loading

موسوعة قانون العقوبات​

الأحكام

نصت المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 183 لسنة 1949 بشأن العملة الفضية والذى حل محله من بعد القانون رقم 30 لسنة 1966 بنفس الصيغة مع تشديد فى العقوبة على أنه : " يحظر حبس العملة الفضية المتداولة قانوناً عن التداول أو صهرها أو بيعها أو عرضها للبيع بسعر أعلى من قيمتها الإسمية أو إجراء أى عمل فيها ينزع منها صفة النقد " . وبهذا التنصيص يكون المشرع قد حظر طائفة مخصوصة من الأفعال منها حبس العملة الفضية عن التداول أو بيعها أو عرضها للبيع بسعر أعلى من قيمتها الإسمية ، كما حظر بصفة عامة كل إجراء ينزع من العملة الفضية صفة النقد ، ودل على تأثيم كل فعل - أياً كان كنهه - يخرج العملة الفضية عن الغرض الذى صكت من أجله ورصدت له ، وهو تداولها بين الناس بإعتبارها نقداً ، فتتحقق الجريمة متى قارف الجاني الفعل المؤثم عن عمد مع العلم بماهيته ، وكونه مخالفاً للقانون .

( الطعن رقم 931 لسنة 36 ق - جلسة 1966/11/29 - س 17 ع 3 ص 1168ق 220 )

 

شرح خبراء القانون

(ملحوظة هامة: أصبح الإختصاص بنظر هذه الجرائم معقوداً للمحاكم الإقتصادية بموجب القانون رقم 120 لسنة 2008 الصادر في شأن إنشاء المحاكم الإقتصادية وتعديلاته.)

مركز الراية للدراسات القانونية

احتجاز العملة المعدنية عن التداول :

نصت على هذه الجريمة المادة 204 مكرراً (ج)، في قولها « كل من حبس عن التداول أي عملة من العملات المعدنية المتداولة قانوناً أو صهرها أو باعها أو عرضها للبيع بسعر أعلى من قيمتها الإسمية أو أجري أي عمل فيها ينزع عنها صفة النقد المقررة يعاقب بالحبس مع الشغل وبغرامة تساوي عشرة أمثال قيمة العملة محل الجريمة وبمصادرة العملة أو المعادن المضبوطة .

وعلة التجريم أن الفعل يحول بين العملة المعدنية وبين غرضها الإقتصادي الذي سكت من أجله، ذلك أن هذا الغرض لا يتحقق إلا إذا تدوولت على الوجه المعتاد . ويؤدى الفعل إذا اتسع نطاقه إلى أن تقل كمية النقود المتداولة عن إحتياجات التعامل مما قد يصيب الاقتصاد القومي بالركود ويهدف المتهم بفعله إلى الإثراء غير المشروع، إذ يريد أن يحصل على القيمة الفعلية لمعدن العملة بعد أن صارت تزيد على قيمتها الاسمية .

وتقوم هذه الجريمة على أركان ثلاثة : رکن مادی يقوم بأحد الأفعال التي نص القانون عليها : وموضوع هو العملة المعدنية ؛ وركن معنوي يتخذ صورة القصد .

والأفعال التي يقوم بها الركن المادي للجريمة هي : الحبس عن التداول، والصهر، والبيع بأعلى من القيمة الأساسية، والعرض للبيع بأعلى من القيمة الإسمية، وإجراء عمل ينزع عن العملة المعدنية صفة النقد المقررة . والحبس عن التداول یعنی تجميد العملة، أي اكتنازها، والحيلولة بينها وبين الدخول في حركة التداول . والصهر يعني إذابة العملة وتحويلها إلى سبيكة معدنية . والبيع يعني إخراج العملة من الحيازة نظير مقابل نقدي أو عيني يجاوز القيمة الإسمية للعملة، ويغلب أن يعادل القيمة الفعلية لمعدنها والعرض للبيع يعنى إيجاب المتهم على نفسه بيع العملة لمشتر محتمل بسعر يجاوز قيمتها الاسمية، أياً كانت كمية النقود المعروضة، ولو كانت قطعة واحدة ؛ وأياً كان مكان العرض، أكان عاماً أم خاصاً، وفي النهاية، فالمراد بالعمل الذي ينزع عن العملة المعدنية صفة النقد المقررة كل فعل يزيل عن العملة المظهر الرسمي المعروف لها الذي تتعلق به ثقة المتعاملين ويعطونها على أساسه قبولهم، وكل الوسائل في ذلك سواء، فقد يمحو المتهم نقوش العملة أو يغير من حجمها أو شكلها كأن يزيل عنها إستدارتها .

أما موضوع الجريمة فهو عملة معدنية متداولة قانوناً . ويعني ذلك أنه لا يصلح موضوعاً للجريمة النقود الورقية  ويفهم إشتراط التداول القانوني في معنى « الإلتزام القانوني بقبولها كوسيلة وفاء » وتطبيقاً لذلك، فإن العملات التي سحبت عنها « قوة التداول القانوني »، والعملات التذكارية لا تصلح محلاً لهذه الجريمة .

ويتطلب الركن المعنوي لهذه الجريمة القصد الجنائي . ويفترض القصد علم المتهم بأن فعله ينصب على عملة، وأن هذه العملة لها تداول قانونی؛ ويفترض علمه بطبيعة فعله وأثره المحتمل على العملة؛ ويتطلب القصد في النهاية إتجاه إرادته إلى الفعل . ويكفي القصد العام لقيام الجريمة  ولا محل لتطلب قصد خاص يتمثل في نية إحتجاز العملة عن التداول، ذلك أن فعل المتهم يفترض بالضرورة هذه النية، ولن يضيف تطلبها إلى القصد العام عنصراً جديداً .

وقد قرر الشارع لهذه الجريمة عقوبة الحبس مع الشغل، والغرامة النسبية التي تعادل عشرة أمثال العملة محل الجريمة، ومصادرة العملة أو المعادن المضبوطة، وهذه المصادرة وجوبية. والحبس هو العقوبة الأصلية، أما الغرامة النسبية والمصادرة فهما عقوبتان تكميليتان .

لا يطبق هذا النص على من يدخل في بيته قدراً من العملات المعدنية، أو من يحتفظ في محله التجاري بقدر من هذه العملات کی يواجه إحتياجات تعامله، إذ لا يعد ذلك إحتجازاً عن التداول، وإنما هو إحتفاظ مؤقت، فالفرض أن من يدخر مالاً ينوي إنفاقه عندما تتاح له فرصة شراء شيء ادخر من أجله هذا المال، أو إذا واجهته مطالب الحياة الملحة . ( شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ محمود نجيب حسني، الطبعة السابعة 2012 دار النهضة العربية،  الصفحة : 215 )

أركان الجريمة :

تقوم هذه الجريمة على أركان ثلاثة :

الركن المادي :

يتخذ الفعل الذي يقوم به الركن المادي لهذه الجريمة إحدى صور خمسة : الأولى : الحبس عن التداول . ويقصد بذلك احتجاز العملة والامتناع عن إطلاقها في التعامل، والثانية : صهر العملة: وهو تحويل العملة إلى كتلة معدنية خالية من المعالم بأية طريقة كانت . والثالثة : بيع العملة بسعر أعلى من قيمتها الاسمية، وهي القيمة المثبتة على وجه العملة، والصورة الرابعة : هي عرض العملة للبيع بسعر أعلى من قيمتها الإسمية، وهو الخطوة السابقة على البيع والتي تمهد له، وتتحقق أياً كان مكان العرض أو وسيلته. وتقوم الجريمة بهذه الصورة ولو لم تؤد إلى البيع . أما الصورة الخامسة : فتتمثل في إجراء أي عمل في العملة ينزع عنها صفة النقد المقررة، ويدخل في هذا النطاق أي تغيير في العملة يفقدها صفة النقد المحدد لها كتغيير شكلها أو حجمها أو النقوش أو الكتابة التي عليها .

محل الجريمة :

تقع هذه الجريمة على العملة المعدنية المتداولة قانوناً، ويستوي نوع المعدن الذي تتكون منه العملة طالما أنها متداولة قانوناً ويعني ذلك أن وقوع الفعل على عملة ورقية لا تقع به الجريمة، فإذا حبس شخص عملة ورقية عن التداول لا تقوم بفعله الجريمة كذلك لا تقع الجريمة إذا قام شخص بأحد الأفعال المكونة للركن المادي على عملة معدنية غير متداولة قانوناً كالعملة التذكارية .

الركن المعنوي :

يتخذ الركن المعنوي لهذه الجريمة صورة القصد الجنائي، ولا يكفي لتوافره القصد العام وإنما يجب أن يتوافر إلى جانبه القصد الخاص .

ويتحقق القصد العام بإتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب الفعل المكون للجريمة مع علمه بأن هذا الفعل ينصب على عملة معدنية متداولة قانوناً، فإذا وقع الفعل بإهمال كما لو سكبت على العملة مادة كيميائية نتيجة إهمال المتهم فتغير شكلها بحيث زالت عنها صفة النقد، أو كان المتهم قد صهر العملة معتقداً أنها لم تعد متداولة قانوناً لا تقع بالفعل الجريمة لانتفاء القصد العام .

 القصد الخاص :

يتمثل القصد الخاص في هذه الجريمة في اتجاه نية الجاني إلى استعمال العملة في غير أغراض التداول، فإذا انتفى هذا القصد لا تقع الجريمة. وعلى ذلك فإذا إحتجز شخص كمية من العملة المعدنية لغرض الإدخار لا تقع بالفعل الجريمة .

العقوبة :

يقرر المشرع لهذه الجريمة عقوبة الحبس مع الشغل، وغرامة نسبية تساوي عشرة أمثال قيمة العملة محل الجريمة ومصادرة العملة أو المعادن المضبوطة . ( شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتورة/ فوزية عبد الستار، الطبعة الرابعة 2017 دار النهضة العربية،  الصفحة : 231 )

استعمال العملة المعدنية لغير أغراض التداول :

أركان الجريمة :

تقوم هذه الجريمة على أركان ثلاثة هي :

الركن المادي :

يتخذ الفعل الذي يقوم به الركن المادي لهذه الجريمة إحدى صوراً خمسة : الأولى : الحبس عن التداول. ويقصد بذلك احتجاز العملة والامتناع عن إطلاقها في التعامل .

 الثانية : صهر العملة. وهو تحويل العملة إلى كتلة معدنية خالية من المعالم بأية طريقة كانت .

الثالثة : بيع العملة بسعر أعلى من قيمتها الإسمية.  وهي القيمة المثبتة على وجه العملة .

الرابعة : هي عرض العملة للبيع بسعر أعلى من قيمتها الإسمية، وهي الخطوة السابقة على البيع والتي تمهد له، وتتحقق أياً كان مكان العرض أو وسيلته. وتقوم الجريمة بهذه الصورة ولو لم تؤد إلى البيع .

الخامسة : فتتمثل في إجراء أي عمل في العملة ينزع عنها صفة النقد المقررة، ويدخل في هذا النطاق أي تغيير في العملة يفقدها صفة النقد المحدد لها كتغيير شكلها أو حجمها أو النقوش أو الكتابة التي عليها .

محل الجريمة :

تقع هذه الجريمة على العملة المعدنية المتداولة قانوناً، ويستوي نوع المعدن الذي تتكون منه العملة طالما أنها متداولة قانوناً. ويعني ذلك أن وقوع الفعل على عملة ورقية لا تقع به الجريمة، فإذا حبس شخص عملة ورقية عن التداول لا تقوم بفعله الجريمة. كذلك لا تقع الجريمة إذا قام شخص بأحد الأفعال المكونة للركن المادي على عملة معدنية غير متداولة قانوناً كالعملة التذكارية .

 الركن المعنوي :

يتخذ الركن المعنوي لهذه الجريمة صورة القصد الجنائي، ولا يكفي لتوافره القصد العام وإنما يجب أن يتوافر إلى جانبه القصد الخاص. ويتحقق القصد العام باتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب الفعل المكون للجريمة مع علمه بأن هذا الفعل ينصب على عملة معدنية متداولة قانوناً، فإن وقع الفعل بإهمال كما لو سكبت على العملة مادة كيميائية نتيجة إهمال المتهم فتغير شكلها بحيث زالت عنها صفة النقد، أو كان المتهم قد صهر العملة معتقداً أنها لم تعد متداولة قانوناً لا تقع بالفعل الجريمة لانتفاء القصد العام .

القصد الخاص :

يتمثل القصد الخاص في هذه الجريمة في اتجاه نية الجاني إلى استعمال العملة في غير أغراض التداول، فإذا انتفى هذا القصد لا تقع الجريمة. وعلى ذلك فإذا إحتجز شخص كمية من العملة المعدنية لغرض الإدخار لا تقع بالفعل الجريمة .

العقوبة :

يقرر المشرع لهذه الجريمة عقوبة الحبس مع الشغل، وغرامة نسبية تساوي عشرة أمثال قيمة العملة محل الجريمة ومصادرة العملة أو المعادن المضبوطة . ( الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثالث،  الصفحة : 101 )

الأفعال التي يقوم بها الركن المادي للجريمة هي الحبس عن التداول والصهر والبيع بأعلى من القيمة الأساسية والعرض للبيع بأعلى من القيمة الإسمية وإجراء عمل ينزع من العملة المعدنية صفة النقد المقررة والمراد بالإجراء الأخير كل فعل يزيل عن العملة المظهر الرسمي المعروف لها الذي تتعلق به ثقة المتعاملين ويعطونها على أساسه قبولهم وكل الوسائل في ذلك سواء فقد يمحو المتهم نقوش العملة أو يغير من حجمها أو شكلها كأن يزيل عنها استدارتها. أما موضوع الجريمة فهو عملة معدنية متداولة قانوناً ويعني ذلك أنه لا يصلح موضوعاً للجريمة النقود الورقية ويتطلب الركن المعنوي لهذه الجريمة القصد الجنائي ويفترض القصد علم المتهم بأن فعله ينصب على عمله وأن هذه العملة لها تداول قانوني ويفترض علمه بطبيعة فعله وأثره المحتمل على العملة ويتطلب القصد في النهاية إتجاه إرادته إلى الفعل ويكفي القصد العام لقيام الجريمة ويلاحظ أن هذا النص لا ينطبق مع من يدخر في بيته قدراً من العملات المعدنية أو من يحتفظ في محله التجاري بقدر من هذه العملات کی يواجه إحتياطات تعامله إذ لا يعد ذلك إحتجازاً عن التداول وإنما هو إحتفاظ مؤقت فالفرض أن من يدخر مالاً ينوي إنفاقه عندما تتاح له فرصة شراء شئ ادخر من أجله هذا المال إذا واجهته مطالب الحياة المؤلمة . ( موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثالث، الصفحة : 28 )

 جنحة حبس عملة معدنية عن التداول أو صهرها أو بيعها أو نزع صفة النقد عنها 

- صور السلوك المادي: 

(1) حبس أي عملة من العملات المعدنية المتداولة قانوناً عن التداول: 

أي تجميد العملة، ومنعها عن دخولها في التداول، ومؤدى ذلك أن حبس العملة الورقية عن التداول لا يكون أية جريمة. 

(2) صهر العملة المعدنية: 

صهر العملة المعدنية يعني إذابة العملة وتحويلها إلى سبائك معدنية. 

(3) بيع العملة المعدنية أو عرضها للبيع: 

بيع العملة المعدنية يعني إخراج العملة من الحيازة لقاء مقابل مادي أو عيني يجاوز قيمتها . والعرض للبيع يعني الإعلان عن إرادته في بيع العملة بسعر يجاوز قيمتها. 

(4) إجراء عمل ينزع صفة النقد عن العملة المعدنية: 

 

المقصود به أي عمل يزيل عن العملة مظهرها المعروف لدى الناس ومثال ذلك الطرق عليها لطمس معالمها، أو محو نقوش العملة أو تغيير حجمها أو شكلها. 

وموضوع الجريمة هو عملة معدنية متداولة قانوناً، ويعني ذلك أنه لا يصلح موضوعاً للجريمة النقود الورقية، ويفهم اشتراط التداول القانوني في معنى الالتزام" القانوني بقبولها كوسيلة وفاء " وتطبيقاً لذلك فإن العملات التي سحبت عنها قوة التداول "القانوني والعملات التذكارية لا تصلح محلا لهذه الجريمة. 

الركن المعنوي للجريمة : 

هذه الجريمة من الجرائم العمدية التي يقوم ركنها المعنوي على القصد الجنائي العام بعنصريه العلم والإرادة، فيلزم علم الجاني بأن سلوكه المادي المتمثل في الصور سالفة الذكر يقع على عملة متداولة قانوني، ، وأن تتجه إرادته إلى إتيان أي من صور السلوك المادي المذكور. 

- العقوبة 

- عقوبة هذه الجريمة هي الحبس مع الشغل. 

وغرامة تساوي عشرة أمثال قيمة العملة محل الجريمة. 

- ومصادرة العملة أو المعادن المضبوطة. 
 (موسوعة المُري في الجرائم الاقتصادية، للمستشار بهاء المُري رئيس محكمة الجنايات، دار روائع القانون للنشر والتوزيع، الطبعة الرابعة 2023، الكتاب الأول، الصفحة 216)

الفقه الإسلامي

قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحات : 224 ، 227

( مادة 453 ) :

 

 في جميع الحالات المبينة في مواد هذا الفصل ، يقضى بمصادرة الأشياء المقلدة أو المزورة ، وكذا الآلات والأدوات المستعملة ، أو المعدة للإستعمال في التقليد أو التزوير . 

( مادة 462 ) :

 

 فضلاً عن العقوبات المنصوص عليها في المواد السابقة ، يحكم بمصادرة العملات المزورة أو المزيفة أو المقلدة والأجهزة ، وغيرها من الأشياء التي إستعملت ، أو التي من شأنها أن تستعمل في التزوير أو التزييف أو التقليد . 

( مادة 463 ) :

 

 كل من حبس عن التداول أي عملة من العملات المعدنية المتداولة قانوناً ، أو صهرها ، أو باعها ، أو عرضها للبيع بسعر أعلى من قيمتها الإسمية ، أو أجرى أي عمل فيها ينزع عنها صفة النقد المقررة - يعاقب بالحبس مع الشغل ، وبغرامة تساوي عشرة أمثال قيمة العملة محل الجريمة ، وبمصادرة العملة أو المعادلة المضبوطة . 

تزييف وتزوير العملة الورقية والمعدنية ورفض التعامل بالعملة الوطنية 

المواد من (455) - (464) :

تقابل مواد المشروع في عمومها المواد من (202) إلى (205) من القانون القائم ، مع ضبط صياغة النصوص الواردة في المشروع وإحكام عباراتها ، وأهم سمات مواد المشروع ما يلي : 

1- لم تتضمن مواد المشروع المقابلة للمواد (202)، (204) مکرراً (أ)، (204) مکرراً (ب) من القانون الحالي ، ما كانت تنص عليه هذه المواد من إعتبار أوراق البنكنوت المأذون بإصدارها قانوناً في حكم العملة الورقية ، ذلك بأن هذه الأوراق هي في الواقع والقانون معاً، عملة ورقية تدخل في وضوح في حكم النص دون حاجة إلى الحكم الإعتباري المذكور ، وعلى هذا الأساس جاء نص المادة (455) من المشروع خالياً من العبارة تلك . 

وقد استحدث في النص المذكور فقرة جديدة بموجبها تعد في حكم العملة الورقية السندات التي صدرت أو تصدر في مصر أو في دولة أجنبية أخرى ، عن الحكومة المصرية أو مصرف مصري ، بقصد تداولها كعوض أو بديل عن العقود ؛ لما تقوم به هذه السندات الصادرة بناء على طلب الحكومة المصرية ، أو مصرف له الحق في ذلك قانوناً ، كفاء وغناء عن النقود ، فلزم والحال كذلك أن تشملها الحماية الجنائية . 

2- أورد المشروع نص المادة (456) الذي يقابل نص المادة (202) مکررا من القانون القائم ، والتي أضيفت بالقانون رقم (29) لسنة 1982 ؛ حتى تشمل الحماية العملة الذهبية أو الفضية التذكارية المأذون بإصدارها قانوناً ؛ لما لهذه العملات من قيمة مرتفعة تجعلها محل إقتناء وتعامل بين الأفراد . 

3- استحدث نص الفقرة (ب) من المادة (460) من المشروع لسد ثغرة ، فقد قصد به إسباغ الحماية الجنائية على من يقع فريسة التعامل في عملة بطل العمل بها ، فجرم كل من أدخل إلى مصر أو تداول أو إستعمل أو روج عملة ورقية أو معدنية بطل العمل بها ، متى كان يعلم بذلك ، إذ الجريمة عمدية لا يقوم فيها الإهمال أو التقصير مقام العمد . 

4- نقل المشروع في الفقرة (ج) من المادة (460) منه الحكم الوارد في الفقرة الثالثة من المادة (386) من القانون القائم ؛ لأنه يمثل الحماية الجنائية لعملة البلاد ، ومن ثم كان من المناسب أن تتضمنه نصوص هذا الفصل الخاصة بالعملة ورقية كانت أم معدنية ، أو أصبح النص بعد تعديله يعاقب بعقوبة الجنحة كل من إمتنع عن قبول العملة الوطنية في معاملاته بالقيمة الرسمية المقررة لها ، ومن البداهية أن المقصود بالنص العملة الصحيحة ، وكان حرياً بالمشروع لحماية تداول هذه العملة بعد إلغاء قاعدة الذهب ، وتحديد المشرع المصري سعراً إلزامياً للعملة الورقية - أن تقوم هذه العملة مقام الذهب ، وإذا كانت الحماية الجنائية في هذا الشأن القائمة حالياً ليست كافية ، إذ هي تعاقب من يمتنع عن قبول عملة البلاد بغرامة لا تتجاوز جنيها - فقد صار لزاماً لتأكيد جدية هذه الحماية لعملة البلاد أن يرتفع المشروع بالعقوبة إلى عقوبة الجنحة . 

5- المادة (463) من المشروع تقابل المادة (204) مکرراً عقوبات ، المضافة بالقانون رقم (29) لسنة 1983، وقد أبقى عليها المشروع دون تعديل . 

 

6- المادة (464) من المشروع تعرض للإعفاء من العقاب ، بالنسبة لمن يبادر من الجناة بإبلاغ الجهات المختصة بالجريمة قبل قيامها ، أو قبل البدء في التحقيق ، إذا كانت الجريمة قد تمت ، والإعفاء في الحالة وجوبي ، ويمتد حكم هذا الإعفاء الوجوبي إذا مكن الجاني الجهة المختصة بعد بدء التحقيق وأثناء سريانه من ضبط باقي الجناة ، وكانت الفقرة الثانية من المادة (205) من القانون القائم تجعل هذه الحالة من حالات الإعفاء الجوازي ، وقد رأى المشروع - تشجيعاً منه لكشف الجريمة - أن يثيب الجاني ولو بعد بدء التحقيق وأثناء جریانه بالإعفاء من العقاب ، إذا كان إبلاغه مثمراً ، بأن أدى إلى ضبط باقي الجناة ، هذا ومن المفهوم أن حكم هذا النص لا يسري - شأنه شأن حالات الإعفاء للإبلاغ عن الجريمة - إلا في حالة تعدد الجناة فيها فاعلين كانوا أم شرکاء . 

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  العشرون ، الصفحة / 247

دَرَاهِمُ

التَّعْرِيفُ :

الدَّرَاهِمُ جَمْعُ دِرْهَمٍ، وَهُوَ لَفْظٌ مُعَرَّبٌ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ النَّقْدِ ضُرِبَ مِنَ الْفِضَّةِ كَوَسِيلَةٍ لِلتَّعَامُلِ، وَتَخْتَلِفُ أَنْوَاعُهُ وَأَوْزَانُهُ بِاخْتِلاَفِ الْبِلاَدِ الَّتِي تَتَدَاوَلُهُ وَتَتَعَامَلُ بِهِ.

الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ :

أ - الدَّنَانِيرُ :

2 - الدَّنَانِيرُ جَمْعُ دِينَارٍ، وَهُوَ مُعَرَّبٌ، قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: دِينَارٌ أَصْلُهُ أَعْجَمِيٌّ غَيْرَ أَنَّ الْعَرَبَ تَكَلَّمَتْ بِهِ فَصَارَ عَرَبِيًّا.

وَالدِّينَارُ اسْمٌ لِلْقِطْعَةِ مِنَ الذَّهَبِ الْمَضْرُوبَةِ الْمُقَدَّرَةِ بِالْمِثْقَالِ.فَهِيَ تَخْتَلِفُ عَنِ الدَّرَاهِمِ فِي أَنَّهَا مِنَ الذَّهَبِ فِي حِينِ أَنَّ الدَّرَاهِمَ مِنَ الْفِضَّةِ.

ب - النَّقْدُ.

لِلنَّقْدِ ثَلاَثَةُ مَعَانٍ فَيُطْلَقُ عَلَى الْحُلُولِ أَيْ خِلاَفِ النَّسِيئَةِ، وَعَلَى إِعْطَاءِ النَّقْدِ، وَعَلَى تَمَيُّزِ الدَّرَاهِمِ وَإِخْرَاجِ الزَّيْفِ مِنْهَا، وَمُطْلَقِ النَّقْدِ وَيُرَادُ بِهِ مَا ضُرِبَ مِنَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الَّتِي يَتَعَامَلُ بِهَا النَّاسُ.

ج - الْفُلُوسُ :

الْفُلُوسُ جَمْعُ فَلْسٍ، وَتُطْلَقُ الْفُلُوسُ وَيُرَادُ بِهَا مَا ضُرِبَ مِنَ الْمَعَادِنِ مِنْ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَصَارَتْ عُرْفًا فِي التَّعَامُلِ وَثَمَنًا بِاصْطِلاَحِ النَّاسِ.

د - سِكَّةٌ :

السَّكُّ: تَضْبِيبُ الْبَابِ أَوِ الْخَشَبِ بِالْحَدِيدِ. وَالسِّكَّةُ: حَدِيدَةٌ قَدْ كُتِبَ عَلَيْهَا، وَيُضْرَبُ عَلَيْهَا الدَّرَاهِمُ، وَهِيَ الْمَنْقُوشَةُ ثُمَّ نُقِلَ إِلَى أَثَرِهَا وَهِيَ النُّقُوشُ الْمَاثِلَةُ عَلَى الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ نُقِلَ إِلَى الْقِيَامِ عَلَى ذَلِكَ، وَهِيَ الْوَظِيفَةُ فَصَارَ عَلَمًا عَلَيْهَا فِي عُرْفِ الدُّوَلِ، وَتُسَمَّى الدَّرَاهِمُ الْمَضْرُوبَةُ سِكَّةً.

الدِّرْهَمُ الإْسْلاَمِيُّ وَكَيْفِيَّةُ تَحْدِيدِهِ وَتَقْدِيرِهِ :

كَانَتِ الدَّرَاهِمُ الْمَضْرُوبَةُ قَبْلَ الإْسْلاَمِ مُتَعَدِّدَةً مُخْتَلِفَةَ الأْوْزَانِ، وَكَانَتْ تَرِدُ إِلَى الْعَرَبِ مِنَ الأْمَمِ الْمُجَاوِرَةِ فَكَانُوا يَتَعَامَلُونَ بِهَا، لاَ بِاعْتِبَارِ الْعَدَدِ بَلْ بِأَوْزَانٍ اصْطَلَحُوا عَلَيْهَا، وَجَاءَ الإْسْلاَمُ وَأَقَرَّهُمْ عَلَى هَذِهِ الأْوْزَانِ كَمَا جَاءَ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : «الْوَزْنُ وَزْنُ أَهْلِ مَكَّةَ، وَالْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ».

وَلَمَّا احْتَاجَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى تَقْدِيرِ الدِّرْهَمِ فِي الزَّكَاةِ كَانَ لاَ بُدَّ مِنْ وَزْنٍ مُحَدَّدٍ لِلدِّرْهَمِ يُقَدَّرُ النِّصَابُ عَلَى أَسَاسِهِ، فَجُمِعَتِ الدَّرَاهِمُ الْمُخْتَلِفَةُ الْوَزْنِ وَأُخِذَ الْوَسَطُ مِنْهَا، وَاعْتُبِرَ هُوَ الدِّرْهَمُ الشَّرْعِيُّ، وَهُوَ الَّذِي تَزِنُ الْعَشَرَةُ مِنْهُ سَبْعَةَ مَثَاقِيلَ مِنَ الذَّهَبِ، فَضُرِبَتِ الدَّرَاهِمُ الإْسْلاَمِيَّةُ عَلَى هَذَا الأْسَاسِ، وَهَذَا أَمْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، فُقَهَاءَ وَمُؤَرِّخِينَ، لَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْعَهْدِ الَّذِي تَمَّ فِيهِ هَذَا التَّحْدِيدُ، فَقِيلَ إِنَّ ذَلِكَ تَمَّ فِي عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ  رضي الله عنه، وَقِيلَ إِنَّ ذَلِكَ تَمَّ فِي عَهْدِ بَنِي أُمَيَّةَ، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ تَمَّ فِي عَهْدِ عُمَرَ أَمْ فِي عَهْدِ بَنِي أُمَيَّةَ فَإِنَّ الدِّرْهَمَ الشَّرْعِيَّ الَّذِي اسْتَقَرَّ الأْمْرُ عَلَيْهِ هُوَ الَّذِي ضُرِبَ فِي عَهْدِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَكَانَ هُوَ أَسَاسَ التَّقَادِيرِ الشَّرْعِيَّةِ.

لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ وَالْمُؤَرِّخِينَ أَثْبَتُوا أَنَّ الدِّرْهَمَ الشَّرْعِيَّ لَمْ يَبْقَ عَلَى الْوَضْعِ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الإْجْمَاعُ فِي عَهْدِ عَبْدِ الْمَلِكِ، بَلْ أَصَابَهُ تَغْيِيرٌ كَبِيرٌ فِي الْوَزْنِ وَالْعِيَارِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ، وَصَارَ أَهْلُ كُلِّ بَلَدٍ يَسْتَخْرِجُونَ الْحُقُوقَ الشَّرْعِيَّةَ مِنْ نَقْدِهِمْ بِمَعْرِفَةِ النِّسْبَةِ الَّتِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَقَادِيرِهَا الشَّرْعِيَّةِ إِلَى أَنْ قِيلَ: يُفْتَى فِي كُلِّ بَلَدٍ بِوَزْنِهِمْ.

وَنَشَأَ مِنْ ذَلِكَ اضْطِرَابٌ فِي مَعْرِفَةِ الأْنْصِبَةِ، وَهَلْ تُقَدَّرُ بِالْوَزْنِ أَوْ بِالْعَدَدِ؟ وَأَصْبَحَ الْوُصُولُ إِلَى مَعْرِفَةِ الدِّينَارِ الشَّرْعِيِّ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ غَايَةً تَمْنَعُ هَذَا الاِضْطِرَابَ. وَإِلَى عَهْدٍ قَرِيبٍ لَمْ يَصِلِ الْفُقَهَاءُ إِلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ حَتَّى أَثْبَتَ الْمُؤَرِّخُ عَلِيُّ بَاشَا مُبَارَكٌ - بِوَاسِطَةِ اسْتِقْرَاءِ النُّقُودِ الإْسْلاَمِيَّةِ الْمَحْفُوظَةِ فِي دُورِ الآْثَارِ بِالدُّوَلِ الأْجْنَبِيَّةِ - أَنَّ دِينَارَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ يَزِنُ 4،25. جِرَامٍ مِنَ الذَّهَبِ، وَبِذَلِكَ يَكُونُ وَزْنُ الدِّرْهَمِ. 2،975 جِرَامًا مِنَ الْفِضَّةِ.

وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُعْتَبَرُ مِعْيَارًا فِي اسْتِخْرَاجِ الْحُقُوقِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْ زَكَاةٍ، وَدِيَةٍ، وَتَحْدِيدِ صَدَاقٍ، وَنِصَابِ سَرِقَةٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.

مَنْ يَتَوَلَّى ضَرْبَ الدَّرَاهِمِ :

ضَرْبُ الدَّرَاهِمِ وَظِيفَةٌ ضَرُورِيَّةٌ لِلدَّوْلَةِ، إِذْ بِهَا يَتَمَيَّزُ الْخَالِصُ مِنَ الْمَغْشُوشِ بَيْنَ النَّاسِ فِي النُّقُودِ عِنْدَ الْمُعَامَلاَتِ، وَيُتَّقَى الْغِشُّ بِخَتْمِ السُّلْطَانِ عَلَيْهَا بِالنُّقُوشِ الْمَعْرُوفَةِ.وَقَدْ قَالَ الإْمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ: لاَ يَصْلُحُ ضَرْبُ الدَّرَاهِمِ إِلاَّ فِي دَارِ الضَّرْبِ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ، لأِنَّ النَّاسَ إِنْ رُخِّصَ لَهُمْ رَكِبُوا الْعَظَائِمَ، فَقَدْ مَنَعَ الإْمَامُ أَحْمَدُ مِنَ الضَّرْبِ بِغَيْرِ إِذْنِ السُّلْطَانِ لِمَا فِيهِ مِنَ الاِفْتِيَاتِ عَلَيْهِ.

وَفِي الرَّوْضَةِ لِلنَّوَوِيِّ: يُكْرَهُ لِلرَّعِيَّةِ ضَرْبُ الدَّرَاهِمِ وَإِنْ كَانَتْ خَالِصَةً، لأِنَّ ضَرْبَ الدَّرَاهِمِ مِنْ شَأْنِ الإْمَامِ.

وَذَكَرَ الْبَلاَذُرِيُّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أُتِيَ بِرَجُلٍ يَضْرِبُ عَلَى غَيْرِ سِكَّةِ السُّلْطَانِ فَعَاقَبَهُ وَسَجَنَهُ وَأَخَذَ حَدِيدَهُ فَطَرَحَهُ فِي النَّارِ، وَحَكَى الْبَلاَذُرِيُّ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ أَخَذَ رَجُلاً يَضْرِبُ عَلَى غَيْرِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَأَرَادَ قَطْعَ يَدِهِ ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ وَعَاقَبَهُ، قَالَ الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ: فَرَأَيْتُ مَنْ بِالْمَدِينَةِ مِنْ شُيُوخِنَا حَسَّنُوا ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ.

حُكْمُ كَسْرِ الدَّرَاهِمِ وَقَطْعِهَا :

اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ كَسْرِ الدَّرَاهِمِ وَقَطْعِهَا، فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَأَكْثَرُ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ إِلَى كَرَاهِيَةِ ذَلِكَ مُطْلَقًا، لِحَاجَةٍ وَلِغَيْرِ حَاجَةٍ، لأِنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْفَسَادِ فِي الأْرْضِ وَيُنْكَرُ عَلَى فَاعِلِهِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم  «أَنَّهُ نَهَى عَنْ كَسْرِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْجَائِزَةِ بَيْنَهُمْ».

وَالْكَرَاهَةُ عِنْدَ الإْمَامِ أَحْمَدَ لِلتَّحْرِيمِ عَلَى مَا جَاءَ فِي رِوَايَةِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَرِوَايَةِ الْمَرْوَزِيِّ وَرِوَايَةِ حَرْبٍ - وَقَدْ سُئِلَ عَنْ كَسْرِ الدَّرَاهِمِ - فَقَالَ: هُوَ عِنْدِي مِنَ الْفَسَادِ فِي الأَْرْضِ وَكَرِهَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً. لَكِنَّهُ صَرَّحَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ، قَالَ أَبُو طَالِبٍ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنِ الدَّرَاهِمِ تُقَطَّعُ فَقَالَ: لاَ، «نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم  عَنْ كَسْرِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ»، وَقِيلَ لَهُ: فَمَنْ كَسَرَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ؟ قَالَ: لاَ، وَلَكِنْ قَدْ فَعَلَ مَا نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم  قَالَ أَبُو يَعْلَى: وَقَوْلُهُ: لاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، مَعْنَاهُ لاَ مَأْثَمَ عَلَيْهِ.

وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَفُقَهَاءُ الْعِرَاقِ إِلَى أَنَّ كَسْرَهَا غَيْرُ مَكْرُوهٍ.

وَفَصَّلَ قَوْمٌ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ. إِنْ كَسَرَهَا لِحَاجَةٍ لَمْ يُكْرَهُ لَهُ، وَإِنْ كَسَرَهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ كُرِهَ لَهُ، لأِنَّ إِدْخَالَ النَّقْصِ عَلَى الْمَالِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ سَفَهٌ.

وَاعْتَبَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ حَالَ الْبَلَدِ فَقَالَ: إِنَّ كَرَاهَةَ الْقَطْعِ مَحْمُولٌ عِنْدِي عَلَى بَلَدٍ لاَ يَجُوزُ فِيهِ الْقَطْعُ، وَلاَ يَنْفُقُ الْمَقْطُوعُ مِنَ الدَّرَاهِمِ نَفَاقَ الصَّحِيحِ.

وَاعْتَبَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ قَطْعَ السِّكَّةِ مَانِعًا مِنَ الشَّهَادَةِ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْمَوَّازِ: إِلاَّ أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ، وَقَالَ عَنْهُ الْعُتْبِيُّ: لاَ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ جَاهِلاً.

وَقَالَ سَحْنُونُ: لَيْسَ قَطْعُ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ بِجُرْحَةٍ.

قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: وَهَذَا الاِخْتِلاَفُ إِنَّمَا هُوَ إِذَا قَطَعَهَا وَهِيَ وَازِنَةٌ فَرَدَّهَا نَاقِصَةً وَالْبَلَدُ لاَ تَجُوزُ فِيهِ إِلاَّ وَازِنَةٌ، وَهِيَ تَجْرِي فِيهِ عَدَدًا بِغَيْرِ وَزْنٍ، فَانْتَفَعَ بِمَا قَطَعَ مِنْهَا، وَيُنْفِقُهَا بِغَيْرِ وَزْنٍ فَتُجْرَى مَجْرَى الْوَازِنَةِ، فَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ ذَلِكَ جُرْحَةٌ، وَلَوْ قَطَعَهَا وَكَانَ التَّبَايُعُ بِهَا بِالْمِيزَانِ فَلاَ خِلاَفَ أَنَّ التَّبَايُعَ بِهَا لَيْسَ بِجُرْحَةٍ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ.

أَمَّا قَطْعُ الدَّرَاهِمِ لِصِيَاغَتِهَا حُلِيًّا لِلنِّسَاءِ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ: لاَ بَأْسَ أَنْ يَقْطَعَ الرَّجُلُ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ حُلِيًّا لِبَنَاتِهِ وَنِسَائِهِ.

وَقَدْ مَنَعَ الإْمَامُ أَحْمَدُ أَنْ تُقْطَعَ لِلصِّيَاغَةِ، قَالَ فِي رِوَايَةِ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ - وَقَدْ سَأَلَهُ عَنِ الرَّجُلِ يَقْطَعُ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ يَصُوغُ مِنْهَا - قَالَ: لاَ تَفْعَلْ، فِي هَذَا ضَرَرٌ عَلَى النَّاسِ، وَلَكِنْ يَشْتَرِي تِبْرًا مَكْسُورًا بِالْفِضَّةِ.

إِنْفَاقُ الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ :

اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي إِنْفَاقِ الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ.

فَأَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ الشِّرَاءَ بِالدَّرَاهِمِ الزَّائِفَةِ وَلاَ يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِعَيْنِهَا، بَلْ يَتَعَلَّقُ بِجِنْسِ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ الزُّيُوفِ إِنْ كَانَ الْبَائِعُ يَعْلَمُ بِحَالِهَا خَاصَّةً لأِنَّهُ رَضِيَ بِجِنْسِ الزُّيُوفِ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ لاَ يَعْلَمُ لاَ يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِجِنْسِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْجَيِّدِ مِنْ نَقْدِ تِلْكَ الْبَلَدِ، لأِنَّهُ لَمْ يَرْضَ إِلاَّ بِهِ إِذَا كَانَ لاَ يَعْلَمُ بِحَالِهَا.

وَيُجِيزُ الْمَالِكِيَّةُ ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ تُبَاعَ لِمَنْ لاَ يَغُشُّ بِهَا النَّاسَ بَلْ لِمَنْ يُكَسِّرُهَا وَيَجْعَلُهَا حُلِيًّا أَوْ غَيْرَهُ.

فَإِنْ بَاعَ لِمَنْ يَغُشُّ بِهِ فُسِخَ الْبَيْعُ.

وَفِي مُغْنِي الْمُحْتَاجِ إِنْ عُلِمَ مِعْيَارُ الْفِضَّةِ فِي الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ صَحَّتِ الْمُعَامَلَةُ بِهَا مُعَيَّنَةً، وَفِي الذِّمَّةِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولاً فَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ، أَصَحُّهَا الصِّحَّةُ مُطْلَقًا، لأِنَّ الْمَقْصُودَ رَوَاجُهَا وَهِيَ رَائِجَةٌ، وَلِحَاجَةِ الْمُعَامَلَةِ بِهَا.. ثُمَّ قَالَ: وَمَنْ مَلَكَ دَرَاهِمَ مَغْشُوشَةً كُرِهَ لَهُ إِمْسَاكُهَا بَلْ يَسْبِكُهَا وَيُصَفِّيهَا، قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: إِلاَّ إِنْ كَانَتْ دَرَاهِمُ الْبَلَدِ مَغْشُوشَةً فَلاَ يُكْرَهُ إِمْسَاكُهَا.

وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِنْ كَانَ الْغِشُّ يَخْفَى لَمْ يَجُزِ التَّعَامُلُ بِهَا رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ: الْمَنْعُ وَالْجَوَازُ.

وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي: (صَرْفٌ، رِبًا، غِشٌّ).