1 ـ لا تشترط المادة 204 مكرر " 2 " من قانون العقوبات للعقاب على جريمة حيازة الأدوات والآلات والمعدات التى تستعمل فى تقليد العملة وترويجها ضرورة إستعمال تلك الأدوات أو الآلات و إنما تكتفى بأن تكون حيازتها بغير مسوغ .
( الطعن رقم 144 لسنة 35 ق - جلسة 1965/06/28 - س 16 ع 2 ص 632 ق 123 )
2 ـ إن مجرد تحضير الأدوات اللازمة للتزييف وإستعمالها بالفعل فى إعداد العملة الورقية الزائفة التى لم تصل إلى درجة من الإتقان تكفل لها الرواج فى المعاملة هى فى نظر القانون من أعمال الشروع المعاقب عليه قانوناً .
( الطعن رقم 144 لسنة 35 ق - جلسة 1965/06/28 - س 16 ع 2 ص 632 ق 123 )
(ملحوظة هامة: أصبح الإختصاص بنظر هذه الجرائم معقوداً للمحاكم الإقتصادية بموجب القانون رقم 120 لسنة 2008 الصادر في شأن إنشاء المحاكم الإقتصادية وتعديلاته.)
مركز الراية للدراسات القانونية
صناعة أو حيازة وسائل التزييف :
نصت على هذه الجنحة المادة 204 مكرراً (ب) من قانون العقوبات في قولها « يعاقب بالحبس كل من صنع أو حاز بغير مسوغ أدوات أو آلات أو معدات مما يستعمل في تقليد العملة أو تزييفها أو تزويرها » .
وعلة هذا التجريم أن صناعة أو إكتساب حيازة وسائل التزييف يمثل المرحلة الصعبة والمكلفة في المشروع الإجرامي، إذ أن إستعمال هذه المعدات بعد ذلك في عمليات التزييف هو محض عمل مادي لا يتطلب جهداً أو تكاليف كثيرة، فقدر الشارع أن العقاب على هذه المرحلة التحضيرية هو وأد للمشروع الإجرامي في بدايته .
وتقوم هذه الجريمة على أركان الثلاثة : رکن مادی هو فعل الصناعة أو إكتساب الحيازة الذي يتعين أن يكون بغير مسوغ ؛ وموضوع الجريمة هو أدوات أو آلات أو معدات مما يستعمل في تقليد العملة أو تزييفها أو تزويرها؛ وركن معنوي يتخذ صورة القصد .
وفعل « الصناعة » يتسع لكل عمل فني يستهدف تركيب معدات التزييف أو بصفة عامة جعلها صالحة للإستعمال في عمليات التزييف . « والحيازة » تعبير عام يشير إلى كل أوضاع السيطرة على الأدوات أو الآلات أو المعدات التي أشار إليها النص، ويتعين أن تكون الصناعة أو الحيازة بغير مسوغ، ويعد توافر المسوغ سبب إباحة . ويتوافر هذا المسوغ إذا كان ثمة ترخيص من السلطات العامة بالصناعة أو الحيازة، أو كان المتهم يمارس على وجه شرعي مهنة تقتضى هذه الصناعة أو الحيازة، كمدير متحف أو معرض أو خبير يجري فحصاً لها أو باحث يجرى عليها دراسات وموضوع الجريمة كما حدده الشارع هو أدوات أو آلات أو معدات مما يستعمل في تقليد العملة أو تزييفها أو تزويرها، فتدخل في نطاقه الآلات على إختلاف أحجامها ومدى اعتمادها على الأساليب العلمية الحديثة وقطع غيارها وجميع المواد التي يمكن استعمالها في عمليات التزييف صلبة كانت أو سائلة والضابط الأساسي في تحديد موضوع الجريمة هو صلاحية الأداة أو المادة لأن تستعمل في صورة مباشرة في عمليات التزييف وتحدد هذه الصلاحية على نحو موضوعی، أي يتعين أن تكون صالحة بالفعل لذلك، ولا يكفي مجرد إعتقاد المتهم هذه الصلاحية وتقدير ذلك من شأن قاضي الموضوع والقصد المتطلب في هذه الجريمة قصد عام : فيفترض علم المتهم بتخصيص هذه الأدوات أو الآلات أو المعدات، وأن من شأنها أن تستعمل في الأغراض السابقة، واتجاه إرادته إلى صناعتها أو حيازتها. ولا يتطلب القصد إتجاه إرادة المتهم إلى إستعمال هذه الأدوات أو الآلات أو المعدات في عمليات التقليد أو التزييف أو التزوير .
وعقوبة هذه الجريمة الحبس ولا عقاب على الشروع فيها . ( شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ محمود نجيب حسني، الطبعة السابعة 2012 دار النهضة العربية، الصفحة : 213 )
الشروع :
يتحقق الشروع إذا أوقف تنفيذ فعل التزييف أو خال أثره لسبب لا دخل لإرادة الفاعل فيه. ومثال الشروع الموقوف أن يقوم الجاني بتحضير الأدوات والسبائك اللازمة للتزييف واستعمالها بالفعل في إعداد العملة الزائفة التي لم تصل إلى درجة من الإتقان تكفل لها الزج بها في المعاملة، وذلك إذا أوقف الفعل بسبب ضبط المتهمين قبل إتمام التزييف. أما الشروع الخائب، فمثاله تقليد العملة تقليداً ظاهراً غير متقن بحيث لا يخدع به أحد، فهنا قام الجاني بكل ما في وسعه لإتمام التقليد، إلا أنه خاب في تحقيق هذه النتيجة. وقد قضت محكمة النقض أنه إذا كانت وسائل التزييف غير صالحة بالمرة لتحقيق الغرض المقصود منها ولا تؤدي مهما أتقن إستعمالها إلى إنتاج ورقة زائفة شبيهة بالورقة الصحيحة، فإن جريمة التقليد في هذه الحالة تكون مستحيلة استحالة مطلقة والشروع فيها غير مؤثم .
ويعد إعداد أدوات أو آلات بنية إستعمالها في التزييف شروعاً في الجريمة، وقد قضت محكمة النقض أن تحضير أدوات التزييف في إعداد العملات الورقية الزائفة يعد شروعاً في جريمة تقليد العملة، بشرط أن تكون الوسائل المستعملة تصلح بطبيعتها لصنع ورقة زائفة تشبه العملة الورقية الصحيحة، فإذا كانت الأدوات غير صالحة لتحقيق الغرض المقصود منها كانت جريمة التقليد مستحيلة، مما يجعل الشروع فيها غير مؤثم. فكما قضت محكمة النقض لا يشترط لتحقق الشروع في تقليد عملات ورقية محلية وحيازة الأدوات المستعملة في التقليد - أن يبدأ الفاعل بتنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة، بل يكفي لإعتبار أنه شرع في ارتكاب الجريمة أن يبدأ في تنفيذ فعل ما سابق مباشرة على تنفيذ الركن المادي لها ومؤدى إليها حتماً، وأنه بناء على ذلك فإن ما خلص إليه الحكم من توافر الشروع من إعداد جهاز الكمبيوتر والطابعة الملونة وإعداد الأوراق والأحبار اللازمة، وأنه حال قيام الجاني بطباعة العملات المختلفة تم القبض عليه، يكون صحيحاً .
وقد نصت المادة (204 مكرراً ب) المضافة بالقانون رقم 29 لسنة 1982 على إعتبار من صنع أو حاز بغير مسوغ أدوات أو آلات أو معدات مما يستعمل في تقليد العملة أو تزييفها أو تزويرها مرتكباً لجريمة قائمة بذاتها، وهو ما أوصت به إتفاقية جينيف. وتختلف هذه الجريمة عن الشروع في تزييف العملة في عدم توافر نية إستعمال الأدوات أو الآلات أو المعدات التي يصنعها أو يحوزها في التزييف. ويكفى لتوافر القصد الجنائي بمجرد إتجاه إرادة الجاني إلى صنع الأدوات أو حيازتها دون سبب مشروع مع علمه بأنها تستعمل في التزييف .
ويكفي لإعتبار الصنع أو الحيازة بسبب غير مشروع أن يعلم الجاني أن هذه الأدوات سوف تستعمل بنفسه أو بواسطة غيره في تزييف العملة . ( الوسيط في قانون العقوبات، القسم العام، الدكتور/ أحمد فتحي سرور، الطبعة السادسة الكتاب الأول 2016، الصفحة : 730 )
جريمة صنع أو حيازة أدوات أو معدات تقليد العملة أو تزييفها أو تزويرها :
وقد أراد المشرع بهذا النص تجريم الأعمال التحضيرية لجرائم تقليد وتزييف وتزوير العملة وذلك تأكيداً لفاعلية الحماية الجنائية مكتفياً بخطورة السلوك في ذاته ولو كان ذلك ليس بقصد الإعداد لارتكاب الجريمة .
أركان الجريمة :
يتمثل السلوك الإجرامي لهذه الجريمة في فعل الصنع أو الحيازة. ويقصد بالصنع أي فعل يتم بواسطته الإنتاج الكلى أو الجزئي لأدوات أو آلات أو معدات مما يستعمل في تقليد العملة أو تزييفها أو تزويرها .
وتعداد الأدوات والآلات والمعدات من العموم بحيث يشمل جميع المواد اللازمة لعملية التقليد أو التزييف أو التزوير بما في ذلك الأوراق والأحبار والسوائل وغير ذلك مما يستعمل في هذا الفرض وسلوك الحيازة ينصرف إلى الحيازة القانونية الكاملة بالمعنى الدقيق كما ينصرف إلى الحيازة المادية ولو لحساب الغير .
وإذا كانت الأدوات أو الآلات أو المعدات موضوع الصنع أو الحيازة مما تستعمل في أغراض متباينة ومتعددة وكان التزييف أو التزوير أو التقليد من بينها، فإن الفيصل في مشروعية أو عدم مشروعية السلوك هو في وجود مسوغ أو مبرر لذلك. ومثال ذلك آلات الطباعة والزنكوغراف التي تستعمل في طباعة الكتب وغيرها. وتوافر المسوغ للصنع أو الحيازة ينفي الصفة غير المشروعة عن الفعل. وتقدير مبررات الصنع أو الحيازة هي لأجهزة الدولة وأجهزة الأمن التي تمنح التراخيص بذلك ثم لمحكمة الموضوع .
والجريمة هي من جرائم السلوك المجرد والتي تكتمل في ركنها المادي بتحقق سلوك الصنع أو الحيازة دون تطلب حدوث أي نتيجة أخرى .
الركن المعنوي :
يقوم على القصد الجنائي العام دون تطلب أي قصد خاص. ومن ثم فيكفي لتوافره أن يكون الجانى عالماً بأن ما يصنعه أو يحوزه من أدوات أو آلات أو معدات هو مما يستعمل أو مما يمكن استعماله في تقليد العملة أو تزييفها أو تزويرها، وأن تتجه إرادته إلى الصنع أو الحيازة. أما الغلط الذي ينصب على المسوغ أو المبرر للصنع أو الحيازة فيأخذ حكم الغلط في الوقائع الذي به ينتفي القصد الجنائي إذا كان الغلط جوهرياً .
وإذا توافر القصد العام فلا أهمية للبواعث أو الأهداف التي يرمي الجاني إلى تحقيقها عن طريق سلوكه، طالما إنتفى في المسوغ أو المبرر للصنع أو الحيازة حتى ولو كان الهدف أو الباعث هو إستخدامها في التقليد أو التزييف أو التزوير الذي لم يشرع في ارتكابه بعد ذلك أن المشرع افترض أن الصنع أو الحيازة هو إعداد لارتكاب التقليد أو التزييف أو التزوير طالما لا يوجد مسوغ لذلك. لهذا فإن عبء إثبات وجود المسوغ يقع على عاتق المتهم لينفي تلك القرينة التي افترضها المشرع .
العقوبة :
العقوبة المقررة أصلاً للجريمة هي الحبس من أربع وعشرين إلى ثلاث سنوات. ويجب الحكم بالمصادرة بالتطبيق المادة( 30/ 2 عقوبات ) . ( قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ مأمون محمد سلامة، الطبعة الأولى 2017 الجزء الأول، الصفحة : 408 )
ركنا الجريمة :
الركن المادي للجريمة سلوك مادي بحت يتمثل في صنع أدوات أو آلات أو معدات مما يستعمل في تقليد العملة أو تزييفها أو تزويرها، أو حيازة هذه الأشياء بغير مسوغ .
والركن المعنوي للجريمة هو القصد الجنائي أي إنصراف الإرادة إلى صنع أدوات أو آلات أو معدات مع العلم بصلاحيتها لتقليد العملة أو تزييفها أو تزويرها وإذا كان إثبات القصد يسيراً في حالة صنع أدوات أو آلات أو معدات مع العلم بوجه إستخدامها وهو تقليد أو تزييف أو تزوير العملة، فإنه قد تثور في إثباته القصد الجنائي صعوبة بالنسبة للصورة الثانية من الجريمة وهي مجرد حيازة تلك الآلات أو الأدوات أو المعدات، إذ يلزم أن يكون الحائز عالماً بطبيعتها حتى تتوافر في حقه الجريمة. فقد يدفع الحائز بأنها أشياء مغلفة تسلمها دون أن يراها بفض الأغلفة .
الهدف من التجريم:
وتجريم صنع الأدوات أو مجرد حيازتها بغير مسوغ، قصد به القانون الضرب على كل خطوة يمكن أن تؤدي إلى التقليد أو التزييف أو التزوير ولو لم يكن أي من هذه الأمور قد تحقق بالفعل. (الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثالث، الصفحة : 99 )
يلزم لتوافر الجريمة :
أولاً: توافر سلوك مادي من نوع معين هو صنع أدوات أو آلات أو معدات من نوع ما ذكر أو حيازتها بغير مسوغ فعلی أو قانوني فإذا كانت نفس هذه الأشياء تصلح لممارسة صناعة أو مهنة أخرى فلا ينطبق النص لتوافر مسوغ فعلی وفعل الصناعة يتسع لكل عمل فني يستهدف تركيب معدات التزييف أو بصفة عامة جعلها صالحة للإستعمال في عمليات التزييف "والحيازة" تعبير عام يشير إلى كل أوضاع السيطرة على الأدوات أو الآلات أو المعدات التي أشار إليها النص ويتعين أن تكون الصناعة أو الحيازة "بغير مسوغ" ويعد توافر المسوغ سبب إباحة وتوافر هذا المسوغ إذا كان ثمة ترخيص من السلطات العامة بالصناعة أو الحيازة أو كان المتهم مارس على وجه شرعی مهنة تقتضي وكما سلف هذه الصناعة أو الحيازة .
ثانياً: توافر قصد جنائي هو القصد العام أي إنصراف إرادة الجاني إلى تضييق هذا السلوك المادي مع العلم بأن القانون يعاقب عليه ولايلزم توافر أي قصد جنائي خاص متصل بباعث الجاني أو هدفه من صنع هذه الأدوات أو الآلات. وبطبيعة الحال لا ينطبق نص المادة 204 مكرراً (ب) إذا كان الصانع لا يعرف ماهية ما يصفه أو حقيقة الهدف منه وكذلك إذا كان الحائز يجهل هذه الماهية أو ذلك الهدف ويلاحظ أنه لا عقاب على الشروع في هذه الجريمة كما يلاحظ ضرورة إعمال نص المادة 30/ 2 من قانون العقوبات الخاصة بالمصادرة . ( موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثالث، الصفحة : 26 ).
جنحة صناعة أو حيازة وسائل التزييف
الركن المادي للجريمة
- فعل الصناعة:
فعل الصناعة هو كل عمل فني ينتج عنه تركيب معدات التزييف أو جعلها صالحة للاستعمال في عملية التزييف.
- الحيازة بغير مسوغ :
الحيازة هي سيطرة الفاعل على أدوات أو آلات أو معدات مما يستعمل في تقليد العملة أو تزييفها أو تزويرها.
ويتعين أن تكون الأدوات أو الآلات أو المعدات صالحة لإنتاج عملة أجنبية أو أشياء مشابهة للعملة المتداولة ابتغاء أغراض ثقافية أو علمية أو صناعية أو تجارية، ولا يشترط أن تكون صلاحيتها تؤدي إلى الإتقان التام في التقليد، وتقدير هذه الصلاحية مسألة موضوعية تخضع لتقدير قاضي الموضوع.
ولا تشترط المادة 204 مكرر "2" من قانون العقوبات للعقاب على جريمة حيازة الأدوات والآلات والمعدات التي تستعمل في تقليد العملة وترويجها ضرورة استعمال تلك الأدوات أو الآلات وإنما تكتفي بأن تكون حيازتها بغير مسوغ.
- الركن المعنوي للجريمة
هذه الجريمة من الجرائم العمدية التي يقوم ركنها المعنوي على القصد الجنائي العام بعنصريه العلم والإرادة، فيلزم علم الجانى بأن ما يحوزه من أدوات أو آلات أو معدات بغرض أو من شأنه الاستعمال في الأغراض السابقة، ثم تتجه إرادته إلى إتيان السلوك المادي المكون للجريمة.
- سبب إباحة:
يتوافر سبب الإباحة متى كان هناك ترخيص من السلطات العامة بالصناعة أو الحيازة، أو كان المتهم يمارس على وجه شرعي مهنة تقتضي هذه الصناعة أو الحيازة.
ومثال ذلك، مدير متحف أو معرض أو خبير يجري فحصا لها أو باحث يجري عليها دراسات.
العقوبة : عقوبة هذه الجريمة هي الحبس.
(موسوعة المُري في الجرائم الاقتصادية ، للمستشار بهاء المُري رئيس محكمة الجنايات، دار روائع القانون للنشر والتوزيع، الطبعة الرابعة 2023، الكتاب الأول، الصفحة 216)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / العشرون ، الصفحة / 247
دَرَاهِمُ
التَّعْرِيفُ :
الدَّرَاهِمُ جَمْعُ دِرْهَمٍ، وَهُوَ لَفْظٌ مُعَرَّبٌ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ النَّقْدِ ضُرِبَ مِنَ الْفِضَّةِ كَوَسِيلَةٍ لِلتَّعَامُلِ، وَتَخْتَلِفُ أَنْوَاعُهُ وَأَوْزَانُهُ بِاخْتِلاَفِ الْبِلاَدِ الَّتِي تَتَدَاوَلُهُ وَتَتَعَامَلُ بِهِ.
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ :
أ - الدَّنَانِيرُ :
2 - الدَّنَانِيرُ جَمْعُ دِينَارٍ، وَهُوَ مُعَرَّبٌ، قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: دِينَارٌ أَصْلُهُ أَعْجَمِيٌّ غَيْرَ أَنَّ الْعَرَبَ تَكَلَّمَتْ بِهِ فَصَارَ عَرَبِيًّا.
وَالدِّينَارُ اسْمٌ لِلْقِطْعَةِ مِنَ الذَّهَبِ الْمَضْرُوبَةِ الْمُقَدَّرَةِ بِالْمِثْقَالِ.فَهِيَ تَخْتَلِفُ عَنِ الدَّرَاهِمِ فِي أَنَّهَا مِنَ الذَّهَبِ فِي حِينِ أَنَّ الدَّرَاهِمَ مِنَ الْفِضَّةِ.
ب - النَّقْدُ.
لِلنَّقْدِ ثَلاَثَةُ مَعَانٍ فَيُطْلَقُ عَلَى الْحُلُولِ أَيْ خِلاَفِ النَّسِيئَةِ، وَعَلَى إِعْطَاءِ النَّقْدِ، وَعَلَى تَمَيُّزِ الدَّرَاهِمِ وَإِخْرَاجِ الزَّيْفِ مِنْهَا، وَمُطْلَقِ النَّقْدِ وَيُرَادُ بِهِ مَا ضُرِبَ مِنَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الَّتِي يَتَعَامَلُ بِهَا النَّاسُ.
ج - الْفُلُوسُ :
الْفُلُوسُ جَمْعُ فَلْسٍ، وَتُطْلَقُ الْفُلُوسُ وَيُرَادُ بِهَا مَا ضُرِبَ مِنَ الْمَعَادِنِ مِنْ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَصَارَتْ عُرْفًا فِي التَّعَامُلِ وَثَمَنًا بِاصْطِلاَحِ النَّاسِ.
د - سِكَّةٌ :
السَّكُّ: تَضْبِيبُ الْبَابِ أَوِ الْخَشَبِ بِالْحَدِيدِ. وَالسِّكَّةُ: حَدِيدَةٌ قَدْ كُتِبَ عَلَيْهَا، وَيُضْرَبُ عَلَيْهَا الدَّرَاهِمُ، وَهِيَ الْمَنْقُوشَةُ ثُمَّ نُقِلَ إِلَى أَثَرِهَا وَهِيَ النُّقُوشُ الْمَاثِلَةُ عَلَى الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ نُقِلَ إِلَى الْقِيَامِ عَلَى ذَلِكَ، وَهِيَ الْوَظِيفَةُ فَصَارَ عَلَمًا عَلَيْهَا فِي عُرْفِ الدُّوَلِ، وَتُسَمَّى الدَّرَاهِمُ الْمَضْرُوبَةُ سِكَّةً.
الدِّرْهَمُ الإْسْلاَمِيُّ وَكَيْفِيَّةُ تَحْدِيدِهِ وَتَقْدِيرِهِ :
كَانَتِ الدَّرَاهِمُ الْمَضْرُوبَةُ قَبْلَ الإْسْلاَمِ مُتَعَدِّدَةً مُخْتَلِفَةَ الأْوْزَانِ، وَكَانَتْ تَرِدُ إِلَى الْعَرَبِ مِنَ الأْمَمِ الْمُجَاوِرَةِ فَكَانُوا يَتَعَامَلُونَ بِهَا، لاَ بِاعْتِبَارِ الْعَدَدِ بَلْ بِأَوْزَانٍ اصْطَلَحُوا عَلَيْهَا، وَجَاءَ الإْسْلاَمُ وَأَقَرَّهُمْ عَلَى هَذِهِ الأْوْزَانِ كَمَا جَاءَ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : «الْوَزْنُ وَزْنُ أَهْلِ مَكَّةَ، وَالْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ».
وَلَمَّا احْتَاجَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى تَقْدِيرِ الدِّرْهَمِ فِي الزَّكَاةِ كَانَ لاَ بُدَّ مِنْ وَزْنٍ مُحَدَّدٍ لِلدِّرْهَمِ يُقَدَّرُ النِّصَابُ عَلَى أَسَاسِهِ، فَجُمِعَتِ الدَّرَاهِمُ الْمُخْتَلِفَةُ الْوَزْنِ وَأُخِذَ الْوَسَطُ مِنْهَا، وَاعْتُبِرَ هُوَ الدِّرْهَمُ الشَّرْعِيُّ، وَهُوَ الَّذِي تَزِنُ الْعَشَرَةُ مِنْهُ سَبْعَةَ مَثَاقِيلَ مِنَ الذَّهَبِ، فَضُرِبَتِ الدَّرَاهِمُ الإْسْلاَمِيَّةُ عَلَى هَذَا الأْسَاسِ، وَهَذَا أَمْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، فُقَهَاءَ وَمُؤَرِّخِينَ، لَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْعَهْدِ الَّذِي تَمَّ فِيهِ هَذَا التَّحْدِيدُ، فَقِيلَ إِنَّ ذَلِكَ تَمَّ فِي عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، وَقِيلَ إِنَّ ذَلِكَ تَمَّ فِي عَهْدِ بَنِي أُمَيَّةَ، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ تَمَّ فِي عَهْدِ عُمَرَ أَمْ فِي عَهْدِ بَنِي أُمَيَّةَ فَإِنَّ الدِّرْهَمَ الشَّرْعِيَّ الَّذِي اسْتَقَرَّ الأْمْرُ عَلَيْهِ هُوَ الَّذِي ضُرِبَ فِي عَهْدِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَكَانَ هُوَ أَسَاسَ التَّقَادِيرِ الشَّرْعِيَّةِ.
لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ وَالْمُؤَرِّخِينَ أَثْبَتُوا أَنَّ الدِّرْهَمَ الشَّرْعِيَّ لَمْ يَبْقَ عَلَى الْوَضْعِ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الإْجْمَاعُ فِي عَهْدِ عَبْدِ الْمَلِكِ، بَلْ أَصَابَهُ تَغْيِيرٌ كَبِيرٌ فِي الْوَزْنِ وَالْعِيَارِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ، وَصَارَ أَهْلُ كُلِّ بَلَدٍ يَسْتَخْرِجُونَ الْحُقُوقَ الشَّرْعِيَّةَ مِنْ نَقْدِهِمْ بِمَعْرِفَةِ النِّسْبَةِ الَّتِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَقَادِيرِهَا الشَّرْعِيَّةِ إِلَى أَنْ قِيلَ: يُفْتَى فِي كُلِّ بَلَدٍ بِوَزْنِهِمْ.
وَنَشَأَ مِنْ ذَلِكَ اضْطِرَابٌ فِي مَعْرِفَةِ الأْنْصِبَةِ، وَهَلْ تُقَدَّرُ بِالْوَزْنِ أَوْ بِالْعَدَدِ؟ وَأَصْبَحَ الْوُصُولُ إِلَى مَعْرِفَةِ الدِّينَارِ الشَّرْعِيِّ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ غَايَةً تَمْنَعُ هَذَا الاِضْطِرَابَ. وَإِلَى عَهْدٍ قَرِيبٍ لَمْ يَصِلِ الْفُقَهَاءُ إِلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ حَتَّى أَثْبَتَ الْمُؤَرِّخُ عَلِيُّ بَاشَا مُبَارَكٌ - بِوَاسِطَةِ اسْتِقْرَاءِ النُّقُودِ الإْسْلاَمِيَّةِ الْمَحْفُوظَةِ فِي دُورِ الآْثَارِ بِالدُّوَلِ الأْجْنَبِيَّةِ - أَنَّ دِينَارَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ يَزِنُ 4،25. جِرَامٍ مِنَ الذَّهَبِ، وَبِذَلِكَ يَكُونُ وَزْنُ الدِّرْهَمِ. 2،975 جِرَامًا مِنَ الْفِضَّةِ.
وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُعْتَبَرُ مِعْيَارًا فِي اسْتِخْرَاجِ الْحُقُوقِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْ زَكَاةٍ، وَدِيَةٍ، وَتَحْدِيدِ صَدَاقٍ، وَنِصَابِ سَرِقَةٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
مَنْ يَتَوَلَّى ضَرْبَ الدَّرَاهِمِ :
ضَرْبُ الدَّرَاهِمِ وَظِيفَةٌ ضَرُورِيَّةٌ لِلدَّوْلَةِ، إِذْ بِهَا يَتَمَيَّزُ الْخَالِصُ مِنَ الْمَغْشُوشِ بَيْنَ النَّاسِ فِي النُّقُودِ عِنْدَ الْمُعَامَلاَتِ، وَيُتَّقَى الْغِشُّ بِخَتْمِ السُّلْطَانِ عَلَيْهَا بِالنُّقُوشِ الْمَعْرُوفَةِ.وَقَدْ قَالَ الإْمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ: لاَ يَصْلُحُ ضَرْبُ الدَّرَاهِمِ إِلاَّ فِي دَارِ الضَّرْبِ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ، لأِنَّ النَّاسَ إِنْ رُخِّصَ لَهُمْ رَكِبُوا الْعَظَائِمَ، فَقَدْ مَنَعَ الإْمَامُ أَحْمَدُ مِنَ الضَّرْبِ بِغَيْرِ إِذْنِ السُّلْطَانِ لِمَا فِيهِ مِنَ الاِفْتِيَاتِ عَلَيْهِ.
وَفِي الرَّوْضَةِ لِلنَّوَوِيِّ: يُكْرَهُ لِلرَّعِيَّةِ ضَرْبُ الدَّرَاهِمِ وَإِنْ كَانَتْ خَالِصَةً، لأِنَّ ضَرْبَ الدَّرَاهِمِ مِنْ شَأْنِ الإْمَامِ.
وَذَكَرَ الْبَلاَذُرِيُّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أُتِيَ بِرَجُلٍ يَضْرِبُ عَلَى غَيْرِ سِكَّةِ السُّلْطَانِ فَعَاقَبَهُ وَسَجَنَهُ وَأَخَذَ حَدِيدَهُ فَطَرَحَهُ فِي النَّارِ، وَحَكَى الْبَلاَذُرِيُّ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ أَخَذَ رَجُلاً يَضْرِبُ عَلَى غَيْرِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَأَرَادَ قَطْعَ يَدِهِ ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ وَعَاقَبَهُ، قَالَ الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ: فَرَأَيْتُ مَنْ بِالْمَدِينَةِ مِنْ شُيُوخِنَا حَسَّنُوا ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ.
حُكْمُ كَسْرِ الدَّرَاهِمِ وَقَطْعِهَا :
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ كَسْرِ الدَّرَاهِمِ وَقَطْعِهَا، فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَأَكْثَرُ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ إِلَى كَرَاهِيَةِ ذَلِكَ مُطْلَقًا، لِحَاجَةٍ وَلِغَيْرِ حَاجَةٍ، لأِنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْفَسَادِ فِي الأْرْضِ وَيُنْكَرُ عَلَى فَاعِلِهِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ نَهَى عَنْ كَسْرِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْجَائِزَةِ بَيْنَهُمْ».
وَالْكَرَاهَةُ عِنْدَ الإْمَامِ أَحْمَدَ لِلتَّحْرِيمِ عَلَى مَا جَاءَ فِي رِوَايَةِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَرِوَايَةِ الْمَرْوَزِيِّ وَرِوَايَةِ حَرْبٍ - وَقَدْ سُئِلَ عَنْ كَسْرِ الدَّرَاهِمِ - فَقَالَ: هُوَ عِنْدِي مِنَ الْفَسَادِ فِي الأَْرْضِ وَكَرِهَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً. لَكِنَّهُ صَرَّحَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ، قَالَ أَبُو طَالِبٍ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنِ الدَّرَاهِمِ تُقَطَّعُ فَقَالَ: لاَ، «نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ كَسْرِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ»، وَقِيلَ لَهُ: فَمَنْ كَسَرَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ؟ قَالَ: لاَ، وَلَكِنْ قَدْ فَعَلَ مَا نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَبُو يَعْلَى: وَقَوْلُهُ: لاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، مَعْنَاهُ لاَ مَأْثَمَ عَلَيْهِ.
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَفُقَهَاءُ الْعِرَاقِ إِلَى أَنَّ كَسْرَهَا غَيْرُ مَكْرُوهٍ.
وَفَصَّلَ قَوْمٌ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ. إِنْ كَسَرَهَا لِحَاجَةٍ لَمْ يُكْرَهُ لَهُ، وَإِنْ كَسَرَهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ كُرِهَ لَهُ، لأِنَّ إِدْخَالَ النَّقْصِ عَلَى الْمَالِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ سَفَهٌ.
وَاعْتَبَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ حَالَ الْبَلَدِ فَقَالَ: إِنَّ كَرَاهَةَ الْقَطْعِ مَحْمُولٌ عِنْدِي عَلَى بَلَدٍ لاَ يَجُوزُ فِيهِ الْقَطْعُ، وَلاَ يَنْفُقُ الْمَقْطُوعُ مِنَ الدَّرَاهِمِ نَفَاقَ الصَّحِيحِ.
وَاعْتَبَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ قَطْعَ السِّكَّةِ مَانِعًا مِنَ الشَّهَادَةِ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْمَوَّازِ: إِلاَّ أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ، وَقَالَ عَنْهُ الْعُتْبِيُّ: لاَ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ جَاهِلاً.
وَقَالَ سَحْنُونُ: لَيْسَ قَطْعُ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ بِجُرْحَةٍ.
قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: وَهَذَا الاِخْتِلاَفُ إِنَّمَا هُوَ إِذَا قَطَعَهَا وَهِيَ وَازِنَةٌ فَرَدَّهَا نَاقِصَةً وَالْبَلَدُ لاَ تَجُوزُ فِيهِ إِلاَّ وَازِنَةٌ، وَهِيَ تَجْرِي فِيهِ عَدَدًا بِغَيْرِ وَزْنٍ، فَانْتَفَعَ بِمَا قَطَعَ مِنْهَا، وَيُنْفِقُهَا بِغَيْرِ وَزْنٍ فَتُجْرَى مَجْرَى الْوَازِنَةِ، فَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ ذَلِكَ جُرْحَةٌ، وَلَوْ قَطَعَهَا وَكَانَ التَّبَايُعُ بِهَا بِالْمِيزَانِ فَلاَ خِلاَفَ أَنَّ التَّبَايُعَ بِهَا لَيْسَ بِجُرْحَةٍ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ.
أَمَّا قَطْعُ الدَّرَاهِمِ لِصِيَاغَتِهَا حُلِيًّا لِلنِّسَاءِ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ: لاَ بَأْسَ أَنْ يَقْطَعَ الرَّجُلُ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ حُلِيًّا لِبَنَاتِهِ وَنِسَائِهِ.
وَقَدْ مَنَعَ الإْمَامُ أَحْمَدُ أَنْ تُقْطَعَ لِلصِّيَاغَةِ، قَالَ فِي رِوَايَةِ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ - وَقَدْ سَأَلَهُ عَنِ الرَّجُلِ يَقْطَعُ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ يَصُوغُ مِنْهَا - قَالَ: لاَ تَفْعَلْ، فِي هَذَا ضَرَرٌ عَلَى النَّاسِ، وَلَكِنْ يَشْتَرِي تِبْرًا مَكْسُورًا بِالْفِضَّةِ.
إِنْفَاقُ الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ :
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي إِنْفَاقِ الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ.
فَأَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ الشِّرَاءَ بِالدَّرَاهِمِ الزَّائِفَةِ وَلاَ يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِعَيْنِهَا، بَلْ يَتَعَلَّقُ بِجِنْسِ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ الزُّيُوفِ إِنْ كَانَ الْبَائِعُ يَعْلَمُ بِحَالِهَا خَاصَّةً لأِنَّهُ رَضِيَ بِجِنْسِ الزُّيُوفِ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ لاَ يَعْلَمُ لاَ يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِجِنْسِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْجَيِّدِ مِنْ نَقْدِ تِلْكَ الْبَلَدِ، لأِنَّهُ لَمْ يَرْضَ إِلاَّ بِهِ إِذَا كَانَ لاَ يَعْلَمُ بِحَالِهَا.
وَيُجِيزُ الْمَالِكِيَّةُ ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ تُبَاعَ لِمَنْ لاَ يَغُشُّ بِهَا النَّاسَ بَلْ لِمَنْ يُكَسِّرُهَا وَيَجْعَلُهَا حُلِيًّا أَوْ غَيْرَهُ.
فَإِنْ بَاعَ لِمَنْ يَغُشُّ بِهِ فُسِخَ الْبَيْعُ.
وَفِي مُغْنِي الْمُحْتَاجِ إِنْ عُلِمَ مِعْيَارُ الْفِضَّةِ فِي الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ صَحَّتِ الْمُعَامَلَةُ بِهَا مُعَيَّنَةً، وَفِي الذِّمَّةِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولاً فَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ، أَصَحُّهَا الصِّحَّةُ مُطْلَقًا، لأِنَّ الْمَقْصُودَ رَوَاجُهَا وَهِيَ رَائِجَةٌ، وَلِحَاجَةِ الْمُعَامَلَةِ بِهَا.. ثُمَّ قَالَ: وَمَنْ مَلَكَ دَرَاهِمَ مَغْشُوشَةً كُرِهَ لَهُ إِمْسَاكُهَا بَلْ يَسْبِكُهَا وَيُصَفِّيهَا، قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: إِلاَّ إِنْ كَانَتْ دَرَاهِمُ الْبَلَدِ مَغْشُوشَةً فَلاَ يُكْرَهُ إِمْسَاكُهَا.
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِنْ كَانَ الْغِشُّ يَخْفَى لَمْ يَجُزِ التَّعَامُلُ بِهَا رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ: الْمَنْعُ وَالْجَوَازُ.
وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي: (صَرْفٌ، رِبًا، غِشٌّ).