loading

موسوعة قانون العقوبات​

المذكرة الإيضاحية

موسوعة هرجة الجنائية ، التعليق على قانون العقوبات ، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة ، (دار محمود) المجلد الثالث

جاء بالمذكرة الإيضاحية لمشروع القانون رقم 29 لسنة 1982 :

 أنه وكذلك عدلت المادة 204 مكرراً أولاً لتشمل حالات الحيازة أو التصوير فضلاً عن الأفعال الأخرى المنصوص عليها فيها للصور التي تمثل وجهاً أو جزءاً من وجه لعملة ورقية متداولة في مصر حتى ولو كان ذلك للأغراض الفنية أو لمجرد الهواية. وذلك لمواجهة الأساليب والوسائل الفنية الحديثة التي يلجأ إليها الجناة في هذا المجال مثل التصوير الإلكتروني وغيره للعملة الورقية بذريعة الهواية أو الأغراض الفنية الأخرى في الحالات التي لاتندرج تحت الأغراض المشار إليها بالفقرة الأولى من هذه المادة مما يتيح للجناة الإفلات من العقاب مع ما في ذلك من خطورة شديدة على العملة الوطنية وقيمتها والثقة فيها في مواجهة العملات الأخرى وهو ما أوصت به كذلك اللجنة الإستشارية العليا بجلستها الرابعة بعد المائة .

الأحكام

1ـ من المقرر ان القصد الجنائي فى جريمة حيازة وترويج عملة ورقية مقلدة التى دين الطاعن بها يقتضى علم الجاني وقت ارتكاب الجريمة علماً يقينياً بتوافر اركانها ، فاذا ما نازع المتهم فى توافر هذا القصد ، كان لزاما على المحكمة استظهاره استظهارا كافيا . كما انه من المقرر أن جريمة الحيازة بقصد الترويج تستلزم فضلاً عن القصد الجنائي العام قصداً خاصاً هو نية دفع العملة المقلدة الى التداول ، مما يتعين معه على الحكم استظهاره صراحة وايراد الدليل على توافره متى كان محل منازعة من الجاني . لما كان ذلك ، وكان الطاعن قد انكر التهمة المسندة اليه برمتها ،ونازع فى توافر القصد الجنائي - بشقيه - فى حقه ، وكان القدر الذى اورده الحكم فى سبيل التدليل على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن لا يكفى لتوافره ولا يسوغ به الاستدلال عليه ، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً فضلاً عن القصور فى التسبيب بالفساد فى الاستدلال .

( الطعن رقم 13497 لسنة 65 ق - جلسة 1997/09/18 - س 48 ع 1 ص 892 ق 134 )

2- من المقرر أن مجرد تحضير الأدوات اللازمة للتزييف وإستعمالها بالفعل فى إعداد العملة الورقية الزائفة التى لم تصل إلى درجة من الإتقان تكفل لها الزواج فى المعاملة هى فى نظر القانون من أعمال الشروع المعاقب عليها قانوناً إلا أن شرط ذلك بداهة أن تكون الوسائل المستعملة فى التقليد تصلح بطبيعتها لصنع ورقة زائفة تشبه العملة الورقية الصحيحة أما إذا كانت هذه الوسائل غير صالحة بالمرة لتحقيق الغرض المقصود منها ولا تؤدى مهما أتقن إستعمالها إلى إنتاج ورقة زائفة شبيهة بالورقة الصحيحة - كما هو الحال فى صورة الدعوى الماثلة - فإن جريمة التقليد فى هذه الحالة تكون مستحيلة إستحالة مطلقة والشروع فيها غير مؤثم .

( الطعن رقم 2603 لسنة 50 ق - جلسة 1981/12/29 - س 32 ص 1204 ق 215 )

شرح خبراء القانون

(ملحوظة هامة: أصبح الإختصاص بنظر هذه الجرائم معقوداً للمحاكم الإقتصادية بموجب القانون رقم 120 لسنة 2008 الصادر في شأن إنشاء المحاكم الإقتصادية وتعديلاته.)

مركز الراية للدراسات القانونية

صناعة أو حيازة أشياء مشابهة للعملات المتداولة : 

نصت على هذه الجنحة المادة 204 مكرراً ( أ ) من قانون العقوبات في فقرتها الأولى فقررت أن « يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه كل من صنع أو باع أو وزع أو حاز بقصد البيع أو التوزيع لأغراض ثقافية أو علمية أو صناعية أو تجارية قطعاً معدنية أو أوراقاً مشابهة في مظهرها للعملة المتداولة في مصر أو لأوراق البنكنوت المالية التي أذن بإصدارها قانوناً إذا كان من شأن هذه المشابهة إيقاع الجمهور في الغلط » .

وعلة التجريم أن هذه القطع المعدنية أو الأوراق يحتمل أن تخدع جمهور المتعاملين فيقبلونها على أنها صحيحة، فإذا تبينت لهم عيوبها بعد ذلك اختلت ثقتهم في العملات عامة .

وتقوم هذه الجريمة على أركان ثلاثة : رکن مادی، هو فعل الصناعة أو البيع أو التوزيع أو الحيازة؛ وموضوع هو القطع المعدنية أو الأوراق المتداولة في مصر أو أوراق البنكنوت التي أذن بإصدارها قانوناً؛ وركن معنوي يتخذ صورة القصد، ويفترض من بين عناصره إستهداف غرض ثقافي أو علمي أو صناعي أو تجاري .

وفي تحديد عناصر الركن المادي نلاحظ أن فعل الصناعة هو في ذاته فعل التقليد الذي نصت عليه المادة 202 من قانون العقوبات، وأن فعلی البيع والتوزيع تضمنهما فكرة الترويج الذي تجرمه المادة 203 من قانون العقوبات، أما الحيازة فهي ذاتها ما نصت عليه هذه المادة كذلك وقد أشار الشارع إلى أن من شأن الصناعة إنتاج عملة تشبه في مظهرها العملة المتداولة إذا كان من شأن ذلك إيقاع الجمهور في الغلط، وهذه الإشارة تنصرف إلى ضابط التقليد الذي سلف بيانه. وينصب البيع أو التوزيع أو الحيازة على عملة يتوافر بالنسبة لها هذا الضابط أما موضوع الجريمة فهو العملة المعدنية أو الورقية المتداولة في مصر، وكذلك أوراق البنكنوت المأذون بإصدارها في مصر وأوراق البنكنوت الأجنبية  ويعني ذلك أن النص لا يطبق على العملة المعدنية أو الورقية المتداولة في الخارج ويتطلب القصد علم المتهم بالتشابه بين العملة التي يقلدها أو يروجها أو يحوزها وبين العملة الصحيحة، وإتجاه إرادته إلى فعله، واستهدافه دفعها في التداول من أجل أغراض ثقافية أو علمية أو صناعية أو تجارية . ويعني ذلك أن هذا القصد الخاص قوامه نية الدفع في التعامل واستهداف أحد الأغراض السابقة . ويكشف ذلك عن علة تخفيف العقاب : فالجاني أقل خطورة على المجتمع، إذ يستهدف أغراضاً مشروعة في ذاتها، وإن كانت وسيلته إليها خطرة على الثقة العامة في العملة، واستهدافه هذه الأغراض يجعل حرصه على إتقان التقليد أقل، مما يقلل من خطورة الجريمة مادياً .

وعقوبة هذه الجريمة هي الحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو الغرامة التي لا تتجاوز خمسمائة جنيه .

حيازة أو صنع أو تصوير أو نشر أو إستعمال صور لوجه عملة ورقية :

 نصت على هذه الجنحة المادة 204 مكرراً (أ) من قانون العقوبات في فقرتها الثانية، فقررت أن « يعاقب بنفس العقوبة  كل من حاز أو صنع أو صور أو نشر أو إستعمل للأغراض المذكورة أو للأغراض الفنية أو لمجرد الهواية صوراً تمثل وجهاً أو جزءاً من وجه لعملة ورقية متداولة في مصر، ما لم يصدر له بذلك ترخيص خاص من وزير الداخلية وبالقيود التي يفرضها . ويعتبر من قبيل العملة الورقية في تطبيق أحكام الفقرتين السابقتين أوراق البنكنوت الأجنبية .

وعلة التجريم هي خطورة هذه الأفعال على الثقة العامة في العملة، باعتبارها تمثل مرحلة متقدمة في مشروع قد يستهدف التقليد، وقد يفضي إليه : فإذا كان أحد وجهي العملة قد طبع فإن طبع الوجه الآخر يكفي لإتمام عملية التقليد، وإذا كان جزء من هذا الوجه قد طبع فإن إكمال طبعه وطبع الوجه الآخر محتمل، وهذه الصورة يمكن إستعمالها في الاحتيال على بعض المتعاملين، ولهم الحق في حماية القانون .

وتقوم هذه الجريمة على أركان ثلاثة : رکن مادی قوامه فعل إكتساب الحيازة أو فعل الصنع أو التصوير أو النشر أو الإستعمال؛ وموضوع هو العملة الورقية المتداولة في مصر؛ وركن معنوي قوامه القصد الخاص .

ويقوم الركن المادي على أحد الأفعال الآتية : الحيازة أو الصنع أو التصوير أو النشر أو الإستعمال، وكل منها على حدة يكفي لوقوع الجريمة تامة . فإذا قام بالصنع أو التصوير شخص وبالنشر آخر، فكل منهما فاعل  ويراد بالحيازة الفعل الذي يكتسب به المتهم السيطرة المادية على موضوع الجريمة وحالة السيطرة المترتبة على ذلك . أما الصنع فيراد طبع وجه العملة . والطبع مرحلة في عملية التقليد حينما تنصب على العملة الورقية : فالفرض أن الجاني قد طبع وجهاً للعملة أو جزءاً منه، ولو أنه أتم طبع الوجهين لكان فعله تقليداً . والتصوير أسلوب فني للطبع يفترض التقاط وجه العملة عن طريق جهاز معد لذلك، تمهيداً لإستخراج نسخ متعددة منه. والنشر هو العرض العلني للعملة، أي عرضها لأنظار جمهور الناس بغير تمييز، كعرضها في صحيفة أي كتاب أو فيلم سينمائي وفي النهاية، فإن الإستعمال يعني الدفع في التداول وموضوع الجريمة هو العملة الورقية المتداولة في مصر، وتشبه بها أوراق البنكنوت المصرية والأجنبية، ويعنى ذلك استبعاد العملات المعدنية مصرية أو أجنبية والعملات الورقية غير المتداولة في مصر ويتطلب الركن المعنوي القصد الخاص الذي يفترض إستهداف غرض ثقافي أو علمي أو صناعي أو تجاري أو فني أو مجرد الهواية .

وينص القانون على سبب إباحة موضعه أن يصدر بالطبع أو النشر أو الاستعمال تصريح من وزير الداخلية وتلتزم القيود التي يقررها فيه .

والعقوبة التي يقررها الشارع هي الحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو الغرامة التي لا تجاوز خمسمائة جنيه . ( شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ محمود نجيب حسني، الطبعة السابعة 2012 دار النهضة العربية،  الصفحة : 210 )

يجرم نص المادة 204  مكرر (أ) مجموعتين من الأفعال :

 أولاً : تقليد أوترويج أو حيازة قطع معدنية أو أوراق مشابهة للعملة المتداولة في مصر .

والجنحة التي تنص عليها هذه الفقرة تقوم على أركان ثلاثة :

 الركن المادي :

ويتحقق بإرتكاب فعل يتخذ صورة الصنع أو البيع أو التوزيع أو الحيازة، والصنع يدخل في معنى التقليد المنصوص عليه في المادة 202 ع بينما البيع أو التوزيع يدخلان في معنى الترويج الذي نصت عليه المادة 203 ع، أما الحيازة فلها نفس معنى الحيازة المذكورة في المادة 203 ع .

محل الجريمة :

يجب أن يكون محل الفعل المكون للركن المادي قطعاً معدنية أو ورقية مشابهة في مظهرها للعملة المتداولة في مصر، أو لأوراق البنكنوت المالية المأذون بإصدارها قانوناً، وعلى ذلك يخرج الفعل من نطاق التجريم إذا كان محله عملة أجنبية معدنية أو ورقية، بإستثناء أوراق البنكنوت الأجنبية التي اعتبرتها الفقرة الأخيرة من المادة 204 مكرراً (أ) في حكم العملة الورقية فيما يتعلق بهذا النص، والفيصل في كون محل الجريمة مشابهاً للعملة المتداولة في مصر أو غير مشابه هو أن يكون من شأن المشابهة إيقاع الجمهور في الغلط وهو ذات المعيار الذي سبق تحديده بالنسبة لجريمة التقليد .

 الركن المعنوي :

هذه الجريمة عمدية يتمثل ركنها المعنوي في القصد الجنائي، والقصد المتطلب فيها هو القصد الخاص، ويتحقق القصد العام بإتجاه إرادة الجاني إلى الفعل مع علمه بالتشابه القائم بين العملة محل الفعل وبين العملة المتداولة في مصر . أما القصد الخاص فيتمثل في اتجاه نية الجاني إلى إستعمال العملة المشابهة في أغراض ثقافية أو علمية أو صناعية أو تجارية . وتكمن علة تخفيف العقاب في هذا القصد الخاص إذ أن اتجاه إرادة الجاني إلى تحقيق أحد الأغراض المذكورة - وهي أغراض مشروعة - يعني أن الجاني أقل خطورة على المجتمع .

العقوبة :

يعتبر المشرع هذه الجريمة جنحة ويقرر لها عقاباً الحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو الغرامة التي لا تتجاوز خمسمائة جنيه .

 ثانياً : حيازة أو صنع أو تصوير أو نشر أو إستعمال صور في مصر :

الركن المادي :

يتخذ الفعل المكون للركن المادي إحدى صور خمس: الأولى : صنع صور تمثل وجهاً أو جزءاً من وجه لعملة ورقية متداولة في مصر، والصنع يعتبر خطوة من خطوات التقليد، إذ بصنع كلا صورتی وجهي العملة يتم التقليد، والثانية : حيازة هذه الصور، ويقصد بها ذات المعنى الذي ذكرناه ( بصدد المادة 203). والصورة الثالثة : التصوير، أياً كانت الآلة التي تستعمل في ذلك . والرابعة : هي نشر هذه الصور، ويقصد بالنشر عرض الصور على الناس بغير تمييز، وقد يتم ذلك بعرض هذه الصور في صحيفة أو كتاب. أما الصورة الخامسة : فهي إستعمال هذه الصورة أياً كان أسلوب هذا الإستعمال . وتتم الجريمة بارتكاب الجاني أياً من هذه الأفعال، ولو اقتصر نشاطه على هذا الفعل وحده .

محل الجريمة :

يتطلب المشرع لوقوع الجريمة أن يرد الفعل المكون للركن المادي على صور لعملة ورقية متداولة في مصر، فلا تصلح صور العملة المعدنية محلاً لهذه الجريمة لإنعدام إحتمال الضرر، كذلك يجب أن تكون الصور لعملة متداولة في مصر أو لأوراق البنكنوت الأجنبية التي تعتبر في حكم العملة الورقية وفقاً للفقرة الثالثة من المادة 204 مكرر (أ) ع .

ويكفي في محل الجريمة أن يكون صورة لوجه كامل للعملة الورقية أو لجزء من هذا الوجه، ولا يشترط المشرع أن يكون من شأن التشابه بين الصورة والأصل إيقاع الجمهور في الغلط، ولذلك فإنه يستوي أن تكون أبعاد الصورة مساوية لأبعاد العملة أو مختلفة عنها، أو أن تكون الصورة ملونة بألوان العملة أو بألوان أخرى أو غير ملونة .

 الركن المعنوي :

يقوم الركن المعنوي بتوافر القصد العام والقصد الخاص . والقصد العام في هذه الجريمة هو إتجاه إرادة الجاني إلى فعل الصنع أو الحيازة أو التصوير أو النشر أو الإستعمال مع علمه بأن فعله يرد على صورة لوجه أو الجزء من وجه لعملة ورقية متداولة في مصر أما القصد الخاص فيتمثل في إتجاه نية الجاني إلى تحقيق أغراض ثقافية أو علمية أو صناعية أو تجارية أو فنية أو لإشباع الهواية .

إباحة الفعل :

قد يكون الفعل لأغراض ثقافية أو علمية أو صناعية أو تجارية أو فنية مما يقتضيه تحقيق المصلحة العامة، الأمر الذي يفرض تيسيره لا المعاقبة عليه، ولذلك نص المشرع على سبب الإباحة هذه الأفعال يتمثل في صدور ترخيص خاص بالفعل من وزير الداخلية وإلتزام الفاعل بالقيود الواردة فيه .

العقوبة :

يقرر المشرع لهذه الجريمة عقوبة الحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو الغرامة التي لا تتجاوز خمسمائة جنيه . ( شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتورة/ فوزية عبد الستار، الطبعة الرابعة 2017 دار النهضة العربية،  الصفحة : 226 )

جريمة الصنع أو البيع أو الحيازة بقصد البيع أو التوزيع لأغراض غير التعامل بالعملة :

السلوك الإجرامي :

السلوك الإجرامي في هذه الجريمة يقوم على أشكال تبادلية محدودة وهي الصنع أو البيع أو الحيازة. ويقصد بالصنع التقليد سواء بإستخدام المواد الأصلية أو مواد مشابهة والبيع ينصرف إلى أي صورة من صور التبادل بمقابل كما ينصرف أيضاً إلى المقايضة أما سلوك الحيازة فيشمل الحيازة بمعناها الدقيق كما يشمل مجرد الحيازة المادية لصالح الغير . 

والموضوع المادي للسلوك :

 ينصب على قطع أو أوراق متشابهة في المظهر مع عملة متداولة قانوناً في مصر أو مع أوراق البنكنوت المأذون قانوناً بإصدارها ويستوي أن تكون هذه العملة أو أوراق البنكنوت مصرية أو أجنبية .

ولا يلزم أن تكون المشابهة بين العملة المصنوعة وبين العملة الصحيحة قوية، بل يكفي أن تكون المشابهة من شأنها إيقاع الجمهور في الغلط حتى ولو كانت الفروق وأوجه الإختلاف لا تفوت على الشخص المدقق ويكفى التشابه في المظهر لقيام الجريمة حتى ولو كانت المادة المصنوعة منها العملة المقلدة مختلفة اختلافاً تاماً عن مادة العملة الصحيحة وطالما أن من شأن هذا التشابه إيقاع الجمهور في الغلط .

وهذه الجريمة من جرائم الخطر ومن ثم فلا يشترط تحقق النتيجة المتمثلة في الجريمة أن يكون السلوك المرتكب من شأنه أن يؤدي إلى وقوع الجمهور في الغلط حتى ولو لم يتحقق ذلك فعلاً .

الركن المعنوي :

يقوم الركن المعنوي على القصد الجنائي العام وعلى قصد خاص. فيجب أن ينصرف علم الجاني إلى العناصر المكونة للجريمة بما فيها الموضوع المادي للسلوك ويريد تحقيق السلوك المتمثل في الصنع أو البيع أو الحيازة. وفضلاً عن ذلك يجب أن يكون السلوك قد ارتكب لتحقيق غرض ثقافي أو علمي أو صناعي أو تجاري، وعموماً لأي غرض آخر خلاف قصد طرح العملة في التداول .

العقوبة :

العقوبة الأصلية هي الحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو الغرامة التي لا تتجاوز خمسمائة جنيه بطريق التخيير. ويلزم الحكم بالمصادرة بالتطبيق للمادة 30 / 2 عقوبات .

جريمة طبع أو نشر أو إستعمال صور العملات الورقية  

السلوك الإجرامي :

في هذه الجريمة يأخذ شكل الطبع أو النشر أو الإستعمال بطريق التبادل. وبالطبع أو النشر ينصب على عملة صحيحة قانوناً بأخذ صور منها ونشرها بعد طبعها . وتفترض هذه الجريمة أن الطبع أو النشر قد انصب على وجه أو جزء من وجه العملة الصحيحة. أما طبع العملة كاملة في وجهيها فيعتبر تقليداً يندرج تحت نص المادة 202 عقوبات. والطبع والنشر لم يحدد له المشرع وسيلة بعينها فهو ينصرف إلى أي وسيلة يمكن أن تستخدم في ذلك، يستوى في ذلك الطبع على ورق مستقل أو في جزء من صحيفة، أو كتاب أو غير ذلك. والنشر يكون بأي وسيلة من شأنها إتصال عدد غير محدد من الأفراد بموضوع النشر. أما الإستعمال المجرم فهو ينصرف إلى إستخدام ما طبع أو نشر من أجزاء العملة الصحيحة .

والعملات المحظور طبع ونشر أجزائها هي العملات الورقية دون المعدنية بإعتبار أن هناك إستحالة بالنسبة لتلك الأخيرة، في خداع الجمهور أو إيقاعه في الغلط بالنسبة للصور التي تطبع على أصلها .

ويستوي أن تكون العملة الورقية مصرية أو أجنبية . فقد ساوت الفقرة الأخيرة من المادة 204 (أ) بين العملة الورقية المتداولة قانوناً في مصر وبين أوراق البنكنوت الأجنبية .

وتنتفي الصفة غير المشروعة عن الفعل إذا كان هناك ترخيص سابق من وزير الداخلية بذلك .

الركن المعنوي :

يقوم الركن المعنوي على القصد الجنائي بعنصريه العلم والإرادة وعلی قصد جنائى خاص مفاده أن يكون الطبع أو النشر أو الاستعمال هو لأغراض ثقافية أو علمية أو صناعية أو تجارية وعموماً أي غرض آخر خلاف التعامل بها وإيقاع الغير في الغلط. فإذا لم يتوافر هذا القصد الخاص وتوافر لدى الجاني إرادة إيقاع شخص معين في الغلط فإن جريمة النصب يمكن أن تتوافر أركانها .

العقوبة :

العقوبة الأصلية المقررة للجريمة هي الحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو الغرامة التي لا تتجاوز خمسمائة جنيه بطريق التخيير .

ويجب الحكم بالمصادرة بالتطبيق للمادة 30 / 2 عقوبات . ( قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ مأمون محمد سلامة، الطبعة الأولى 2017 الجزء الأول،  الصفحة : 403 )

يجرم نص المادة 204  مكرر (أ) مجموعتين من الأفعال :

 أولاً : تقليد أوترويج أو حيازة قطع معدنية أو أوراق مشابهة للعملة المتداولة في مصر .

والجنحة التي تنص عليها هذه الفقرة تقوم على أركان ثلاثة :

 الركن المادي :

ويتحقق بإرتكاب فعل يتخذ صورة الصنع أو البيع أو التوزيع أو الحيازة .

محل الجريمة :

يجب أن يكون محل الفعل المكون للركن المادي قطعاً معدنية أو ورقية مشابهة في مظهرها للعملة المتداولة في مصر، أو لأوراق البنكنوت المالية المأذون بإصدارها قانوناً، وعلى ذلك يخرج الفعل من نطاق التجريم إذا كان محله عملة أجنبية معدنية أو ورقية، بإستثناء أوراق البنكنوت الأجنبية التي اعتبرتها الفقرة الأخيرة من المادة 204 مكرراً (أ) في حكم العملة الورقية فيما يتعلق بهذا النص، والفيصل في كون محل الجريمة مشابهاً للعملة المتداولة في مصر أو غير مشابه هو أن يكون من شأن المشابهة إيقاع الجمهور في الغلط .

 الركن المعنوي :

الجريمة عمدية يتمثل ركنها المعنوي في القصد الجنائي، والقصد المتطلب فيها هو القصد الخاص، ويتحقق القصد العام بإتجاه إرادة الجاني إلى الفعل مع علمه بالتشابه القائم بين العملة محل الفعل وبين العملة المتداولة في مصر . أما القصد الخاص فيتمثل في اتجاه نية الجاني إلى إستعمال العملة المشابهة في أغراض ثقافية أو علمية أو صناعية أو تجارية . وتكمن علة تخفيف العقاب في هذا القصد الخاص إذ أن اتجاه إرادة الجاني إلى تحقيق أحد الأغراض المذكورة - وهي أغراض مشروعة - يعني أن الجاني أقل خطورة على المجتمع .

 ثانياً : حيازة أو صنع أو تصوير أو نشر أو إستعمال صور في مصر :

وهذا ما نصت عليه الفقرة الثانية التى نحن بصددها وتقوم هذه الجنحة على أركان ثلاثة تتمثل فى الركن المادى ومحل الجريمة والركن المعنوى .

الركن المادي :

يتخذ الفعل المكون للركن المادي إحدى صور خمس: الأولى : صنع صور تمثل وجهاً أو جزءاً من وجه لعملة ورقية متداولة في مصر، والصنع يعتبر خطوة من خطوات التقليد، إذ بصنع كلا صورتی وجهي العملة يتم التقليد، والثانية : حيازة هذه الصور، ويقصد بها ذات المعنى الذي ذكرناه ( بصدد المادة 203). والصورة الثالثة : التصوير، أياً كانت الآلة التي تستعمل في ذلك . والرابعة : هي نشر هذه الصور، ويقصد بالنشر عرض الصور على الناس بغير تمييز، وقد يتم ذلك بعرض هذه الصور في صحيفة أو كتاب. أما الصورة الخامسة : فهي إستعمال هذه الصورة أياً كان أسلوب هذا الإستعمال . وتتم الجريمة بارتكاب الجاني أياً من هذه الأفعال، ولو اقتصر نشاطه على هذا الفعل وحده .

محل الجريمة :

يتطلب المشرع لوقوع الجريمة أن يرد الفعل المكون للركن المادي على صور لعملة ورقية متداولة في مصر، فلا تصلح صور العملة المعدنية محلاً لهذه الجريمة لإنعدام إحتمال الضرر، كذلك يجب أن تكون الصور لعملة متداولة في مصر أو لأوراق البنكنوت الأجنبية التي تعتبر في حكم العملة الورقية وفقاً للفقرة الثالثة من المادة 204 مكرر (أ) ع .

ويكفي في محل الجريمة أن يكون صورة لوجه كامل للعملة الورقية أو لجزء من هذا الوجه، ولا يشترط المشرع أن يكون من شأن التشابه بين الصورة والأصل إيقاع الجمهور في الغلط، ولذلك فإنه يستوي أن تكون أبعاد الصورة مساوية لأبعاد العملة أو مختلفة عنها، أو أن تكون الصورة ملونة بألوان العملة أو بألوان أخرى أو غير ملونة .

 الركن المعنوي :

يقوم الركن المعنوي بتوافر القصد العام والقصد الخاص . والقصد العام في هذه الجريمة هو إتجاه إرادة الجاني إلى فعل الصنع أو الحيازة أو التصوير أو النشر أو الإستعمال مع علمه بأن فعله يرد على صورة لوجه أو الجزء من وجه لعملة ورقية متداولة في مصر أما القصد الخاص فيتمثل في إتجاه نية الجاني إلى تحقيق أغراض ثقافية أو علمية أو صناعية أو تجارية أو فنية أو لإشباع الهواية .

إباحة الفعل :

قد يكون الفعل لأغراض ثقافية أو علمية أو صناعية أو تجارية أو فنية مما يقتضيه تحقيق المصلحة العامة، الأمر الذي يفرض تيسيره لا المعاقبة عليه، ولذلك نص المشرع على سبب الإباحة هذه الأفعال يتمثل في صدور ترخيص خاص بالفعل من وزير الداخلية وإلتزام الفاعل بالقيود الواردة فيه .

العقوبة :

يقرر المشرع لهذه الجريمة عقوبة الحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو الغرامة التي لا تتجاوز خمسمائة جنيه . ( الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثالث،  الصفحة : 96 )

يشترط لتطبيق الفقرة الأولى توافر رکنین :

أولهما ركن مادی : هو الصنع أو البيع أو التوزيع أو الحيازة بقصد البيع أو التوزيع وأن يكون محل ذلك قطعاً معدنية أو أوراقاً مشابهة في مظهرها للعملة المتداولة في مصر أو لأوراق البنكنوت التي أذن بإصدارها قانوناً وقد اعتبرت أوراق البنكنوت الأجنبية في حكم العملة الورقية ولكن محل الجريمة لا يشمل العملة المعدنية الأجنبية ولا العملة الورقية التي تصدرها الحكومة الأجنبية ولا يشترط أن يكون التقليد متقناً بحيث ينخدع به المدقق بل يكفي أن يكون من شأن المشابهة إيقاع الجمهور في الغلط .

وثانيهما ركن معنوي : ويلزم لتوافره عنصران: قصد عام هو العلم بأن العملة مقلدة وقصد خاص هو أن يكون الصنع أو البيع إلخ لغرض ثقافي أو علمي أو صناعي أو تجاري أي أنه لا عبرة بالباعث سواء أكان تحقيق ربح مادي أو غرض علمي أم ثقافي والنص صريح في ذلك .

 شروط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 204 مکرراً (أولاً) :

والخاصة بحيازة أو صنع أو تصوير أو نشر أو إستعمال صور لوجه عملة ورقية متداولة في مصر ويلزم لانطباق هذه الفقرة توافر شرطين :

الأول : أن يكون محل الجريمة عملة ورقية متداولة في مصر أو ورقة بنكنوت أجنبية لا عملة معدنية .

الثاني : أن تكون المشابهة لوجه واحد فقط أو جزء عن وجه من العملة الورقية فإن كانت المشابهة من الوجهين معاً خضعت الجريمة لحكم الفقرة الأولى من المادة . ( موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثالث، الصفحة : 23 )

جنحة صنع أو بيع أو حيازة أوراق أو قطع مشابهة للعملة لأغراض ثقافية أو علمية أو تجارية 

- نص المادة 204 مكرر (1) عقوبات: 

- يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه كل من صنع أو باع أو وزع أو حاز بقصد البيع أو التوزيع لأغراض ثقافية أو علمية أو صناعية أو تجارية قطعاً معدنية أو أوراقاً مشابهة في مظهرها للعملة المتداولة في مصر أو لأوراق البنكنوت المالية التي أذن بإصدارها قانوناً إذا كان من شأن هذه المشابهة إيقاع الجمهور في الغلط. ويعاقب بنفس العقوبة كل من حاز أو صنع أو صور أو نشر أو استعمل للأغراض المذكورة أو للأغراض الفنية أو لمجرد الهواية صوراً تمثل وجهاً أو جزءاً من وجه لعملة ورقية متداولة في مصر ما لم يصدر له بذلك ترخيص خاص من وزير الداخلية وبالقيود التي يفرضها.

ويعتبر من قبيل العملة الورقية في تطبيق أحكام الفقرتين السابقتين أوراق البنكنوت الأجنبية. 

الركن المادي للجريمة 

- صورتا السلوك المادي 

(1) صناعة أو حيازة قطع معدنية أو أوراق مشابهة للعملات المتداولة أو أوراق البنكنوت المالية أو الأجنبية 

يقوم السلوك المادي للجريمة في هذه الصورة بأن يصنع الفاعل أو يبيع أو يوزع أو يحوز بقصد البيع أو التوزيع قطعاً معدنية أو أوراقاً مشابهة للعملة المتداولة في مصر، أو لأوراق البنكنوت المالية المأذون بإصدارها قانوناً ، أو لأوراق البنكنوت الأجنبية متى كان ذلك لأغراض ثقافية أو علمية أو صناعية أو تجارية، وكان من شأن هذه المشابهة إيقاع الجمهور في الغلط. 

فمن قبيل الأغراض الثقافية موافاة الناس بها لتعريفهم لا سيما الأجانب منهم أو الوطنيين إن كانوا مفتقرين إلى معرفة بالعملة الأجنبية، بكافة وحدات العملة الوطنية أو الأجنبية. 

ومن قبيل الأغراض العلمية إجراء مقارنات بين مختلف صور العملة وطنية كانت أم أجنبية. 

ومن قبيل الأغراض الصناعية، إعداد القطع لتكون علامات تلصق على بعض المنتجات أو الأوراق لإلصاقها على معلبات أو زجاجات. 

ومن قبيل الأغراض التجارية تكوين ألبومات توضع فيها القطع أو الأوراق لتباع هذه الألبومات إلى هواتها. 

 فمتى كان من شأن هذا البيع أو التوزيع أن يوقع الجمهور في الغلط فيأخذها على أنها عملة معدنية أو ورقية. 

وموضوع الجريمة هو العملة المعدنية أو الورقية المتداولة في مصر وكذلك أوراق البنكنوت المأذون بإصدارها في مصر وأوراق البنكنوت الأجنبية، ويعني ذلك أن النص لا ينطبق على العملة المعدنية أو الورقية المتداولة في الخارج. 

(2) حيازة أو صنع أو تصوير أو نشر أو استعمال صور لوجه عملة ورقية : 

ويقوم السلوك المادي للجريمة في هذه الصورة بأن يحوز الفاعل أو يصنع أو يصور أو ينشر أو يستعمل لغرض من الأغراض السالف بيانها أو لأغراض فنية أو لمجرد الهواية صوراً تمثل وجها أو جزءاً من وجه لعملة ورقية متداولة في مصر لأوراق بنكنوت أجنبية، وذلك بدون أن يصدر ترخيص له بذلك من وزير الداخلية. 

فالركن المادي يقوم أيضاً على الحيازة أو الصنع أو التصوير أو النشر أو الاستعمال، وكل منها على حدة يكفي لوقوع الجريمة تامة، فإذا قام بالصنع أو التصوير شخص وبالنشر آخر، فكل منهما فاعل، ويراد بالحيازة الفعل الذي يكتسب به المتهم السيطرة المادية على موضوع الجريمة، أما الصنع فيراد به طبع وجه العملة، والطبع مرحلة في عملية التقليد تنصب على العملة الورقية فالفرض أن الجاني قد طبع وجهاً للعملة أو جزءاً منه، ولو أنه أتم طبع الوجهين لكان فعله تقليداً، والتصوير أسلوب فني للطبع يفترض التقاط وجه العملة عن طريق جهاز معد لذلك، تمهيدا لاستخراج نسخ متعددة منه، والنشر هو العرض العلني للعملة، أي عرضها لأنظار جمهور من الناس بغير تمييز، كعرضها في صحيفة أو كتاب أو فيلم سينمائي، والاستعمال يعني الدفع في التداول، وموضوع الجريمة هو العملة الورقية المتداولة في مصر، وتشبه بها أوراق البنكنوت المصرية والأجنبية، ويعني ذلك استبعاد العملات المعدنية مصرية أو أجنبية والعملات الورقية غير المتداولة في مصر.

والجريمة المنصوص عليها في المادة 204 مكرراً لا تقع إلا إذا لم يكن الجاني قد قبلها بحسن نية، أي اعتقد أنها صحيحة. 

- سبب إباحة 

ونص القانون على سبب إباحة هو أن يصدر بالطبع أو النشر أو الاستعمال تصريح من وزير الداخلية. 

الركن المعنوي: 

هذه الجريمة من الجرائم العمدية التي يقوم ركنها المعنوي على القصد الجنائي العام بعنصريه العلم والإرادة، فيلزم علم الجاني بالتشابه بين العملة التي يقلدها أو يروجها أو يحوزها وبين العملة الصحيحة، وأن تتجه إرادته إلى إتيان السلوك المادي المكون للجريمة. 

كما يلزم توافر قصد خاص هو دفع هذه العملة في التداول من أجل أغراض ثقافية أو علمية أو صناعية أو تجارية. 

العقوبة 

عقوبة هذه الجريمة هي الحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه. 

(موسوعة المُري في الجرائم الاقتصادية، للمستشار بهاء المُري رئيس محكمة الجنايات، دار روائع القانون للنشر والتوزيع، الطبعة الرابعة 2023، الكتاب الأول، الصفحة 216).

الفقه الإسلامي

قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحات : 224 ، 226 ، 227

( مادة 453 ) :

 

 في جميع الحالات المبينة في مواد هذا الفصل ، يقضى بمصادرة الأشياء المقلدة أو المزورة ، وكذا الآلات والأدوات المستعملة ، أو المعدة للإستعمال في التقليد أو التزوير . 

( مادة 461 ) :

 يعاقب بالحبس وبغرامة لا تزيد على ثلاثمائة جنيه ، أو بإحدى هاتين العقوبتين - كل من صنع أو حاز أو نقل بقصد البيع أو التوزيع ، أو باع أو وزع أو عرض للبيع بغير إذن من الجهة المختصة ولأغراض ثقافية أو علمية أو صناعية أو تجارية قطعاً معدنية ، أو أوراقاً مشابهة في مظهرها للعملة المشار إليها في المادة (455) من هذا القانون ، متى كان من شأن هذه المشابهة إيقاع الجمهور في الغلط . 

 

ويعاقب بذات العقوبة كل من أجرى طباعة، أو نشر ، أو استعمل للأغراض المذكورة صوراً تمثل وجهاً أو جزءاً منه لعملة ورقية متداولة في مصر ، متى كان من شأن ذلك إيقاع الجمهور في الغلط . 

( مادة 462 ) :

 

 فضلاً عن العقوبات المنصوص عليها في المواد السابقة ، يحكم بمصادرة العملات المزورة أو المزيفة أو المقلدة والأجهزة ، وغيرها من الأشياء التي إستعملت ، أو التي من شأنها أن تستعمل في التزوير أو التزييف أو التقليد . 

تزييف وتزوير العملة الورقية والمعدنية ورفض التعامل بالعملة الوطنية 

المواد من (455) - (464) :

تقابل مواد المشروع في عمومها المواد من (202) إلى (205) من القانون القائم ، مع ضبط صياغة النصوص الواردة في المشروع وإحكام عباراتها ، وأهم سمات مواد المشروع ما يلي : 

1- لم تتضمن مواد المشروع المقابلة للمواد (202)، (204) مکرراً (أ)، (204) مکرراً (ب) من القانون الحالي ، ما كانت تنص عليه هذه المواد من إعتبار أوراق البنكنوت المأذون بإصدارها قانوناً في حكم العملة الورقية ، ذلك بأن هذه الأوراق هي في الواقع والقانون معاً، عملة ورقية تدخل في وضوح في حكم النص دون حاجة إلى الحكم الإعتباري المذكور ، وعلى هذا الأساس جاء نص المادة (455) من المشروع خالياً من العبارة تلك . 

وقد استحدث في النص المذكور فقرة جديدة بموجبها تعد في حكم العملة الورقية السندات التي صدرت أو تصدر في مصر أو في دولة أجنبية أخرى ، عن الحكومة المصرية أو مصرف مصري ، بقصد تداولها كعوض أو بديل عن العقود ؛ لما تقوم به هذه السندات الصادرة بناء على طلب الحكومة المصرية ، أو مصرف له الحق في ذلك قانوناً ، كفاء وغناء عن النقود ، فلزم والحال كذلك أن تشملها الحماية الجنائية . 

2- أورد المشروع نص المادة (456) الذي يقابل نص المادة (202) مکررا من القانون القائم ، والتي أضيفت بالقانون رقم (29) لسنة 1982 ؛ حتى تشمل الحماية العملة الذهبية أو الفضية التذكارية المأذون بإصدارها قانوناً ؛ لما لهذه العملات من قيمة مرتفعة تجعلها محل إقتناء وتعامل بين الأفراد . 

3- استحدث نص الفقرة (ب) من المادة (460) من المشروع لسد ثغرة ، فقد قصد به إسباغ الحماية الجنائية على من يقع فريسة التعامل في عملة بطل العمل بها ، فجرم كل من أدخل إلى مصر أو تداول أو إستعمل أو روج عملة ورقية أو معدنية بطل العمل بها ، متى كان يعلم بذلك ، إذ الجريمة عمدية لا يقوم فيها الإهمال أو التقصير مقام العمد . 

4- نقل المشروع في الفقرة (ج) من المادة (460) منه الحكم الوارد في الفقرة الثالثة من المادة (386) من القانون القائم ؛ لأنه يمثل الحماية الجنائية لعملة البلاد ، ومن ثم كان من المناسب أن تتضمنه نصوص هذا الفصل الخاصة بالعملة ورقية كانت أم معدنية ، أو أصبح النص بعد تعديله يعاقب بعقوبة الجنحة كل من إمتنع عن قبول العملة الوطنية في معاملاته بالقيمة الرسمية المقررة لها ، ومن البداهية أن المقصود بالنص العملة الصحيحة ، وكان حرياً بالمشروع لحماية تداول هذه العملة بعد إلغاء قاعدة الذهب ، وتحديد المشرع المصري سعراً إلزامياً للعملة الورقية - أن تقوم هذه العملة مقام الذهب ، وإذا كانت الحماية الجنائية في هذا الشأن القائمة حالياً ليست كافية ، إذ هي تعاقب من يمتنع عن قبول عملة البلاد بغرامة لا تتجاوز جنيها - فقد صار لزاماً لتأكيد جدية هذه الحماية لعملة البلاد أن يرتفع المشروع بالعقوبة إلى عقوبة الجنحة . 

5- المادة (463) من المشروع تقابل المادة (204) مکرراً عقوبات ، المضافة بالقانون رقم (29) لسنة 1983، وقد أبقى عليها المشروع دون تعديل . 

 

6- المادة (464) من المشروع تعرض للإعفاء من العقاب ، بالنسبة لمن يبادر من الجناة بإبلاغ الجهات المختصة بالجريمة قبل قيامها ، أو قبل البدء في التحقيق ، إذا كانت الجريمة قد تمت ، والإعفاء في الحالة وجوبي ، ويمتد حكم هذا الإعفاء الوجوبي إذا مكن الجاني الجهة المختصة بعد بدء التحقيق وأثناء سريانه من ضبط باقي الجناة ، وكانت الفقرة الثانية من المادة (205) من القانون القائم تجعل هذه الحالة من حالات الإعفاء الجوازي ، وقد رأى المشروع - تشجيعاً منه لكشف الجريمة - أن يثيب الجاني ولو بعد بدء التحقيق وأثناء جریانه بالإعفاء من العقاب ، إذا كان إبلاغه مثمراً ، بأن أدى إلى ضبط باقي الجناة ، هذا ومن المفهوم أن حكم هذا النص لا يسري - شأنه شأن حالات الإعفاء للإبلاغ عن الجريمة - إلا في حالة تعدد الجناة فيها فاعلين كانوا أم شرکاء . 

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  العشرون ، الصفحة / 247

دَرَاهِمُ

التَّعْرِيفُ :

الدَّرَاهِمُ جَمْعُ دِرْهَمٍ، وَهُوَ لَفْظٌ مُعَرَّبٌ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ النَّقْدِ ضُرِبَ مِنَ الْفِضَّةِ كَوَسِيلَةٍ لِلتَّعَامُلِ، وَتَخْتَلِفُ أَنْوَاعُهُ وَأَوْزَانُهُ بِاخْتِلاَفِ الْبِلاَدِ الَّتِي تَتَدَاوَلُهُ وَتَتَعَامَلُ بِهِ.

الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ :

أ - الدَّنَانِيرُ :

2 - الدَّنَانِيرُ جَمْعُ دِينَارٍ، وَهُوَ مُعَرَّبٌ، قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: دِينَارٌ أَصْلُهُ أَعْجَمِيٌّ غَيْرَ أَنَّ الْعَرَبَ تَكَلَّمَتْ بِهِ فَصَارَ عَرَبِيًّا.

وَالدِّينَارُ اسْمٌ لِلْقِطْعَةِ مِنَ الذَّهَبِ الْمَضْرُوبَةِ الْمُقَدَّرَةِ بِالْمِثْقَالِ.فَهِيَ تَخْتَلِفُ عَنِ الدَّرَاهِمِ فِي أَنَّهَا مِنَ الذَّهَبِ فِي حِينِ أَنَّ الدَّرَاهِمَ مِنَ الْفِضَّةِ.

ب - النَّقْدُ.

لِلنَّقْدِ ثَلاَثَةُ مَعَانٍ فَيُطْلَقُ عَلَى الْحُلُولِ أَيْ خِلاَفِ النَّسِيئَةِ، وَعَلَى إِعْطَاءِ النَّقْدِ، وَعَلَى تَمَيُّزِ الدَّرَاهِمِ وَإِخْرَاجِ الزَّيْفِ مِنْهَا، وَمُطْلَقِ النَّقْدِ وَيُرَادُ بِهِ مَا ضُرِبَ مِنَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الَّتِي يَتَعَامَلُ بِهَا النَّاسُ.

ج - الْفُلُوسُ :

الْفُلُوسُ جَمْعُ فَلْسٍ، وَتُطْلَقُ الْفُلُوسُ وَيُرَادُ بِهَا مَا ضُرِبَ مِنَ الْمَعَادِنِ مِنْ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَصَارَتْ عُرْفًا فِي التَّعَامُلِ وَثَمَنًا بِاصْطِلاَحِ النَّاسِ.

د - سِكَّةٌ :

السَّكُّ: تَضْبِيبُ الْبَابِ أَوِ الْخَشَبِ بِالْحَدِيدِ. وَالسِّكَّةُ: حَدِيدَةٌ قَدْ كُتِبَ عَلَيْهَا، وَيُضْرَبُ عَلَيْهَا الدَّرَاهِمُ، وَهِيَ الْمَنْقُوشَةُ ثُمَّ نُقِلَ إِلَى أَثَرِهَا وَهِيَ النُّقُوشُ الْمَاثِلَةُ عَلَى الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ نُقِلَ إِلَى الْقِيَامِ عَلَى ذَلِكَ، وَهِيَ الْوَظِيفَةُ فَصَارَ عَلَمًا عَلَيْهَا فِي عُرْفِ الدُّوَلِ، وَتُسَمَّى الدَّرَاهِمُ الْمَضْرُوبَةُ سِكَّةً.

الدِّرْهَمُ الإْسْلاَمِيُّ وَكَيْفِيَّةُ تَحْدِيدِهِ وَتَقْدِيرِهِ :

كَانَتِ الدَّرَاهِمُ الْمَضْرُوبَةُ قَبْلَ الإْسْلاَمِ مُتَعَدِّدَةً مُخْتَلِفَةَ الأْوْزَانِ، وَكَانَتْ تَرِدُ إِلَى الْعَرَبِ مِنَ الأْمَمِ الْمُجَاوِرَةِ فَكَانُوا يَتَعَامَلُونَ بِهَا، لاَ بِاعْتِبَارِ الْعَدَدِ بَلْ بِأَوْزَانٍ اصْطَلَحُوا عَلَيْهَا، وَجَاءَ الإْسْلاَمُ وَأَقَرَّهُمْ عَلَى هَذِهِ الأْوْزَانِ كَمَا جَاءَ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : «الْوَزْنُ وَزْنُ أَهْلِ مَكَّةَ، وَالْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ».

وَلَمَّا احْتَاجَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى تَقْدِيرِ الدِّرْهَمِ فِي الزَّكَاةِ كَانَ لاَ بُدَّ مِنْ وَزْنٍ مُحَدَّدٍ لِلدِّرْهَمِ يُقَدَّرُ النِّصَابُ عَلَى أَسَاسِهِ، فَجُمِعَتِ الدَّرَاهِمُ الْمُخْتَلِفَةُ الْوَزْنِ وَأُخِذَ الْوَسَطُ مِنْهَا، وَاعْتُبِرَ هُوَ الدِّرْهَمُ الشَّرْعِيُّ، وَهُوَ الَّذِي تَزِنُ الْعَشَرَةُ مِنْهُ سَبْعَةَ مَثَاقِيلَ مِنَ الذَّهَبِ، فَضُرِبَتِ الدَّرَاهِمُ الإْسْلاَمِيَّةُ عَلَى هَذَا الأْسَاسِ، وَهَذَا أَمْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، فُقَهَاءَ وَمُؤَرِّخِينَ، لَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْعَهْدِ الَّذِي تَمَّ فِيهِ هَذَا التَّحْدِيدُ، فَقِيلَ إِنَّ ذَلِكَ تَمَّ فِي عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ  رضي الله عنه، وَقِيلَ إِنَّ ذَلِكَ تَمَّ فِي عَهْدِ بَنِي أُمَيَّةَ، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ تَمَّ فِي عَهْدِ عُمَرَ أَمْ فِي عَهْدِ بَنِي أُمَيَّةَ فَإِنَّ الدِّرْهَمَ الشَّرْعِيَّ الَّذِي اسْتَقَرَّ الأْمْرُ عَلَيْهِ هُوَ الَّذِي ضُرِبَ فِي عَهْدِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَكَانَ هُوَ أَسَاسَ التَّقَادِيرِ الشَّرْعِيَّةِ.

لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ وَالْمُؤَرِّخِينَ أَثْبَتُوا أَنَّ الدِّرْهَمَ الشَّرْعِيَّ لَمْ يَبْقَ عَلَى الْوَضْعِ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الإْجْمَاعُ فِي عَهْدِ عَبْدِ الْمَلِكِ، بَلْ أَصَابَهُ تَغْيِيرٌ كَبِيرٌ فِي الْوَزْنِ وَالْعِيَارِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ، وَصَارَ أَهْلُ كُلِّ بَلَدٍ يَسْتَخْرِجُونَ الْحُقُوقَ الشَّرْعِيَّةَ مِنْ نَقْدِهِمْ بِمَعْرِفَةِ النِّسْبَةِ الَّتِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَقَادِيرِهَا الشَّرْعِيَّةِ إِلَى أَنْ قِيلَ: يُفْتَى فِي كُلِّ بَلَدٍ بِوَزْنِهِمْ.

وَنَشَأَ مِنْ ذَلِكَ اضْطِرَابٌ فِي مَعْرِفَةِ الأْنْصِبَةِ، وَهَلْ تُقَدَّرُ بِالْوَزْنِ أَوْ بِالْعَدَدِ؟ وَأَصْبَحَ الْوُصُولُ إِلَى مَعْرِفَةِ الدِّينَارِ الشَّرْعِيِّ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ غَايَةً تَمْنَعُ هَذَا الاِضْطِرَابَ. وَإِلَى عَهْدٍ قَرِيبٍ لَمْ يَصِلِ الْفُقَهَاءُ إِلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ حَتَّى أَثْبَتَ الْمُؤَرِّخُ عَلِيُّ بَاشَا مُبَارَكٌ - بِوَاسِطَةِ اسْتِقْرَاءِ النُّقُودِ الإْسْلاَمِيَّةِ الْمَحْفُوظَةِ فِي دُورِ الآْثَارِ بِالدُّوَلِ الأْجْنَبِيَّةِ - أَنَّ دِينَارَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ يَزِنُ 4،25. جِرَامٍ مِنَ الذَّهَبِ، وَبِذَلِكَ يَكُونُ وَزْنُ الدِّرْهَمِ. 2،975 جِرَامًا مِنَ الْفِضَّةِ.

وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُعْتَبَرُ مِعْيَارًا فِي اسْتِخْرَاجِ الْحُقُوقِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْ زَكَاةٍ، وَدِيَةٍ، وَتَحْدِيدِ صَدَاقٍ، وَنِصَابِ سَرِقَةٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.

مَنْ يَتَوَلَّى ضَرْبَ الدَّرَاهِمِ :

ضَرْبُ الدَّرَاهِمِ وَظِيفَةٌ ضَرُورِيَّةٌ لِلدَّوْلَةِ، إِذْ بِهَا يَتَمَيَّزُ الْخَالِصُ مِنَ الْمَغْشُوشِ بَيْنَ النَّاسِ فِي النُّقُودِ عِنْدَ الْمُعَامَلاَتِ، وَيُتَّقَى الْغِشُّ بِخَتْمِ السُّلْطَانِ عَلَيْهَا بِالنُّقُوشِ الْمَعْرُوفَةِ.وَقَدْ قَالَ الإْمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ: لاَ يَصْلُحُ ضَرْبُ الدَّرَاهِمِ إِلاَّ فِي دَارِ الضَّرْبِ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ، لأِنَّ النَّاسَ إِنْ رُخِّصَ لَهُمْ رَكِبُوا الْعَظَائِمَ، فَقَدْ مَنَعَ الإْمَامُ أَحْمَدُ مِنَ الضَّرْبِ بِغَيْرِ إِذْنِ السُّلْطَانِ لِمَا فِيهِ مِنَ الاِفْتِيَاتِ عَلَيْهِ.

وَفِي الرَّوْضَةِ لِلنَّوَوِيِّ: يُكْرَهُ لِلرَّعِيَّةِ ضَرْبُ الدَّرَاهِمِ وَإِنْ كَانَتْ خَالِصَةً، لأِنَّ ضَرْبَ الدَّرَاهِمِ مِنْ شَأْنِ الإْمَامِ.

وَذَكَرَ الْبَلاَذُرِيُّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أُتِيَ بِرَجُلٍ يَضْرِبُ عَلَى غَيْرِ سِكَّةِ السُّلْطَانِ فَعَاقَبَهُ وَسَجَنَهُ وَأَخَذَ حَدِيدَهُ فَطَرَحَهُ فِي النَّارِ، وَحَكَى الْبَلاَذُرِيُّ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ أَخَذَ رَجُلاً يَضْرِبُ عَلَى غَيْرِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَأَرَادَ قَطْعَ يَدِهِ ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ وَعَاقَبَهُ، قَالَ الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ: فَرَأَيْتُ مَنْ بِالْمَدِينَةِ مِنْ شُيُوخِنَا حَسَّنُوا ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ.

حُكْمُ كَسْرِ الدَّرَاهِمِ وَقَطْعِهَا :

اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ كَسْرِ الدَّرَاهِمِ وَقَطْعِهَا، فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَأَكْثَرُ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ إِلَى كَرَاهِيَةِ ذَلِكَ مُطْلَقًا، لِحَاجَةٍ وَلِغَيْرِ حَاجَةٍ، لأِنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْفَسَادِ فِي الأْرْضِ وَيُنْكَرُ عَلَى فَاعِلِهِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم  «أَنَّهُ نَهَى عَنْ كَسْرِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْجَائِزَةِ بَيْنَهُمْ».

وَالْكَرَاهَةُ عِنْدَ الإْمَامِ أَحْمَدَ لِلتَّحْرِيمِ عَلَى مَا جَاءَ فِي رِوَايَةِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَرِوَايَةِ الْمَرْوَزِيِّ وَرِوَايَةِ حَرْبٍ - وَقَدْ سُئِلَ عَنْ كَسْرِ الدَّرَاهِمِ - فَقَالَ: هُوَ عِنْدِي مِنَ الْفَسَادِ فِي الأَْرْضِ وَكَرِهَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً. لَكِنَّهُ صَرَّحَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ، قَالَ أَبُو طَالِبٍ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنِ الدَّرَاهِمِ تُقَطَّعُ فَقَالَ: لاَ، «نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم  عَنْ كَسْرِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ»، وَقِيلَ لَهُ: فَمَنْ كَسَرَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ؟ قَالَ: لاَ، وَلَكِنْ قَدْ فَعَلَ مَا نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم  قَالَ أَبُو يَعْلَى: وَقَوْلُهُ: لاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، مَعْنَاهُ لاَ مَأْثَمَ عَلَيْهِ.

وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَفُقَهَاءُ الْعِرَاقِ إِلَى أَنَّ كَسْرَهَا غَيْرُ مَكْرُوهٍ.

وَفَصَّلَ قَوْمٌ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ. إِنْ كَسَرَهَا لِحَاجَةٍ لَمْ يُكْرَهُ لَهُ، وَإِنْ كَسَرَهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ كُرِهَ لَهُ، لأِنَّ إِدْخَالَ النَّقْصِ عَلَى الْمَالِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ سَفَهٌ.

وَاعْتَبَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ حَالَ الْبَلَدِ فَقَالَ: إِنَّ كَرَاهَةَ الْقَطْعِ مَحْمُولٌ عِنْدِي عَلَى بَلَدٍ لاَ يَجُوزُ فِيهِ الْقَطْعُ، وَلاَ يَنْفُقُ الْمَقْطُوعُ مِنَ الدَّرَاهِمِ نَفَاقَ الصَّحِيحِ.

وَاعْتَبَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ قَطْعَ السِّكَّةِ مَانِعًا مِنَ الشَّهَادَةِ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْمَوَّازِ: إِلاَّ أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ، وَقَالَ عَنْهُ الْعُتْبِيُّ: لاَ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ جَاهِلاً.

وَقَالَ سَحْنُونُ: لَيْسَ قَطْعُ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ بِجُرْحَةٍ.

قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: وَهَذَا الاِخْتِلاَفُ إِنَّمَا هُوَ إِذَا قَطَعَهَا وَهِيَ وَازِنَةٌ فَرَدَّهَا نَاقِصَةً وَالْبَلَدُ لاَ تَجُوزُ فِيهِ إِلاَّ وَازِنَةٌ، وَهِيَ تَجْرِي فِيهِ عَدَدًا بِغَيْرِ وَزْنٍ، فَانْتَفَعَ بِمَا قَطَعَ مِنْهَا، وَيُنْفِقُهَا بِغَيْرِ وَزْنٍ فَتُجْرَى مَجْرَى الْوَازِنَةِ، فَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ ذَلِكَ جُرْحَةٌ، وَلَوْ قَطَعَهَا وَكَانَ التَّبَايُعُ بِهَا بِالْمِيزَانِ فَلاَ خِلاَفَ أَنَّ التَّبَايُعَ بِهَا لَيْسَ بِجُرْحَةٍ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ.

أَمَّا قَطْعُ الدَّرَاهِمِ لِصِيَاغَتِهَا حُلِيًّا لِلنِّسَاءِ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ: لاَ بَأْسَ أَنْ يَقْطَعَ الرَّجُلُ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ حُلِيًّا لِبَنَاتِهِ وَنِسَائِهِ.

وَقَدْ مَنَعَ الإْمَامُ أَحْمَدُ أَنْ تُقْطَعَ لِلصِّيَاغَةِ، قَالَ فِي رِوَايَةِ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ - وَقَدْ سَأَلَهُ عَنِ الرَّجُلِ يَقْطَعُ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ يَصُوغُ مِنْهَا - قَالَ: لاَ تَفْعَلْ، فِي هَذَا ضَرَرٌ عَلَى النَّاسِ، وَلَكِنْ يَشْتَرِي تِبْرًا مَكْسُورًا بِالْفِضَّةِ.

إِنْفَاقُ الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ :

اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي إِنْفَاقِ الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ.

فَأَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ الشِّرَاءَ بِالدَّرَاهِمِ الزَّائِفَةِ وَلاَ يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِعَيْنِهَا، بَلْ يَتَعَلَّقُ بِجِنْسِ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ الزُّيُوفِ إِنْ كَانَ الْبَائِعُ يَعْلَمُ بِحَالِهَا خَاصَّةً لأِنَّهُ رَضِيَ بِجِنْسِ الزُّيُوفِ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ لاَ يَعْلَمُ لاَ يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِجِنْسِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْجَيِّدِ مِنْ نَقْدِ تِلْكَ الْبَلَدِ، لأِنَّهُ لَمْ يَرْضَ إِلاَّ بِهِ إِذَا كَانَ لاَ يَعْلَمُ بِحَالِهَا.

وَيُجِيزُ الْمَالِكِيَّةُ ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ تُبَاعَ لِمَنْ لاَ يَغُشُّ بِهَا النَّاسَ بَلْ لِمَنْ يُكَسِّرُهَا وَيَجْعَلُهَا حُلِيًّا أَوْ غَيْرَهُ.

فَإِنْ بَاعَ لِمَنْ يَغُشُّ بِهِ فُسِخَ الْبَيْعُ.

وَفِي مُغْنِي الْمُحْتَاجِ إِنْ عُلِمَ مِعْيَارُ الْفِضَّةِ فِي الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ صَحَّتِ الْمُعَامَلَةُ بِهَا مُعَيَّنَةً، وَفِي الذِّمَّةِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولاً فَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ، أَصَحُّهَا الصِّحَّةُ مُطْلَقًا، لأِنَّ الْمَقْصُودَ رَوَاجُهَا وَهِيَ رَائِجَةٌ، وَلِحَاجَةِ الْمُعَامَلَةِ بِهَا.. ثُمَّ قَالَ: وَمَنْ مَلَكَ دَرَاهِمَ مَغْشُوشَةً كُرِهَ لَهُ إِمْسَاكُهَا بَلْ يَسْبِكُهَا وَيُصَفِّيهَا، قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: إِلاَّ إِنْ كَانَتْ دَرَاهِمُ الْبَلَدِ مَغْشُوشَةً فَلاَ يُكْرَهُ إِمْسَاكُهَا.

وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِنْ كَانَ الْغِشُّ يَخْفَى لَمْ يَجُزِ التَّعَامُلُ بِهَا رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ: الْمَنْعُ وَالْجَوَازُ.

وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي: (صَرْفٌ، رِبًا، غِشٌّ).

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / الرابع والعشرون ، الصفحة / 94

بَيْعُ الزُّيُوفِ بِالْجِيَادِ :

لاَ يَجُوزُ بَيْعُ الزُّيُوفِ بِالْجِيَادِ مُتَفَاضِلاً بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، لِخَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ... مِثْلاً بِمِثْلٍ».

وَعَنْ عُبَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم  أَنَّهُ قَالَ: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ تِبْرُهَا وَعَيْنُهَا، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ تِبْرُهَا وَعَيْنُهَا»، وَرَوَى أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ أَنَّهُ سَأَلَ عَلِيًّا رضي الله عنه عَنِ الدَّرَاهِمِ تَكُونُ مَعِي لاَ تُنْفَقُ فِي حَاجَتِي أَيْ رَدِيئَةً، فَأَشْتَرِي بِهَا دَرَاهِمَ تُنْفَقُ فِي حَاجَتِي وَأَهْضِمُ مِنْهَا ؟ أَيْ أُنْقِصُ مِنَ الْبَدَلِ فَقَالَ: لاَ، وَلَكِنْ بِعْ دَرَاهِمَكَ بِدَنَانِيرَ ثُمَّ اشْتَرِ بِهَا دَرَاهِمَ تُنْفَقُ فِي حَاجَتِكَ؛ وَلأِنَّ  الْجِيَادَ وَالزُّيُوفَ نَوْعٌ وَاحِدٌ فَيَحْرُمُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا.

وَلاَ مَعْنَى لِمُرَاعَاةِ فَرْقِ الْجَوْدَةِ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ «جَيِّدِهَا وَرَدِيئِهَا سَوَاءٌ».

وَمَنَعَ الْمَالِكِيَّةُ بَيْعَ الدَّرَاهِمِ الْجِيَادِ بِالدَّرَاهِمِ الرَّدِيئَةِ حَتَّى تُكْسَرَ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَغُشَّ غَيْرَهُ فِي أَظْهَرِ الأْقْوَالِ عِنْدَهُمْ.

وَقَالَ الدَّرْدِيرُ: وَالْخِلاَفُ فِي الْمَغْشُوشِ الَّذِي لاَ يَجْرِي بَيْنَ النَّاسِ كَغَيْرِهِ، وَإِلاَّ جَازَ قَطْعًا.

وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحَيْ: (رِبًا)، (صَرْفٍ).