مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء السابع ، الصفحة : 264
مذكرة المشروع التمهيدي :
يختص رهن المنقول بالأحكام الآتية :
1- حيازة منقول بحسن نية تعدل كثيراً من أحكام الرهن ويظهر ذلك بنوع خاص في أمرين أولها أن الدائن قد يرتهن المنقول من غير المالك وهو حسن النية فيترتب له حق الرهن لا بمقتضى العقد بل بمقتضى الحيازة والأمر الثاني أن المنقول المرهون حيازة قد يترتب عليه حق عيني آخر لحائز حسن النية فيقدم هذا الحق على حق المرتهن .
2 - المنقول المرهون حيازة بيعه في الدين أيسر من بيع العقار إذ يجوز للمرتهن أن يطلب بيع المنقول بسحره في البورصة أو في السوق فيتجنب بذلك إجراءات البيع الجبري بل يجوز له دون رضاء الراهن أن يطلب من القاضي تمليكه المنقول وفاء للدين على أن تحسب قيمته حسب تقدير الخبراء وهذا هو شرط الملك عند عدم الوفاء وقد تقدم أنه يجوز بعد حلول الدين بشرط رضاء الراهن أما في المنقول فرضاء الراهن غير ضروري وللقاضي أن يأمر بالتمليك ويصل اليسر في بيع المعقول أن يباع قبل حلول الدين وهذا جائز في حالتين :
(أ) إذا دعت الضرورة إلى ذلك بأن كان المنقول مهدداً أن يصيبه هلاك أو تلف أو نقص في القيمة ولم يطلب الراهن أن يستبدل به شيئاً آخر فيجوز للمرتهن أن يطلب الترخيص في بيعه بالمزاد أو بسعره في البورصة أو السوق وينتقل حق الرهن إلى من وينظر القاضي في إيداعه فقد يودع في مصرف أو عند الدائن (ب) إذا تحقق نفع من بيع المنقول بأن وجدت فرصة ملائمة فيرخص القاضي في البيع ويضع الشروط و بفصل في إيداع الثمن.
3- هناك أحكام خاصة برهن المنقول في حالات معينة أهمها الأحكام المتعلقة بيوت التسليف المرخص لها في الرهن والأحكام المتعلقة بالرهن التجاري .
فإذا حل أجل الدين ولم يقم المدين بالوفاء به جاز للمرتهن أن يطلب بموجب دعوی بيع المنقول بالمزاد العلني أو بسعره في البورصة أن كان من المنقولات التي تباع بها وإلا فبسعره في السوق فيتجب بذلك إجراءات البيع الجبري ومتی رخصت المحكمة للمرتهن بالبيع قام بذلك واستوفى حقه من الثمن والتزم برد الباقي للراهن فإن لم يف الثمن بكل الذين ظل المرتهن بالباقی وإذا تضمن العقد اتفاقاً يقضي بتملك المرتهن للمنقول اذا لم يقم الراهن بالوفاء بالدين عند حلول أجله وقع هذا الشرط باطلاً اذا اتفق عليه قبل حلول الأجل أما أن أنفق عليه بعد حلول الأجل وقع صحيحاً وانتقلت الملكية للمرتهن ووفقاً للشروط هذا الإتفاق فإن لم يتفقا على ذلك ولم يقم المدين بوفاء الدين للمرتهن جاز للأخير أن يطلب بموجب دعوى ضد الراهن وبعد حلول أجل الدين بتمليكه للمنقول المرهون بالثمن الذي بقدره أهل الخبرة وللمحكمة الحرية الكاملة في اجابة هذا الطلب أو رفضه فإن وجدت ما یبررذلك ندبت خبيراً لتقدير الثمن ثم تقضي بتمليك المرتهن للمنقول على أساس هذا الثمن وللمرتهن أن يقدر الثمن بصحيفة دعواه من تلقاء نفسه أو استناداً لتقرير خبير استشاري فإن قبلته المحكمة ملكت المرتهن المنقول على أساس هذا الثمن حتى لو اعترض الراهن أما إن لم توافق المحكمة على تمليك المنقول للمرتهن اقتصر حكمها على رفض الدعوى فليس لها أن تقضى ببيع المنقول إلا إذا طلب المرتهن ذلك سواء بصحيفة دعواه كطلب احتياطي أو بطلب عارض أثناء نظر الدعوى وأن كانت قيمة المنقول تجاوز الدين التزم المرتهن بدفع الفرق للراهن أما إن كانت أقل من الدين ظل المرتهن دائناً بالباقی .(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الرابع عشر الصفحة/ 662)
نصت المادة 1121 مدني على ما يأتي :
"يجوز للدائن المرتهن إذا لم يستوف حقه أن يطلب من القاضي الترخيص له في بيع الشيء المرهون بالمزاد العلني أو بسعره في البورصة أو السوق" .
"2- ويجوز له أيضاً أن يطلب من القاضي أن يأمر بتمليكه الشيء وفاء للدين على أن يحسب عليه بقيمته بحسب تقدير الخبراء".
وظاهر من النص سالف الذكر أننا قد وصلنا إلى آخر الشرط وأن الدين المضمون بالرهن قد حل أجله وأن الدائن المرتهن لم يستوفه وأنه يسعى الآن لاستيفاء الدين الذي له ولو ببيع المنقول المرهون .
فإذا وصلنا إلى هذا الحد فإنه يجوز للدائن المرتهن أن يطلب من القاضي الترخيص له في بيع المنقول .
وهذه إجراءات تختلف بعض الشيء عن إجراءات التنفيذ الجبري لأن المنقول المرهون قد تتبع فيه إجراءات أخف من الإجراءات التي تتبع في التنفيذ الجبري على العقار .
فيجوز للدائن المرتهن أولاً أن يطلب من القاضي الترخيص له في بيع المنقول المرهون بالمزاد العلني فإذا أذن له في ذلك باعه بالمزاد العلني وتقاضى الدين الذي له من الثمن .
ويجوز للدائن المرتهن ثانياً أن يطلب من القاضي الترخيص له في بيع المنقول المرهون لا بالمزاد العلني بل بيعاً ودياً بسعر المنقول في البورصة أو في السوق إن كان الشيء المرهون ورقاً مالياً أو سلعاً فإذا رخص له القاضي في البيع على هذا النحو تقاضى الدائن المرتهن الدين الذي له من الثمن الذي قبضه ورد الباقي إلى الراهن .
ويجوز للدائن المرتهن ثالثاً أن يطلب من القاضي تمليك المنقول المرهون وفاء للدين على أن يحسب ثمن المنقول بحسب تقدير الخبراء وقت البيع فإن بقى في ذمته شيء من الثمن بعد استيفائه الدين الذي له دفعه إلى الراهن ويلاحظ أن هذا هو شرط التملك عند عدم الوفاء في صورته المحللة وهي بعد حلول الدين المضمون بالرهن ولا يشترط في المنقول رضاء الراهن ويكفي ترخيص القاضي في تمليك المنقول للدائن المرتهن وهذا الترخيص من القاضي يقوم مقام رضاء الراهن .
وفي أية طريقة من هذه الطرق الثلاث يحصل الدائن المرتهن على ثمن المنقول فإن بقى من هذا الثمن شيء يزيد على حق الدائن المرتهن دفعه الدائن المرتهن إلى الراهن .(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ العاشر الصفحة/ 1044)
إذا حل أجل الدين ولم يف الراهن الدائن المرتهن حقه فقد شاء المشرع التيسير على الدائن المرتهن في الحصول على حقه ببيع المنقول بطريق آخر غير طريق البيع الجبري نظراً لما ينطوي عليه من طول الإجراءات وكثرة النفقات ويظهر ذلك بشكل واضح في حالة الأوراق المالية على اختلاف أنواعها
حيث يبدو أن الطريق الطبيعي للتصرف فيها هو بيعها على يد سمسار في البورصة أو بسعر السوق والمشرع يستجيب لهذه الاعتبارات فأجاز للدائن المرتهن أن يطلب من القاضي الإذن له في بيع المنقول بالمزاد العلني أو بسعره في البورصة أو السوق فيتجنب بذلك إجراءات البيع الجبري.
ولا يشترط لإذن القاضي رضاء الراهن وإذا أذنت المحكمة بالبيع فإن الدائن يباشر البيع بناء على ترخيص المحكمة أي أنه لا يعتبر في ذلك نائباً عن الراهن بل نائباً عن المحكمة. فيجوز له أن يدخل في المزايدة وأن يرسي المزاد على نفسه أو أن يبيع إلى نفسه بسعر البورصة أو السوق دون أن يقع في ذلك تحت طائلة المنع الذي تقرره المادة (479) مدني المتعلقة بمنع الوكلاء في البيع من شراء ما وكلوا في بيعه إلا أن يكون الراهن قد وكل المرتهن مباشرة وصراحة في أن يبيع عنه المال المرهون فحينئذٍ يمتنع على المرتهن أن يبيعه لنفسه.
وإذا تم البيع تقاضى الدائن المرتهن الدين المستحق له من الثمن ورد الباقي إلى الراهن.
ومعنى هذا أن للدائن المرتهن الخيار بين طلب بيع الشيء المرهون بالمزاد أو عن طريق البورصة، وطلب تملكيه الشيء.
ويعتبر هذا الخيار حقاً للدائن المرتهن فليس للمدين ولا للمحكمة أن تجبره على بيع المرهون أو تملكه.
والخيار الأخير هو شرط للتملك عند عدم الوفاء في صورته الجائزة، لوقوعه بعد حلول الدين المضمون بالرهن.
وإذا اختار الدائن طلب تملكيه الشيء وفاء للدين فإن الحكم الذي يصدر من القاضي بذلك يقوم مقام الوفاء بمقابل ولا يجوز للراهن بعد صدور الحكم أن يسترد المرهون.
ولما كان تمليك المرهون للدائن لا يكون إلا بقيمته حسب تقدير الخبراء فإنه إذا جاوزت قيمة المرهون قيمة الدين كان للراهن مطالبة المرتهن بالفرق وكان له تأميناً لهذا الفرق حق امتياز البائع وجاز له طلب فسخ البيع عند إخلال الدائن المرتهن بالتزامه بدفع الفرق.
طلب أحد الخيارين الموضحين بالبندين السابقين يكون بدعوى ترفع ضد المدين الراهن أمام المحكمة المختصة حتى يصدر القاضي حكمه بعد سماع دفاع الراهن فقد يكون له دفاع من حيث انقضاء الدين كله أو بعضه أو من حيث امتداد أجل الدين أو من حيث وجود ظروف تحمل المحكمة على منحه أجلاً للوفاء.موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الرابع عشر الصفحة/ 675))
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الخامس والعشرون ، الصفحة / 291
سَوْم
التَّعْرِيفُ:
1 - السَّوْمُ: عَرْضُ السِّلْعَةِ عَلَى الْبَيْعِ، يُقَالُ: سُمْتُ بِالسِّلْعَةِ أَسُومُ بِهَا سَوْمًا، وَسَاوَمْتُ وَاسْتَمْتُ بِهَا وَعَلَيْهَا: غَالَيْتُ، وَيُقَالُ: سُمْتُ فُلاَنًا سِلْعَتِي سَوْمًا: إِذَا قُلْتَ: أَتَأْخُذُهَا بِكَذَا مِنَ الثَّمَنِ.
وَالْمُسَاوَمَةُ: الْمُجَاذَبَةُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي عَلَى السِّلْعَةِ وَفَضْلِ ثَمَنِهَا.
قَالَ الْفَيُّومِيُّ: سَامَ الْبَائِعُ السِّلْعَةَ سَوْمًا: عَرَضَهَا لِلْبَيْعِ، وَسَامَهَا الْمُشْتَرِي وَاسْتَامَهَا: طَلَبَ بَيْعَهَا.
وَسَامَتِ الرَّاعِيَةُ وَالْمَاشِيَةُ وَالْغَنَمُ تَسُومُ سَوْمًا: رَعَتْ بِنَفْسِهَا حَيْثُ شَاءَتْ، فَهِيَ سَائِمَةٌ، وَالسَّوَامُ وَالسَّائِمَةُ: الأْنْعَامُ الرَّاعِيَةُ. وَأَسَامَهَا هُوَ وَسَامَهَا: رَعَاهَا .
وَالْفُقَهَاءُ يَسْتَعْمِلُونَ لَفْظَ السَّوْمِ بِمَعْنَى الرَّعْيِ فِي الْكَلأَ الْمُبَاحِ فِي بَابِ الزَّكَاةِ، وَبِمَعْنَى عَرْضِ الْبَائِعُ سِلْعَتَهُ بِثَمَنٍ مَا وَيَطْلُبُهُ مَنْ يَرْغَبُ فِي شِرَائِهَا بِثَمَنٍ دُونَهُ .
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - النَّجْشُ:
2 - النَّجْشُ - بِسُكُونِ الْجِيمِ - مَصْدَرٌ، وَبِالْفَتْحِ اسْمُ مَصْدَرٍ.
هُوَ: أَنْ يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ وَلاَ يُرِيدَ الشِّرَاءَ أَوْ يَمْدَحَهُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ لِيُرَوِّجَهُ، وَيَجْرِي فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ .
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّوْمِ أَنَّ النَّاجِشَ لاَ يَرْغَبُ فِي الشَّيْءِ وَالْمُسَاوِمَ يَرْغَبُ فِيهِ.
ب - الْمُزَايَدَةُ:
3 - بَيْعُ الْمُزَايَدَةِ وَيُسَمَّى بَيْعَ الدَّلاَلَةِ: أَنْ يُنَادِيَ عَلَى السِّلْعَةِ وَيَزِيدَ النَّاسُ فِيهَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، حَتَّى تَقِفَ عَلَى آخِرِ مَنْ يَزِيدُ فِيهَا فَيَأْخُذَهَا. وَهَذَا بَيْعٌ جَائِزٌ .
مَا يَتَعَلَّقُ بِالسَّوْمِ مِنْ أَحْكَامٍ:
أَوَّلاً: السَّوْمُ فِي الزَّكَاةِ:
4 - مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ كَوْنُهَا سَائِمَةً فِي كَلإَ مُبَاحٍ، وَهَذَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ). وَاسْتَدَلُّوا بِمَا فِي كِتَابِ الصِّدِّيقِ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم : «وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ ...» الْحَدِيثَ.
فَذِكْرُ السَّوْمِ فِي الْحَدِيثِ قَيْدٌ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْوُجُوبِ فِي غَيْرِ السَّائِمَةِ. وَاخْتُصَّتِ السَّائِمَةُ بِالزَّكَاةِ لِتَوَفُّرِ مُؤْنَتِهَا بِالرَّعْيِ فِي كَلأَ مُبَاحٍ.
وَاشْتَرَطَ الْجُمْهُورُ أَنْ تَكُونَ الإْسَامَةُ لِلدَّرِّ وَالنَّسْلِ؛ لأِنَّ مَالَ الزَّكَاةِ هُوَ الْمَالُ النَّامِي وَالْمَالُ النَّامِي فِي الْحَيَوَانِ بِالإْسَامَةِ إِذْ بِهَا يَحْصُلُ النَّسْلُ فَيَزْدَادُ الْمَالُ. فَإِنْ كَانَتِ السَّائِمَةُ لِلْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ فَلاَ زَكَاةَ فِيهَا، لأِنَّهَا تَصِيرُ كَثِيَابِ الْبَدَنِ.
وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الإْسَامَةُ أَكْثَرَ الْعَامِ لأِنَّ الأَْكْثَرَ لَهُ حُكْمُ الْكُلِّ، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَلِلشَّافِعِيَّةِ تَفْصِيلٌ: فَعِنْدَهُمْ إِنْ عُلِفَتْ مُعْظَمَ الْحَوْلِ فَلاَ زَكَاةَ فِيهَا، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
وَإِنْ عُلِفَتْ دُونَ الْمُعْظَمِ فَالأْصَحُّ: إِنْ عُلِفَتْ قَدْرًا تَعِيشُ بِدُونِهِ بِلاَ ضَرَرٍ بَيِّنٍ، وَجَبَتْ زَكَاتُهَا لَحْظَةَ الْمُؤْنَةِ، وَإِنْ كَانَتْ لاَ تَعِيشُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ بِدُونِهِ أَوْ تَعِيشُ وَلَكِنْ بِضَرَرٍ بَيِّنٍ فَلاَ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهَا لِظُهُورِ الْمُؤْنَةِ.
وَاشْتَرَطَ الشَّافِعِيَّةُ فِيهِ الإْسَامَةَ مِنَ الْمَالِكِ، فَلَوْ سَامَتِ الْمَاشِيَةُ بِنَفْسِهَا أَوْ أَسَامَهَا غَاصِبٌ أَوْ مُشْتَرٍ شِرَاءً فَاسِدًا فَلاَ زَكَاةَ فِيهَا فِي الأْصَحِّ لِعَدَمِ إِسَامَةِ الْمَالِكِ، وَإِنَّمَا اعْتُبِرَ قَصْدُهُ لأِنَّ السَّوْمَ يُؤَثِّرُ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فَاعْتُبِرَ فِيهِ قَصْدُهُ.
وَهَذَا مُقْتَضَى كَلاَمِ الْحَنَفِيَّةِ كَمَا اسْتَظْهَرَ ابْنُ عَابِدِينَ.
أَمَّا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فَلاَ تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ، فَلَوْ سَامَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ أَسَامَهَا غَاصِبٌ فَفِيهَا الزَّكَاةُ كَمَنْ غَصَبَ حَبًّا وَزَرَعَهُ فِي أَرْضِ رَبِّهِ، فَفِيهِ الْعُشْرُ عَلَى مَالِكِهِ . وَيُنْظَرُ التَّفْصِيلُ فِي بَحْثِ (زَكَاة).
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ: فَعِنْدَهُمْ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الْمَاشِيَةِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ سَائِمَةً أَمْ مَعْلُوفَةً، وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ عَامِلَةً أَمْ مُهْمَلَةً، لِعُمُومِ مَنْطُوقِ قَوْلِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم فِي كِتَابِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ: «فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الإْبِلِ فَمَا دُونَهَا مِنَ الْغَنَمِ مِنْ كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ» .
وَالتَّقْيِيدُ بِالسَّائِمَةِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ لاَ لِلاِحْتِرَازِ؛ لأِنَّ الْغَالِبَ فِي الأْنْعَامِ فِي أَرْضِ الْحِجَازِ السَّوْمُ، وَالتَّقْيِيدُ إِذَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ لاَ يَكُونُ حُجَّةً بِالإْجْمَاعِ .
وَيُنْظَرُ التَّفْصِيلُ فِي بَحْثِ (زَكَاة).
ثَانِيًا: السَّوْمُ فِي الْبَيْعِ:
5 - إِذَا كَانَ السَّوْمُ قَبْلَ الاِتِّفَاقِ وَالتَّرَاضِي عَلَى الثَّمَنِ فَلاَ حُرْمَةَ فِيهِ وَلاَ كَرَاهَةَ؛ لأِنَّهُ مِنْ بَابِ الْمُزَايَدَةِ وَذَلِكَ جَائِزٌ. أَمَّا بَعْدَ الاِتِّفَاقِ عَلَى مَبْلَغِ الثَّمَنِ فَمَكْرُوهٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَمُحَرَّمٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: بُيُوعٌ مَنْهِيٌّ عَنْهَا، وَمُزَايَدَةٌ.
وَلَكِنِ الْبَيْعُ صَحِيحٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ لاِسْتِكْمَالِ أَرْكَانِهِ وَشَرَائِطِهِ، وَهُوَ بَاطِلٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِذَا وَقَعَ زَمَنَ الْخِيَارَيْنِ (خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ) لأِنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ. وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ .
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السابع والثلاثون ، الصفحة / 86
مُزَايَدَةٌ
التَّعْرِيفُ:
1 - الْمُزَايَدَةُ فِي اللُّغَةِ: التَّنَافُسُ فِي زِيَادَةِ ثَمَنِ السِّلْعَةِ الْمَعْرُوضَةِ لِلْبَيْعِ .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ هُوَ: أَنْ يُنَادَى عَلَى السِّلْعَةِ وَيَزِيدُ النَّاسُ فِيهَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ حَتَّى تَقِفَ عَلَى آخِرِ زَائِدٍ فِيهَا فَيَأْخُذَهَا .
وَمُعْظَمُ كَلاَمِ الْفُقَهَاءِ وَرَدَ بِشَأْنِ (بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ) لأِنَّهُ أَغْلَبُ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تَجْرِي فِيهَا الْمُزَايَدَةُ، وَبَيْعُ الْمُزَايَدَةِ هُوَ - كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ - بَيْعٌ الْتَزَمَ مُشْتَرِيهِ ثَمَنَهُ عَلَى قَبُولِ الزِّيَادَةِ .
انْظُرْ مُصْطَلَحَ (سَوْمٌ ف 3).
وَلِعَقْدِ الْمُزَايَدَةِ - أَوْ بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ - أَسْمَاءٌ أُخْرَى، مِنْهَا: بَيْعُ مَنْ يَزِيدُ، وَبَيْعُ الدَّلاَلَةِ، وَبَيْعُ الْمُنَادَاةِ، وَسَمَّاهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ (بَيْعَ الْفُقَرَاءِ) لِوُقُوعِهِ عَلَى بَيْعِ أَثَاثِهِمْ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَبَيْعُ مَنْ كَسَدَتْ بِضَاعَتُهُ لِوُقُوعِهِ عَلَى بَيْعِ السِّلَعِ غَيْرِ الرَّائِجَةِ .
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - النَّجْشُ:
2 - النَّجْشُ لُغَةً: الإْثَارَةُ.
وَاصْطِلاَحًا: الزِّيَادَةُ فِي ثَمَنِ السِّلْعَةِ مِمَّنْ لاَ يُرِيدُ شِرَاءَهَا لِيُغَرِّرَ بِغَيْرِهِ، وَذَلِكَ لِمَا فِي النَّجْشِ مِنْ إِثَارَةِ رَغْبَةِ الْغَيْرِ فِي السِّلْعَةِ وَلَوْ بِثَمَنٍ أَكْثَرَ مِمَّا يُقَدِّرُهُ الْمُشْتَرِي.
فَالنَّجْشُ يَشْتَرِكُ مَعَ الْمُزَايَدَةِ فِي الصُّورَةِ بِوُقُوعِ الزِّيَادَةِ مِنَ النَّاجِشِ، وَيَخْتَلِفُ عَنْهَا فِي انْتِفَاءِ قَصْدِ النَّاجِشِ الشِّرَاءَ .
ب - الْبَيْعُ عَلَى بَيْعِ الْغَيْرِ:
3 - الْبَيْعُ عَلَى بَيْعِ الْغَيْرِ هُوَ أَنْ يَعْرِضَ الْبَائِعُ سِلْعَتَهُ عَلَى مَنْ أَرَادَ شِرَاءَ سِلْعَةَ غَيْرِهِ وَقَدْ رَكَنَ إِلَيْهِ، وَيَتَحَقَّقُ بِأَنْ يَقُولَ لِمَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً وَهُوَ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوْ خِيَارِ الشَّرْطِ: افْسَخْ بَيْعَكَ وَأَنَا أَبِيعُكَ مِثْلَ السِّلْعَةِ بِثَمَنٍ أَقَلَّ، فَالْبَيْعُ عَلَى بَيْعِ الْغَيْرِ يَخْتَلِفُ عَنِ الْمُزَايَدَةِ بِأَنَّهُ يَقَعُ بَعْدَ الرُّكُونِ لإِتْمَامِ الصَّفْقَةِ وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ الْعَقْدُ وَالرِّضَا.
أَمَّا الْمُزَايَدَةُ فَهِيَ: عُرُوضٌ لِلشِّرَاءِ تَقَعُ قَبْلَ الرُّكُونِ بَيْنَ مَالِكِ السِّلْعَةِ وَمَنْ يَرْغَبُ فِي شِرَائِهَا أَوَّلاً .
ج - السَّوْمُ عَلَى سَوْمِ الْغَيْرِ:
4 - الْمُرَادُ مِنَ السَّوْمِ عَلَى سَوْمِ الْغَيْرِ أَنْ يَتَّفِقَ صَاحِبُ السِّلْعَةِ وَالرَّاغِبُ فِيهَا عَلَى الْبَيْعِ، وَلَمْ يَعْقِدَاهُ، فَيَقُولُ آخَرُ لِصَاحِبِ السِّلْعَةِ: أَنَا أَشْتَرِيهَا بِأَكْثَرَ، أَوْ يَقُولُ لِلرَّاغِبِ فِي السِّلْعَةِ: أَنَا أَبِيعُكَ خَيْرًا مِنْهَا بِأَرْخَصَ، فَالسَّوْمُ عَلَى سَوْمِ الْغَيْرِ يَخْتَلِفُ عَنِ الْمُزَايَدَةِ أَيْضًا فِي وُقُوعِهِ بَعْدَ الرُّكُونِ خِلاَفًا لِلْمُزَايَدَةِ .
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ، وَحِكْمَةُ التَّشْرِيعِ:
5 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى إِبَاحَةِ بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِفِعْلِ النَّبِيّ صلي الله عليه وسلم ، وَهُوَ أَنَّهُ «بَاعَ قَدَحًا وَحِلْسًا بَيْعَ مَنْ يَزِيدُ وَقَالَ مَنْ يَشْتَرِي هَذَا الْحِلْسَ وَالْقَدَحَ فَقَالَ رَجُلٌ أَخَذْتُهُمَا بِدِرْهَمٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ فَأَعْطَاهُ رَجُلٌ دِرْهَمَيْنِ فَبَاعَهُ مِنْهُ» .
قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: وَهَذَا أَيْضًا إِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ يَبِيعُونَ فِي أَسْوَاقِهِمْ بِالْمُزَايَدَةِ.
وَذَهَبَ النَّخَعِيُّ إِلَى كَرَاهَتِهِ مُطْلَقًا، وَذَهَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَابْنُ سِيرِينَ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهُوَيْهِ إِلَى كَرَاهَتِهِ فِيمَا عَدَا بَيْعَ الْغَنَائِمِ وَالْمَوَارِيثِ وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ وَهْبٍ الْخَوْلاَنِيِّ رضي الله عنه قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّه صلي الله عليه وسلم «يَنْهَى عَنْ بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ» وَبِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «نَهَى رَسُولُ اللَّه صلي الله عليه وسلم أَنْ يَبِيعَ أَحَدُكُمْ عَلَى بَيْعِ أَحَدٍ حَتَّى يَذَرَ إِلاَّ الْغَنَائِمَ وَالْمَوَارِيثَ» .
وَقَالَ عَطَاءٌ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ لاَ يَرَوْنَ بَأْسًا فِي بَيْعِ الْغَنَائِمِ فِيمَنْ يَزِيدُ.
وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِاسْتِحْبَابِ الْمُزَايَدَةِ فِي بَيْعِ مَالِ الْمُفْلِسِ لِمَا فِيهَا مِنْ تَوَقُّعِ زِيَادَةِ الثَّمَنِ وَتَطْيِيبِ نُفُوسِ الْغُرَمَاءِ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُحْضِرَهُمْ فِيهِ .
رُكْنُ الْمُزَايَدَةِ (كَيْفِيَّةُ الإْيجَابِ وَالْقَبُولِ فِي الْمُزَايَدَةِ):
6 - مِنَ الْمُقَرَّرِ أَنَّ رُكْنَ الْبَيْعِ هُوَ الصِّيغَةُ - كَمَا قَالَ الْحَنَفِيَّةُ - أَوْ هُوَ الصِّيغَةُ مَعَ الأْطْرَافِ (الْعَاقِدِينَ وَالْمَحَلِّ: الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ) كَمَا قَالَ الْجُمْهُورُ ثُمَّ إِنَّ الصِّيغَةَ هِيَ الإْيجَابُ وَالْقَبُولُ.
وَفِي الْمُزَايَدَةِ إِذَا نَادَى الدَّلاَّلُ عَلَى السِّلْعَةِ فَإِنَّ مَا يَصْدُرُ مِنْ كُلٍّ مِنَ الْحَاضِرِينَ هُوَ إِيجَابٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَهِيَ إِيجَابَاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ، وَالْقَبُولُ هُوَ مُوَافَقَةُ الْبَائِعِ - أَوِ الدَّلاَّلِ الْمُفَوَّضِ مِنْهُ - عَلَى الْبَيْعِ بِثَمَنٍ مَا، وَأَمَّا عِنْدَ الْجُمْهُورِ فَالإْيجَابُ هُوَ مُوَافَقَةُ الْبَائِعِ وَالدَّلاَّلِ وَقَدْ تَأَخَّرَ وَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ الْقَبُولُ فَهُوَ كَقَوْلِهِ بِعْنِيهِ بِكَذَا .
إِلْزَامُ جَمِيعِ الْمُشَارِكِينَ فِي الْمُزَايَدَةِ بِالشِّرَاءِ - فِي مَجْلِسِ الْمُنَادَاةِ - وَلَوْ زِيدَ عَلَيْهِمْ:
7 - صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ الْجَدُّ، وَقَالَ:
إِنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ - أَيْ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ - وَنَقَلَهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ رِزْقٍ أَيْضًا بِأَنَّ كُلَّ مَنْ زَادَ فِي السِّلْعَةِ لَزِمَتْهُ بِمَا زَادَ إِنْ أَرَادَ صَاحِبُهَا أَنْ يُمْضِيَهَا لَهُ بِمَا أَعْطَى فِيهَا مَا لَمْ يَسْتَرِدَّ سِلْعَتَهُ فَيَبِيعُ بَعْدَهَا أُخْرَى أَوْ يُمْسِكُهَا حَتَّى يَنْقَضِيَ مَجْلِسُ الْمُنَادَاةِ.
وَقَدْ عَلَّلَ ابْنُ رُشْدٍ ذَلِكَ بِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ لاَ يُحِبُّ مُمَاطَلَةَ الَّذِي زَادَ عَلَى مَنْ قَبْلَهُ، فَلَيْسَ طَلَبُ الزِّيَادَةِ بِهَا وَإِنْ وَجَدَهَا إِبْرَاءً لِمَنْ قَبْلَهُ، وَرَبَطَ الدُّسُوقِيُّ ذَلِكَ بِالْعُرْفِ فَقَالَ: وَلِلْبَائِعِ إِلْزَامُ الْمُشْتَرِي فِي الْمُزَايَدَةِ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ أَوِ انْفَضَّ الْمَجْلِسُ حَيْثُ لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِعَدَمِ إِلْزَامِهِ، كَمَا عِنْدَنَا بِمِصْرَ أَنَّ الرَّجُلَ لَوْ زَادَ فِي السِّلْعَةِ وَأَعْرَضَ عَنْهُ صَاحِبُهَا أَوِ انْفَضَّ الْمَجْلِسُ فَإِنَّهُ لاَ يُلْزِمُهُ بِهَا وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنِ السِّلْعَةُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَإِلاَّ كَانَ لِرَبِّهَا إِلْزَامُهُ، وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّ الْعَادَةَ بِتُونُسَ فِي أَيَّامِهِ عَدَمُ اللُّزُومِ، وَذَكَرَ الْحَطَّابُ أَنَّ الْعُرْفَ بِمَكَّةَ فِي زَمَنِهِ جَرَى عَلَى عَدَمِ الإْلْزَامِ أَيْضًا .
إِلْزَامُ جَمِيعِ الْمُشَارِكِينَ فِي الْمُزَايَدَةِ بِالشِّرَاءِ بَعْدَ مَجْلِسِ الْمُنَادَاةِ:
8 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ الْعُرْفُ اللُّزُومَ بَعْدَ الاِفْتِرَاقِ، أَوِ اشْتَرَطَ ذَلِكَ الْبَائِعُ فَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الْبَيْعُ بَعْدَ الاِفْتِرَاقِ فِي مَسْأَلَةِ الْعُرْفِ بِمِقْدَارِ مَا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ، وَفِي مَسْأَلَةِ الشَّرْطِ فِي الأْيَّامِ الْمَشْرُوطَةِ، وَبَعْدَهَا بِقُرْبِ ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَيَتَأَكَّدُ هَذَا إِذَا حَصَلَ الاِشْتِرَاطُ بِأَنْ يَزِيدَ عَلَى السِّلْعَةِ أَيَّامًا .
وَقَدْ صَرَّحَ الزُّرْقَانِيُّ بِأَنَّ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِلْبَيْعِ الْمُطْلَقِ حَيْثُ لاَ يَلْزَمُ الْبَيْعُ فِيهِ بِتَرَاخِي الْقَبُولِ عَنِ الإْيجَابِ حَتَّى انْقَضَى الْمَجْلِسُ، أَوْ بِحُصُولِ فَاصِلٍ يَقْتَضِي الإِْعْرَاضَ عَمَّا كَانَ الْمُتَبَايِعَانِ فِيهِ إِلاَّ بَيْعَ الْمُزَايَدَةِ، فَلِلْبَائِعِ أَنْ يُلْزِمَ السِّلْعَةَ لِمَنْ شَاءَ حَيْثُ اشْتَرَطَ الْبَائِعُ ذَلِكَ أَوْ جَرَى بِهِ عُرْفُ إِمْسَاكِهَا حَتَّى انْقَضَى مَجْلِسُ الْمُنَادَاةِ، قَالَ الْمَازِرِيُّ: بَعْضُ الْقُضَاةِ أَلْزَمَ بَعْضَ أَهْلِ الأْسْوَاقِ فِي بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ بَعْدَ الاِفْتِرَاقِ، مَعَ أَنَّ عَادَتَهُمُ الاِفْتِرَاقُ عَلَى غَيْرِ إِيجَابٍ اغْتِرَارًا بِظَاهِرِ ابْنِ حَبِيبٍ وَحِكَايَةِ غَيْرِهِ، فَنَهَيْتُهُ عَنْ هَذَا لأَِجْلِ مُقْتَضَى عَوَائِدِهِمْ، وَإِذَا اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي أَنْ لاَ يَلْتَزِمَ الْبَيْعَ إِلاَّ مَا دَامَ فِي الْمَجْلِسِ فَلَهُ شَرْطُهُ، وَلَوْ كَانَ الْعُرْفُ بِخِلاَفِهِ، لِتَقَدُّمِ الشَّرْطِ عَلَيْهِ .
خِيَارُ الرُّجُوعِ عَنِ الإْيجَابِ فِي الْمُزَايَدَةِ:
9 - الرُّجُوعُ عَنِ الْمُزَايَدَةِ إِمَّا أَنْ يَقَعَ قَبْلَ زِيَادَةِ آخَرَ عَلَى مَا دَفَعَهُ، وَإِمَّا أَنْ يَقَعَ بَعْدَهَا، فَإِنْ وَقَعَ الرُّجُوعُ قَبْلَ زِيَادَةَ آخَرَ عَلَى مَا دَفَعَهُ مِنْ ثَمَنٍ فَإِنَّهُ لاَ يَخْتَلِفُ بَيْعُ الْمُزَايَدَةِ عَنْ غَيْرِهِ فِي مَسْأَلَةِ الرُّجُوعِ عَنِ الإْيجَابِ ، مِنْ حَيْثُ إِنَّ لِلْمُوجِبِ حَقَّ الرُّجُوعِ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ الْقَبُولُ لإِيجَابِهِ، وَلاَ يَرِدُ هُنَا الْخِلاَفُ الْمَنْقُولُ عَنْ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ فِيمَا لَوْ رَبَطَ الإْيجَابَ بِوَقْتٍ، وَأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَتَقَيَّدُ بِوَقْتِهِ فَلاَ يَمْلِكُ الْمُوجِبُ الرُّجُوعَ، وَذَلِكَ لأِنَّ مَذْهَبَ الْمَالِكِيَّةِ فِي لُزُومِ الْمُزَايَدَةِ لِجَمِيعِ الْمُشْتَرِكِينَ فِيهَا يُغْنِي عَنْ مُقْتَضَى هَذَا الْقَوْلِ .
خِيَارُ الْمَجْلِسِ فِي الْمُزَايَدَةِ
10 - قَالَ الْحَطَّابُ: جَرَتِ الْعَادَةُ بِمَكَّةَ أَنَّ مَنْ رَجَعَ بَعْدَ الزِّيَادَةِ لاَ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مَا دَامَ فِي الْمَجْلِسِ .
الزِّيَادَةُ بَعْدَ بَتِّ الْبَيْعِ لأِحَدِ الْمُشَارِكِينَ فِي الْمُزَايَدَةِ
11 - لاَ خِلاَفَ فِي أَنَّهُ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي السِّلْعَةِ إِذَا تَوَقَّفَ الْمَالِكُ أَوِ الدَّلاَّلُ عَنِ النِّدَاءِ - لأِنَّهُ أَعْرَضَ عَنِ الْبَيْعِ - لِعَدَمِ وُصُولِ السِّلْعَةِ إِلَى قِيمَتِهَا وَكَفِّ الْحَاضِرِينَ عَنِ الزِّيَادَةِ.
وَأَمَّا فِي حَالَةِ الرُّكُونِ فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ صَاحِبُ الْمَالِ يُنَادِي عَلَى سِلْعَتِهِ فَطَلَبَهَا إِنْسَانٌ بِثَمَنٍ، فَكَفَّ عَنِ النِّدَاءِ وَرَكَنَ إِلَى مَا طَلَبَ مِنْهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ، فَلَيْسَ لِلْغَيْرِ أَنْ يَزِيدَ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا اسْتِيَامٌ عَلَى سَوْمِ الْغَيْرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُفَّ عَنِ النِّدَاءِ فَلاَ بَأْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَزِيدَ.
وَإِنْ كَانَ الدَّلاَّلُ هُوَ الَّذِي يُنَادِي عَلَى السِّلْعَةِ وَطَلَبَهَا إِنْسَانٌ بِثَمَنٍ فَقَالَ الدَّلاَّلُ: حَتَّى أَسْأَلَ الْمَالِكَ فَلاَ بَأْسَ لِلْغَيْرِ أَنْ يَزِيدَ، فَإِنْ أَخْبَرَ الدَّلاَّلُ الْمَالِكَ فَقَالَ: بِعْهُ وَاقْبِضِ الثَّمَنَ، فَلَيْسَ لأِحَدٍ أَنْ يَزِيدَ بَعْدَ ذَلِكَ، قَالَ الْحَطَّابُ: وَسَوَاءٌ تَرَكَ السِّمْسَارُ الثَّوْبَ عِنْدَ التَّاجِرِ أَوْ كَانَ فِي يَدِهِ وَجَاءَ بِهِ إِلَى رَبِّهِ فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ: بِعْهُ، ثُمَّ زَادَ فِيهِ تَاجِرٌ آخَرُ أَنَّهُ لِلأْوَّلِ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ رَبُّ الثَّوْبِ لَمَّا شَاوَرَهُ: اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِكَ فَرَجَعَ السِّمْسَارُ وَنَوَى أَنْ يَبِيعَهُ مِنَ التَّاجِرِ فَزَادَ فِيهِ تَاجِرٌ آخَرُ، فَإِنَّهُ يَعْمَلُ فِيهِ بِرَأْيِهِ وَيَقْبَلُ الزِّيَادَةَ إِنْ شَاءَ وَلاَ يَلْزَمُ الْبَيْعُ بِالنِّيَّةِ .
وَاسْتَظْهَرَ الشَّرْوَانِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّهُ لاَ تَحْرُمُ الزِّيَادَةُ حَيْثُ لَمْ يُعَيِّنِ الدَّلاَّلُ الْمُشْتَرِيَ، ثُمَّ قَالَ: بَلْ لاَ يَبْعُدُ عَدَمُ التَّحْرِيمِ وَإِنْ عَيَّنَهُ .
زِيَادَةُ اثْنَيْنِ مَبْلَغًا مُتَمَاثِلاً:
12 - ذَهَبَ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ لَوْ زَادَ اثْنَانِ مَبْلَغًا مُتَمَاثِلاً وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِمَا غَيْرُهُمَا فَإِنَّهُمَا يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ فِي السِّلْعَةِ، وَقَالَ عِيسَى: هِيَ لِلأْوَّلِ، وَلاَ أَرَى لِلصَّائِحِ أَنْ يَقْبَلَ مِنْ أَحَدٍ مِثْلَ الثَّمَنِ الَّذِي قَدْ أَعْطَاهُ غَيْرُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَا جَمِيعًا قَدْ أَعْطَيَاهُ فِيهِ دِينَارًا مَعًا فَهُمَا فِيهِ شَرِيكَانِ .
خِيَارُ الْعَيْبِ فِي بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ
13 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ خِيَارَ الْعَيْبِ يَثْبُتُ بِحُكْمِ الشَّرْعِ وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْمُشْتَرِي لأِنَّ الأْصْلَ فِي الْبَيْعِ السَّلاَمَةُ.
وَبَيْعُ الْمُزَايَدَةِ مِنَ الْبُيُوعِ الَّتِي يَثْبُتُ فِيهَا خِيَارُ الْعَيْبِ كَبَقِيَّةِ الْبُيُوعِ.
وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي (خِيَارُ الْعَيْبِ ف 20 - 25).
الْمُطَالَبُ بِخِيَارِ الْعَيْبِ فِي بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ
14 - نَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّ الرُّجُوعَ بِخِيَارِ الْعَيْبِ يَكُونُ عَلَى أَصْحَابِ السِّلَعِ، جَاءَ فِي الْمُدَوَّنَةِ:
أَفَرَأَيْتَ الَّذِي يَبِيعُ فِيمَنْ يَزِيدُ يَسْتَأْجِرُ عَلَى الصِّيَاحِ، فَيُوجَدُ مِنْ ذَلِكَ مَسْرُوقٌ أَوْ خَرْقٌ أَوْ عَيْبٌ، قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ ضَمَانٌ، وَإِنَّمَا هُوَ أَجِيرٌ آجَرَ نَفْسَهُ وَبَدَنَهُ، وَإِنَّمَا وَقَعَتِ الْعُهْدَةُ عَلَى أَرْبَابِ السِّلَعِ فَلْيَتْبَعُوهُمْ، فَإِنْ وَجَدُوا
أَرْبَابَهَا وَإِلاَّ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ تِبَاعَةٌ .
النَّجْشُ فِي الْمُزَايَدَةِ:
16 - النَّجْشُ فِي بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ - كَالنَّجْشِ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْبُيُوعِ، حَرَامٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ لِثُبُوتِ النَّهْيِ عَنْهُ، لِمَا فِيهِ مِنْ خَدِيعَةِ الْمُسْلِمِ، وَهُوَ مَكْرُوهٌ تَحْرِيمًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِذَا بَلَغَتِ السِّلْعَةُ قِيمَتَهَا.
وَفِي حُكْمِهِ التَّكْلِيفِيِّ وَحُكْمِهِ الْوَضْعِيِّ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (بَيْعٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ ف 128).
مُشَارَكَةُ الدَّلاَّلِ فِي الشِّرَاءِ مَعَ بَعْضِ مَنْ يَزِيدُ دُونَ عِلْمِ الْبَائِعِ
17 - قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: لاَ يَجُوزُ لِلدَّلاَّلِ الَّذِي هُوَ وَكِيلُ الْبَائِعِ فِي الْمُنَادَاةِ أَنْ يَكُونَ شَرِيكًا لِمَنْ يَزِيدُ بِغَيْرِ عِلْمِ الْبَائِعِ، فَإِنَّ هَذَا يَكُونُ هُوَ الَّذِي يَزِيدُ وَيَشْتَرِي فِي الْمَعْنَى، وَهَذَا خِيَانَةٌ لِلْبَائِعِ، وَمَنْ عَمِلَ مِثْلَ هَذَا لَمْ يَجِبْ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ أَحَدٌ، وَلَمْ يُنْصَحْ لِلْبَائِعِ فِي طَلَبِ الزِّيَادَةِ وَإِنْهَاءِ الْمُنَادَاةِ، ثُمَّ إِنَّ هَذَا يَئُولُ إِلَى بَيْعِ الْوَكِيلِ مِنْ نَفْسِهِ مَا وُكِّلَ بِبَيْعِهِ، وَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهَا الْفُقَهَاءُ فَمَنَعَهَا الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَأَجَازَهَا الشَّافِعِيَّةُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ، لأِنَّ الْعُرْفَ فِي الْبَيْعِ أَنْ يُوجَبَ لِغَيْرِهِ فَحَمَلَ الْوَكَالَةَ عَلَيْهِ، وَلأِنَّ إِذْنَ الْمُوَكَّلِ يَقْتَضِي الْبَيْعَ مِمَّنْ يَسْتَقْصِي فِي الثَّمَنِ عَلَيْهِ، وَفِي الْبَيْعِ لِنَفْسِهِ لاَ يَسْتَقْصِي فِي الثَّمَنِ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي الإْذْنِ وَصَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِاسْتِثْنَاءِ مَا لَوِ اشْتَرَى بَعْضَ مَا وُكِّلَ بِبَيْعِهِ بِسِعْرِهِ، وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: وَلاَ يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَ لِنَفْسِهِ، وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أَنَّهُ يَجُوزُ إِذَا زَادَ عَلَى مَبْلَغِ ثَمَنِهِ فِي النِّدَاءِ أَوْ وَكَّلَ مَنْ يَبِيعُ وَكَانَ هُوَ أَحَدَ الْمُشْتَرِينَ وَقَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ أَيْضًا: إِذَا تَوَاطَأَ جَمَاعَةٌ مِنَ الدَّلاَّلِينَ عَلَى أَنْ يَشْتَرِكُوا فِي شِرَاءِ مَا يَبِيعُونَهُ، فَإِنَّ عَلَى وَلِيِّ الأْمْرِ أَنْ يُعَزِّرَهُمْ تَعْزِيرًا بَلِيغًا يَرْدَعُهُمْ وَأَمْثَالَهُمْ عَنْ هَذِهِ الْخِيَانَةِ، وَمِنْ تَعْزِيرِهِمْ أَنْ يُمْنَعُوا مِنْ مِهْنَةِ الدَّلاَلَةِ فِي السُّوقِ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُمْ .
التَّوَاطُؤُ عَلَى تَرْكِ الْمُزَايَدَةِ بَعْدَ سِعْرٍ مُحَدَّدٍ
18 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَتَابَعَهُمُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ إِلَى أَنَّ التَّوَاطُؤَ عَلَى تَرْكِ الْمُزَايَدَةِ إِنْ تَمَّ بَيْنَ أَحَدِ الْحَاضِرِينَ وَآخَرَ، بِأَنْ يَسْأَلَهُ تَرْكَ الْمُزَايَدَةِ فَهُوَ لاَ بَأْسَ بِهِ. وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي نَظِيرِ شَيْءٍ مِنَ الْمَالِ يَجْعَلُهُ لِمَنْ كَفَّ عَنِ الزِّيَادَةِ، كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ: كُفَّ عَنِ الزِّيَادَةِ وَلَكَ دِينَارٌ أَوْ قَالَ لَهُ: كُفَّ عَنِ الزِّيَادَةِ وَنَحْنُ شَرِيكَانِ فِي السِّلْعَةِ، وَذَلِكَ لأِنَّ بَابَ الْمُزَايَدَةِ مَفْتُوحٌ وَإِنَّمَا تَرَكَ أَحَدُهُمَا مُزَايَدَةَ الآْخَرِ.
أَمَّا إِنْ تَمَّ التَّوَاطُؤُ بَيْنَ جَمِيعِ الْحَاضِرِينَ عَلَى الْكَفِّ عَنِ الزِّيَادَةِ فَلاَ يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنَ الضَّرَرِ عَلَى الْبَائِعِ. وَمِثْلُ تَوَاطُؤِ الْجَمِيعِ تَصَرُّفُ مَنْ حُكْمُهُمْ كَمَجْمُوعَةٍ مُتَحَكِّمَةٍ فِي سُوقِ الْمُزَايَدَةِ أَوْ شَيْخِ السُّوقِ.
وَالْهَدَفُ مِنَ التَّوَاطُؤِ قَدْ يَكُونُ الاِشْتِرَاكُ بَيْنَهُمْ فِي تَمَلُّكِ السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا لاِقْتِسَامِهَا بَيْنَهُمْ، وَقَدْ يَكُونُ بِتَخْصِيصِ سِلْعَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، لِيَشْتَرِيَهَا بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا دُونَ مُنَازَعَةِ الآْخَرِينَ لَهُ، وَفِي الْحَالَتَيْنِ ضَرَرٌ بِالْبَائِعِ وَبَخْسٌ لِسِلْعَتِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( وَلاَ تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ ) فَإِنْ وَقَعَ التَّوَاطُؤُ الْمَمْنُوعُ خُيِّرَ الْبَائِعُ بَيْنَ الرَّدِّ وَالإْمْضَاءِ، فَإِنْ هَلَكَتِ السِّلْعَةُ فَلَهُ الأْكْثَرُ مِنَ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ .
____________________________________________________________________
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية
- ( مادة 1105)
1-يجوز للدائن المرتهن ، اذا لم يستوف حقه ، أن يطلب من القاضي الترخيص له في بيع الشيء المرهون بالمزاد العلني أو بسعره في البورصة او السوق .
۲- واذا كان المرهون يشتمل على أشياء عدة يزيد مجموع قیمتها عن مقدار الدين وملحقاته ، فللقاضي أن يقرر قصر البيع على الأشياء التي يكفي ثمنها لإيفاء الدين وملحقاته .
3 -ويجوز للدائن أيضاً أن يطلب من القاضي تملیکه الشیء المرهون وفاء للدين ، على أن يحسب عليه بقيمته بحسب تقدير الخبراء ۰
الفقرتان الأولى والثالثة من هذه المادة تطابقان المادة ۱۱۲۱ من التقنين الحالي ، مع ادخال تعديل لفظي في الفقرة الثالثة ، واستبدال عبارة . ان يطلب من القاضي تملیکه الشی المرهون ، بعبارة و ان يطلب من القاضى أن يأمر بتمليكه الشيء، حتى يكون مفهوماً أن قرار القاضي في هذا الشأن يكون في شكل خصومة.
أما الفقرة الثانية فهي مقتبسة من الفقرة الثانية من المادة ۱۰۸۳ من مشروع القانون الموحد بين مصر وسوريا لفائدتها العملية •
انظر المذكرة الايضاحية للمادة المقابلة في المشروع التمهيدي للتقنين الحالي (م 1562) في مجموعة الأعمال التحضيرية ج7 ص 265.
والفقرة الأولى من المادة المقترحة تطابق المادة 1053 من التقنين الكویتی.
وفي الفقه الإسلامي فيما يتعلق بالفقرة الأولى من المادة المقترحة نصت المادة 757 من المجلة على أنه ( اذا حل أجل الدين ، وامتنع الراهن عن أدائه ، فالحاكم يأمره ببيع الرهن وأداء الدين ، فان أبی وعاند باعه الحاكم وأدي الدين ، وفي هذا المعنى أيضاً : المادتان ۱۰۰۹ و ۱۰۱۰ من مرشد الحيران .
مجلة الأحكام العدلية
مادة (58) التصرف على الرعية
التصرف على الرعية منوط بالمصلحة.
مادة (757) حلول أجل الدين
إذا حلَّ أجل الدين وامتنع الراهن من أدائه فالحاكم يأمره ببيع الرهن وأداء الدين فإن أبى وعاند باعه الحاكم وأدَّى الدين.