1ـ من المقرر أن المادة 208 من قانون العقوبات قد نصت على أنه ( يعاقب بالحبس كل من قلد ختماً أو تمغة أو علامة لإحدى الجهات أياً كانت ... وكذا من إستعمل شيئاً من الأشياء المذكورة مع علمه بتقليدها ) كما نصت المادة 209 من القانون المذكور على أنه " كل من إستحصل بغير حق على الأختام أو التمغات أو النياشين الحقيقية المعدة لأحد الأنواع السالف ذكرها وإستعملها إستعمالاً مضراً بأى مصلحة عمومية أو شركة تجارية أو أى إدارة من إدارات الأهالى يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين ، وكان المستفاد من هذين النصين أنهما قد أسبغا الحماية على أختام وتمغات وعلامات كل ما خرج عن تلك الخاصة بالحكومة والهيئات العامة وكل ما خرج عما نصت عليه المادة 206 مكرراً من قانون العقوبات ومن ثم فإن الأحكام الواردة فى هذين النصين إنما تنصرف إلى ما تبقى من جهات ومنها أختام الحكومات الأجنبية .
( الطعن رقم 63002 لسنة 59 ق - جلسة 1995/05/15 - س 46 ص 855 ق 129 )
2ـ لما كان الحكم المطعون فيه برغم تطبيقه الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات ، قد قضى بمعاقبة الطاعن بالحبس لمدة ثلاث سنوات وبغرامة قدرها خمسون جنيهاً مع أن عقوبة الجريمة الأشد - وهى جريمة تقليد أختام إحدى الجهات الأجنبية - طبقاً لنص المادة 208 من قانون العقوبات هى الحبس فقط ، فإنه يتعين تصحيحه بإلغاء عقوبة الغرامة المقضى بها عملاً بالحق المخول لمحكمة النقض بالمادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 ، من نقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ولو لم يرد هذا الوجه فى أسباب الطعن .
( الطعن رقم 5462 لسنة 52 ق - جلسة 1982/12/22 - س 33 ص 1038 ق 213 )
الجريمة التي تنص عليها المادة 208 من قانون العقوبات
هذه الجريمة تقابل - وتتماثل في أغلب أحكامها - الجرائم التي تنص عليها المادتان 206، 206 مكرراً من قانون العقوبات . وأهم وجه للخلاف بينها يتعلق بالهيئة المعتدى عليها فالمادة 208 تحمی هیئات خاصة، في حين تحمى المادتان 206، 206 مكرراً مصالح حكومية أو هيئات القطاع العام أو الشركات المساهمة أو الجمعيات التعاونية أو النقابات وما في حكمها. ويتضح الطابع الخاص للهيئات التي تحميها المادة 208 من قانون العقوبات من تعبير الشارع عنها « بإحدى الجهات أيا كانت » . وهذا التعبير يستبعد الأفراد من نطاق هذه الحماية . ويفترض النص أن الحماية مقررة لهيئة تخضع للقانون الخاص، ولكنه لا يشترط أن تكون هذه الهيئة متمتعة بالشخصية المعنوية، ويتضح ذلك من إمتداد الحماية إلى « البيوت التجارية »، وهي لا تتمتع حتماً بالشخصية المعنوية . ويتسع نطاق الحماية للحكومات الأجنبية .
وموضوع الجريمة هو الختم أو التمغة أو العلامة، ولهذه الألفاظ ذات الدلالة التي أعطتها لها المادة 206 من قانون العقوبات وتخرج العلامات التجارية من نطاق الحماية التي يقررها هذا النص .
يخضع تقليد وتزوير واستعمال العلامات التجارية المسجلة للقانون رقم 57 لسنة 1939 الخاص بالعلامات والبيانات التجارية (المادة 23)، وهذا القانون - باعتباره النص الخاص في هذا الشأن - يستبعد تطبيق المادتين 208 ، 209 من قانون العقوبات بإعتبارهما نصين عامين، وذلك تطبيقاً لقاعدة « الخاص يقيد العام ». وانظر نقض 29 ديسمبر سنة 1969 مجموعة أحكام محكمة النقض س 20 رقم 302 ص 1467، وفيه قالت المحكمة « أن كان ظاهر المواد 206، 206 مكرراً، 207 من قانون العقوبات يوهم بأنه يتناول تقليد العلامات التجارية التي توضع على المصنوعات أو المنتجات لتمييزها في السوق عما يماثلها من بضائع صاحب العلامة ليطمئن إليها الراغبون في الشراء، إلا أن مقارنة نصوص القانون في هذا الشأن تدل على أن المشرع قصد إخراج هذه العلامات من عموم هذه النصوص، إذ استن لها القانون رقم 75 لسنة 1939 في شأن العلامات والبيانات التجارية، وفرض لها عقوبة مخففة لما ارتآه من أن طبيعة هذا الحق، وما تقتضيه النظم والقواعد الإقتصادية من حرية المنافسة التجارية إلى أقصى حد ممكن يمليان عدم تضييق هذه الحرية بفرض عقوبات جنائية على التقليد الذي يقع من المتنافس في التجارة والصناعة إلا بالقدر الذي سنه، وفي الحدود التي رسمها، مما يوجب القول بأن هذا النص الخاص وحده هو الذي قصد به إلى حماية العلامة التجارية أو البيان التجاري، لأن علة وجود وصراحة عبارته وإيراده في قانون واحد دون تمييز بين القطاعين العام والخاص، كل ذلك يقطع في الدلالة على أن المشرع استثنى تقليد العلامات والبيانات المذكورة من حكم المواد السابقة وخصها بحمايته في القانون رقم 57 لسنة 1939 سالف البيان، هذا فضلاً عن أن المادة 206 من قانون العقوبات لا تنطبق بحسب وضعها إلا على علامات الحكومة، بما هي سلطة عامة، دون سائر ما تباشره من أوجه النشاط الصناعي أو التجاري .
ويقوم الركن المادي بأحد فعلين : التقليد والاستعمال . ونعتقد أن التفسير الصحيح للمادة 208 من قانون العقوبات يفرض القول بأنها تنص على جريمتين كل منهما بأحد الفعلين السابقين . وقد استبعد الشارع من نطاق التجريم فعلى التزوير والإدخال في البلاد . ويفسر إستبعاد التزوير بصعوبة تصوره بالنسبة إلى موضوع هذه الجريمة، وكون التقليد أسهل منه ارتكاباً وأدنى إلى تحقيق غرض الجاني؛ أما استبعاد الإدخال في البلاد فتفسره ندرة ارتكابه .
والجريمة عمدية، والقصد المتطلب في حالة التقليد قصد خاص، أما القصد المتطلب في حالة الاستعمال فهو قصد عام .
وقد قرر الشارع لهذه الجريمة عقوبة الحبس وتضاف إلى هذه العقوبة المصادرة الوجوبية لموضوع الجريمة، تطبيقاً للفقرة الثانية من المادة 30 من قانون العقوبات . ( شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ محمود نجيب حسني، الطبعة السابعة 2012 دار النهضة العربية، الصفحة : 240 )
يتضح من النص أن الجريمة تقوم على ثلاثة أركان : الركن المادي ، ومحل الجريمة ، والركن المعنوي .
الركن المادي :
من حيث الركن المادي يختلف عنه في جريمة تقليد الأختام الحكومية إذ يتخذ إحدى صورتي التقليد أو الاستعمال فحسب بينما في المادة 206 يتخذ صورة التقليد أو التزوير أو الاستعمال أو الإدخال في البلاد .
محل الجريمة :
يقتصر محل الجريمة وفقاً للمادة 208 على الأختام أو التمغات أو العلامات الخاصة بإحدى الجهات الخاصة دون غيرها من الأشياء الأخرى التي ذكرتها المادة 206، ويترتب على ذلك أن جريمة المادة 208 لا تقع إذا انصب فعل التقليد على قرار ينسب صدوره إلى إحدى هذه الجهات الخاصة، كما لا تقع الجريمة إذا قلد شخص ختم أحد الأفراد ولو كان هذا الفرد مستخدماً في إحدى هذه الجهات .
وتدخل أختام الحكومات الأجنبية تحت نطاق نص المادة 208 حيث لا تندرج تحت المادتين 206، 206 مكرراً .
استثناء العلامات التجارية :
« إذا كان ظاهر المواد 206، 206 مکرراً، 208 من قانون العقوبات يوهم بأنه يتناول تقليد العلامات التجارية التي توضع على المصنوعات أو المنتجات لتمييزها في السوق عما يماثلها من بضائع ليطمئن إليها الراغبون في الشراء، إلا أن مقارنة نصوص القانون في هذا الشأن تدل على أن المشرع قصد إخراج هذه العلامات من عموم هذه النصوص إذ استن لها القانون رقم 57 لسنة 1939 في شأن العلامات والبيانات التجارية وفرض لها عقوبة مخففة لما ارتآه من أن طبيعة هذه الحق، وما تقتضيه النظم والقواعد الاقتصادية من حرية المنافسة التجارية إلى أقصى حد ممكن يمليان عدم تضييق هذه الحرية بفرض عقوبات جنائية على التقليد الذي يقع من المتنافسين في التجارة والصناعة إلا بالقدر الذي سنه، وفي الحدود التي رسمها مما يوجب القول بأن هذا النص الخاص وحده هو الذي قصد به إلى حماية العلامة التجارية أو البيان التجاری .
وتنص المادة 33 من القانون رقم 57 لسنة 1939 المعدلة بالقانون رقم 569 لسنة 1954 على أن « يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنتين وبغرامة لا تقل عن خمسين جنيها ولا تزيد على ثلاثمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين .
1- كل من زور علامة تم تسجيلها طبقاً للقانون أو قلدها بطريقة تدعو إلى تضليل الجمهور، وكل من استعمل بسوء قصد علامة مزورة أو مقلدة .
2- كل من وضع بسوء القصد على منتجاته علامة مملوكة لغيره .
3- كل من باع أو عرض للبيع أو للتداول أو حاز بقصد البيع منتجات عليها علامة مزورة أو مقلدة أو موضوعة بغير حق مع علمه بذلك » .
الركن المعنوي :
هذه الجريمة عمدية يتمثل الركن المعنوي فيها في القصد الجنائي وهو فيما يتعلق بجريمة الاستعمال يعتبر قصداً عاماً يكفي لتحققه اتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب فعل استعمال الختم أو التمغة أو العلامة مع العلم بتقليده، أما إذا اتخذ الفعل المكون للركن المادي صورة التقليد، فيجب أن يتوافر القصد الخاص الذي يتحقق باتجاه نية الجاني وقت التقليد إلى استعمال الختم المقلد فيما أعد له .
العقوبة :
قرر المشرع لهذه الجريمة عقوبة الحبس، ويجب فضلاً عن ذلك الحكم بالمصادرة تطبيقاً للمادة 30/ 2 ع.. ولا يسري على الجناة حكم الإعفاء الوارد في المادة 210 لأن نطاقها مقصور على الجنايات المنصوص عليها في المادتين 206، 206 مكرراً . ( شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتورة/ فوزية عبد الستار، الطبعة الرابعة 2017 دار النهضة العربية، الصفحة : 255 )
إستثناء العلامات التجارية :
ذهبت محكمة النقض في حكم قديم لها إلى استبعاد تطبيق المادة 208 عقوبات على العلامات التي يضعها الصناع على مصنوعاتهم (علامات الفابريقة) لتمييزها في السوق عما يماثلها من مصنوعات غيرهم، ليطمئن إليها الراغبون في الشراء. وذلك إستناداً إلى أن المادة 350 من قانون العقوبات قد عاقبت على تقلید هذه العلامات بالذات وفرضت لها عقوبة مختلفة، واشترط لتوقيعها أن يكون حق أصحاب تلك العلامات في الإنفراد دون سواهم باستعمالها على منتجاتهم مقرراً بلوائح تنظم الملكية الصناعية، وذلك أن حرية المنافسة التجارية إلى أقصى حد ممكن تملى عدم تضييق هذه الحرية بفرض عقوبات جنائية على التقليد الذي يقع من المتنافسين في التجارة والصناعة إلا بالقدر الذي سنه المشرع وفي الحدود التي رسمها هذا النص. ونظراً لعدم صدور اللوائح الخاصة بتنظيم الملكية الصناعية، فإن البراءة كانت واجبة في هذه الحالة، إلى أن صدر القانون رقم 57 لسنة 1939 في شأن العلامات والبيانات التجارية، وألغى ما نصت عليه المادة 350 عقوبات فيما يتعلق بالعلامات التجارية .
ولا شك في أن الإعتبارات التي ساقتها محكمة النقض ما زالت تدعو إلى القول بإخراج العلامات التجارية - التي كان القانون رقم 57 لسنة 1939 قد تولى حمايتها - من نطاق تطبيق المادة 208 عقوبات. وهذا ما أكدته محكمة النقض، إذ قضت أن المشرع قصد إخراج العلامات التجارية من غموض نصوص المواد 206 و 206 مكرراً و 208 عقوبات، على أساس أن القانون السابق رقم 57 لسنة 1939 في شأن العلامات والبيانات التجارية، وفرض لها عقوبة مخففة لما ارتآه من أن طبيعة هذا الحق وما تقتضيه النظم والقواعد الإقتصادية من حرية المنافسة التجارية إلى أقصى حد ممكن - يمليان عدم تضييق هذه الحرية بفرض عقوبات جنائية على التقليد الذي يقع من المتنافسين في التجارة والصناعة إلا بالقدر الذي سنه وفي الحدود التي رسمها. وهو ما يوجب القول بأن هذا النص الخاص وحده هو الذي قصد به إلى حماية العلامة التجارية أو البيان التجاري؛ لأن علة وجوده وصراحة عبارته وإيراده في قانون واحد دون تمييز بين القطاعين العام والخاص - كل ذلك يقطع في الدلالة بأن المشرع استثنى تقليد العلامات والبيانات المذكورة من حكم المواد السابقة وخصها بحمايته في القانون رقم 57 لسنة 1939 سالف الذكر هذا فضلاً عن أن المادة 206 من قانون العقوبات لا تنطبق بحسب وضعها إلا على علامات الحكومة بوصفها سلطة عامة دون سائر ما تباشره من وجه النشاط الصناعي أو التجاري .
ومن ناحية أخرى، فقد أكدت محكمة النقض أن تسجيل العلامة التجارية ركن من أركان جريمة تزويرها أو تقليدها، على أساس أن الشارع كان قد أفصح في المادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1939 المعدل بشأن العلامات التجارية عن مراده بأن مناط الحماية التي أسبغها على ملكية العلامة التجارية بتأثيم تزويرها أو تقليدها أو استعمالها من غير مالكها هو بتسجيلها .
وقد جاء قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 فنص في المادة 113/ 1 منه على أنه مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد في أي قانون أخر يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهرين وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين: 1- كل من زور علامة تجارية تم تسجيلها طبقاً للقانون أو قلدها بطريقة تدعو إلى تضليل الجمهور. 2- كل من استعمل بسوء قصد علامة تجارية مزورة أو مقلدة . ( الوسيط في قانون العقوبات، القسم العام، الدكتور/ أحمد فتحي سرور، الطبعة السادسة الكتاب الأول 2016، الصفحة : 780 )
هذا النص يحمي أختام وتمغات وعلامات الجهات الخاصة أياً كانت مصرية أم أجنبية طالما أذن لها من قبل الحكومة .
والأركان المكونة للجريمة هي ذاتها المتطلبة في المادة 206 عقوبات. غير أن السلوك الإجرامي يقوم على التقليد والاستعمال فقط دون الإدخال إلى البلاد، والتقليد هو شكل من أشكال التزوير، وذلك فإن عدم النص على التزوير يستوجب استبعاده من التجريم الوارد بنص المادة 208 .
وكذلك الحال بالنسبة للركن المعنوي للجريمة فهو يقوم على القصد الجنائي، فيلزم اتجاه الإرادة إلى التقليد مع العلم بأنه ليس له حق في ذلك مع نية استعمال الشيء المقلد أو المزور استعمالاً ضاراً بمصلحة عامة أو خاصة، وبالنسبة للاستعمال فيلزم اتجاه الإرادة إلى الاستعمال مع العلم بتقليد الختم أو التمغة أو العلامة .
والعقوبة المقررة للجريمة هي الحبس من أربع وعشرين ساعة إلى ثلاث سنوات مع وجوب الحكم بالمصادرة إعمالاً لحكم المادة 2/30 عقوبات .
استبعاد العلامات التجارية :
يخرج من نطاق تطبيق المادة 208 عقوبات العلامة التجارية التي توضع على المصنوعات أو المنتجات لتمييزها في السوق عما يماثلها من بضائع صاحب العلامة ليطمئن الراغبون في الشراء، فقد استن لها القانون رقم 57 لسنة 1939 في شأن العلامات والبيانات التجارية وفرض لها عقوبة مخففة لما ارتآه من أن طبيعة هذا الحق وما تقتضيه النظم والقواعد الاقتصادية من حرية المنافسة التجارية إلى أقصى حد ممكن يمليان عدم تضييق هذه الجريمة بفرض عقوبات جنائية على التقليد الذي يقع من المتنافسين في التجارة والصناعة إلا بالقدر الذي سنه وفي الحدود التي رسمها، وعلى حد تعبير محكمة النقض فإن هذا النص الخاص وحده هو الذي قصد به حماية العلامة التجارية أو البيان التجاري، ذلك أن علة وجوده وصراحة عباراته وإيراده في قانون واحد- دون تمييز بين القطاعين العام والخاص - كل ذلك يقطع في الدلالة على أن المشرع استثنى تقليد العلامات والبيانات المذكورة من حكم المواد 206، 206 مكرراً، 208 وخصها بحمايته في القانون رقم 57 لسنة 1939 . ( قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ مأمون محمد سلامة، الطبعة الأولى 2017 الجزء الأول، الصفحة : 429 )
أولاً : الأفعال المادية :
تستلزم المادة التي نحن بصددها وقوع فعل تقليد، أو استعمال للشيء المقلد .
1) التقليد :
هو اصطناع ختم أو تمغة أو علامة مزيفة تقليداً للأشياء الصحيحة، أي مشابهة لها في شكلها سواء أكان التقليد متقناً أم غير متقن، بل كل ما يشترط فيه أن يكون كافياً لخداع الجمهور عن حقيقتها الزائفة .
وقد يكون التقليد باصطناع الختم أو التمغة أو العلامة أي الآلة المحدثة لهذه الأشياء أو الأثر والطابع المأخوذ منها .
2) الاستعمال :
للاستعمال هنا نفس المدلول الذي له في جرائم الأختام والتمغات والعلامات الحكومية المقلدة، فهو لا يدل على الترويج، ومن ثم تتم الجريمة بعرض الشيء الذي يحمل الختم أو العلامة المقلدة والتمسك به باعتباره صحيحاً، ولو إكتشف المتعامل حقيقته. ولذلك أهمية خاصة هنا حيث الجريمة جنحة ولم ينص المشرع على عقاب الشروع فيها، فإذا اعتبر مثل هذا الفعل مجرد شروع لأفلت الجاني من العقاب .
واستعمال الشيء المقلد جريمة مستقلة عن تقليد، ومن ثم لا يشترط أن يكون المستعمل على صلة بالمقلد ولا أن يكون المقلد على صلة بالمستعمل .
ثانياً : محل الجريمة :
يجب أن تقع الجريمة على ختم أو التمغة أو علامة، ويستوي في ذلك الأثر أو الطابع مع الآلة المحدثة له. كما يلزم أن تكون هذه الأشياء مملوكة لجهة غير حكومية، أو على حد تعبير المادة التي نحن بصددها " لإحدى الجهات أيا كانت أو الشركات المأذونة من قبل الحكومة أو أحد البيوت التجارية " فيدخل في هذا التحديد المصارف والشركات بأنواعها والمحلات التجارية والمؤسسات والجمعيات والمدارس الأهلية، وكذلك أختام الحكومات الأجنبية وتمغاتها وعلاقاتها، وبالإجمال تسري حماية هذه المادة على كل ما خرج عن ملكية الحكومة المصرية ومصالحها من أختام ونحوها. إنما يشترط ألا يكون الختم مملوكاً لفرد من الأفراد ولو كان موظفاً في إحدى الجهات آنفة الذكر، بل يكون الأمر حينئذ تزويراً في محرر عرفي إذا توافرت له أركانه ( المادة 215 عقوبات ) .
ثالثاً : القصد الجنائي :
هذه الجريمة عمدية، تستلزم توافر القصد الجنائي العام، وهو يتطلب في فعل الاستعمال ضرورة العلم بتقليد الختم أو التمغة أو العلامة المستعملة، وهو علم لا محل لإفتراضه بل لابد من إقامة الدليل عليه، أما في فعل التقليد فهو مفترض لا يحتاج برهاناً ويستلزم فعل الاستعمال والتقليد ضرورة توافر قصد خاص وهو في فعل التقليد نية استعمال الشيء المقلد فيما أعد له بما يترتب على ذلك من أضرار، وفي فعل الاستعمال هو نية الغش أو الإضرار بالجهة صاحبة الختم أو التمغة أو العلامة المقلدة، أو بأحد الأفراد .
العقوبة :
هي الحبس، وتكون المصادرة وجوبية تطبيقاً لنص المادة ( 2/30) عقوبات . ( الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثالث، الصفحة : 148 )
هذه المادة تنص على جريمتين الأولى تقليد أختام أو دمغات أو علامات إحدى الجهات غير الحكومية وغير المذكورة في المادة 206 مكرراً إذ المراد بهذه المادة هو حماية أختام الجهات غير الحكومية مطلقاً .
والثانية استعمال هذه الأشياء المقلدة أو المزورة مع العلم بتقليدها .
أركان الجريمة الأولى ( التقليد ) :
1- فعل مادي هو التقليد .
2- محل الجريمة ختم أو تمغة أو علامة لإحدى الجهات غير الحكومية
3- القصد الجنائي .
وفيما يلي تفصيل لكل ركن :
أولاً : الفعل المادي (التقليد) :
التقليد هو إنشاء شئ كاذب ليشبه في مظهره الشئ الصحيح وقد اختار الشارع لفظ التقليد في هذه المادة دون التزوير لأن تغيير الحقيقة في الأختام والتمغات والعلامات لايتصور إلا بتقليدها والمراد بالختم هو ذاته وكذلك أثره وبصمته .
ثانيا : محل الجريمة :
الأشياء التي تحميها المادة 208 عقوبات هو أختام وتمغات وعلامات كل ما أخرج عن الحكومة والهيئات العامة. وكل ما خرج عما نصت عليه المادة 206 مکرراً عقوبات. وقد توحي عبارة "إحدى الجهات أيا كانت " أنها تشمل إحدى جهات السلطة العامة أو غيرها على الإطلاق ولكن ذلك ليس هو المراد الحقيقي للقانون فقد فرغ من حماية أختام جهات أخرى بينها في المادة 206 وفرغ كذلك من حماية أختام جهات أخرى بينها في المادة 206 مكرراً. ومن ثم وجب صرف هذا التعبير هنا إلى أختام ما يتبقى من جهات مثل الشركة المأذونة أو أحد البيوت التجارية وأختام الحكومات الأجنبية مع ملاحظة أن المادة 208 عقوبات لا تتناول تقييد ختم أحد الأفراد ولو كان مستخدماً بإحدى الجهات المذكورة ولكن وضع مثل هذا الختم المقلد على محرر يعد تزویراً طبقاً للمادة 215 عقوبات .
ولا تسرى حماية المادة 208 على العلامات التجارية أي على ماركات الشركات والمصانع بل يدخل تقليدها في باب الغش أكثر منه في باب التزوير ويلاحظ في هذا الصدد أن القانون 34 لسنة 1954 الخاص بحماية حق المؤلف حل محل المادتين 350، 351 عقوبات فيما يتعلق بالعلامات التجارية وألغاهما وهو يعاقب على تقليد هذه العلامات أو تزويرها .
ثالثاً : القصد الجنائي :
يجب أن يقوم عند الجاني المقلد للختم أو التمغة أو العلامة القصد الجنائي الخاص ومعنى ذلك أن تتجه إرادته إلى تقليد الختم أو التمغة إلخ مع علمه بأن فعله يحرمه القانون وأن يكون مضراً بمصلحة المؤسسة الأهلية فمن يقلد علامة لإحدى الشركات قاصداً من ذلك أن يقنع غيره بمهارته وحذقه دون أن يتجه قصده للإضرار بالشركة فلا يعتبر مرتكباً لجريمة التقليد لعدم توافر القصد الخاص الذي يتطلبه القانون .
أركان الجريمة الثانية ( الاستعمال ) :
الجريمة الثانية المنصوص عليها بالمادة (208) عقوبات هي :
استعمال شئ من الأشياء المذكورة بالمادة مع علمه تقليدها. والاستعمال هنا يعنى الاحتجاج بالختم المقلد كما لو كان صحيحاً ولايختلف معنى الاستعمال هنا عن عمل سبق ذكره في أختام الحكومة (المادة 206 ) ومن ثم فإن الجريمة تقع بمجرد عرض الختم المقلد والتمسك به دون استلزام قبوله فعلاً ممن يعرض عليه. ويلاحظ أن استعمال الشئ المقلد جريمة مستقلة عن تقليده ومن ثم فلا يشترط أن يكون المتهم هو نفسه من يستعمله أو أن يكون على صلة به ومحل الجريمة في الاستعمال هو ذاته محل الجريمة في التقليد.
ويشترط كذلك ضرورة توافر قصد عام وهو يتطلب في جريمة الاستعمال ضرورة العلم بتقليد المتهم أو الدمغة أو العلامة المستعملة وهو علم لا محل لافتراضه بل لابد من إقامة الدليل عليه وبالإضافة إلى ذلك فإنه يتعين توافر خاص أيضاً هو نية الغش أو الإضرار بالجهة صاحبة الختم أو الدمغة المقلدة .
العقوبة :
الحبس ويضاف إليه مصادرة الأشياء المضبوطة إعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة 30 عقوبات . ( موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثالث، الصفحة : 60 )
( مادة 450 ) :
يعاقب بالحبس كل من حرف بقصد الإستعمال أو الترويج طابعاً مستعملاً ، للدلالة على عدم سبق إستعماله ، أو إستعمل طابعاً محرفاً على هذا النحو مع علمه بذلك .
المواد من (447) - (454) :
يتضمن القانون القائم الأحكام الخاصة بتقليد الأختام والعلامات العامة في الباب السادس عشر من الكتاب الثاني في شأن التزوير مع إستقلال أحكام كل ، وقد رأى المشروع فصلها وإفراد فصل خاص لها ، وضم إلى أحكامها حكم المادة (229) من القانون الحالي للإتصال ، وأضاف بعد ذلك ما يكمل به هذه الأحكام وفقاً لما تكشف عنه العمل وتستلزمه المصلحة العامة ، وقد استحدث المشروع في هذا الشأن بعض الأحكام أهمها ما يلي :
1- المادة (447) من المشروع : اتسع نطاقها عن نطاق المادة المقابلة من القانون القائم وهي المادة (206) ، وقد أضحى نص المشروع يتضمن تقليد أو تزوير خاتم الدولة وخاتم أو إمضاء رئيسها ، أو علامة أو طابع لإحدى الجهات المنصوص عليها في المادة (393) من المشروع ، أو خاتم أو علامة أو طابع أحد موظفيها ، وكذلك تمغات الذهب والفضة أو المعادن الثمينة. كما أنه يعاقب بذات العقوبة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة كل من إستعمل شيئا مما تقدم فيها أعد له من أغراض ، أو أدخله إلى البلاد وهو عالم بتقليده أو تزويره ، ونص على أنه يعد طابعا كل أثر ينطبع على مادة دلالة على سداد رسوم أو إستيفاء شرط أو إجراء معين .
ولم ير المشروع كما يفعل القانون القائم التعرض للأوامر والقوانين والقرارات والأوراق وغيرها ، ذلك بأن الفرض أن الجريمة تقع على تقليد الخاتم أو العلامة أو الإمضاء ، وأن الأوامر والقوانين والقرارات تستمد حجيتها من مهرها بالأختام والإمضاءات أو العلامات أو الدمغات ، فإن مهرت بها قلد من شيء من ذلك ، قامت الجريمة وإلى جوارها جريمة تزوير بطريق الإصطناع .
2- المادة (451) من المشروع : استحدث حكمها لجدارة الأشياء التي تضمنها النص بالحماية القانونية ، ويعاقب النص كل من قلد أو زور بقصد الإستعمال اللوحات أو العلامات الأخرى التي تصدر من جهة الإدارة إعمالاً للقوانين واللوائح والأنظمة الخاصة بالنقل أو المرور أو الحرف ، وكذا من إستعمل شيئاً مما تقدم ذكره عالماً بتقليده أو تزويره .
کما يعاقب بذات العقوبات كل من إستعمل لوحة أو علامة صحيحة من هذا القبيل لا حق له في إستعمالها ، كأن تصرف لوحة لسيارة أو دراجة إليه تستخدم لسيارة أخرى وهكذا .
هذا وقد أغفل المشروع إيراد حكم الإعفاء من العقاب الذي تنص عليه المادة (210) من القانون القائم ؛ لخطورة هذا الحكم ، ولقلة إستعماله في العمل .
وأخيراً فإن المادة (454) من المشروع تقابل المادة (229) مکررا من القانون القائم ، المضافة بالقانون رقم (29) لسنة 1983، وقد أبقى عليها المشروع بحالتها .