مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السادس ، الصفحة : 619
مذكرة المشروع التمهيدي :
يتميز خلو الانتفاع عن الحكر بما يأتي :
(1) لا يكون خلو الانتفاع إلا في أرض موقوفة وهو حق شخصي لا عيني فلا حاجة فيه لإذن القاضي .
(2) ليس لخلو الانتفاع أجل محدد فللوقف أن يفسخ العقد في أي وقت بعد التنبيه في المواعيد القانونية (وهي المواعيد التي سبق بيانها في عقد الإيجار م 761 من المشروع ) .
(3) ولو أن صاحب خلو الانتفاع يلتزم باستصلاح الأرض الموقوفة كالمحتكر إلا أنه يسترد عند إنتهاء حقه ما أنفقه في الاستصلاح وفقاً لقواعد الإيجار .
المشروع في لجنة المراجعة
تليت المادة 1278 من المشروع ووافقت اللجنة عليها بعد استبدال كلمة «خلو » بكلمة « حلول » في أول الفقرة الأولى و نقل عبارة « على شرط أن يرد النفقات » في آخر الفقرة الثانية واستبدال كلمتي « بإيجار الأطيان » بكلمتي «بأجرة الأعيان » في الفقرة الثالثة .
وأصبح رقم المادة 1092 في المشروع النهائي .
المشروع في مجلس النواب
وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 1089 .
المشروع في مجلس الشيوخ
محضر الجلسة الحادية والأربعين
مناقشات لجنة القانون المدني :
تليت المادة 1089 وهي خاصة ببعض أنواع الحكر فاعترض سعادة العشماوي باشا على إطلاق حكم رد النفقات الوارد في الفقرة الثانية من المادة 1089 .
ورد معالي السنهوري باشا على ذلك قائلاً إن الذي يجب أن يرده الوقف إلى صاحب حق خلو الانتفاع هو أقل القيمتين قيمة الإصلاح أو قيمة ما زاد في قيمة البناء وذلك وفقاً لقواعد الإثراء بلا سبب .
وبناءً على ذلك استقر الرأي على استبدال عبارة على شرط أن يعوضه الوقف عن النفقات طبقاً لأحكام المادة 179 بعبارة « على شرط أن يرد النفقات ».
وقد أريد بهذا التعديل مواجهة حالة النفقات التي ينفقها المستأجر ويكون قد استفاد منها إلى حد ما فإطلاق النص على قيام جهة الوقف بدفع النفقات قد يؤدي إلى تحميل الوقف وفاء كل النفقات دون نظر إلى استفادة المستأجر بما استحدثه استفادة تؤدي إلى خفض قيمة النفقات إلى ما تقضي به أحكام الإثراء بلا سبب المقررة في المادة 179 .
محضر الجلسة التاسعة والخمسين
رأت اللجنة استبدال كلمة العقارات، بكلمة والأطيان الواردة في الفقرة الثالثة من المادة 1016
تقرير اللجنة :
انواع استعاضت اللجنة في الفقرة الثانية بعبارة «على شرط أن يعوض الوقف المستأجر عن النفقات طبقاً لأحكام المادة 179» عن عبارة «على شرط أن يرد النفقات » حتى يكون أساس التقدير واضحاً منضبط الحدود وقد روعي في التعديل أن يواجه النص حالة النفقات التي ينفقها المستأجر ويكون قد استفاد منها إلى حد ما فإطلاق النص على قيام جهة الوقف بدفع النفقات قد يؤدي إلى تحميل الوقف وفاء كل النفقات دون نظر إلى استفادة المستأجر ما استحدثه استفادة تؤدي إلى خفض قيمة النفقات المطالب بردها ورؤى أن تستند القاعدة في رد النفقات إلى أحكام الإثراء المقررة في المادة 179 .
مناقشات المجلس :
وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة.
1 ـ المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الإحتكار من وضع فقهاء الشريعة الإسلامية و هو عندهم عقد لإيجار يعطى للمحتكر حق البقاء و القرار على الأرض المحكورة ما دام يدفع أجرة المثل و نصوا على أنه لو خرب بناء المحتكر أو جف شجرة و لم يبق لهما أثر فى أرض الوقف و مضت مدة الإحتكار عادت الأرض إلى جهة الوقف و لم يكن للمحتكر و لا لورثته حق البقاء و إعادة البناء و نصوا أيضاً على أنه إذا لم يمكن الإنتفاع بالعين المؤجرة بفسخ العقد و تسقط الأجرة عن المحتكر عن المدة الباقية - لما كان ذلك - و كان البين من الأعمال التحضيرية للقانون المدنى الحالى أن النصف المادة 999 منه على توقيت الحكر و تحديد مدته إنما يسرى على الإحكار الجديدة التى تنشأ فى ظل العمل به إعتباراً من 1949/10/15 أما الإحكار السابقة على هذا التاريخ فلم ينص على كيفية إنتهائها و تركها إلى أن يصدر فى شأنها تشريع خاص بعد أن تعارضت مصالح و حقوق المحكرين و المحتكرين تعارضاً إستعصى على التوفيق و بذلك تبقى هذه الأحكار خاضعة لقواعد الشريعة الإسلامية التى كانت تحكمها وقت إنشائها
(الطعن رقم 645 لسنة 54 جلسة 1988/05/25 س 39 ع 2 ص 977 ق 159)
2 ـ إلتزامات المؤجر فى القانون المدنى القديم و على ما جرى به قضاء محكمة النقض إلتزامات سلبية بترك المستأجر ينتفع بالعين المؤجرة ما لم ينص بالعقد على شرط مخالف و مفاد ذلك ألا يلتزم المؤجر بمصروفات الأعمال النافعة إلا إذا وجد إتفاق بشأنها .
(الطعن رقم 3 لسنة 32 جلسة 1966/05/10 س 17 ع 3 ص 1064 ق 144)
عقد خلو الانتفاع هو عقد إيجار للوقف من نوع خاص لزمن غير محدد يلتزم بموجبه المستأجر بإصلاح الشيء المؤجر ويدفع أجرة مقدرة لا تغير ولا يكون للمستأجر حق عیني إنما حق شخصي کالمستأجر العادي ويلزم فيه أذن القاضي وهو عقد غير لازم إذ يجوز للوقف أن يفسخه في أي وقت بعد التنبيه وفقاً للمادة 563 من القانون المدني على أن يعرض المستأجر وفقاً لقواعد الإثراء بلا سبب عملاً بالمادة 179 من ذات القانون. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الرابع عشر ، الصفحة/ 277)
عرفت المادة عقد خلو الانتفاع بقولها إنه عقد يؤجر به الوقف عيناً ولو بغير إذن القاضي مقابل أجرة ثابتة لزمن غير معين.
فعقد خلو الانتفاع هو عقد إيجار الوقف من نوع خاص وليس بعقد حكر أصلاً ولذلك لا يترتب للمستأجر أي حق عيني وإنما يكون له حق شخصي كأي مستأجر.
وهو لا يقع إلا على عين موقوفة سواء كانت أرضاً مبنية أو أرضاً فضاء للبيع أو أرضاً زراعية.
والعين المؤجرة تحتاج إلى إصلاح فيلتزم المستأجر بإصلاحها ويؤدي المستأجر أجرة ثابتة لا تتغير ومدة العقد غير محددة.
أحكام عقد خلو الانتفاع :
1 - عقد خلو الانتفاع لأنه عقد إيجار فلا يحتاج إلى إذن القاضي كما أنه لا يحتاج إلى الشهر.
2 - يلتزم المستأجر بموجب العقد أن يجعل العين صالحة للاستغلال ذلك أن محل العقد عين في حاجة إلى الإصلاح.
3 - الأجرة في العقد ليست هي أجرة المثل كالشأن في الحكر بل هي أجرة ثابتة لا تتغير.
4 - ليس للعقد أجل محدد و للطرفين إنهاء العقد في أي وقت بعد مراعاة التنبيه في المواعيد القانونية طبقاً لأحكام الخاصة بعقد الإيجار وبذلك يحتفظ الوقف بحق استرداد العين في أي وقت.
5 - إذا فسخ الوقف العقد التزم بتعويض المستأجر عن النفقات التي بذلها في إصلاح العين طبقا للمادة 179 مدني الخاصة بالإثراء بلا سبب فيلتزم الوقف بأن يرد إلى المستأجر أقل القيمتين قيمة ما عاد عليه من منفعة بسبب الإصلاح وقيمة ما أنفقه المستأجر.
6 - فيما عدا ما تقدم تسري على عقد خلو الانتفاع أحكام إيجار الوقف الواردة في التقنين المدني. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الرابع عشر، الصفحة/ 139)
خلو الانتفاع - خلو الانتفاع عقد يؤجر به الوقف عيناً ولو بغير إذن القاضي مقابل أجرة ثابتة لزمن غير معين في المادة 1014 فقرة أولى مدني .
ويشترك هذا العقد مع عقد الحكر وعقد الاجارتين في أنه لا يكون إلا في الأعيان الموقوفة وهو كالحكر من حيث أنه يرد على الأعيان الموقوفة مبنية كانت أو غير مبنية ويختلف في ذلك عن عقد الاجارتين إذ الأخير لا يكون إلا في الأراضي التي عليها بناء في حاجة إلى الإصلاح.
ويختلف عقد خلو الانتفاع عن عقد الحكر وعن عقد الاجارتين في أن العقدين الأخيرين تكون لهما مدة محددة لا تجاوز ستين سنة وتكون الأجرة فيهما قابلة للتعديل من حين إلى أخر وفي حين أن خلو الانتفاع لا يعقد إلا لزمن غير معين بحيث يجوز فسخه في أي وقت وتكون الأجرة فيه ثابتة لا محل لإعادة النظر فيها ويلاحظ أن هذين الفريقين متلازمان أي أن أحدهما إنما هو نتيجة للأخر فلأن الحكر وعقد الأجارتين تكون لهما مدة طويلة محددة يتقيد بها الطرفان وكانت الأجرة فيهما قابلة للتعديل كلما تغيرت الظروف ولأن خلو الانتفاع بالعكس من ذلك ليست له مدة محددة ولأنه يعقد لزمن غير معين ويجوز نسخه في أي وقت بمجرد التنبيه في الميعاد القانوني فقد انعدمت فيه حكمة تعديل الأجرة عند تغير الظروف ، فنص على أن الأجرة فيه تكون ثابتة ، كما انعدمت فيه حكمة استئذان القاضي في تأجير الأعيان الموقوفة الأكثر من ثلاث سنوات فنص في المادة 1014 فقرة أولى على أن هذا العقد يتم بغير استئذان القاضي وأنعدمت أيضاً علة اعتبار حق الحكر حقاً عينياً لا مجرد حق شخصي كما هو حق المستأجر العادي فاعتبر حق صاحب خلو الانتفاع حقاً شخصياً .
وقد نصت المادة 1014 فقرة ثانية على أن المستأجر يلتزم بمقتضى هذا ما العقد أن يجعل العين صالحة للاستغلال وعلى أن يحق للوقف أن يفسخ العقد في أي وقت بعد التنبيه في الميعاد القانوني طبقاً للقواعد الخاصة بعقد الإجارة على شرط أن يعوض المستأجر عما أنفقه في إصلاح العين طبقاً لأحكام المادة 179 وهي أحكام الإثراء دون سبب.
ويظهر من ذلك أن صاحب خلو الانتفاع يلتزم بجعل العين صالحة للإستعمال ما دام العقد سارياً وأن للوقف أن يفسخ العقد في أي وقت بعد التنبيه طبقاً للقواعد العامة في الإيجار ولكن ليس معنى ذلك حرمان صاحب خلو الانتفاع من حق فسخ العقد أن حرمانه منه يؤدي إلى تقييده بالعقد مؤبداً لأن هذا غير جائز في الحكر ولا في الاجارتين ولا حتى في الإيجار فمن باب أولى ألا يجوز في خلو الانتفاع وانما المقصود بنص المادة 1014 فقرة ثانية أنه إذا أتى الفسخ من جهة الوقف التزم هذا بتعويض صاحب خلو الانتفاع عن النفقات التي عادت بزيادة في قيمة العين وذلك طبقاً لقواعد الإثراء على حساب الغير أما إذا طلب الفسخ صاحب خلو الانتفاع فلا يكون له أي حق في تعويض عما أنفقه لأنه باختياره الفسخ بعد نازلاً عما أنفق .(الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ الثامن ، الصفحة/ 951)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثامن عشر ، الصفحة / 59
الْحِكْرُ عَلَى الْوَقْفِ الَّذِي فِيهِ الْخُلُوُّ:
13 - إِذَا أَنْشَأَ النَّاظِرُ خُلُوًّا عَلَى وَقْفٍ بِمَالٍ أَخَذَهُ مِنْ إِنْسَانٍ لِيُعَمِّرَ بِهِ الْوَقْفَ حَيْثُ لاَ مَالَ يُعَمِّرُ بِهِ، عَلَى أَنْ يَكُونَ جُزْءٌ مِنْ مَنْفَعَةِ الْوَقْفِ مَمْلُوكًا لِدَافِعِ الْمَالِ، فَذَلِكَ الْجُزْءُ الَّذِي بَاعَهُ يَمْلِكُهُ دَافِعُ الْمَالِ، وَيُسَمَّى الْخُلُوَّ، وَلاَ يَجُوزُ بَيْعُ كُلِّ الْمَنْفَعَةِ لأِنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى بُطْلاَنِ الْوَقْفِ.
وَيُجْعَلُ عَلَى مَالِكِ الْخُلُوِّ حِكْرٌ دَائِمٌ عَنِ الْجُزْءِ الَّذِي لَمْ يَمْلِكْهُ مِنَ الْمَنْفَعَةِ، يُدْفَعُ لِلنَّاظِرِ حَقًّا.
لِلْجِهَةِ الْمُسْتَحِقَّةِ فِي الْوَقْفِ، قَالَ الشَّيْخُ عُلَيْشٌ: «مَنِ اسْتَوْلَى عَلَى الْخُلُوِّ يَكُونُ عَلَيْهِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ أُجْرَةٌ لِلَّذِي يَئُولُ إِلَيْهِ الْوَقْفُ يُسَمَّى عِنْدَنَا بِمِصْرَ حِكْرًا لِئَلاَّ يَذْهَبَ الْوَقْفُ بَاطِلاً».
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / التاسع عشر ، الصفحة / 278
الْكِرْدَارُ :
5 - هُوَ مَا يُحْدِثُهُ الْمُزَارِعُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فِي الأْرَاضِي الْمَوْقُوفَةِ مِنْ بِنَاءٍ أَوْ غِرَاسٍ أَوْ كَبْسٍ بِالتُّرَابِ بِإِذْنِ الْوَاقِفِ أَوِ النَّاظِرِ فَتَبْقَى فِي يَدِهِ وَالْمُرَادُ بِكَبْسِ التُّرَابِ مَا يَنْقُلُهُ مِنَ التُّرَابِ إِلَى تِلْكَ الأْرْضِ لإِصْلاَحِهَا إِذَا أَتَى بِهِ مِنْ خَارِجِهَا فَالْكِرْدَارُ أَعْيَانٌ مَمْلُوكَةٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي الأْرْضِ الزِّرَاعِيَّةِ.
هـ - الْمُرْصَدُ :
6 - هُوَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ رَجُلٌ عَقَارَ الْوَقْفِ مِنْ دَارٍ أَوْ حَانُوتٍ مَثَلاً وَيَأْذَنَ لَهُ الْمُتَوَلِّي بِعِمَارَتِهِ أَوْ مَرَمَّتِهِ الضَّرُورِيَّةِ مِنْ مَالِهِ عِنْدَ عَدَمِ مَالٍ حَاصِلٍ فِي الْوَقْفِ، وَعَدَمِ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ يُمْكِنُ تَعْمِيرُهُ أَوْ مَرَمَّتُهُ بِهَا، فَيُعَمِّرُهُ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ مَالِهِ عَلَى قَصْدِ الرُّجُوعِ بِذَلِكَ فِي مَالِ الْوَقْفِ عِنْدَ حُصُولِهِ أَوِ اقْتِطَاعِهِ مِنَ الأْجْرِ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَوْ شَهْرٍ مَثَلاً، وَهَذِهِ الْعِمَارَةُ لَيْسَتْ مِلْكًا لِلْمُسْتَأْجِرِ بَلْ هِيَ وَقْفٌ، فَلاَ تُبَاعُ وَلاَ يَصِحُّ بَيْعُ الْمُسْتَأْجِرِ لِذَلِكَ الدَّيْنِ؛ لأِنَّ الدَّيْنَ لاَ يَجُوزُ بَيْعُهُ.
وَلَكِنْ إِذَا أَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ الْخُرُوجَ مِنَ الدُّكَّانِ يَجُوزُ لَهُ قَبْضُ دَيْنِهِ مِنَ الْمُسْتَأْجِرِ الْجَدِيدِ وَيَصِيرُ ذَلِكَ لَهُ كَمَا كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ السَّابِقِ .
وَالْمُرْصَدُ هُوَ ذَلِكَ الدَّيْنُ الْمُسْتَقِرُّ عَلَى الْوَقْفِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ.
فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخُلُوِّ أَنَّ صَاحِبَ الْخُلُوِّ يَكُونُ حَقُّهُ مِلْكًا فِي مَنْفَعَةِ الْوَقْفِ، وَصَاحِبُ الْمُرْصَدِ يَكُونُ لَهُ دَيْنٌ مَعْلُومٌ عَلَى الْوَقْفِ .
و - مِشَدُّ الْمَسْكَةِ :
7 - مِشَدُّ الْمَسْكَةِ اصْطِلاَحٌ لِلْحَنَفِيَّةِ الْمُتَأَخِّرِينَ يَقْصِدُونَ بِهِ اسْتِحْقَاقَ الزِّرَاعَةِ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ، وَهُوَ مِنَ الْمَسْكَةِ لُغَةً وَهِيَ مَا يُتَمَسَّكُ بِهِ، قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: فَكَأَنَّ الْمُسْلِمَ لِلأْرْضِ (أَيِ الأْرْضِ الْمَمْلُوكَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ غَالِبًا) الْمَأْذُونَ لَهُ مِنْ صَاحِبِهَا فِي الْحَرْثِ صَارَ لَهُ مَسْكَةٌ يَتَمَسَّكُ بِهَا فِي الْحَرْثِ فِيهَا. قَالَ: وَحُكْمُهَا أَنَّهَا لاَ تَقُومُ، فَلاَ تُمْلَكُ وَلاَ تُبَاعُ وَلاَ تُورَثُ .
حَقِيقَةُ مِلْكِ الْخُلُوِّ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِهِ :
8 - قَالَ الْعَدَوِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: اعْلَمْ أَنَّ الْخُلُوَّ مِنْ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ لاَ مِنْ مِلْكِ الاِنْتِفَاعِ إِذْ مَالِكُ الاِنْتِفَاعِ يَنْتَفِعُ بِنَفْسِهِ وَلاَ يُؤَجِّرُ وَلاَ يَهَبُ وَلاَ يُعِيرُ. وَمَالِكُ الْمَنْفَعَةِ لَهُ تِلْكَ الثَّلاَثَةُ مَعَ انْتِفَاعِهِ بِنَفْسِهِ. قَالَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَالِكَ الاِنْتِفَاعِ يَقْصِدُ ذَاتَهُ مَعَ وَصْفِهِ، كَإِمَامٍ وَخَطِيبٍ وَمُدَرِّسٍ وُقِفَ عَلَيْهِ بِالْوَصْفِ الْمَذْكُورِ، بِخِلاَفِ مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ. ثُمَّ إِنَّ مَنْ مَلَكَ الاِنْتِفَاعَ وَأَرَادَ أَنْ يَنْتَفِعَ غَيْرُهُ بِهِ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْهُ وَيَأْخُذُهُ الْغَيْرُ عَلَى أَنَّهُ أَهْلُهُ حَيْثُ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ، وَالْخُلُوُّ مِنْ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ فَلِذَلِكَ يُورَثُ .
وَصَرَّحَ الْبُهُوتِيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ كَذَلِكَ بِأَنَّ الْخُلُوَّ الْمُشْتَرَى بِالْمَالِ يَكُونُ مِنْ بَابِ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ .
أَحْكَامُ الْخُلُوِّ :
9 - تَنْقَسِمُ الْعَقَارَاتُ مِنْ حَيْثُ اخْتِلاَفُ أَحْكَامِ الْخُلُوِّ فِيهَا إِلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ:
1 - عَقَارَاتُ الأْوْقَافِ.
2 - الأْرَاضِي الأْمِيرِيَّةُ - أَرَاضِي بَيْتِ الْمَالِ -
3 - الْعَقَارَاتُ الْمَمْلُوكَةُ مِلْكًا خَاصًّا.
وَيُقَسَّمُ الْبَحْثُ إِلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ تَبَعًا لِذَلِكَ.
الْقِسْمُ الأْوَّلُ - الْخُلُوُّ فِي عَقَارَاتِ الأْوْقَافِ :
أَحْوَالُ نُشُوءِ الْخُلُوِّ فِي عَقَارَاتِ الأْوْقَافِ: يَنْشَأُ الْخُلُوُّ فِي عَقَارَاتِ الأْوْقَافِ فِي أَحْوَالٍ مِنْهَا:
10 - الْحَالَةُ الأْولَى : أَنْ يَنْشَأَ بِاتِّفَاقٍ بَيْنَ الْوَاقِفِ أَوِ النَّاظِرِ وَبَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ .
وَهَذِهِ الْحَالُ لَمْ نَجِدْ فِي كَلاَمِ الشَّافِعِيَّةِ تَعَرُّضًا لَهَا، وَقَدْ قَالَ بِهَا مُتَأَخِّرُو الْمَالِكِيَّةِ وَبَعْضُ مُتَأَخِّرِي الْحَنَابِلَةِ وَنَقَلَهَا عَنِ الْمَالِكِيَّةِ مُتَأَخِّرُو الْحَنَفِيَّةِ.
قَالَ الْعَدَوِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: اعْلَمْ أَنَّ الْخُلُوَّ يُصَوَّرُ بِصُوَرٍ مِنْهَا:
11 - الصُّورَةُ الأْولَى : أَنْ يَكُونَ الْوَقْفُ آيِلاً لِلْخَرَابِ، فَيُؤَجِّرُهُ نَاظِرُ الْوَقْفِ لِمَنْ يُعَمِّرُهُ بِحَيْثُ يَصِيرُ الْحَانُوتُ مَثَلاً يُكْرَى بِثَلاَثِينَ دِينَارًا فِي السَّنَةِ، وَيُجْعَلُ عَلَيْهِ لِجِهَةِ الْوَصْفِ خَمْسَةَ عَشَرَ، فَتَصِيرُ الْمَنْفَعَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْمُكْتَرِي وَبَيْنَ جِهَةِ الْوَقْفِ. وَمَا قَابَلَ الدَّرَاهِمَ الْمَصْرُوفَةَ فِي التَّعْمِيرِ هُوَ الْخُلُوُّ. قَالَ: وَشَرْطُ جَوَازِهِ أَنْ لاَ يُوجَدَ لِلْوَقْفِ رِيعٌ يُعَمَّرُ بِهِ الْوَقْفُ.
12 - الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ : أَنْ يَكُونَ لِمَسْجِدٍ مَثَلاً حَوَانِيتُ مَوْقُوفَةٌ عَلَيْهِ، وَاحْتَاجَ الْمَسْجِدُ لِلتَّكْمِيلِ أَوِ الْعِمَارَةِ، وَلاَ يَكُونُ الرِّيعُ كَافِيًا لِلتَّكْمِيلِ أَوِ الْعِمَارَةِ، فَيَعْمِدُ النَّاظِرُ إِلَى مُكْتَرِي الْحَوَانِيتِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ قَدْرًا مِنَ الْمَالِ يُعَمِّرُ بِهِ الْمَسْجِدَ، وَيُنْقِصُ عَنْهُ مِنْ أُجْرَةِ الْحَوَانِيتِ مُقَابِلَ ذَلِكَ، بِأَنْ تَكُونَ الأُْجْرَةُ فِي الأْصْلِ ثَلاَثِينَ دِينَارًا فِي كُلِّ سَنَةٍ، فَيَجْعَلَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ فَقَطْ فِي كُلِّ سَنَةٍ، وَتَكُونُ مَنْفَعَةُ الْحَوَانِيتِ الْمَذْكُورَةُ شَرِكَةً بَيْنَ ذَلِكَ الْمُكْتَرِي وَبَيْنَ جِهَةِ الْوَقْفِ، وَمَا كَانَ مِنْهَا لِذَلِكَ الْمُكْتَرِي هُوَ الْخُلُوُّ، وَالشَّرِكَةُ بِحَسَبِ مَا يَتَّفِقُ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْخُلُوِّ وَنَاظِرُ الْوَقْفِ عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ.
13 - الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ : أَنْ تَكُونَ أَرْضٌ مَوْقُوفَةٌ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ رِيعٌ تُعَمَّرُ بِهِ وَتَعَطَّلَتْ بِالْكُلِّيَّةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الدَّرْدِيرُ فَيَسْتَأْجِرُهَا مِنَ النَّاظِرِ وَيَبْنِي فِيهَا أَيْ لِلْوَقْفِ، دَارًا مَثَلاً عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلاَثِينَ دِرْهَمًا، وَلَكِنَّ الدَّارَ بَعْدَ بِنَائِهَا تُكْرَى بِسِتِّينَ دِرْهَمًا. فَالْمَنْفَعَةُ الَّتِي تُقَابِلُ الثَّلاَثِينَ الأْخْرَى يُقَالُ لَهَا الْخُلُوُّ .
قَالَ الشَّيْخُ عُلَيْشٌ فِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ: هَذَا الَّذِي أَفْتَى بِهِ عُلَمَاؤُنَا وَوَقَعَ الْعَمَلُ بِهِ مِنْ غَيْرِ نِزَاعٍ. قَالَ: وَيَجِبُ تَقْيِيدُ هَذَا بِمَا إِذَا بَيَّنَ الْمِلْكِيَّةَ (أَيْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّهُ يَنْوِي أَنَّهُ يَمْلِكُ مَا يُقَابِلُ الْبِنَاءَ أَوِ الْغَرْسَ وَهُوَ حَقُّ الْخُلُوِّ وَأَنَّهُ لَمْ يَبْنِهِ مُتَبَرِّعًا بِهِ لِلْوَقْفِ) قَالَ: أَمَّا إِنْ بَيَّنَ التَّحْبِيسَ، أَوْ لَمْ يُبَيِّنْ شَيْئًا فَالْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ وَقْفٌ عَلَى الْمَشْهُورِ، لاَ حَقَّ فِيهِمَا لِوَرَثَةِ الْبَانِي وَالْغَارِسِ؛ لأِنَّ الْمُحْبَسَ عَلَيْهِ إِنَّمَا بَنَى لِلْوَقْفِ، وَمِلْكُهُ فَهُوَ مَحُوزٌ بِحَوْزِ الأْصْلِ.
وَهَذِهِ الصُّورَةُ هِيَ فِي حَالِ بِنَاءِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَنَحْوِهِ أَوْ غَرْسِهِ فِي الأْرْضِ الْمَوْقُوفَةِ، أَمَّا لَوْ بَنَى الأْجْنَبِيُّ فِي الْوَقْفِ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَكُونُ مِلْكًا، وَالْغَرْسُ كَالْبِنَاءِ، وَإِذَا كَانَ مِلْكًا فَلَهُ نَقْضُهُ أَوْ قِيمَتُهُ مَنْقُوضًا إِنْ كَانَ فِي الْوَقْفِ مَا يُدْفَعُ مِنْهُ ذَلِكَ، هَذَا إِنْ كَانَ مَا بَنَاهُ لاَ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْوَقْفُ، وَإِلاَّ فَيُوَفَّى ثَمَنُهُ مِنَ الْغَلَّةِ قَطْعًا، بِمَنْزِلَةِ مَا إِذَا بَنَاهُ النَّاظِرُ .