَاءِ فِي التَّيَمُّمِ، وَشِرَاءِ الزَّادِ وَنَحْوِهِ فِي الْحَجِّ، وَفِي بَيْعِ مَالِ الْمَحْجُورِ وَالْمُفْلِسِ وَنَحْوِهِمَا، وَمِثْلِ الْمَغْصُوبِ، وَإِبِلِ الدِّيَةِ وَغَيْرِهَا، وَيُلْحَقُ بِهَا كُلُّ مَوْضِعٍ اعْتُبِرَتْ فِيهِ الْقِيمَةُ فَإِنَّهَا عِبَارَةٌ عَنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ.
وَقَالَ: وَحَقِيقَتُهُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ الْمَوَاضِعِ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى الاِخْتِلاَفِ فِي وَقْتِ اعْتِبَارِهِ أَوْ مَكَانِهِ .
أُجْرَةُ الْمِثْلِ
11 - لأِجْرَةِ الْمِثْلِ تَطْبِيقَاتٌ كَثِيرَةٌ وَلاَ سِيَّمَا فِي أَبْوَابِ الإْجَارَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُسَاقَاةِ، وَالْمُضَارَبَةِ، وَالْجَعَالَةِ إِذَا أَصْبَحَتْ فَاسِدَةً وَكَانَ الأْجِيرُ أَوِ الْعَامِلُ قَدْ قَامَ بِعَمَلٍ، وَكَذَلِكَ فِي بَابِ الْحَجِّ لاَ يُطَالَبُ أَنْ يُعْطَى الأْجِيرُ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَكَذَلِكَ فِي بَابِ الْغَصْبِ إِذَا فَاتَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ الْمَنَافِعُ (عِنْدَ الْجُمْهُورِ) وَكَذَلِكَ النَّاظِرُ عَلَى الْوَقْفِ إِذَا لَمْ يُحَدِّدْ لَهُ الْوَاقِفُ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ، وَكَذَلِكَ الْعَامِلُ عَلَى الزَّكَاةِ، وَالْقَسَّامُ، وَالْقَاضِي، وَالدَّلاَّلُ وَنَحْوُهُمْ إِذَا لَمْ يُحَدَّدْ لَهُمْ أَجْرٌ مُعَيَّنٌ .
قِرَاضُ الْمِثْلِ
12 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ لِلْعَامِلِ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ أَجْرُ مِثْلِهِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْعَامِلَ فِي الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ قَدْ يَكُونُ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ، وَقَدْ يَكُونُ لَهُ قِرَاضُ مِثْلِهِ فِي رِبْحِ الْمَالِ، وَقَدْ يَكُونُ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَقِرَاضُ مِثْلِهِ فِي رِبْحِهِ.
وَقَالُوا : إِنَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ تَثْبُتُ لِلْعَامِلِ فِي ذِمَّةِ رَبِّ الْمَالِ، وَأَمَّا قِرَاضُ الْمِثْلِ فَيَكُونُ مِنْ رِبْحِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ إِنْ رَبِحَ، فَإِنْ لَمْ يَرْبَحْ فَلاَ شَيْءَ لِلْعَامِلِ.
وَالضَّابِطُ عِنْدَهُمْ: أَنَّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ خَرَجَتْ عَنْ حَقِيقَةِ الْقِرَاضِ مِنْ أَصْلِهَا فَفِيهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَأَمَّا إِنْ شَمِلَهَا الْقِرَاضُ لَكِنِ اخْتَلَّ مِنْهَا شَرْطٌ فَفِيهَا قِرَاضُ الْمِثْلِ .
وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (مُضَارَبَةٌ).
كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله )محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية(بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه
( مادة 592 )
لايكلف المحتكر برفع بنائه ولاقلع غراسه وهو يدفع أجر المثل المقرر على ساحة الأرض الية من البناء والغراس
( مادة 593 ) اذا زاد اجر الارض المحتكرة بسبب بناء المستحكر أو غرسه فلا تلزمه الزيادة فان زاد أجر المثل في نفسه زيادة فاحشة لزمته الزيادة فان امتنع من قبولها أمر برفع البناء والغراس وتؤجر لغيره بالاجرة الزائدة
( مادة 594)
يثبت للمستحکرحق القرار في الأرض المحتكرة ببناء الأساس فيها أو بغرس شهره بها ويلزم باجر مثل الأرض مادام اساس بناءه وغراسه قائما فيها ولا تنزع منه حيث دفع المثل.